الأسرة / زهور عبدالله
من وقت لآخر تطل علينا الأمم المتحدة عبر منظماتها الإنسانية المتعددة وقد تقصمت دور المحايد العفيف وهي تتباكى على أوضاع أطفال اليمن والتي تصفها بالكارثية بسبب ما تسميه الحرب وتارة الصراع متناسية بأنها في الأمس القريب برّأت ساحة القاتل الحقيقي الذي فتك ويفتك بالملايين من أطفال اليمن أمام أنظار العالم.
لم تمر سوى أسابيع على قرار رأس هرم المنظمة الدولية المدعو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة والقاضي بأبعاد النظامين السعودي والإماراتي من قائمة منتهكي حقوق الأطفال رغم الجرائم الواضحة التي ارتكبها ومازال يرتكبها تحالفهما الإجرامي وبرعاية مباشرة من أمريكا بحق أطفال اليمن.. حتى ظهرت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة تتباكى مجددا على أطفال اليمن بسبب العدوان والحصار المتواصل منذ سبعة أعوام.
منظمة الصحة العالمية أكدت في آخر توضيحاتها الأسبوع الماضي إن “سوء التغذية الحاد بلغ مستويات قياسية في اليمن” متوقعة أن يعاني 2.25 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد هذا العام.
وأفادت الصحة العالمية في إحصائية حديثة نشرتها على حسابها في تويتر يوم الأحد الماضي أن “سوء التغذية الحاد يبلغ مستويات قياسية في اليمن متسبباً بخسائر كارثية للأطفال دون الخامسة”.
منظمات الأمم المتحدة وفي مقدمتها ” اليونسيف ” المعنية بالأمومة والطفولة حول العالم ما فتئت تتحدث عن الوضع الكارثي الذي يعيشه أطفال اليمن بسبب العدوان وما يرافقه من حصار شامل لكنها لا تحرك ساكنا إزاء منتهكي حقوقهم بل ويسارع راس المنظمة الدولية إلى أبعاد دول تحالف العدوان من القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الطفولة مقابل تمديد ولايته لفترة أخرى
هذا التناقض الواضح للمنظمة الدولية وما يمارس من قبل قادتها من تستر على قتلة الأطفال في اليمن .
حقائق وأرقام
الأرقام والإحصائيات المهولة التي توردها منظمات الأمم المتحدة عن المآسي التي يعيشها أطفال اليمن جراء العدوان والحصار لا يخفي حقيقة تورطها المباشر في تلك الجرائم من خلال صمتها المريب إزاء انتهاكات العدوان الغاشم على بلادنا
وهنا نورد بعضا من ما ورد في تقرير اليونيسف الصادر بداية يوليو الجاري الذي كشف عن أن ما يربو على مليوني طفل (فتيان وفتيات في سن الدراسة) هم خارج المدارس بسبب الفقر والعدوان الغاشم وانعدام فرص التعليم.
ويُعتبر هذا العدد أكثر من ضعف عدد الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس في عام 2015م، حيث بلغ عددهم حينها 890,000 طفل.
ويضيف التقرير بان القلق يتزايد لأن الأطفال غير الملتحقين بالمدارس أو الذين تسربوا من مدارسهم في الآونة الأخيرة قد لا يعودون للدراسة إطلاقا إذا لم يتم دعمهم بشكل صحيح مؤكدا بان اليمن لايزال يمثل أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج ثلثا السكان – أي ما مجموعه 20.7 مليون شخص – إلى مساعدة إنسانية عاجلة نتيجة حالات الطوارئ المتعددة مثل النزاعات والأوبئة والكوارث الطبيعية.
وفقا للتقرير، لم يتسلم 171,600 معلم ومعلمة – ثلثا العاملين في مجال التعليم – رواتبهم بشكل منتظم لمدة أربع سنوات. ويضطر المعلمون للتوقف عن التدريس لإيجاد سبل أخرى لإعالة أسرهم، الأمر الذي يعرّض ما يقرب من أربعة ملايين طفل إضافي لخطر فقدانهم فرص الحصول على التعليم.
ويعاني أكثر من 523,000 طفل نازح في سن الدراسة من صعوبة الحصول على التعليم بسبب عدم وجود مساحة كافية في الفصول الدراسية الحالية، فقد تضررت المدارس وتم استخدامها من قبل العدوان أو استوطنتها العائلات النازحة كما فقد معلمون وطلبة حياتهم وجُرحوا أو أصيبوا بصدمات نفسيه
وتحذر اليونيسف في تقريرها من فقدان جيل كامل من الأطفال فرصة استغلال طاقاتهم الكامنة إذا لم يتم في الوقت الراهن معالجة التحديات التي تقف أمام النظام التعليمي على نحو ملائم، وعلى المدى المتوسط إلى المدى الطويل.
ويشير التقرير إلى أن الأطفال هم أول الضحايا لهذه الأزمة الفظيعة، حيث يحتاج 11.3 مليون شخص إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية أو الحماية.
احتجاز السفن جريمة أخرى
رغم هذا الوضع المأساوي لأطفال اليمن جراء العدوان والحصار والذي تتباكى عليه الأمم المتحدة وتطلب المزيد من الأموال فإنها لا تفعل شيئا إزاء جريمة احتجاز سفن المشتقات النفطية من قبل تحالف العدوان مع أنها تلك السفن تحمل تصاريح من الأمم المتحدة نفسها وبالتالي تتواصل جريمة العقاب الجماعي بحق الشعب اليمني صغاره وكباره على حد سواء جراء ما يخلفه ذلك الاحتجاز من مآسي وتبعات لملايين المواطنين إذ أن الآثار الكارثية لمنع دخول سفن الوقود كثيرة ومتعددة وتتصل بكافة الأمور الحياتية للمواطنين.
والغريب من الأمم المتحدة أن السفن النفطية التي تحتجزها دول العدوان قد استكملت كافة إجراءات الفحص والتدقيق عبر بعثة التحقيق والتدقيق في جيبوتي، وحصولها على التصاريح الأممية التي تؤكد مطابقتها للشروط وهذا الاحتجاز في حد ذاته يخالف التكوينات المعنية التابعة للأمم المتحدة، ولبنود الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني، وقانون الصراع المسلح وكافة القوانين والأعراف المعمول بهاـ فضلا عن تجاهله الدائم لجوهر وغايات اتفاق السويد الذي شدد على ضرورة تسهيل وصول المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى ميناء الحديدة، بما يلبي احتياجات ومتطلبات الشعب اليمني.
ويؤكد مختصون أن احتجاز السفن لفترة طويلة تحت أنظار وعلم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وكافة المنظمات المعنية بهذا الشأن ووقوفها صامتة إزاء هذه الجريمة يضع جميع أدعياء حقوق الإنسان على المحك باعتبار أن حقوق الإنسان، كل لا يتجزأ في العالم كله، وها هي تلك الحقوق قد ضُربت في الصميم في اليمن الذي يقتل أطفاله من قبل العدوان صباحا ومساء بآلة القتل الأمريكية والسعودية فيما تكتفي الأمم المتحدة بمواصلة مسلسل ذرف دموع التماسيح على جثث الضحايا .