بين البائع والمستهلك والجهات المعنية
أضحية العيد.. الفريضة التي يعاني المواطن من ارتفاع سعرها كل عام
ما إن تقترب أيام عيد الأضحى المبارك حتى تعود للواجهة ظاهرة الارتفاع الجنوني في أسعار المواشي مما يجعل بعض المواطنين عاجزين عن ذبح الأضحية والالتزام بهذه الفريضة العظيمة التي يعتبرها عدد كبير من المواطنين أبرز واكبر الاحتياجات في عيد الأضحى المبارك ويفوق هم توفيرها بقية الاحتياجات الأخرى مثل الكسوة ومكسرات العيد والعسب وغيرها حيث تجاوز سعر الخروف والماعز حاجز المائة الف ريال وذلك يفوق القدرة الشرائية للمواطن في ظل حصار اقتصادي فرضه العدوان على البلاد منذ سبعة أعوام ومن يجد نفسه غير قادر على شراء أضحية العيد فهو يعاني من ارتفاع سعر الكيلو اللحم في بعض المسالخ أيام الأعياد وهناك صنف آخر يحاول الحصول على صغار وإناث المواشي لذبحها كونها أقل تكلفة مخالفا القوانين التي جرمت هذه الظاهرة.
“الثورة” استعرضت حديث البائع والمستهلك والجهات المعنية وخرجت بالحصيلة التالية:الثورة / احمد السعيدي
في أحد أسواق الماشية في العاصمة صنعاء تحدث لـ” الثورة” المواطن / سليم الرعيني الذي يتواجد في السوق منذ الصباح الباكر لشراء أضحية العيد لكن جميع محاولاته باءت بالفشل حيث قال:
“منذ الساعة السادسة صباحا وأنا أبحث عن ماعز أو خروف في حدود 80 الف ريال وللأسف لم أجد حيث يتراوح أسعارها هنا بين 120 و180 الف ريال يمني وأصحابها لا يقبلون التفاوض على إنزال ريال واحد وما وجدته من ماعز في حدود السعر المتوفر لدي فهو للأسف جلد وعظم ولا أتخيل أن يصل بيتي حيا بسبب نحافته ولا يوجد به لحم ”
أما الموظف الحكومي علي حميد الدين فقد أكد لـ” الثورة”: انه كل عام يحل فيه عيد الأضحى المبارك يقوم بتجهيز مبلغين متساويين من المال الأول لشراء جميع احتياجات العيد مثل كسوة الأولاد ومكسرات العيد وعسب المكالف حيث لا تتجاوز هذه الاحتياجات المائة ألف ريال بينما يحاول بالمائة الف الأخرى شراء أضحية العيد وللأسف يعاني كثيرا في الحصول عليها في ظل الارتفاع المخيف في أسعارها.
وبدوره المواطن روؤف سعيد أصبح خارج أحلامه ذبح أضحية العيد بسبب حالته المادية المتعبة لكنه يُمنّي النفس بأن يأكل هو وأولاده اللحم في أيام عيد الأضحى المبارك إلا أن ذلك يبدو صعباً مع ارتفاع سعر الكليو في بعض المسالخ.
مبررات بائعي المواشي
وفي ذات السوق التقينا الأخ / علي عبدالصمد أحد بائعي المواشي لمعرفة سر الارتفاع الجنوني في أسعارها قبيل عيد الأضحى المبارك حيث سرد لنا عدد من العوامل التي تجعلهم يرفعون سعر المواشي أمام المواطنين هذه الأيام حيث قال:
” يتخيل البعض اننا نقوم برفع سعر المواشي من عند أنفسنا طمعا في الربح الكبير لكن الحقيقة ويعلم الله أني لا أربح أكثر من 15 % مما خسرت حيث هناك عدة عوامل خارجة عن إرادتنا وراء الارتفاع أولها أن السعر يرتفع من موقع الشراء في محافظة الحديدة حيث البعض رفع إلى 30 و40 و50 فوق السعر السابق ثم تأتي تكلفة إيصالها إلى صنعاء حيث بسبب ارتفاع المشتقات النفطية يأخذ سائق الشاحنة 100 ألف ريال و200 الف ريال بحسب الحمولة ويأتي بعد ذلك الضرائب والرسوم الحكومية التي تتحصلها عدة جهات منها أمانة العاصمة ووزارة الصناعة ووزارة الزراعة وإدارة المسالخ وصندوق النظافة والتحسين وأخيرا رسوم السوق الذي نبيع فيه ولا ننسى الارتفاع في سعر العلف لتسمين الماشية فخلال الشهرين الأخيرين من العيد تشهد أسعار العلف ارتفاعا مضاعفا قبل عيد الأضحى ولذلك هذه العوامل وراء ارتفاع أسعار الماشية ويمكن الحل من جذور المشكلة وليس من عندنا نحن”
أما بقية بائعي المواشي فرفضوا التحدث لـ” الثورة” متهمين الإعلام بتحريض المواطنين ضدهم.
سعر الكيلو اللحم
أما عن تذمر بعض المواطنين من ارتفاع سعر الكيلو اللحم أيام الأعياد في بعض الملاحم فقد أكد لـ” الثورة” الأخ/ علي النوم – صاحب ملحمة أن هذا الكلام والادعاء عار عن الصحة تماماً ونفى نفيا قاطعا أي ارتفاع في سعر كيلو اللحم، مضيفاً- أن للكيلو تسعيرة ثابتة محددة من إدارة المسالخ وهي خمسة آلاف للبقري وستة آلاف للغنمي ومن يخالف هذه التسعيرة يعرض نفسه للعقوبة والغرامة وأشار النوم إلى أنه بالعكس يقومون بتخفيض سعر الكيلو أيام الأعياد لأهل الحي الفقراء إلى أربعة آلاف ريال وأيضا في حالة شراء أكثر من ثلاثة كيلو.
أما زميله في المهنة / محمد عبدالتواب من صاحب ملحمة بمنطقة الروضة فقد اعترف باستخدام هذه الوسيلة في عيد الأضحى العام الماضي مضطرا ورفع الف ريال على سعر الكيلو وبرر ذلك بأنه لا يربي الماشية وإنما يشتريها كما يفعل المواطنون قبل العيد بأيام وبسعر مرتفع وبضعف عما كان يشتريها من قبل ولذلك لا يجد ربحه إلا في الألف الريال الزيادة على حد قوله.
الجهات المعنية
الجهات الحكومية المعنية بهذا الشأن أرجعت سبب ارتفاع الأضاحي إلى عدة عوامل منها أن أغلب المواطنين من أبناء المدن يفضلون شراء الأضحية قبل عيد الأضحى بأيام قليلة، حيث لا تتوفر لديهم حظائر حيوانات ويفضل البعض تأخير شراء الأضحية لتوفير ثمن العلف، كما ينتظر معظم المربين طرح ما لديهم من الأضاحي في آخر سوق للمواشي قريب منهم، لزيادة الربح والبيع بأعلى سعر، علاوة على أن بعض المنظمات التي تقوم بتوزيع اللحوم تشتري أعدادا كبيرة جدا في الأيام القريبة من العيد ما يساهم في ارتفاع الأسعار.
كما اتهمت الجزارين الذين يتحكمون بسوق المواشي في العاصمة صنعاء ، فبينما يتراوح سعر الماعز أو الضأن بين 50 إلى 60 ألفا في الأسواق المحيطة بالعاصمة، يباع في أسواق العاصمة بما لا يقل عن 90 الف ريال ، ولا يلتزمون بالضوابط السعرية لبيع الماشية ، إذن أن المربين يبيعون بأسعار مناسبة لكن الإشكالية تكمن في مغالاة الجزارين الذين يحسبون أسعار الأضاحي بثمن الكيلو ما يسبب عدم التوازن في أسعار الأضاحي بين ما يحصل عليه المربون وبين أسعارها في أسواق العاصمة ولفت إلى أن الفجوة الكبيرة التي تصل إلى 45% ، تساهم في ارتفاع أسعار اللحوم الحية والمذبوحة في عيد الأضحى .
كما اقتصرت تصريحات الجهات المعنية على مواضيع جانبية وتجاهلت الحلول لظاهرة ارتفاع سعر الأضاحي حيث أكد نائب وزير الزراعة والري الدكتور رضوان الرباعي أنه تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي -حفظه الله- الذي دعا إلى مكافحة ظاهرة ذبح إناث وصغار الثروة الحيوانية، فقد تمت مناقشة آلية مكافحة ذبح إناث وصغار المواشي مع نقابة المطاعم، داعيا نقابة المطاعم إلى تعميم ونشر ما تم الاتفاق عليه على مالكي المطاعم.
ونوه الرباعي بأن كل من يخالف الآلية التي تم الاتفاق عليها فستتم مصادرة الذبائح واتخاذ العقوبات الصارمة ضد كل من يتهاون في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من آلية، مؤكدا أن منع ذبح إناث وصغار المواشي سيعزز من نمو وتكاثر الثروة الحيوانية.
من جانبه أكد أحمد إدريس مدير عام مؤسسة المسالخ بالأمانة أن الحملات ستستمر حتى يتم القضاء على ظاهرة ذبح وتهريب إناث وصغار الثروة الحيوانية.
بدوره أوضح ممثل نقابة المطاعم سعد الضبيبي أن هذه القرارات سيكون لها أثر إيجابي وستعود على الوطن بالخير والنفع، مشيرا إلى أن الاجتماع يأتي ضمن أعمال الحملة الوطنية لمكافحة ذبح إناث وصغار الثروة الحيوانية.
اما وزارة الصناعة والتجارة فقد حملت المسؤولية التجار الجشعين في ارتفاع سعر الماشية كما حذرت المهربين من تجاوز القوانين في إدخال المواشي للعاصمة صنعاء دون الإجراءات المحددة التي تضمن سلامتها وسعرها.
إناث وصغار المواشي
وهناك من يميل إلى شراء إناث وصغار المواشي وذبحها في عيد الأضحى المبارك لعدة أسباب منها تكلفتها الأقل واعتقاد البعض أن الرضيع مذاقه أفضل وله ميزة خاصة في العزومات والمطاعم والفنادق وفي هذا مخالفة قانونية تعرض صاحبها للمساءلة سواء البائع أو المشتري كون ذبحها يعد إهداراً للثروة الحيوانية.
وحول هذا الموضوع تحدث لـ “الثورة” المهندس / عدنان حاشد – مدير عام مؤسسة الخدمات الزراعية الذي وجه عدة رسائل قائلا: ” رسالتنا إلى المزارعين في عيد الأضحى المبارك بعدم بيع إناث وصغار الحيوانات لأن إناث الثروة الحيوانية تعتبر مصنعاً للإنتاج سواء لإنتاج الحيوانات أو إنتاج الألبان والصوف وغيرها من المنتجات وأيضا نوجه رسالتنا إلى المستهلكين بأن يتقوا الله سبحانه وتعالى وعدم استهلاك الرضع من الحيوانات والإناث لأن في ذلك هدراً للثروة الحيوانية وأن يقاطعوا هذا العادات السيئة كما هي الرسالة للأخوة بائعي اللحوم بان لا يقوموا ببيع أو شراء إناث وصغار الثروة الحيوانية لأنهم يساهمون في هدر هذه الثروة التي من شأنها أن ترتقي بالاقتصاد الوطني والاستغناء عن الخارج حيث ولدينا جودة كبيرة في منتجنا المحلي على كل المستويات وندعوهم إلى الاستثمار في الثروة الحيوانية ويكون لهم السبق في تنفيذ توجيهات قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي حفظه الله سواء في عملية تربية وتسمين العجول والضأن والماعز أو كذلك في زراعة الأعلاف وغيرها من العوامل المساعدة”.
تصوير/عادل حويس