منع الحج يصد المسلمين عن إعلان البراءة من المشركين
للعام الثاني على التوالي.. لا لون أبيض يزيِّن جبل عرفات
تدرُّج الحوادث يشير إلى مؤامرة أخذت وقتها لتصير حقيقة
الثورة /
غرقوا في متاهات التطبيع والسّلام وصارت أعمالهم بلا هوادة تتجاوز حق شراكة الآخرين، وتهدم في عقيدتهم بقرارات كانت تُعد يوما من المستحيلات، لا شيء مستحيل اليوم وفريضة الحج باتت في مهب ما أرادته إسرائيل وأمريكا، هذا التجمع الإسلامي الاستثنائي، الذي يحدث كل عام بالتزام وشوق.
بالأمس، في يوم عرفة، الحج الأكبر ظهرت نتائج الصنيع الأمريكي الصهيوني.
فإلى ما قبل عامين فقط، كان أكثر من مليوني حاج من كل أرجاء العالم يزينون جبل عرفات باللون الأبيض، يبدو هذا العام خاليا إلا من 60 ألف حاج، حدد النظام السعودي هذا الرقم لمن سُمح لهم أداء فريضة الحج.
بعد سلسلة من الخطوات والإجراءات، يكسر النظام السعودي هيبة هذه الفريضة في نفوس المسلمين، في كل عام كان هو من يحدد الدول التي لسكانها الحق في الحج، ثم كان هو من يحدد عدد من يحق لهم الحج من جملة مواطني تلك البلدان، ثم هو من يحدد تكاليف أداء الحج لكل حاج.
شهدنا في السابق كيف انه كانت تقلص عدد الدول من أداء الفريضة، كما كانت تقلص من عدد المسموح لهم من مواطني البلدان بالحج، ثم ترفع من مبلغ تكاليف الحج.
وهكذا تشتمّ من عمليات التعقيد، منهجية أمريكية صهيونية لقتل الحج في نفوس المسلمين، بما يعنيه ذلك من قتل موجهات الله سبحانه الذي دعا إلى البراءة من المشركين في هذا اليوم، فهو القائل في محكم كتابه ((وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيم))..
قبل ذلك وبعده شهدنا حوادث القتل التي ربما أرادت ترهيب الناس الحج وهو فعل عظيم، نذكر مجزرة تنومة، ونذكر حوادث التدافع والرافعة وهي أمور راكمت من الوقائع التي تجعل النظام السعودي في موضع المساءلة لتسببه أو عدم حرصه على تهيئة الأجواء بكل متطلباتها لأداء المسلمين ما دعاهم الله إليه، ما يجعل في هذا السلوك صد عن بيت الله الحرام وخدمة لأعداء الأمة، يحدث وبشكل غير مسبوق في التاريخ.
تنقل البي بي سي أنه في يونيو الماضي، أفادت تقارير بأن السلطات كانت تدرس إلغاء موسم الحج لأول مرة منذ تأسيس المملكة عام 1932.
إلى هذا المستوى أثبت النظام السعودي لا مبالاته بالأمة الإسلامية لم يعمل على تدارس الأمر مع قادة الأمة للوصول إلى صيغة توافقية لا تصد المسلمين عن أداء هذه الشعيرة، وهي من أعظم الفرائض الإسلامية، وأهم الشعائر الدينية وأعظمها أثراً في توحيد المسلمين، وجمع كلمتهم، ولمِّ فرقتهم.
في ذاك العام عاد النظام السعودي ليغير رأيه فيقرر حق أداء الفريضة لبعض من الناس، ليصل عدد الحجاج إلى حوالي العشرة آلاف شخص، مقارنة بأكثر مليوني مسلم كانوا يقصدون السعودية لأداء الفريضة كل عام.
والمؤلم الذي نبرأ منه، هو أن تكون هناك هيئة خاصة بالترفيه، جاءت على حساب هيئة الأمر بالمعروف وبغض النظر عن بعض التفاصيل فإن الأمر في عموميته يكشف بوضوح عن التآمر على قيم الدين، وعلى مكانة الإسلام في نفوس النشء.
ولنا تخيل كيف ستكون ثقافة جيل جديد ينشأ في أجواء هذه ملامحه ومعالمه، فريضة حج تختفي مكانة، هيئة تدعم الترفيه بصيغة الحفلات الغنائية والاختلاط، ثم دعوة أو السماح للمحلات التجارية لأن تفتح أبوابها وتبيع وتشتري أثناء الصلاة، وهذا الأخير صدر به قبل أيام إعلان صريح، إذ أعلن اتحاد الغرف التجارية السعودية مساء الجمعة السماح بفتح المحلات التجارية ومزاولة عمليات البيع والشراء أثناء أوقات الصلاة.
وجاء في بيان لاتحاد الغرف التجارية مساء الجمعة على تويتر “نأمل منكم استمرار فتح المحلات ومزاولة الأنشطة التجارية طوال ساعات العمل وخلال أوقات” الصلاة.
ويذكر موقع فرانس أن هذا التوجه يأتي ضمن الإصلاحات التي يقودها محمد بن سلمان، وقال الموقع ” ويقود ولي العهد السعودي برنامج إصلاحات طموحا منذ عامين، يتضمن السماح للنساء بقيادة السيارات وإعادة فتح دور السينما”.
وهو الأمر الذي سبقه إيضاح من أعضاء في مجلس الشورى السعودي بأن قرار إغلاق المحال خلال أوقات الصلاة يكلف الاقتصاد السعودي مليارات الريالات سنويا.
إذن صار الحج في أيدي مؤامرة كبرى، فما يجري كما يرى أحد الكتاب “مؤامرة حقيقية واقعة ملموسة تستهدف الأمة كلها.. وليست ”نظرية” كما يحلو للأغبياء وفاقدي كل إحساس ضميري وإدراكي من المحسوبين على أمتنا أن يرددوا كالببغاوات، وكما يروّج أبواق الأعداء وألسنتهم المستعارة..!”