شخصيات اجتماعية: بهجة العيد لم تغب وثقة الجميع بالله وبقدوم النصر مترسخة
العيد في المحافظات.. طقوس تتغير وأخرى تغيب وتمسك بـ”فرحة العيد” رغم العدوان والحصار
لا تزال كثير من طقوس العيد في الحديدة تسعد القلوب وتريح النفوس لدى كثير من الأسر القاطنة في المدينة أو الريف، رغم المعاناة والأحزان التي خلفها العدوان الأمريكي الغاشم على مدى سبعة أعوام.
ويمارس أبناء تهامة حياتهم الطبيعية فتطغي الابتسامة والفرحة وتكتظ الأسواق العامة والمتاجر والمولات بالمتسوقين خلال الأيام التي تسبق قدوم العيد بأسبوع..
“الثورة” رصدت أبرز مظاهر العيد في المحافظة.. وخرجت بالحصيلة التالية:
الحديدة / أحمد كنفاني / عمران / صفاء عائض
بداية، قال مدير غرفة تجارة وصناعة الحديدة عبدالإله علي سعيد الوصابي:
يتفرد الشعب اليمني بصموده وثباته أمام التحديات التي فرضها العدوان والحصار، ليرسم أجمل صور الصبر والصمود والإصرار على تجاوز الصعاب وإيجاد البدائل واستغلال المتاح لإحياء الأعياد والمناسبات المختلفة.
وأكد: رغم استمرار العدوان للعام السابع، لم يستسلم اليمنيون للتحديات ولم يثنهم تعاقب الأعوام في ظل الحصار وما نتج عنه من أزمات إنسانية، عن الاحتفال بعيد الأضحى المبارك الذي حل هذا العام مع استمرار التداعيات الصعبة للأزمة الاقتصادية التي تسببت في معاناة أبناء الشعب اليمني.
وأشار: كغيرهم من أبناء اليمن، يحتفل أبناء محافظة الحديدة بعيد الأضحى بإصرار على تجاوز المعاناة والتغلب على الظروف الاستثنائية التي انعكست على عدم القدرة على شراء كافة الاحتياجات من الكسوة والحلويات وألعاب الأطفال وغيرها من المتطلبات.
ملامح البهجة والمقاومة
وأكد مديرا مديريتي باجل عبدالمنعم الرفاعي وبيت الفقيه حسين سهل، أن أجواء ومظاهر الفرح بالعيد مع بساطتها، إلا أن ملامح البهجة والمقاومة مثلت شعاراً رفعه الجميع، مجسدين ثقتهم بالله عز وجل في أن عيدهم المقبل، هو عيد النصر على العدوان.
وأشارا إلى أنه وبالرغم من منغصات الحصار والعدوان إلا أن اليمنيين بإيمانهم الثابت ويقينهم الصادق جعلهم يتغلبون على كل هذه المنغصات فكما النصر في الجبهات هناك نصر على المنغصات، بفضل الصبر والبذل والعطاء والإيمان بالله وبقضيتنا العادلة.
عادات وتقاليد
ونوه صالح حسن حسن مهدي بأن عادات اليمنيين العيدية تختلف من محافظة لأخرى وإن كانت بنسب متفاوتة ، لكنها في مجملها عادات وتقاليد تستمد قدسيتها من روح المناسبات الدينية ومن تاريخ حضاري أصيل، استطاع اليمنيون عبر الأجيال المتعاقبة الحفاظ عليها من الاندثار.
في الحديدة ومعظم مديرياتها وتحديدا في العشر الأولى من شهر ذي الحجة يحرص الأهالي على إحياء عادات وتقاليد وطقوس توارثوها منذ القدم، يستقبلون بها أول أيام العيد.
وتستعد ربات المنازل لاستقبال العيد مبكراً فيقمن بأعمال النظافة والترتيب للمنزل وتغيير أقمشة الفرش والستائر، ويحرص العديد من الأهالي على تجهيز كبش العيد ويقوم البعض منهم بشرائه مبكرا والعمل على تربيته في المنزل منذ ولادته وحتى مجيئ العيد، فيما يجلبه آخرون من أسواق المواشي في بداية العشر الأولى من شهر ذي الحجة.
وفي صبيحة يوم العيد يتوجه أبناء الحديدة صوب الساحات المخصصة لأداء صلاة العيد، وهم يلبسون الملابس الجديدة ويرددون التكبير والتهليل أثناء خروجهم من المنزل وصولاً إلى مصليات العيد، مبتدئين مظاهر عيد الأضحى بهذه الشعيرة المباركة في أجواء مليئة بالروحانية.
ويمتاز العيد في الحديدة بالسلام الجماعي بعد أداء صلاة العيد وتبادل تهاني العيد والدعوات في أجواء حميمية خالصة ويقوم الآباء مع أبنائهم بالمرور على الأهالي والأقارب لا سيما كبار العائلة ويتبادلون الزيارات والتهاني بالعيد، ويحرص الأطفال الصغار على اللعب بالمفرقعات في مشهد فرائحي بهيج يتكرر كل عام.
صلة الرحم
وقال نائب رئيس وحدة العلماء علي صومل الأهدل: إن الإسلام في الأعياد دعا إلى العمل على زيادة الأواصر الاجتماعية، إذ حث على صلة الأقارب ومودة الأصدقاء وزيارتهم، فتتزين المجالس بالحب والتراحم والتواد، وتزول الأحقاد والمشاحنات والنفرة من النفوس·
وتعد الأضاحي إحدى موارد التكافل الاجتماعي في عيد الأضحى؛ حيث يتم توزيع بعضها على الفقراء والمساكين، والتوسعة عليهم وإدخال السرور على قلوبهم بإطعامهم من لحومها في يوم العيد، ويحرص البعض من سكان الحديدة على إحياء قيم العطاء والتكافل خصوصاً في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها الوطن جراء العدوان والحصار وعدم قدرة آلاف الأسر على شراء أضحية العيد بعد انقطاع المرتبات، وتقوم كل أسرة بتوزيع جزء من أضحية العيد على المحتاجين من الجيران أو في الأحياء المجاورة.
وأشار صومل إلى أن العيد لا يتوقف في الحديدة والمناطق الريفية عند حدود تبادل التهاني والزيارات والإفطار الجماعي، فجلسة القات تعتبر من أهم الطقوس التي يمارسها السكان في يوم العيد خصوصاً بعد تناول وجبة غداء دسمة تليها جلسة تخزينة تشمل الأهل والأحباب وتمتد لساعات طوال.
ثقافة المجتمع
من جهته أكد مدير الإعلام والعلاقات العامة بمكتب الهيئة العامة للأوقاف إبراهيم تويمه، أن “طقوس العيد في اليمن شكلت ثقافة المجتمع، وأنتجت موروثه الثقافي والتاريخي والحضاري، وطبعته في ذاكرة الإنسان اليمني منذ الصغر، وهي تعبير عن بساطة الإنسان اليمني المتجسدة في روح الهوية وحب الخير ونشر الفرحة والسعادة والبهجة.
وأوضح أن عيد الأضحى المبارك في الحديدة عروسة البحر الأحمر صمود وعزيمة وإرادة لا تنكسر وله نكهة خاصة بعادات وتقاليد أبنائها المتأصلة منذ القدم وتوارثتها الأجيال جيلا بعد جيل تأبى الانكسار رغم العدوان والتصعيد المستمر من قبل مرتزقة العدوان على الحديدة.
لافتا إلى حرص أبناء الحديدة في مثل هذه المناسبات العيدية على ممارسة طقوسهم العيدية من خلال لبسهم الملابس الجديدة وأداء صلاة العيد كبيرهم وصغيرهم، في مصلى العيد وتتجلى تلك السعادة العيدية بأبهى صورها وابتهاجهم بعيد الأضحى المبارك بالفرحة والسرور والعادات والتقاليد التي يتميزون بها، حيث تغمر الفرحة والبهجة والسرور الصغير والكبير.
مؤكد أن هناك طقوسا عيدية في الريف اليمني لم تعد موجودة كما كانت في السابق، لعوامل عديدة أهمها العدوان والأزمات الاقتصادية التي جعلت غالبية مجتمع الريف الموجود في المدن يعزف عن السفر إلى الريف لقضاء إجازة العيد، إضافة إلى غزو ثقافة المدينة للريف، وكذلك التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي ساعدت على غياب الكثير من هذه الطقوس والموروث الثقافي القديم.
ويرى تويمه أنه خلال العقود الأخيرة طرأ تغير على هذه العادات الأصيلة والمتوارثة، فاندثر الكثير منها، ابتداء من تغيير هيئة الناس ولباسهم إلى نمط عيشهم وأنواع مأكولاتهم، فطغت روح المدينة بشكلها النمطي، وحلت عوضاً عنها حياة مدنية تستمد تفاصيلها من ثقافات مختلفة.
مامأة الأضاحي
وأكدت عدد من ربات المنازل أن ملامح عيد الأضحى في الحديدة تغيرت ومأمأة الأضاحي خفن، بعدما كانت طيلة الأيام التسع الأولى من شهر ذي الحجة تعلو في أزقة المدينة، والأسواق التي كانت تستقبل المواطنين بحفاوة باتت خطوات المشترين خجولة مترددة في دخول المحلات وشراء ما يلزم لأطفالهم من ملابس جديدة وحلويات للعيد.
معتبرات أن عيد الأضحى الحالي لهذا العام يأتي في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة والخطيرة التي يعيشها المواطنون ولم يسبق لها مثيل.
وأشرن إلى أن معدلات الفقر والبطالة ترتفع بشكل جنوني، وأن الحركة التجارية باتت في عداد الشلل الكامل، في ظل انعدام القدرة الشرائية.
تتشابه طقوس العيد في المحافظات اليمنية إلى حد كبير، فالعيد في الحديدة لا يختلف عنه في محافظة عمران سوى في بعض التفاصيل المرتبطة بالمائدة وما تفرضه البيئة الخاصة بكل محافظة.
وفي هذا السياق، تحدث الدكتور عرفات الورافي: الترابط الأسري القوي والمتين، هو أبرز معالم احتفالات اليمنيين بعيد الأضحى المبارك، فما زال الشعب اليمني يتمسك بعادات وتقاليد عريقة متوارثة، تحمي أبناءه وتجانسه، وتظهر وحدته وتآلفه وثقافته المميزة، في أروع صورة مفرحة ومبهجة في مثل هذه المناسبات الدينية الجليلة، التي تسمو فيها مشاعر التسامح والتراحم والإخاء وترتسم البسمة والسعادة على وجوه الجميع، تحت مظلة ورحابة الدين الحنيف.
وأضاف: وتتجلى في هذه المناسبة، عادة صلة الأرحام وزيارة المرضى، ومعاودة الأهل والأقارب والجيران.
اليوم الأول من أيام العيد يتحول إلى “مهرجان للمصافحة”، ليس بين الأقارب فقط، بل بين جميع المواطنين والسكان. وأينما ذهبت أو وجهت وجهك ستجد واقع الحال يقول: “العيد.. لا مكان للخلاف”.. كما تشهد روضات الشهداء زيارات مستمرة خلال أيام العيد.
التذكر بأنعم الله
كما تحدث الأخ أحمد الوادعي – مدير عام فرع الهيئة العامة للنقل البري في محافظة عمران قائلا: إن عيد الأضحى هو تجسيد للمعاني الدينية المتمثلة في التذكر لنعم الله سبحانه وتعالى والتسخير لعباده من كل شيء وليكونوا من الشاكرين وليحمدوا الله على ما هداهم وأولاهم وأحل لهم من بهيمة الأنعام، وفي عيد الأضحى نتذكر مناسك الحج التي قام بها أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم وزوجته وابنه وكيف كانت مواقفهم وثباتهم وصبرهم وأن الله لا يمكن أن يترك أولياءه، إضافة إلى ما يمثله الحج من تعبئة عامة للمسلمين وضرورة توحدهم على عبادة الله وحده لا شريك له وبراءتهم من إبليس وأعوانه من الجن والإنس..
وأضاف: في عيد الأضحى تجتمع الأسرة والأقارب والأرحام والأحباب والأصحاب في جو فرائحي يسوده المحبة والألفة والسعادة.. وتتشوق الروح إلى لقاء الإخوة المجاهدين والمرابطين في جبهات العزة والكرامة.