الثورة نت/ وكالات
هكذا يبدو في نهاية المطاف أن مصر والسودان التي حثت مجلس الأمن الدولي على اتفاق قانوني ملزم لحل النزاع مع إثيوبيا بشأن سد النهضة قد خسرتا الرهان في تحرّك المجلس لحفظ حقوقهما المائية،وذلك بعد أن طالبت الدول الكبرى في المجلس بالعودة إلى التفاوض تحت المظلة الأفريقية عديمة الجدوى.
وأحال مجلس الأمن في جلسته التي عقدت مساء الخميس ملف أزمة سد النهضة الإثيوبي، الى الاتحاد الأفريقي بعد أن اعتبرت فرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا أن “المكان الأنسب لحل الخلاف” هو الاتحاد،بينما كانت مصر والسودان قد طالبتا المجلس باتفاق قانوني ملزم.
وتقدمت تونس بمشروع قرار الى مجلس الأمن بشأن سد النهضة يطالب، كلا من مصر وإثيوبيا والسودان بمواصلة التفاوض لمدة 6 أشهر، بغية التوصل لاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، وتدعوها إلى عدم اتخاذ تدابير أحادية،فيما طالبت واشنطن وموسكو الأطراف الثلاثة بالعودة إلى التفاوض تحت المظلة الأفريقية.
وخلال جلسة مجلس الأمن، قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد “نؤمن أن الاتحاد الأفريقي هو الأنسب لتسوية أزمة سد النهضة”.
وأضافت أن بلادها ملتزمة بدعم استقرار القرن الأفريقي وتسوية الخلافات بشأن سد النهضة.
أما مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبيزيا فاعتبر أن رفع عدد الوسطاء في مفاوضات سد النهضة لن يكون له قيمة، مضيفا “نحن قلقون من تنامي الخطاب التهديدي في أزمة سد النهضة”.
كما أكد المندوب الروسي أنه لا حل لتسوية النزاع إلا من خلال القنوات السلمية بمشاركة الدول الثلاث، محذرا مما وصفه بصب الزيت على النار والتهديد باستخدام القوة.
والاثنين، أخطرت إثيوبيا دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراء أحادي الجانب.
ومساء الخميس، رفض وزير الري الإثيوبي، سليشي بيكيلي، مناقشة قضية السد “التنموي” في مجلس الأمن، معتبرًا أنه “تضييع وقت”.
من جانبها، قالت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق، إن “وجود سد ضخم على بعد بضعة كيلومترات من الحدود السودانية يشكل خطورة على حياة ملايين البشر”، إضافة إلى تقليله الأراضي الزراعية بنسبة 50%.
وأضافت الصادق، خلال الجلسة، أن سد النهضة، أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في إفريقيا بتكلفة تبلغ أكثر من 4 مليارات دولار، يهدد سلامة سد الروصيرص السوداني، معتبرة أن صمت مجلس الأمن على إجراءات إثيوبيا أحادية الجانب ممثلة في الملء الثاني للسد “يرسل رسالة خاطئة”.
ودعا مندوبو الدول الكبرى في مجلس الأمن الدول الثلاث إلى الانخراط مجددًا في المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، بينما قالت وزيرة الخارجية السودانية إن المفاوضات فشلت مع إثيوبيا لرفضها كافة المقترحات المقدمة.
وخاضت مصر والسودان وإثيوبيا محادثات دامت أكثر من 10 سنوات دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم تطالب به القاهرة والخرطوم.
ومساء الاثنين، أبلغت إثيوبيا مصر رسميًا أنها بدأت الملء الثاني السد النهضة، وهو ما رفضته مصر بشكل قاطع.
وفي كلمته في مجلس الأمن، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن بلاده “تواجه تهديدًا وجوديًا، فقد بُني كيان هائل على الشريان الذي يهب الحياة لشعب مصر”.
وحذّر شكري من أنه “إذا تضررت حقوق مصر المائية أو تعرض بقائها للخطر فلا يوجد أمام مصر بديل إلا أن تحمي وتصون حقها الأصيل في الحياة”.
بدوره ،أوضح مندوب تونس في مجلس الأمن خلال الجلسة أن بلاده “تؤيد اتفاقا ملزما بشأن سد النهضة ويحفظ الحقوق المائية للدول الثلاث”.
من جهتها، قالت مندوبة بريطانيا في مجلس الأمن إن “التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة يتطلب تسوية وتنازلات من كل الأطراف”.
ودعا مندوب كينيا في المجلس جميع الأطراف إلى “العودة لطاولة المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الإفريقي”.
وأعرب مندوب فرنسا عن قناعته بـ”إمكان التوصل السريع إلى حل تحت مظلة الاتحاد الإفريقي”، فيما قال مندوب الصين إن بكين “تدعم الوساطة الإفريقية في أزمة سد النهضة وتدعو الدول الثلاث الصديقة للحوار”.
ويرى بعض المراقبين أن جلسة المجلس كانت بمثابة موت إكلينكي للحلول السياسية، وأنه لم يتبق لمصر والسودان بعدها سوى التحرك منفردين لحماية مصالحهما المائية، وذلك في ظل إصرار إثيوبيا على الإجراءات الأحادية بشأن الملء الثاني لسد النهضة.. فيما أعتبر آخرون أنه “لا فائز ولا خاسر من هذه الجلسة، لأن كل كلمات الأعضاء كانت تحث على العودة للتفاوض والحل السلمي”.