توطئة: ستظل الانطباعات التي خرجت بها من قاهرة المعز بجمهورية مصر العربية بعد رحلة علاج دامت أربعة أشهر متكاملة محفورة في الذاكرة والوجدان ، وستظل عنواناً بارزاً للمحروسة ونبل ووفاء أبنائها الطيبين الذين أضفت الكثير منهم إلى قائمة الأصدقاء والبعض الآخر إلى قائمة القراء الدائمين لهذه الإطلالة، فتحية للفراعنة الجدعان وتحية لأبناء وطني المتواجدين والمتناثرين في أحيائها المختلفة..
ما إن وطئت قدماي مطار عدن الدولي فجر الأحد الماضي حتى بدأت أشعر بالحسرة والألم للفارق الكبير بينه وبين مطار القاهرة رغم أنه يعتبر من أعرق وأقدم المطارات العربية، وقد بدأ ذلك الشعور بالفوارق الكبيرة يلوح في الأفق خلال التحليق في أجواء عدن التي كانت حينها غارقة في ظلام شبه متكامل، أما الحسرة الأشد إيلاماً فقد تجلت في اليوم الثاني لوصولي إلى المدينة التي أحبها حد العشق حينما وجدتها تشكو من عديد اختلالات..
يوم أمس الأول كنت أتابع المواجهة المفصلية التي جمعت منتخبنا الوطني لكرة القدم مع نظيره المنتخب السعودي وذلك من الهاتف وعبر التواصل مع أريج الرياضة اليمنية الأستاذ علي الصباحي، حيث كانت بطارية الطاقة الشمسية في الرمق الأخير ولذلك تم الاتكاء على الصباحي الجميل الذي نقلني بخبرة السنين إلى أرضية الملعب بعد أن أبدى إعجابه الشديد بتحركات نجم منتخبنا الوطني المطري.. وعموماً أياً كانت النتيجة فإن منتخبنا الوطني بقيادة المدرب أحمد علي قاسم قد قدموا كل ما لديهم من الإمكانات مقارنة بالخبرة الطويلة للأخضر السعودي وبإمكاناته الهائلة التي أهلته للوصول إلى نهائيات كأس العالم أربع مرات وهو إنجاز لم يتحقق لأي منتخب عربي، ولهذا وذلك فإننا ينبغي أن نتقبل النتيجة بصدور رحبة عطفاً على الأوضاع الأمنية والمعيشية والاقتصادية التي يعيشها الوطن وفي ظل غياب المسابقات المحلية، فتحية للمنتخب ولجهازه الفني ولكل المعنيين بشؤونه الإدارية المختلفة.. أما أجمل ما في اللقاء فقد تمثل بالحذق الشديد لمدرب المنتخب الوطني الكابتن أحمد علي قاسم الذي تمكن من تحجيم المنتخب السعودي خلال الشوط الثاني بعد أن قرأ اللقاء قراءة جيدة ليثبت النظرية المتعارف عليها أن الشوط الثاني هو شوط المدربين..
في قاهرة المعز كنت قد تعرفت على مدى 120 يوماً على الكثير من رموز وأعلام الرياضة اليمنية مثل ملك خط الدفاع وصانع الغزوات الهجومية لفريق الجيل مهدي صالح وآخرين، وعبر هذه الإطلالة دعوني أتوقف عند واحد من أهم وأبرز نجوم الرياضة اليمنية إنه النجم العملاق مراد عبدالله داغس الذي استهل مشواره الرياضي في وحدة التربة كنجم لا يشق له غبار طالما اسعد الكثيرين بعطاءاته ومهاراته الفائقة وأهدافه الجميلة والمؤثرة والتي لا يحرزها إلا النجوم الأشاوس ومحمد بن عبدالله داغس الذي كان امتداداً لشقيقه الراحل مراد داغس صاحب أسرع هدف في الدوري اليمني العام لكرة القدم حينما كان يلعب في صفوف اليرموك امتداداً في الجانب المهاري لم تتوقف عطاءاته عند نادي الوحدة بل انتقلت إلى عروس البحر الأحمر الحديدة من خلال نادي الهلال الذي مثله خير تمثيل كمهاجم مؤثر يحسب له ألف حساب من قبل الحراس والمدافعين ، لتتواصل عطاءات نجمنا الجميل محمد داغس في الجانب الإداري عندما كان الرجل الأول عملياً في نادي الهلال حيث حقق له أكثر من إنجاز وأكثر من استحقاق وبطولة..
هوامش:
– سأظل عاجزاً عن الشكر والتقدير لكل من كان سنداً لي في رحلتي العلاجية في القاهرة، لكني أعد الجميع بأن لا يغيبوا عن الذاكرة وبأن لا أنساهم من الدعاء في غيابهم.
– سالني أحدهم قائلاً: هل توقعت خسارة المنتخب أمام نظيره السعودي. قلت :نعم وبأكثر من ثلاثة لكني أردفت فقلت: كثر الله خيرهم ما قصروا.
– ظل الزميل والولد الحبيب مطر الفتيح يوافيني بهذه الإطلالة من عدن بانتظام وعلى مدى أربعة أعوام، ليأتي من بعده العمار بن مهيوب العديني ويضطلع بنفس الدور من الرياض، وحالياً تكفل بالمهمة الزميل بشير الخير بن سنان من العاصمة القطرية الدوحة فتحية للجميع.
– حينما فجعت برحيل شقيقي أحمد فارع علي في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك الماضي بادر المجلس الإداري لأهلي تعز بتدوين تعزية خاصة عكست نضج وذكاء ووفاء القائمين على النادي.
وعن مصابي الجلل قال أحد الأصدقاء مخاطباً صديقه: تصور أن إدارة الصقر بعثت لأحدهم بتعزية طويلة عريضة في وفاة شقيقته وتجاهلت عبدالسلام فارع الذي كان مسؤولاً إعلامياً في النادي لدورتين متتاليتين.
وهنا علَّق آخر: أنا أعرف عبدالسلام- قلبه كبير ولن يحقد على أحد رغم أنه كان شريكاً فاعلاً في نجاحات الصقر من خلال قلمه ومن خلال برنامجه الرياضي في إذاعة تعز وتعليقه الرياضي.
أما أنا فأقول يكفيني في هذا السياق موقف عاشق الصقر الجميل زيد النهاري وكذا الزميل العزيز شوقي اليوسفي حيث لم يرق لهما ذلك الموقف وذلك الجحود.
ما يجري في وحدة صنعاء لا يسر صديقاً ولا عدواً فتغيير شعار النادي لا يتم بهذه الطريقة الفجة .. ويا هؤلاء تعلموا من الحباري والكبوس كيف تورد الإبل.. تفاصيل أوفى في إطلالة الاثنين القادم إن شاء الله.