تتعزَّز فيه الروابط الأسرية وتتجسَّد مبادئ التكافل الاجتماعي
بهجة اليمنيين بالعيد لم ينل منها الحصار والعدوان
رأي دين: فرحة العيد عبادة وتعتبر من الشعائر العظيمة التي يحييها المسلمون وهي سنَّة مؤكدة
العيد يأتي امتداداً للروابط الأسرية القوية التي شكَّلت عامل الدفاع عن العادات والتقاليد
عسب العيد يعد رافداً مهما للأسر الفقيرة التي تقوم من خلاله بقضاء جزء من ديونها بسبب تكاليف العيد
صلة الأرحام ولبس الجديد ومظاهر الفرحة.. سمات العيد لدى اليمنيين
تحتفل بلادنا مع سائر البلدان العربية بعيد الفطر المبارك وفق عادات وتقاليد يمنية تستمد قدسيتها من تلك المناسبات الدينية, وترتبط كلمة العيد هنا بكل شيء جديد ومبهج.
وتنشغل النساء ليلة العيد بتهيئة بعض المأكولات التي تقدم في صباح العيد للضيوف أو ما يعرفوا بـ ( المسلِّمين).
بينما يهتم الرجال بزيارة أرحامهم وإعطائهن عسب العيد الذي يعتبر رافداً مادياً للأسر الفقيرة.. لمعرفة المزيد عن مظاهر العيد في اليمن نتعرف عليها من خلال الاستطلاع التالي:تحقيق / نجلاء علي
يهتم الرجال والنساء بدرجة أولى بجعالة العيد والمأكولات الخاصة بهذه المناسبة، هذا ما أكده محمد السامعي، مضيفاً بالقول: جعالة العيد هي عبارة عن زبيب ولوز وفستق وكعك وكيك, كما تؤكل في الصباح التمور ووجبات مثل فتة اللبن مع السمن أو فتة العسل، والفتة هي قطع خبز بلدي.
ويضيف :أما في الظهيرة فنتناول وجبة الغداء التي تشتمل على وجبة الزربيان أو وجبة الكبسة وهي أطباق تتكون من الأرز واللحم ويضاف إليها الزبيب والبطاط، وأكلة بنت الصحن وتتقارب مع أكلة اسمها السبايا أو سوسة وهي خليط من الدقيق والبيض والسمن يطهى في الفرن ويضاف إليه العسل اليمني الشهير الذي يعد من اشهر أنواع العسل في العالم , كما أن هناك أكلتين مشهورتين هما السلتة وهي عبارة عن مرق اللحم مع قطع صغيرة منه إلى جانب بطاطا بالحلبة لتخلط مع قليل من الأرز والتوابل المذابة في الخل والماء وتقدم مع خبز خاص يسمى بالملوج، كما أن هناك أكلة العصيد, وهي عبارة عن طبق مطبوخ من طحين الذرة أو الشعير.
ملابس العيد
جميع أفراد العائلة ومع إشراقة يوم العيد يلبسون أفضل ملابسهم وبالذات الجديدة ويتزينون ويتعطرون ويخرج الرجال مع أطفالهم إلى الساحات والمساجد لأداء صلاة العيد فيما تنشغل النساء بتجهيز البيت.
يحدثنا الحاج عبدالرحمن عن مباهج عيد الفطر المبارك في بلادنا قائلا:
يفضل اليمنيون ارتداء الملابس الشعبية فالرجال يلبسون أثواباً تتكون من قميص مكمم وطويل يصل إلى القدم مع جنبية وخنجر معكوف في داخل خشب مزين بنحاس أو خيوط خضراء مع حزام ذهبي اللون , ويلبس الشال والكوت وأحياناً يضع عمامة على الرأس.
أما النساء فهن يلبسن لبساً اعتيادياً لأن خروجهن مرتبط بلبس البالطو أو العباية السوداء, ويستخدمن الخضاب أو الحناء لرسم نقوشات على الأيدي والأرجل.
سلام العيد
يقبل اليمنيون على بعضهم البعض فيتصافحون ويتعانقون وينسون خلافاتهم،
فحب اليمنيين للعادات والتقاليد العيدية يجعلهم يحرصون عندما يهل عليهم العيد على العودة إلى أهاليهم، فتجد البعض منهم يعودون من المدن التي يقطنون فيها إلى القرى لقضاء عطلة العيد , ويأتي ذلك امتدادا للترابط الأسري القوي الذي شكل عامل الدفاع والمحرك الأول للعادات اليمنية في فترة الأعياد.
ويحرص اليمنيون على إبراز الجانب الاجتماعي في مراسم الاحتفال بالعيد فيعودون المرضى ويتبادلون الزيارات للتهنئة بحلول عيد الفطر المبارك في أعقاب الصلاة، هذا ما قاله لنا المهندس محمد الجابري .
عسب العيد
أما حورية السروري – معلمة، فتقول:
هناك عادة اجتماعية مشهورة تُعرف باسم “عسب العيد” الذي هو عبارة عن مبلغ بدون تقدير معين يُدفع من قبل الكبير لأهاليه وبالذات النساء والأطفال.
ويعد عسب العيد رافداً مهماً للأسر الفقيرة التي تقوم بقضاء جزء كبير من ديونها بسبب تكاليف العيد من خلاله.
منوهة بأن التجار والجمعيات الخيرية يعتبرون العيد مناسبة جيدة لتقديم عطاءاتهم للفقراء والمساكين, وتشمل أحيانا تلك العطاءات معظم أصحاب الدخل المحدود.
مجالس العيد
عبدالسلام الغابري -موظف في إحدى الدوائر الحكومية، يقول: إن المسيطر الوحيد على مجالس الرجال يوم عيد الفطر المبارك هو القات في حين تعد مجالس النساء الأقل اهتماما به وتتواجد تعميرة المداعة والشيشة والسجائر أحيانا لدى الجانبين.
ويضيف قائلا: تعتبر جلسات القات العيدية أهم جلسات العام لأنها تجمع شيخ القبيلة مع معظم أفراد قبيلته لتدارس الأوضاع والنقاش حول بعض القضايا, مع الابتعاد عن الروتين اليومي وهو سماع الشكاوى.
وتحكى في مجالس العيد كثير من الحكايات والطرائف والقصص التاريخية مع ذكريات الأعوام الماضية.
كما أن هناك جلسات عيدية داخل المنازل يقبل الكثير من اليمنيين على السفر مع أسرهم إلى مناطق سياحية وساحلية مثل عدن والحديدة ومحافظة إب، كما ينفذ البعض حفلات رقص شعبي في ساحات كبيرة تعبيراً عن البهجة.
فرحة العيد
هلّ علينا عيد الفطر المبارك، بعد صيام وقيام شهر رمضان المبارك وما جاء العيد إلا كمظهر من مظاهر الفرح في دين الوسطية، ففرحة العيد عبادة وشعيرة من شعائره المعظمة، وقد جاءت سنة النبي صلى الله عليه وسلم بمشروعية الفرحة في عيدي الفطر والأضحى وجعها سنة مؤكدة ومن الشعائر العظيمة الواجب أحياؤها.
ولم يمتنع أو يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من الاحتفال بالعيد، بل في مثل هذا اليومٍ البهيج كان البيت النبوي وما حوله يشهد مظاهر الاحتفال بالعيد على مرأى وعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه المناسبة التي يفرح بذكرها الناس يجعلون لها أياماً يعبِّرون فيه عن فرحهم وسعادتهم.
وواجب المسلم في عيد الفطر المبارك أن يصل أرحامه بالزيارة وتقديم الهدايا لهن بقدر استطاعته، وأن يتفقد المحتاجين من جيرانه، ويعطف على الأطفال اليتامى الذين فقدوا من يُفَرِّحهم في يوم العيد، فيمسح دموعهم، ويُفرِّح قلوبهم ويواسيهم، وأن يذكر في غمرة الفرح الذين لم يفرحوا.