في ذكرى رحيله الـ 14 العلامة الحجة مجد الدين المؤيدي مثل المنهجية العظيمة التي تجمع بين العلم والجهاد

 

الشيخ أبو نشطان: الإمام مجدالدين المؤيدي قارع سلطات الظلم في زمن الخنوع والصمت
لدكتور حمود الأهنومي: المناسبة محطة للتذكير بمآثر الإمام الذي كان له دور كبير في رحاب العلم
عبدالله عامر: المؤيدي بذل جهداً كبيراً في الذود عن مبادئ الإسلام الصحيحة

الثورة/ يحيى الربيعي

أكد الشيخ شمسان أبو نشطان رئيس الهيئة العامة للزكاة أهمية إحياء ذكرى رحيل العلامة العلم مجدالدين المؤيدي باعتباره عالماً ربانياً جاهد في الله حق جهاده، فكان صادعاً بالحق في زمن سكت فيه الجميع عن مقارعة الظلم والظالمين، فكان -رضوان الله عليه – يتحرك ضد الظلم والظالمين في ذلك الزمان الذي كان تحت سيطرة أعداء الله وجنود وأجندات الظلام بقيادة مملكة الشر وقرن الشيطان الذي هو معقل الفكر الوهابي ومصدر قوته، ذلك المذهب الذي طغى وخيم على عدد من المحافظات، ولكن العلامة سلام الله عليه، في المقابل كان ذلك النور الذي أضاءت بنور علمه وحنكته وجهاده الكثير من المناطق، وتتلمذ على يديه الكثير من العلماء.
وقال أبو نشطان في تصريح لـ”الثورة” خلال فعالية إحياء الذكرى الـ 14 لرحيل العلامة المؤيدي التي أقامها الملتقى الإسلامي أمس الأول في صنعاء “نحن، مثلا، في محافظات صنعاء، مديرية أرحب، المديرية التي كادت أن تطغى عليها الأفكار الوهابية، حظينا باهتمام كبير ورعاية لا متناهية من قبل فضيلة العلامة حجة الله المؤيدي سلام الله عليه الذي أرسل العلماء من تلامذته إلى المديرية ليشيعوا النور، ويبددوا ظلمات العقائد الباطلة والمفاهيم المغلوطة التي حاول الوهابيون غرسها، أولئك العلماء الأفاضل الذين حرصوا على نشر علوم آل البيت وفقههم، العلوم والفقه القائمين على العقيدة الإيمانية الصحيحة، ودحر تلك المفاهيم المغلوطة، مؤكدا أن العلامة المؤيدي رضوان الله عليه كان له الدور البارز في انقاذ المنطقة بكاملها كجزء من دوره الكبير على مستوى اليمن والحجاز، هذا العالم الذي لا ينكر فضله ومقامه ومكانته العلمية إلا إنسان في قلبه مرض”.
وأوضح الشيخ شمسان ” كانت مجالسته تشعرنا بأننا نجالس الأنبياء وأئمة أهل البيت العظماء، كنا نجد فيه نفس النبوءة، ونفس آل البيت، ومن منبعه ننهل رسالة الأنبياء والصادقين.. لِمَ لا؟ وهو نسل طاهر من هذه الذرية الطيبة العظيمة، وهو الذي بعون الله حمل القرآن الحكيم، وبفضل الله أنار الطريق بأعماله وعلومه ومؤلفاته، وبالنظر إلى حياته نجدها تلك الحياة الحافلة بالمواقف العظيمة مع الحق ضد الباطل والظلم والظالمين، تلك الثروة العلمية والمواقف الجهادية التي تركها المولى المؤيدي سلام الله عليه جعلت الناس يحبون العلامة حبا كبيرا امتاز بشغف المؤمن الصادق في حبه وولائه، جالسوه، فازدادوا قربا منه، جالسوه وازدادوا خوفا من الله، مجالسته زادتهم تعظيما وإجلالا لمنهج رسول الله ومنهج آل البيت”.
وأكد أبو نشطان “كان لنا شرف الهجرة إلى صعدة في حياته، وكان لنا الشرف في أن تتلمذنا على يديه وتزودنا من محطات علمه، كان معلما فاضلا، وأبا لطيفا وحنونا، كان رضوان الله عليه دائم الدعاء لتلاميذه بالتوفيق، وكان كثير التشجيع في تلك المرحلة العصيبة”، مشيرا “وأنا في سن الطفولة لا أنسى تلك اللحظات التي قضيتها مع سيدي العلامة حسين بن يحيى أحمد رحمه الله الذي كان إليه العلامة المؤيدي، ويضع يده على صدره، ويدعو لنا الدعوة المباركة التي كانت تشكل لنا بلسما ووجدنا أثرها في الواقع، ونسأل الله أن يجعلنا ممن يسير على نهجه، وأن يحشرنا في زمرته، زمرة محمد وآله الطاهرين”.
فضائل الورع
من جانبه قال الدكتور حمود عبدالله الأهنومي: “تأتي ذكرى العلامة الإمام الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي سلام الله عليه لتمثل محطة للتذكير بمآثر الإمام الذي كان له دور كبير في رحاب العلم، وتوثيق وتحقيق تراث اليمن، وفي رد شبهات أولئك الذين كانوا يريدون أن ينحرفوا بالدين، وأن يطعنوا بشبههم في الهوية الإيمانية.. الهوية التي كان للعلامة المؤيدي رضوان الله عليه دور عظيم في تثبيتها على مدى خمسين عاما، وفي هذه الذكرى يستذكر المداومون على هذه الفعالية هذه المعاني والدلالات العظيمة، ويفتشون عنها في واقعهم، وفي أنفسهم، لأن العلامة رحمة الله عليه قد مثل المنهجية العظيمة التي تجمع بين العلم والجهاد”.
وأشار الأهنومي إلى أن العلامة رضوان الله عليه “نشأ على الزهد واستمر عليه لم يكن مترفاً ولا مشغولاً بالرفاهية، لا فقيراً فقراً مدقعاً يزدريه الأراذل، ولا ثرياًّ ثراءً مبطراً لم يخالط الدولة ولم يقم بوظيفة سوى تدريس العلم، وراتبه مشترط أن يكون من أموال المعارف الموقوف على العلماء والمتعلمين، لم يقم بقضية تتصل بالدولة إلا شافعاً لضعيف ظُلِم”.
وأكد أن الكفاية في تأمل ما حمله قسمه المشهور من معان ودلالات في ترجمة ما حملته نفسه الطاهرة من فضائل الورع والنزاهة وصلابة الموقف مع الحق ضد الباطل ونقاء السريرة مع كل الاتجاهات مالم تصر على باطل ( قَسَمَاً بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيْرِ، قَسَمَاً يَعْلَمُ صِدْقَهُ الْعَلِيْمُ الْخَبِيْرُ أنْ لا غَرَضَ لَنَا وَلا هَوى غَيْرَ النُّزُولِ عِنْدَ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْوُقُوفِ عَلَى مُقْتَضَى أَمْرِهِ، وَأَنَّا لَو عَلِمْنَا الْحَقَّ فِي جَانِبِ أَقْصَى الْخَلِقِ مِنْ عَرَبِيٍّ أَوْ عَجَمِيِّ، أَو قُرَشِيٍّ أَوْ حَبَشِيِّ لَقَبِلْنَاهُ مِنْهُ، وَتَقَبَّلْنَاهُ عَنْهُ، وَلَمَا أَنِفْنَا مِن اتِّبَاعِهِ، وَلَكُنَّا مِنْ أَعْوَانِهِ عَلَيْهِ وَأَتْبَاعِهِ، فَلْيَقُلِ النَّاظِرُ مَا شَاءَ، وَلا يُرَاقِبْ إلاَّ رَبَّهُ، وَلا يَخْشَى إلاَّ ذَنْبَهُ، فَالْحَكَمُ اللَّهُ، والْمَوعِدُ الْقِيَامَة، وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ).
ولفت الأهنومي إلى أن رحيل العلامة المؤيدي مثّل خسارة كبيرة لنظرته الصائبة في إصلاح حال الأمة الإسلامية وتوحيد كلمة المسلمين وجمعهم تحت راية الدين والعقيدة، مشيرا إلى أن العلامة مجدالدين المؤيدي واحد من أهم المراجع الزيدية الذي قام بدور كبير في إحياء التراث الزيدي والفقه والعلوم المختلفة بعدما تعرضت لهجمة سعووهابية شرسة، وقد توفي في العام 2007م وشيع في صعدة بحضور مهيب وكبير وواسع حينها.
مواقف العزة
أما مدير فرع الهيئة العامة للأوقاف بأمانة العاصمة الأستاذ عبدالله عامر، فقد أكد أن العلامة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي رحمة الله عليه، فيما قام به في حياته من دور كبير وجهد عظيم في نشر العلم والذو عن مبادئ الإسلام والدفاع عن الفكر الإسلامي وأعلامه من العترة الطاهرة، والتصدي في مؤلفاته الوافرة للأفكار الضالة المنحرفة عن تعاليم القرآن الكريم وأهل البيت سلام الله عليهم أمرغني عن التعريف.
وأوضح عامر أن هذه الفعالية تمتاز بحضور كبير لأكابر العلماء والوجاهات وقيادات الدولة وطلاب العلم من محبي العلامة المؤيدي سلام الله عليه، هذه الجموع حضروا للتأسي والاقتداء بعلمه وجهاده وتأسيسه لنهج العلم القويم والعمل وهو قدوة لكل من يريد أن يطبق أحكام كتاب الله علما وعملا ويعمل مثل ما كان عليه أئمة آل المصطفى صلوات الله عليهم وسلامه في تعليم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وجهاد الظالمين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما قيام أحرار اليمن للتصدى لهذا العدوان الغاشم وهم في السابع على التوالي إلا ببركة هذا النهج الذي أسسه الآباء والأجداد على نهج آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جهاد أعداء الله مهما كان الثمن، ومهما قدموا من تضحيات، لأن ذلك لا يهم طالما والقدوة هم آل محمد من أسلافهم مع أسلافهم علماء وأئمة آل البيت سلام الله عليهم ومع الإمام علي سلام الله عليه الذي امتدح أهل اليمن بقصيدة “لوكنت بوابا على باب جنة، لقلت لهمدان أدخلوا بسلام”؛ وكانت الأبدان تمثل القبيلة الجامعة لقبائل اليمن التي تفرعت منها قبائل اليمن.
ونوه عامر إلى أن هذه المناسبة يجدد فيها أهل اليمن عهدهم وولاءهم لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي هذه المناسبة نتذكر من مواقف العلامة المؤيدي رضوان الله عليه أنه قبل مماته ما كان يرضى أن يستقبل ضيوفه إلا قائما وبكل هيئته، وبكل أهبته واستعداده.
وقال عامر “أذكر ذلك الموقف الذي ذكره مفتي الديار شمس الدين شرف الدين عن المولى العلامة الكبير أحمد الشامي، أنه كان يأتي إلى مركز بدر لتدريس العلوم الشرعية وذات يوم كنت أرافقه وأوصله بالسيارة إلى بيته، وحكى لي هذا الموقف أنه حينما دخل على الرئيس السابق علي صالح في ذلك الحين الذي كان فيه الأخير صاحب مهابة وسلطة وسطوة، أن المولى العلامة المؤيدي أبى إلا أن يستقبله صالح إلى حوش دار الرئاسة كشرط، ولم ينزل المولى من سيارته إلا وقد أصبح الرئيس واقفا مستقبلا له وهو من الذي سيفتح له باب السيارة واستقبله وهو يردد عبارته المشهورة “الظلم ما دام دمر، والعدل ما دام عمر”، وما زال يرددها إلى أن خرج من عنده، خرج متجاهلا كل تودد منه بشأن معرفة مصادر معيشته، ورافضاً لأي توسل منه في قبول أي توجيه فيما يخص خصوصياته سلام الله عليه”.

قد يعجبك ايضا