جشع التجار وإهمال أجهزة الرقابة والضبط يزيد من معاناة المواطنين

 

لا تبدو المشكلة في توفر السلع من عدمه بقدر ما تتمثل في ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه نتيجة جشع التجار وغياب الرقابة بالإضافة إلى معاناة المواطنين جراء العدوان والحصار الذي ساهم بنصيب الأسد في تدهور سبل العيش ومصادر الدخل والأعمال وتوقف الرواتب ما أدى إلى تدهور الحالة المعيشية لدى الكثير من الأسر التي تقاسي معاناة ومشقة كبيرة في توفير متطلبات البقاء من الغذاء والملبس لأفرادها خاصة في موسم شهر الصيام وعيد الفطر المبارك.”الثورة” رأت أنه من المناسب أن تجري استطلاعا ميدانيا عن هذه القضية، فكانت الوجهة بعض أسواق العاصمة صنعاء، وخرجت بالحصيلة التالية:

أسواق المواد الغذائية
تشهد الأسواق اليمنية ارتفاعاً متصاعداً في أسعار السلع الغذائية، إذ يأتي الدقيق في طليعة هذه السلع التي يعاني من ارتفاعها المواطنون، إذ يشير آخر تحديث لسعر كيس الدقيق (50 كيلوغراماً) إلى أنّه بلغ 13500 ريال ما جعل المواطنين يلجأون إلى توفير احتياجاتهم منه بالتجزئة بسعر 300 ريال للكيلوغرام الواحد، بينما يصل سعر الزيت عبوة 5 لترات إلى 6000 ريال، والقائمة تطول لتشمل أسواق الخضار والفواكه واللحوم والأسماك، يكفي فقط أن يصل سعر الحبة الليمون بحجم رأس النملة إلى 50 ريالاً.
هذا رغم تأكيدات وزارة التجارة والصناعة أنّ الأوضاع مستقرة نسبياً، والمواد الغذائية الأساسية متوفرة وتتدفق بانسيابية وبشكل طبيعي إلى مختلف الأسواق بمحافظات الجمهورية.
كما تفيد مصادر في الصناعة والتجارة بأنّ هناك فرقاً رقابية رسمية تنشط في الأسواق لضبط الحركة التجارية والتأكد من سلامة تداول السلع وفق معايير السلامة المطلوبة، إذ يجري ذلك بالتعاون مع بعض الجهات المختصة كالمقاييس وضبط الجودة.
من جهته أشار مصدر في الغرفة التجارية صنعاء إلى أنّ أزمة العملة وسعر الصرف والتشظي المالي القائم في البلاد، أضاف أعباء كبيرة على القطاع الخاص.
من ناحيته، قال مصدر في جمعية المستهلك إن السلع متوفرة في جميع المحافظات مع حلول شهر رمضان، مستدركا هناك إشكالية في أن بعض التجار من ضعاف النفوس وعديمي الضمير يعمدون إلى إنزال مواد قريبة الانتهاء أو منتهية الصلاحية أعيدت تعبئتها، مستغلين إقبال المستهلكين على شراء حاجاتهم، بالإضافة إلى وجود تلاعب بالأوزان والمكاييل لكثير من السلع في مختلف الأسواق اليمنية.

أسواق ملابس العيد
شهد مختلف الملابس خاصة الموجهة منها إلى فئة الأطفال ارتفاعا كبيرا في الأسعار، وهو ما أثر بشكل محسوس على القدرة الشرائية عند العائلات التي أبدت تأسفها لحالة الفوضى التي تعرفها أسواق الملابس اليوم.
ما هي إلا أيام قلائل على حلول عيد الفطر، هذا اليوم المبارك الذي ينتظره الأطفال كثيرا، حيث يرتدون ملابس جديدة يتباهون بها، غير أن جشع التجار يقف حجر عثرة أمام فرحة الأطفال ويحوّل هذه المناسبة الفرائحية إلى كابوس حقيقي للكثير من العائلات ضعيفة الدخل والفقيرة، الذين يعجزون عن اقتناء كسوة العيد لأطفالهم، بسبب الغلاء الفاحش الذي تشهده ملابس هذه الفئة على وجه الخصوص والتي تم مضاعفة قيمتها بنسبة 100 % للقطعة الواحدة، فالقطعة التي كانت في شعبان بـ2000ريال، اليوم بـ 4000 ريال.
«الثورة» وفي محاولة منها لجس نبض أسعار الملابس قامت بجولة استطلاعية عبر مختلف المحلات المتمركزة بالعاصمة على أسواق التحرير وباب اليمن والحصبة وهائل ، حيث يتوافد عدد هائل من العائلات مصحوبة بأطفالها بغية اقتناء لوازم العيد لهم، ولعل ما لفت انتباهنا هو اكتفاء هذه الفئة بالسؤال فقط عن أسعار الملابس، لتعود في اليوم التالي لزيارتها على أمل أن تكون أسعارها انخفضت.
العائلات ضعيفة الدخل والفقيرة تفضل زيارة الأسواق الشعبية التي تعرض سلعها على أرصفة الطرقات على غرار شارع هائل، وباب اليمن والحصبة حيث تجد ملابس أرخص ولو على حساب النوعية التي باتت آخر شيء يفكر فيه المشتري.
وفي هذا الإطار يشكو معظم أرباب العائلات من جشع التجار الذين يستغلون مناسبة كهذه لمضاعفة الأسعار إيمانا منهم بأن أرباب العائلات يضطرون لشرائها مهما كلفهم السعر باعتبار أن أهم ما يميز تقاليد هذا اليوم المبارك هو ارتداء الأطفال لألبسة جديدة.
من جهتها، أكدت إحدى الأمهات أنها جابت كل محلات العاصمة ولم تجد شيئا يتوافق والمبلغ المالي الذي تحتكم عليه حيث لا يكفي حتى لإكمال كسوة طفل واحد من أطفالها الخمسة بالنظر إلى الغلاء الفاحش الذي تشهده هذه الأيام، فقد وجدت أن أرخص حذاء لا تقل قيمته عن 3000 ريال، في حين أن أرخص قميص بـ4000ريال، أما أسعار البنطلونات فقد تجاوزت 7000 آلاف ريال.
وفي شارع هايل وسط العاصمة وجدنا أمّاً برفقة بناتها الثلاث عفاف، وفاطمة، ونسيم، وهي بدورها شكت جنون أسعار الملابس هذا العام، مؤكدة أن التجار لا يتوقفون عن التمسك بأن أسعارهم معقولة رافضين التخفيض في قيمتها، وإن بنسبة بسيطة.
وفي ذات المقام، أفاد سعيد، أب لأربع بنات أن أسعار الملابس شهدت زيادة في بعض المحلات وصلت إلى 100 % عن قيمتها الحقيقية حيث يقول «لقد قمت بزيارة هذه المحلات قبل حلول شهر رمضان وكانت أسعار هذه السلع المعروضة بنصف القيمة المتواجدة عليها اليوم»، متسائلا عن دور الرقابة ومسؤولية السلطات المعنية تجاه هذه المضاربة في الأسعار التي أثقلت كاهل المواطنين.
وأمام هذا الجشع وحرية التجارة التي لم يعد يضبطها أي شيء، ورغم الكمّ الهائل من التشريعات والقوانين يجد المواطن نفسه بين المطرقة والسندان، بين رسم فرحة العيد على وجوه أبنائه وبين الأسعار التي لم ترحم جيوب الآباء التي أفرغتها متطلبات شهر رمضان.

قد يعجبك ايضا