يرى عدد من السياسيين والخبراء أن التوقيع على وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية يمثل مخرجا مناسبا وحلاٍ عادلاٍ إذا تم تطبيقها عملياٍ على أرض الواقع ويؤكدون أن الوثيقة تعد خارطة طريق للمستقبل الواعد لليمن الموحد مشيرين إلى أن التباين في الآراء ظاهرة صحية وإيجابية.
ودعوا في حديث لـ(الثورة) إلى اتخاذ عدد من الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الاستقرار لافتين إلى أن الأخطاء التي ارتكبت خلال الفترة الماضية لا تتحملها الوحدة وإنما يتحملها الأشخاص الذين ارتكبوا مثل هذه الأخطاء.
نتائج الحراك
يرى الدكتور محمد صالح قرعة عضو مؤتمر الحوار الوطني عن حزب العدالة والبناء في فريق استقلالية الهيئات بمؤتمر الحوار الوطني أن الوثيقة التي تم التوصل إليها هي بدون شك جاءت نتاجاٍ لجهود ومعاناة ومداولات طويلة ابتداء من تشكيل اللجنة الفنية ثم خلال الأشهر الماضية منذ 18 مارس 2013م وهنا لا بد لنا أن نشير بشكل جلي وواضح إلى أن القضية الجنوبية مثلت حجر الزاوية في مؤتمر الحوار الوطني.. والكل يعلم بأن المبادرة الخليجية التي وقع عليها في نوفمبر 2011م لم تتضمن أي إشارة لحل هذه القضية المركزية والهامة لكن نضالات وكفاح الحراك الجنوبي السلمي الذي انطلق في 7/7/2007م هو من أرغم كل الأطراف المحلية في اليمن (قوى سياسية قبلية عسكرية وكافة القوى الإقليمية والدولية) بالاعتراف أولاٍ بالقضية الجنوبية باعتبارها قضية شعب مورست عليه أنواع شتى من التهميش والظلم والكبت وسلب حقوقه منذ حرب 1994م الظالمة.. ووجدت القضية الجنوبية بفضل الله تعالى ثم بفضل كفاح الحراك الجنوبي السلمي مدخلاٍ للحل في الآلية التنفيذية وكان للمشاركين الـ85 كممثلين للحراك الجنوبي دورا بارزا في الدفاع عن القضية الجنوبية من داخل أروقة مؤتمر الحوار الوطني حتى أصبحت مختلف القوى السياسية والمكونات المختلفة في مؤتمر الحوار الوطني تسلم بأنه لا نجاح لمؤتمر الحوار ولا حل لكل قضايا الوطن إلا بتبني حل عادل وشامل للقضية الجنوبية.. وتم بحمد الله التوقيع على وثيقة هامة وأساسية تعتبر مدخلا معقولا لحل القضية الجنوبية إذا تم فعلا تطبيقها عملياٍ وفعلياٍ على أرض الواقع لما تضمنته هذه الوثيقة وعلى جميع الأطراف إخلاص النوايا واتباعها بالأفعال والتطبيق العملي.. لأن هذه الوثيقة التي أعلن عنها تتضمن مثلا الاعتراف الكامل بالأخطاء والممارسات التي وقعت على الجنوب والتي كانت هي السبب الحقيقي لوأد الوحدة التي كان أبناء الجنوب هم أكثر من عمل لأجلها.. كما تضمنت الوثيقة إجراءات عملية لجبر الضرر وإعادة الممتلكات المنهوبة وإزالة كل العبث والإهدار الذي تم خلال الأعوام الماضية.. كما تضمنت الوثيقة أن يمثل الجنوب في كل هياكل الدولة الاتحادية بـ50% من مجلس النواب الاتحادي وفي جميع المناصب القيادية في الجيش والأمن والخارجية.. وإعطاء الجنوبيين الأولوية في شغل الوظائف الشاغرة والتأهيل والتدريب في هياكل الدولة الاتحادية.. كما تضمنت الوثيقة آلية تنفيذية وقضائية وبرلمانية تتعلق بحماية حقيقية لمصالح الجنوب.. إلى جانب أن تكون إدارة وتنمية الموارد الطبيعية بما فيها النفط والغاز والأسماك والاستثمار بمعنى أن يكون منح عقود الاستكشاف والتطوير من مسئولية السلطات في الولاية المنتجة بالتشارك مع الإقليم والسلطة الاتحادية أي أن الأمر سيعود إلى نصابه إلى المنبع ولن يكون المركز هو المتحكم ويجب أن ينص على ذلك في الدستور القادم.. كما تضمنت الوثيقة فقرة هامة هي حقوق تتضمن أو تصويت خاصة حول قضايا تتعلق بالمصالح الحيوية للجنوب أي أنه لا يمكن للأغلبية في البرلمان الاتحادي أن تتصرف بأي قضية للجنوب.. ولهذا فإننا نعتقد أن هذه الوثيقة هي نتاج جيد للتفاهمات والحوار الطويل خلال الأشهر الماضية.. ونحن نعلم بأن انعقاد حوار أو تفاوض بين جهات مختلفة لا يمكن أن يحقق كل طرف ما يريده بل يعمل الكل على التلاقي في نقطة تجمع الكل وتجعل مصلحة الوطن فوق أي اعتبار.
كما تضمنت الفقرة الحادية عشرة من الاتفاقية أنه يحق لكل مواطن يمني العمل والتملك والتنقل في اليمن قاطبة بدون أدنى قيود..
مما يعني أن المواطن اليمني ستكون حقوقه مكفولة بعكس ما يروج له مناهضي هذه الاتفاقية التي جاءت لتضع حلولاٍ للقضايا الماثلة أمام مؤتمر الحوار الوطني.
وحول ما إذا ستشكل الاتفاقية بداية لإعادة الاستقرار في الجنوب يقول الدكتور قرعة: هذا يعتمد على التطبيق العملي والملموس فإذا لمس الجنوبيون صدق النوايا وتطبيقاٍ حقيقياٍ على أرض الواقع فإن هذا سيقنع الجنوبيين أن هناك تغييراٍ حقيقياٍ فعلياٍ .. لأنهم لم يثوروا إلا لما بلغ السيل الزبى ولما لم يلحظوا أي أفعال للوعود التي كانت تعطى لهم.. وسيتم القياس على كل إجراء يتم فسوف ننظر كيف ستشكل لجنة صياغة الدستور هل سيكون هناك 50% من أبناء الجنوب الذين يحملون ويمثلون هذه القضية أم سيتم التحايل باستخدام الأساليب البالية.. لأن لنا تجربة مريرة مع الاتفاقيات فلو تم تطبيق وثيقة العهد والاتفاق لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.. وهكذا هل سيتم حل الشواغر في شركات النفط والغاز وكافة الأجهزة بحسب ما نص عليه في الوثيقة وإلا أجزم أن الأمر سيكون أقسى وأمر لأن الجنوبيين لديهم تجربة مريرة ولن يلدغوا مرة أخرى من نفس الجحر.
ويقول الدكتور قرعة: ضمانات تنفيذ الاتفاقية تكمن أولاٍ في تماسك وصمود الحراك الجنوبي السلمي حتى يعي جميع الفرقاء أنه لا مناص إلا التطبيق العملي لكل ما ورد في الوثيقة بل وأكثر ثم على الرعاة الإقليميين والدوليين أقصد الدول العشر أن تكون عند مستوى المسئولية ولا تتغاضى عن أي تهرب أو تأجيل للالتزامات المتضمنة في الوثيقة.. وأنوه هنا بأن الهبة الشعبية الحضرمية التي ربما كانت سببا في تعجيل التوصل إلى هذا الاتفاق لأن هدف الهبة التي أشعلتها قبائل حضرموت سارت حتى عمت كل الجنوب اعتقد أنها لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار فلن ترضى جماهير الجنوب بأي حلول تنتقص من حقوقها.. وأتمنى للرئيس عبدربه منصور هادي التوفيق والسداد وأن يوفقه الله هو واللجنة برئاسته التي سيتم إقرارها في مؤتمر الحوار في جلسته الختامية القادمة والتي ستحدد عدد الأقاليم أن يعملوا ما هو قابل للتنفيذ على الأرض.. ونؤكد بأن لا مناص من الأخذ بآراء وأفكار ومقترحات ياسين سعيد نعمان لأنه رجل ذو خبرة وكفاءة ومصداقية وهو رجل دولة من طراز أول ويعرف جيدا ما هي إمكانيات تمرير أي حلول لدى الجنوبيين.
أما الدكتور مصلح حسين الصماط –عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر فيقول حول الوثيقة التي وقعت بشأن القضية الجنوبية: كل ما ينتج عن الحوار العقلاني الذي يجمع الألفة بين اليمنيين بجميع فئاتهم وطوائفهم فهو جميل أما بالنسبة للتوزيع الإداري فيما يسمى بالأقاليم فإذا كانت السلطة السيادية لليمن الموحد تهم السلطة المركزية وموضوع الأقاليم لتحسين ظروف المعيشة والتحسين الإداري والخدمي للمواطن في تلك الأقاليم بحيث أنها لا توجد أي نوع من أنواع التفرقة طائفية أو مناطقية أو حزبية ويظل المجتمع اليمني مجتمعاٍ متماسكاٍ ومتآخياٍ ومتآلفاٍ ومترابطاٍ فيما بينه ويكون هناك توجه وطني واحد لكل أبناء اليمن من أقصاه إلى أقصاه فهذا هو المطلوب.. أما إذا كان هناك الداعي إلى بناء أقاليم قائم على تشتيت للوحدة الوطنية أو تشتيت الفكر الوطني الموحد وقوة اليمن وعزة وكرامة المواطن اليمني سواء كان في صعدة أو عدن أو سقطرى أو حضرموت أو الحديدة ويجزئ الروح الوطنية الواحدة فلا نريد أقاليم الوطن اليمني وطن واحد وأنا أعرف بأن هناك متاجرين بالقضية الوطنية يريدون أن يمرروا ما لم يستطع الاستعمار وأعداء اليمن تمريره فهذا مرفوض.
وأضاف الدكتور الصماط: الاتفاقية تحتاج إلى عمل قوي جدا تحتاج إلى عمل فكري توجيهي وعمل خدمي ورد المظالم.. كل ما هو موجود يعتبر حبراٍ على الورق ما لم يطبق فعليا لخدمة المواطن.. وضمانات تنفيذ هذه الاتفاقية هو الشعب اليمني والمواطن اليمني يعرف بأن عزة وكرامة ووحدة وطنه اليمن.. الضمان الوحيد هو المواطن البسيط وليس المتسيسين الذين يريدون أن يقفزوا قفزا على ظهور المواطنين البسطاء من الناس فالشعب اليمني هو الوحيد الكفيل بتنفيذ كل القرارات التي توصله إلى أرقى مستوى بحيث أنه يكون مثله مثل باقي شعوب العالم المتحضرة.
مخرج
العميد ركن دكتور قاسم مقبل الطويل –مساعد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة للشئون العربية والدولية فيقول: الاتفاقية من وجهة نظري تعتبر مخرجاٍ مهماٍ بل هي اتجاه الطريق نحو المستقبل الواعد للجمهورية اليمنية على اعتبار أنها قضية الجنوبية لكن هي قضية اليمن ككل لأنها القضية التي كانت تتوقف أمامها شكل الدولة المتمثلة بقضية الأقاليم وبالتالي قد حسم الغالبية من قبل لجنة (8+8) والتي وقعت على الاختيار الأقاليم وتفويض رئيس الجمهورية بتحديد عدد الأقاليم.. هناك تباينات والتباينات صحية وإيجابية لكن نحن في إطار الديمقراطية نخضع للأغلبية الأكثرية والتي أقرت بما هو صائب وارتأت من وجهة نظرها وقناعاتها بأنه الصائب لشكل الدولة هي الدولة الاتحادية من عدة أقاليم.. والقضية ليست قضية التوقيع حول هذه الأقاليم أو شكل الدولة لكن القضية ما بعد التوقيع هل سيبدأ العد التصاعدي أم التنازلي.. ما يتبع التوقيع هو إجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية ودستورية ينبغي أن تفرض نفسها وتجسد نفسها على أرض الواقع وبالتالي تكون مقبولة لدى الكل.. وينبغي أيضا لا بد من الإيضاح الكامل للشعب بمختلف فئاته السياسية والاجتماعية والثقافية لكي يدركوا إدراكا صحيحا وسليما بهذه الاتفاقية وبالتالي يكونوا هم السند الأساسي والقوي لها.
وأضاف العميد الركن الطويل: من وجهة نظري ومن وجهة نظر المشرعين الذين هم على قرب نعتبر الاتفاقية بداية استقرار ويمكن أيضا بالمقابل هناك أخطاء ارتكبت بعد الوحدة والأشخاص هم الخطاؤون وليست الوحدة.. ولا بد من خوض هذه التجربة تجربة الأقاليم وهناك نماذج جيدة واعتبرها بأنها بداية جيدة والطموح لا زال يحذونا في مسيرة الاستقرار والأمن والسلام وأن نظل متوحدين وبقوة.. والوحدة دائما إيجابية وهي بداية استقرار من وجهة نظري ولا يمكن بأي حال من الأحوال لأي قضية كانت أن يكون عليها إجماع لا بد أن يكون هناك اختلاف لكن هذا الاختلاف لابد أن يذوب مع الإثبات الصحيح والسليم والصادق من خلال تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع.. وبالتالي هي مخرج من المخارج العاقلة.. وفخامة رئيس الجمهورية كانت له جهود جبارة وإيجابية لأنه كما يقول كثير من المثقفين جاء في مرحلة صعبة ودقيقة وينبغي أن نلتمس له العذر وهو في مرحلة استثنائية ينبغي أن نعينه جميعا ونتلف ونصطف للتنفيذ الصحيح والسليم لهذه الاتفاقية.
وقال الدكتور الطويل: أولى الضمانات هي الضمير الجاد والصادق والنوايا الحسنة في سبيل تنفيذ هذه الاتفاقية وبالاستجابة لها والضمانات دائما هم الجماهير.. وفي التاريخ الجماهير هم من يصنعون الأحداث وهم الذين يؤكدونه.. فأيَ كانت الضمانات القانونية لا بد أن يحصل اتفاق وتضافر حول هذه الاتفاقية.