عدم وجود قانون وطني يجرم الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ينذر بمخاطر جمة
2000 حالة لبيع الأعضاء البشرية في 2013م تمت ليمنيين في مصر والسبب الهجرة المختلطة
1030 جريمة ارتكبها متسللون أفارقة إلى اليمن في 2013م
تحقيق/ حاشد مزقر
اليمن هي الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية التي وقعت على اتفاقية اللجوء لعام 1951م وبروتوكول عام 1967م التابع لها ومنذ اندلاع الصراع في الصومال عام 1991م تقوم بلادنا بمنح الصوماليين الذين يصلون إلى أراضيها وضع اللاجئ منذ الوهلة الأولى ولا تزال تستقبل تدفق غير مسبوق من الناس الفارين من القرن الأفريقي عبر خليج عدن والبحر الأحمر وهذه من أكبر المشكلات التي فاقمت الوضع الاقتصادي وأثرت على الوضع الأمني كما ألقت بظلالها على قضايا الاتجار بالبشر مما يستدعي تضافر جهود المسؤولين وأفراد المجتمع لوضع حد للهجرة غير الشرعية هذه الظاهرة التي أرقت الجميع وتفاقمت يوماٍ بعد آخر وليس هناك ما يلوح في الأفق على صعيد الحل لهذه القضية الخطيرة.
مركز دراسات الهجرة للاجئين بجامعة صنعاء نظم مؤخرا حلقة نقاشية حول الهجرة المختلطة وأثرها على الاتجار بالبشر في محاولة للفت انتباه المنظمات الدولية والحكومة والمجتمع المدني لخطر الظاهرة وارتباطها الوثيق ببعض.. (الثورة) ناقشت الظاهرة مع عدد من المنظمات والجهات الحكومية المعنية ورصدت آخر الإحصائيات حول الموضوع والجهود المبذولة في هذا الاتجاه.
في عام 2012 عبر حوالي 107 آلاف و532 لاجئ خليج عدن والبحر الأحمر فيما بلغ عدد الواصلين الجدد حتى شهر أكتوبر 2013م نحو 62.194 معظمهم من الجنسية الأثيوبية بحسب إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤؤن اللاجئين فيما آخر الأعداد الذين اعترفت بهم حكومة بلادنا كلاجئين دخلوا بطريقة قانونية نحو 244 ألفاٍ و944 لاجئاٍ يشكل الصوماليون الغالبية العظمى منهم حيث يعيشون في وضع لجوء طويل الأمد فيما تقدر إحصائيات وزارة الخارجية عدد من دخلوا بطرق غير قانونية بحوالي واحد مليون و200لاجئ.
غياب الإحصائيات
الدكتورة سارة العراسي مدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين في جامعة صنعاء أكدت على أهمية وجود إحصائية موحدة لأعداد اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين في اليمن مع العلم أن عدد المسجلين الفعليين لدى المفوضية العليا للاجئين محدد.
وقالت: إن الأرقام الرسمية تقول أن هناك أعداداٍ كبيرة إلا أن عدم وجود إحصائية موحدة بسبب دخولهم بطرق غير نظامية من المنافذ البحرية بسبب طول الشريط الساحلي الذي يمتد لمسافة 2500كم يصعب المهمة على قوات خفر السواحل في مراقبة المتسللين والذين تعتبر اليمن بالنسنبة لهم أقرب الدول إلى القرن الأفريقي والأكثر ملاúءمة لهم كونهم يعيشون في بلادهم حالة حرب واختلال سياسي والمفوضية العليا للاجئين تؤكد أن عدد المهاجرين غير الشرعيين أكثر من الذين دخلوا بطريقة قانونية وتؤكد العراسي أنه منذ العام 2010م بدأت أعداد الأثيوبيين تتوافد بشكل أكبر من القادمين من الصومال وهذه من أكبر المشاكل في الفترة الأخيرة.
وتضيف: هناك بعض التصريحات لوزارة الخارجية تؤكد وجود أكثر من مليون ومائتين ألف لاجىء لذا يجب أن تكون هناك طريقة مثلى ومعلنة عن أعداد اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين.
ويرى العقيد جزيلان القديمي مساعد مدير عام شؤون اللاجئين في مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية: أنه يجب أن يكون هناك معايير لدخول هؤلاء اللاجئين إلى اليمن وبما يتفق مع المعايير الدولية ومن حق أي دولة أن تتخذ الاجراءات الخاصة الملائمة لوضعها في تحديد وضع دخول اللاجئين لأنه لا يعقل أن تظل اليمن مفتوحة على مصراعيها لدخولهم كون هذا له تأثير كبير على البناء الاجتماعي كما قال: الوضع الاقتصادي لبلادنا لا يسمح بتحمل أعباء إضافية ونحن نمر بظروف صعبة.
وفند القديمي المسألة بالقول: نحن في اليمن يوجد لدينا حالتين لا غير فيما يتعلق بالهجرة إما مهاجر شرعي وهذا ينطبق عليه القانون رقم 47 لسنة 1991م أو مهاجر غير شرعي يجب أن تطبق عليه العقوبة التي نص عليها القانون وذلك بسجنه من ستة أشهر إلى سنة وبالتالي لا داعي أن نبحث عن مبررات ونحن نعاني أسوأ الظروف.
استغلال
وعن علاقة اللجوء بقضية الاتجار بالبشر وتنامي هذه الظاهرة بالتوازي مع قضايا الهجرة يقول علي الجلعي رئيس المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر الهجرة المختلطة وأثرها على الاتجار بالبشر أصبحت تأخذ مساراٍ سريعاٍ في اليمن نتيجة لتوافد اللاجئين الأفارقة.
وأشار الجلعي إلى أن هذه القضية تهم المجتمع بأسره ولا يجب أن توجه إلى الجانب السياسي إلا عند قيام أحد الأطراف بعملية استغلال بعض الأفراد في الحروب وإجبارهم على ذلك وهنا تكمن قضية الاتجار بالبشر.
موضحاٍ بأن المشكلة التي تواجهها الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني هو عدم وجود قاعدة للبيانات الصحيحة ونحن في المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر رصدنا أكثر من 2000 حالة في 2013م البعض منها بيع أعضاء بشرية وكلها صدرت إلى مصر تحت وطأة استغلال الظروف المالية للضحايا مما يجعلها أحد قضايا الاتجار بالبشر.
استراتيجية
الدكتور علي الأعوج أستاذ القانون في جامعة صنعاء ركز على عدد من الجوانب المهمة وقال : ما نحتاج إليه في قواني هو ليس المصدر العقابي بل نحتاج إلى مجموعة قواعد تتناول الظاهرة من حيث مفاهيمها والتصدي لها والتعامل معها وكذلك حقوق
الضحايا مثل مسألة تجنيد الأطفال وفقاٍ للتقارير الدولية التي تتحدث عن ميليشيات قبلية وحزبية وهنا لا ندين أي طرف ولكننا ندين الظاهرة وهنا نشير إلى أن التقارير الدولية قد تكون أدق من التقارير الحكومية نظراٍ لقلة الإمكانيات لدى المؤسسات الحكومية لذا نطالب بوضع استراتيجية شاملة لمكافحة الاتجار بالبشر وأضرارها على الدولة والأمن القومي.
الاتفاقيات الدولية
فيما تستعرض أمل البيض رؤية ودور المفوضية السامية للأمم المتحدة بالقول : تقوم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بعمل مقابلات مع المهاجرين إلى اليمن حيث يتم سؤالهم عن أسباب اللجوء ومقارنتها مع اتفاقية 1951م التي وقعتها اليمن فإذا انطبقت الشروط تقوم المفوضية بإعطاء المهاجر الحماية التي تمنحها الحكومة اليمنية وفي هذه الحالة تستطيع المفوضية أن تتدخل أما إذا كان المهاجر قد قدم إلى اليمن من أجل ظروف اقتصادية فلا تستطيع المفوضية التدخل في هذا الشأن.
وتوضح البيض أنه في حالة رجوع هؤلاء إلى بلادهم قد يشكل خطراٍ على حياتهم وهنا نستطيع التدخل كوننا مخولون بمعرفة الأسباب الكاملة وفي حالة ردهم وطردهم تكون اليمن قد اخترقت هذه الاتفاقية الدولية مع العلم بأن أكثر ضحايا الاتجار بالبشر فيما يخص هؤلاء المهاجرين توجد في منطقة حرض بسبب تواجد عدد من عصابات الاتجار بالبشر في هذه المنطقة.
وأشارت إلى أنه يوجد لدى المنظمة مكتب في حرض بالاشتراك مع المنظمة الدولية للهجرة وتلقينا العديد من البلاغات ولدينا تعاون مع الحكومة اليمنية التي قامت بدورها بتحرير من تم إبلاغنا عنهم.
جرائم
العقيد محمد أحمد الصباري الخبير الوطني في مكافحة الاتجار بالبشر يشرح الأسباب التي تجعل من اليمن الواجهة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة حيث قال : أهم الأسباب التي تجعل اليمن الواجهة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة هو الموقع الجغرافي لبلدنا التي تطل على الممرات الملاحية وطول شريطها الساحلي المقدر بـ (2500كم) والمطل على البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي أيضا وامتداد طول الساحل الصومالي ومواجهته المباشرة لسواحل بلادنا إضافة إلى ذلك التزام بلادنا وتوقيعها على اتفاقية المفوضية السامية للاجئين وعدم وجود سيطرة كاملة على اللاجئين داخل معسكرات الإيواء الأمر الذي يوفر لهم ظروف استقبال ملائمة ويشجعهم على الإقبال والانتشار بين مختلف المحافظات.
كما يرى العقيد الصباري إن من بين الأسباب التي تعمل على انتشار الظاهرة محدودية إمكانية الأجهزة الأمنية وشرطة خفر السواحل في التصدي لها كذلك عدم وجود قانون وطني رادع للمهربين وللهجرة غير الشرعة والاتجار بالبشر.
وعن الجرائم التي ارتكبها المهاجرون الأفارقة في عام 2013م قال : تم ضبط 450 لاجئاٍ ومتسللاٍ من الأفارقة في جرائم ارتكبوها في اليمن منها (5) جرائم قتل عمد و32 شروع في القتل والاعتداء الجسيم و(61) ترويج وبيع خمور و812 جرائم سرقة إضافة إلى 75 جريمة جسيمة فيما لقي 7 من الأفارقة اللاجئين والمتسللين مصرعهم وأصيب 20 آخرون في جرائم جنائية علاوة على مصرع 71 أفريقياٍ وإصابة 82 في حوادث سير وحوادث غير جنائية.