قد تكون الألعاب الرياضية المقننة ضمن أندية واتحادات محلية وخارجية، حكرا من حيث الممارسة على فئة معينة، تنطبق عليها الشروط المنظمة لهذه الرياضة أو تلك، مما يجعل المشاهدين أكثر بكثير من الممارسين لها.
ولكن هناك نوعاً من الألعاب تنضوي تحتها العديد من الأنواع تتيح للجميع المشاركة لا المتابعة فحسب.. بل قد تنتج فيما بعد أبطالا يشار لهم بالبنان.
نتحدث اليوم عن الألعاب الشعبية أو ما تسمى بألعاب الحواري.. والتي لا تكاد منطقة يمنية – كما هو في سائر البلدان- تخلو منها، لما لها من قيم حركية وتربوية واجتماعية، ولكونها تحافظ على الموروث الشعبي الممتد لمئات السنين.
سعدت كثيرا بدعوة المؤرخ التاريخي والمنقب عن التراث الذي ظهر الكثير منه بفضل أبحاثه… أعني أ.د عبدالودود مقشر أحد أعلام جامعة الحديدة، الذي شرفني بالدعوة للمشاركة في مؤتمر جامعة الحديدة الذي سيعقد منتصف الأسبوع الجاري (25-23 مارس 2021م) بعنوان “الأطماع الاستعمارية في السواحل الغربية اليمنية”.
المشاركة ترتكز حول الألعاب الشعبية في الحديدة واقعها وسبل تطويرها، كان للدكتور مقشر دور كبير في اختيار الموضوع حينما تهاتفنا حول المشاركة في المؤتمر، وجدت حرصه واهتمامه بتوثيق تاريخ الرياضة في تهامة، وجاء المؤتمر ليكون فرصة للتطرق لجانب من جوانب الألعاب الشعبية تحديدا في الحديدة، وهي جديرة بالبحث والتوثيق.
إن اهتمام جامعة الحديدة ممثلة برئيسها أ.د محمد الأهدل بتاريخ تهامة في مواجهة الغزو الذي كان يجعل منها نقطة للسيطرة على اليمن، نظرا لموقعها البحري الهام، هذا الاهتمام جدير بالاشادة والدعم من قبل الوزارة والمحافظة.
للأسف الشديد كثير من الألعاب الشعبية بدأت تزول ملامحها، ومرد ذلك بُعد الجهات الرسمية عن توثيقها من جهة ومن جهة ثانية عدم توفير الظروف الملائمة لاستمرارها، باعتبارها موروثاً حركياً ينبغي الحفاظ عليه، كحال الآثار والنقوش والمخطوطات التاريخية.
من الأمور الجميلة أن محافظة الحديدة تحاكي خلال الفترة الأخيرة، النشاط الرياضي المعهود عنها طيلة العقود الماضية، ولمحافظها الأستاذ محمد عياش قحيم دور كبير في ذلك، نظرا لكونه أحد خريجي الدفع الأولى بالجامعة (تربية رياضية)، وهو شيء رائع أن يكون على رأس هرم المحافظة رجل رياضي، وهي حالة تنفرد بها محافظة الصمود والتحدي.
تزامن المؤتمر مع الذكرى السادسة لبدء العدوان على بلادنا في 26 مارس 2015م، ليكون احتفال محافظة الحديدة مزدوجا في التصدي والصمود وهو أبرز ما يميز تاريخ تهامة الحافل بذلك.
قد يرى البعض أن عنوان البحث بعيد عن محتوى المؤتمر، وهذا في حد ذاته ما نسعى لنفيه عمليا… فأي غزو يستهدف أي أمة يكون من بين أهدافه طمس هويتها وتراثها، ومن ذلك طمس الهوية الحركية التي يمارسها الأطفال ويتوارثونها جيلا بعد جيل، ليبقى تراث الأمة موجوداً.
وتعد الألعاب الإلكترونية من بين الأسباب التي أدت إلى غياب الألعاب الشعبية، وتوسعها يعطيها مساحة واسعة على حساب الألعاب التي ورثها الأبناء عن الآباء عن الأجداد.
الألعاب الرياضية التي أصبح بعضها يمارس أولمبيا، لها جذور شعبية مارستها الشعوب قديما، كالوثب والقفز والجري والرماية والفروسية والهجن.
نحن في تهامة ننفرد بلعبة القفز على الجمال (القفز على أكثر من خمسة جمال) وتمثل إقامة المهرجانات، ومنها مهرجان الحسينية، أحد أبرز التوثيق العملي للموروث الحركي في تهامة، ونأمل استمرارها لما لها من أهمية كبيرة في هذا الجانب.
نتمنى للجنة العملية التوفيق ولكل لجان المؤتمر وكافة المشاركين فيه من داخل الوطن وخارجه.
حفظ الله اليمن موحدا، ونصره على كل أعدائه..
