قديما قالوا الصراخ على قدر الوجع.
يبدو أن عملية التحرير التي يقوم بها الجيش واللجان الشعبية في مارب قد أوجعت العدوان وأدواته الرخيصة، فظهر الصراخ في العواصم الغربية وعواصم الأدوات الرخيصة عاليا، ثم انتقل هذا الصراخ إلى العملاء، ومن يتسترون وراء عباءة الأمم المتحدة، ومن ضمنهم المبعوث الدولي مارتن غريفيث الذي اتحفنا بتصريح يقول فيه : ( إن عمليات الحوثيين في مارب تهدد السلام في اليمن..) وهو كلام مردد على لسان مجلس الوزراء السعودي. ولا ندري أي سلام يتحدث عنه هذا البريطاني الذي يخدم العدوان في كل جولاته المكوكية، بل إنه مع المبعوث السابق الموريتاني ( اسماعيل ولد الشيك ) الذي عينته السعودية والذي كان يعمل مخبرا لإحدى وسائلها الإعلامية. وهو أكثر من خدموا العدوان وأججوا الحرب، ولم يقدموا أي خدمة للسلام الذي جاءوا من أجله، بل قيل إن ولد الشيك كان يقدم إحداثيات لدول العدوان. الوحيد جمال بنعمر كان صريحا. قال في مقال كتبه في النيوزويك الأمريكية : ( بعد ١٠ أسابيع مؤلمة تم التوصل إلى حل وسط يغطي شكل السلطتين؛ التنفيذية والتشريعية والترتيبات الأمنية والجدول الزمني للانتقال. كان الاتفاق على الطاولة، وتم اطلاع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وكنت أجري مناقشات مع المسؤولين السعوديين بشأن مكان حفل التوقيع، لكن وبعد يومين، وبدون سابق إنذار، بدأت الغارات الجوية. وشاهدت من نافذة الفندق التدمير الوحشي لإحدى أقدم المدن في العالم.) هذه شهادة للتاريخ من رجل كان في وسط الحدث، تثبت همجية ووحشية العدوان السعودي على اليمن، وافشال أي اتفاق يصون دماء اليمنيين.
في العموم ؛ المبعوثون كلهم أدوات أمريكية إلا من شذ عن العمالة، وقال كلمة حق، وحتى الأمم المتحدة هي منظمة أمريكية مُسَخَّرة لخدمة المصالح الأمريكية، وحلف الناتو العدواني.
في إحاطته المعتادة أمام مجلس الخوف الدولي ( الأمن ) بدا مستر غريفيث متباكيا وحزينا ليس على ما يحدثه العدوان من قتل ودمار،ولكن على ما يقول إنه هجوم أنصار الله على محافظة مارب.
يتباكى على المدنيين والنازحين كما يدعي. والحقيقة إنه ومجلسه ودولته يتباكون على المصالح، وعلى القاعدة وداعش الذين وطنوهم في مارب منذ سنوات ما قبل العدوان، خدمة لأجندة مبيتة.
كان الأمريكان والغرب ومعهم مملكة التنظيم الداعشي يدعون محاربة الإرهاب، ولكنهم في مارب يستعينون بالإرهاب لقتل الشعب اليمني؛ جهارا نهارا.
مشكلة اليمن هي في العدوان على أرضها وشعبها من قبل التحالف الغربي وأدواته في المنطقة؛ والذي يحصل على الرعاية والتغطية من قبل المنظمة الدولية ومبعوثيها؛ ومنهم المستر مارتن غريفيث الذي لم يكن في يوم من الأيام على الحياد. مثله مثل دولته البريطانية المشاركة في العدوان.
يركز غريفيث على قضية التفاوض بين الطرفين وهو يعلم أن ما تسمى الشرعية لا إرادة لها، فأمورها بيد دول العدوان ومنها السعودية والإمارات، ثم لم يتذكر أن الحصار مطبق على اليمن وهناك أزمات تطحن المواطن؛ مثل أزمة الوقود والغذاء والدواء وأن دول العدوان تمنع سفن الوقود من الوصول إلى الميناء.
يعلم غريفيث إن التفاوض تحت القنابل والصواريخ والحصار لن يكون مجديا، بل هو إرهاب للخصم، وإن ما يقوله لا يعدو أن يكون هراء وتكرار لما سبق قوله.
وكل ما يكرره غريفيث في إحاطاته أمام مجلس الأمن، ومطالبته بوقف إطلاق النار لا يبدو جادا وفي خدمة السلام، بل هو مطمطة للأوضاع، وإدانة الضحية وتبرئة الجلاد، وإطالة لأمد الحرب من أجل مزيد من المكاسب للدول المتورطة في الحرب، وخاصة تلك التي تتاجر بأدوات الموت، وتتلهى بعذابات اليمنيين.
ومن كل ذلك لا يبدو أن السلام أولوية لغريفيث ودول الغرب ومنظمتهم الدولية التي تحولت إلى مشرعن للعدوان على الشعوب.