تباهوا برفع أعلام دول العدوان على أرض مارب الطاهرة..

أدعياء الفجر الكاذب هم من أعطى المبرر للعدوان بتدنيس أرض اليمن

 

 

مفارقة عجيبة بين ماضي جماعة الإخوان المسلمين ( حزب الإصلاح) وحاضرهم الراهن، وما كان لتلك المفارقة- التي تثير الدهشة والاستغراب- أن تكون واقعا عمليا لولا تحولات السياسة ومتغيراتها التي زحزحت القناعات وهزت الآيديولوجيات لأن واقع التحولات قد فرض متغيرات أنهت تماما الأساس الفلسفي والبعد الفكري لتلك الجماعة التي كانت تظهر عداء استثنائياً لأسرة ال سعود وتزعم في وثائقياتها وأدبياتها السياسية والفكرية أن من الشروط الموضوعية لاستقرار اليمن إنهاء التدخل السعودي في الشأن اليمني .
الثورة /اسكندر المريسي

لكن ما نلاحظه عقب التحول السياسي الذي شهدته اليمن عام ٢٠١٤م أنه لم تعد في أدبياتها الفلسفية والفكرية إنهاء ذلك التدخل، ومع بداية ما سمي بعاصفة الحزم في مارس ٢٠١٥ م سارع تنظيم الإخوان- الأكثر انتشارا حينها- إلى تأييد التحالف على بلادنا منذ الوهلة الأولى حيث كان يراهن على نصر عسكري خاطف تشارك فيه مليشيات الإصلاح الممتدة على كامل جغرافيا اليمن تقريبا، إلا أن تطورات الحرب ومستجدات صمود الشعب اليمني خلطت الأوراق على العدوان ومرتزقته ما جعل مليشيا الإصلاح تخسر موافقها يوما بعد يوم، إلا أن الخسارة الكبرى كانت في شمال شرق البلاد مدينة مارب معقل تلك المليشيا.
ومن المؤسف أن أدعياء الفجر الكاذب هم من أعطى المبرر لتدنيس أرض اليمن عندما شاهدناهم وهم يرفعون أعلام ورايات قوى العدوان في مارب وتحديداً في ٣٠ سبتمبر ٢٠١٥م، وما يثير الدهشة والاستغراب أن الفار هادي وزمرته الكائنة في الرياض كان قد زعم في وقت سابق أنه سينكس علم ايران في صعدة وسيرفع علم الجمهورية، غير أن ما اتضح بعد ذلك أدى إلى رفع أعلام دول العدوان في مارب وعدن وسقطرى، وإن كانت التبعية والارتهان التي تتماهى في الوعي والمماثلة لا تعبر عن حالة الاستمرار خاصة الذين يتدثرون تحت عباءة الجهل المركب معتقدين في وعيهم وأذهانهم أنهم أكبر من اليمن، يتماهى هذا الوعي الزائف وسرعان ما يتبدد ويذهب أدراج الرياح كون أبطال الجيش واللجان الشعبية عازمون على تطهير المدينة من رجس العمالة وإلى غير رجعة .
فقرار صنعاء باستعادة ما تبقى من محافظة مارب هو قرار مدروس بعناية ويمتلك مقومات النجاح، فصنعاء الأكثر استعدادا وجهوزية عسكرياً لتحرير مارب، لن تقبل هذه المرة بمعارك الكر والفر، ولن تتوقف قوات الجيش واللجان الشعبية إلا على الشريط الحدودي للمحافظة مع السعودية، كما أن توقيت قرار صنعاء لا يرتبط بما يعتقده البعض أنه لتحقيق أعلى سقف من المكاسب في إطار استباق عملية استئناف المفاوضات التي لا تبدو قريبة، وتبحث عن أرضية مشتركة جديدة بين الأطراف المعنية تستوعب المُستجدات التي تفرضها صنعاء، كما تتطلب خطوات عملية تُترجم جدية النوايا- إن صدقت- من خلال إعلان تحالف العدوان الوقف الفوري لكافة عملياته العسكرية في اليمن، ورفع الحصار الشامل، وفي مقدمة ذلك إعادة فتح مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة تمهيداً لخوض المفاوضات.
مارب ورقة عسكرية وسياسية واقتصادية رئيسية في معادلة الحرب على اليمن، استفاد منها تحالف العدوان وأدواته على مدار ست سنوات، وبقدر تلك المكاسب غير المشروعة التي تم تحقيقها على حساب دماء ومُعاناة الشعب اليمني العزيز ستكون العواقب والخسائر التي سيتكبدها تحالف العدوان وأدواته عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، كبيرة، حيث يُمثل طرد المحتل والعميل من مارب استرداداً لجزء هام من ثروات الشعب النفطية والغازية ومصدر إمدادات الطاقة الكهربائية التي منع العدوان ومُرتزقته وصولها للكثير من المحافظات وفي مقدمتها العاصمة صنعاء، حيث ظلت عائدات تلك الثروات طوال سنوات العدوان تُستنزف من قبل قيادات حزب الإصلاح وبقية المرتزقة التابعين للفار هادي، من خلال تهريب الأموال للخارج، وكانت سبباً للإثراء غير المشروع لكثير من تلك القيادات، فتقرير معهد الإحصاء التركي للعام 2020- على سبيل المثال- يُشير إلى أن اليمن احتل المرتبة التاسعة بين الدول الأكثر شراء للعقارات في تركيا بشراء أكثر من 2200 عقار، وتأسيس 164 شركة حتى نهاية العام 2019م، حيث نال المسؤولون في حزب الإصلاح- الذين يتخذون من تركيا مقراً رئيسياً لإقامتهم- على الحصة الأكبر من تلك الاستثمارات، ناهيك عن الأموال التي تم تهريبها إلى دول كمصر والأردن وبعض الدول الأوروبية، لذا لا يظن أولئك اللصوص أنهم سيُتركون دون عقاب، بل سيتم ملاحقتهم ومحاسبتهم، واستعادة ما تم نهبهُ من أموال.
ونظراً لأهميتها الجغرافية والاقتصادية، فمارب هي المعقل العسكري لتحالف العدوان ومرتزقة هادي وحزب الإصلاح، وهي الأكثر تجهيزاً وتحشدياً للعديد والعتاد، وكانت حتى الأمس القريب بوابة التحالف إلى دخول صنعاء- كما يزعمون- حيث ظلت قيادات التحالف وأدواته تُردد مقولة “قادمون يا صنعاء”، ولكن هذه المعطيات تغيرت لتكون مارب اليوم هي بوابة صنعاء لوقف العدوان واستعادة السلام لليمن.

قد يعجبك ايضا