أمريكا وصفقات السلاح إلى السعودية..المتاجرة الدولية بحياة اليمنيين

 

شعب يعتصره الموت جوعا وتفتك به القنابل والصواريخ..لتستفيد أمريكا والحكومات الأوروبية مليارات الدولارات

بين وقت وآخر تصفع شاشات التلفزة العالمية العالم بصورة للرئيس الأمريكي السابق ترامب سيئ الصيت، وهو يستعرض صفقات السلاح التي سيبيعها لولي العهد السعودي في واشنطن مارس 2018م، تلك الصورة التي اختزنت ذهنية الناس عنها بشاعة أمريكا والسعودية التي تجاوزت كل القيم الإنسانية في العدوان على اليمن .
الثورة /عبدالله محمد


أبرمت الولايات المتحدة صفقات لا تقل قيمتها عن 68.2 مليار دولار لتوريد أسلحة نارية وقنابل وأنظمة أسلحة وتقديم التدريب العسكري مع السعودية والإمارات منذ بداية حربهما على اليمن، وهو ما تزيد قيمته بمليارات الدولارات عما أعلن عنه سابقاً، وفقاً لبيانات مؤسسة بحثية أمريكية.
وبحسب موقع Middle East Eye البريطاني يشمل هذا المبلغ الهائل، للمرة الأولى، صفقات أسلحة تجارية وحكومية ويشير إلى أنَّ تورط الولايات المتحدة في هذه الحرب الكارثية قد يكون أكبر من المتوقع في الواقع، فإنَّ نفقات الأسلحة هذه كان من الممكن لها أن تمول النداء الإنساني للأمم المتحدة عام 2019 من أجل اليمن، الذي بلغ 4 مليارات دولار لأكثر من 17 مرة.
صفقة سلاح واحدة أبرمها ترامب مع السعودية قيمتها 110 مليارات دولار أمريكي لتوفير 500 ألف وظيفة
وبحسب البيانات التي جمعتها مؤسسة Security Assistance Monitor البحثية (SAM)  التي تراقب تجارة الأسلحة، والمذكورة هنا للمرة الأولى، فقد أبرمت الشركات الأمريكية صفقات بقيمة 14 مليار دولار مع الإماراتيين والسعوديين منذ شهر مارس آذار 2015، عندما تدخل التحالف في العدوان على اليمن.
وبحسب الموقع البريطاني، تميل المبيعات الحكومية إلى أن تكون لأنظمة رئيسية، مثل الطائرات المقاتلة والدبابات والقنابل والسفن، التي يرجح استخدام بعضها في اليمن بنسب متفاوتة، يرجع هذا جزئياً إلى أنَّ إنهاء مثل هذه الصفقات قد يستغرق سنوات، وكثيراً ما تستحوذ على العناوين الرئيسية.
لكنَّ الأسلحة الأصغر مثل الأسلحة النارية والقنابل المباعة في الصفقات التجارية هي ما يقول الخبراء إنَّ من المرجح استخدامها بصورة لا يمكن إثباتها في الصراع وتسبب أضراراً كبيرة.
قال ويليام هارتونغ مدير مشروع الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية، وهو مؤسسة بحثية في واشنطن العاصمة تستضيف مؤسسة SAM ، إنَّ البيانات التجارية تُظهر أنَّ بصمة الولايات المتحدة في اليمن “مذكورة على نحو أقل من الحقيقة إلى حد كبير” لأنَّ المبيعات التجارية “نادراً ما تجري مناقشتها مقارنة بالصفقات البراقة الكبيرة مثل صفقات الطائرات المقاتلة”.

كمٌ هائل من البشاعة الأمريكية
ووسط هذا الكم الهائل من البشاعة ..كان في كل مرة يتحدث فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن صفقة الأسلحة التي تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار أمريكي والتي تفاوض عليها مع السعودية أيام حكمه فإنه سرعان ما يتبع ذلك بقوله “إنها 500 ألف وظيفة”.
لكن إذا كان يعني وظائف دفاعية جديدة، فإن وثيقة داخلية اطلعت عليها رويترز من مؤسسة لوكهيد مارتن تتوقع أنها ستخلق أقل من ألف وظيفة وقد تسلم سلعا بقيمة نحو 28 مليار دولار ضمن الصفقة.
وتوقعت لوكهيد وقتها بدلاً من ذلك أن الصفقة قد تخلق قرابة عشرة آلاف وظيفة جديدة في السعودية بينما ستبقى ما يصل إلى 18 ألف موظف أمريكي بالفعل مشغولين إذا تمت الصفقة بأكملها وهي نتيجة يقول خبراء إنها غير مرجحة.
وقال شخص مطلع على تخطيط مؤسسة رايثيون أن الطلبية المتفق عليها مع السعودية سيساعد على تثبيت نحو عشرة آلاف وظيفة أمريكية لكن عدد الوظائف الجديدة التي ستخلقها الصفقة سيمثل نسبة صغيرة من هذا الرقم.
وكانت الوظائف مهمة لترامب الذي خاض انتخابات الرئاسة مستندا إلى قدرته على توفير الوظائف للأمريكيين خاصة في قطاع التصنيع الذي يحصل العاملون فيه على رواتب عالية.
بدءاً من عام 2017، كانت 3 أسلحة من أصل كل 5 أسلحة يستخدمها التحالف أمريكية الصنع

بدا الحال وكأن على اليمنيين أن يموتوا فقط مقابل أن تنمو الوظائف في أمريكا وأوروبا وبل وتذهب القيم التي يتشدق بها الأمريكيون والأوربيون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى الجحيم وقد لاحظ العالم كيف كانت انتقادات ترامب محدودة للقيادة السعودية في قضية قتل معارض بارز كخاشقجي لأنه لا يرغب وقتها في تعريض صفقة السلاح الكبيرة للخطر.
وقوبل مع ذلك حديث ترامب عن توفير 500 ألف وظيفة بالشك على نطاق واسع إذ أن عدد العاملين في الوقت الحالي في شركات الدفاع الخمس الأمريكية الكبرى التي ستتولى تسليم كل بنود الصفقة السعودية تقريبا يبلغ 383 ألف شخص.
وتشير وثائق اطلعت عليها رويترز ومقابلات مع مصادر في صناعة الدفاع على دراية بصفقة السلاح إلى أن ما يتراوح بين 20 ألفا و40 ألف عامل في صناعة الدفاع الأمريكية يمكن أن يشاركوا في الإنتاج الموجه للسعودية من خلال الصفقة التي كانت تصل قيمتها إلى 110 مليارات دولار بالكامل.
وأظهرت وثائق اطلعت عليها رويترز أن الطلبية ستوفر قرابة عشرة آلاف وظيفة في الموانئ السعودية لعمال الصيانة لكنها لن توفر سوى 500 وظيفة جديدة في الولايات المتحدة.

السعودية أرادت توفير وظائف
وبالمقابل اشتغلت السعودية على منحى الوظائف ذاته داخل المملكة إذ يقول مسؤولون في عدد من شركات الدفاع الأمريكية الكبرى أن الرياض طلبت الكثير من هذا العتاد العسكري لتطوير صناعات محلية جديدة وتوفير وظائف جديدة وخبرات محلية ضمن رؤية 2030 التي وضعها ولي العهد السعودي المجرم محمد بن سلمان للحد من اعتماد المملكة على النفط حسب زعمه.
وتستهدف السعودية توفير 40 ألف وظيفة في صناعة الدفاع بحلول عام 2030.
وتوجهت الأنظار إلى صفقة السلاح التي أعلن عنها ترامب بعد مقتل جمال خاشقجي الصحفي السعودي والكاتب في صحيفة واشنطن بوست في القنصلية السعودية باسطنبول. وأثار الأمر غضبا عالميا وعملت الإدارة وشركات الدفاع على الحد من أي تأثير يمكن أن يهدد ما وصفها ترامب “بطلبية هائلة” و500 ألف وظيفة.
غير أن هايدي جاريت بلتير الباحثة في معهد أبحاث الاقتصاد السياسي قدرت أن إضافة ما بين 20 ألفاً و 40 ألف وظيفة جديدة قد يتيح فرص عمل غير مباشرة في صناعات أخرى.
وأظهرت حسابات رويترز أن هذه الوظائف غير المباشرة قد تتراوح بين 64 ألفا و128 ألفا ليصبح إجمالي فرص العمل الجديدة المباشرة وغير المباشرة ما بين 84 ألفا و168 ألفا.
وبالنظر إلى تقديرات الشركات نفسها فإن نصف المليون وظيفة التي كان لا يفتأ ترامب يذكرها أكبر بثلاث إلى خمس مرات على الأقل، بإضافة فرص العمل غير المباشرة، مما يمكن للمرء توقعه نتيجة للصفقات مع السعودية.
بل أن وزارة الخارجية الأمريكية قالت وقتها إن الصفقة السعودية ستدعم وفقا لحساباتها “عشرات الآلاف من الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة”.

مبيعات السلاح الأمريكي ارتفعت بنسبة 2.8 %
وعلى صعيد اقتصادي بحت ارتفع حجم مبيعات الأسلحة الأمريكية خلال العام 2020، بنسبة 2.8 % مقارنة بنفس الفترة من العام 2019، وبلغت 175.08 مليار دولار
وفي السياق ذاته أعلن وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية- العسكرية كلارك كوبر، ومديرة وكالة التعاون للدفاع والأمن في وزارة الدفاع هايدي غرانت، أرقام مبيعات سلاح الولايات المتحدة للعام الماضي.
ووفقًا للأرقام المعلنة، حققت الولايات المتحدة 50.78 مليار دولار من المبيعات العسكرية الأجنبية بين الحكومات، و 124.3 مليار دولار من المبيعات التجارية المباشرة.
وبحسب نفس الأرقام، فإن مبيعات السلاح خلال العام المالي نفسه ارتفعت بنسبة 2.8 بالمئة وحققت 175.08 مليار دولار مقارنة بالعام2019.
وتتراوح الأسلحة في هذه الصفقات من أنظمة دفاع صاروخية إلى قاذفات القنابل والأسلحة النارية، لكنَّ معظمها عرض في صفقات من قبل شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية إلى الحكومتين السعودية والإماراتية.
وقالت كريستينا أرابيا، مديرة مؤسسة SAM، التي جمعت البيانات المستخدمة في تقارير من هذا النوع وهي المنظمة الوحيدة التي تتعقب كلا النوعين من المبيعات، إنَّ هذا هو السبب في أنَّ الأرقام الإجمالية التي استخدمها الصحفيون والباحثون، حتى الآن، للصفقات الأمريكية كانت منخفضة على نحو خادع، إذ أنَّ البيانات حول المبيعات التجارية يصعب الحصول عليها، بخلاف المبيعات الحكومية، إذ تنشر التفاصيل الإجمالية بعد وقت طويل من إخطار الكونغرس، يصل في بعض الأحيان إلى 18 شهراً، بحسب الموقع البريطاني.
ويقول الخبراء إنَّ التحالف الذي يعتدي على اليمن وتقوده السعودية ويضم الإمارات، ما كان ليكون قادراً إلى حد كبير على شن حربه، دون الأسلحة الأمريكية والبريطانية . ذلك أنه بدءاً من عام 2017، كانت 3 أسلحة من أصل كل 5 أسلحة يستخدمها التحالف أمريكية الصنع، وذلك وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
واستخدمت بعض هذه الأسلحة في مئات الغارات الجوية لتحالف العدوان وفي هجمات بالقنابل العنقودية أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين أو استهداف مستشفيات وقرى منذ شهر مارس/ 2015، وفقاً لما أوردته المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام.

صادقت بريطانيا خلال العدوان على صفقات بيع سلاح للسعودية بقيمة 5.3 مليار جنيه استرليني
بالنسبة لبريطانيا كداعمة للعدوان على اليمن كتب كاهال ميلمو في صحيفة أي مقالا بعنوان “بريطانيا تصادق على صفقة بيع أسلحة للسعودية بقيمة 650 مليون جنيه إسترليني”، بعد 6 أشهر من مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، موضحا أن هذه الصفقة تمثل زيادة في مبيعات بريطانيا من الأسلحة بمقدار 10 أضعاف عن عام 2018.
ويشير الكاتب إلى أن ناشطين في حملة حظر بيع الأسلحة يتهمون الحكومة بالاستمرار في عقد صفقات بيع الأسلحة للملكة العربية السعودية على الرغم من إدانتها الشديدة لحادثة قتل خاشقجي .
وينقل الكاتب عن أندرو سميث، الناشط في حملة حظر بيع الأسلحة قوله إن وزير الخارجية البريطاني قال “إنه يدين وبأقوى العبارات مقتل جمال خاشقجي”، لكن في الأشهر التي تلت الحادث عاد الوضع إلى طبيعته بين الحكومة وشركات السلاح.
ويضيف سميث “بينما كانت السعودية تحاول التستر على جريمة قتل خاشقجي، استمرت الحكومة بالمصادقة على صفقات بيع أسلحة بمئات الملايين من الجنيهات للسعودية. فمنذ انطلاق عاصفة الحزم التي تقودها دول تحالف العدوان في اليمن بقيادة السعودية منذ عام 2015، صادقت بريطانيا على صفقات بيع سلاح للسعودية بقيمة 5.3 مليار جنيه استرليني”.

حتى مع بايدن..لا مجال للتفاؤل
بعد كل هذا الفجور الأمريكي الأوروبي الذي يوفر أدوات القتل للسعودية والإمارات والمنظمات الإرهابية كالقاعدة وداعش يسوق في الوقت عينه لقيم حقوق الإنسان التي اُغلق عليها في صندوق مصالح تلك الدول ..
وحتى مع إدارة الرئيس الجديد للولايات المتحدة، جو بايدن، التي قررت قبل أيام تجميد بعض مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية والإمارات غير أنه تجميد مؤقت .
وهذا ما أوضحه مسؤولون أمريكيون أن فحص صفقات الأسلحة التي أبرمتها الإدارة السابقة أمر عادي، وعلى الرغم من التعليق من المرجح أن تتم المصادقة على هذه المبيعات في نهاية المطاف.

تقرأون في الملف :

تقارير استخباراتية وإعلامية أمريكية وغربية تؤكد: الإرهابيون في اليمن يسرحون ويمرحون بالسلاح الأمريكي

قد يعجبك ايضا