مراقبون:
القرار حقق هدفه الأمني وأضاع في الطريق أصحاب الدراجات النارية
قبيل الإعلان النهائي لمخرجات الحوار الوطني والذي قضاء عدد من أعضائه حدفهم وتمكن قاتلوهم من الفرار عبر دراجاتهم النارية أتى قرار منع هذه الدراجات من التجوال من قبل الجهات المختصة حفاظا للأمن وللوقاية من مسلسل الاغتيالات ولكنه لاقى احتجاجا وصخباٍ جماعياٍ من قبل أصحاب الدراجات وعلى النقيض تماماٍ لاقى ارتياحا واسعاٍ من قبل أجهزة الأمن.. ويبقى السؤال الأهم هنا كيف سيعيش سائقوا الدراجات النارية خلال هذه الفترة¿
يوما تلو الآخر وظاهر الاغتيالات بالدراجات النارية تزداد اتساعاٍ وتزداد معها حجم التوترات في أوساط القوى السياسية المتحاورة فقد تم استخدام الدراجات النارية لاغتيال العشرات من العسكريين والمدنيين وتأتي هذه الاغتيالات بهدف تقويض السلم الاجتماعي وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والحزبية وبالتالي سيذهب الشعب إلى جحيم الحروب الأهلية وستذهب معه المصالحة الوطنية وعلى رأسها مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعلق عليه جموع الشعب اليمني آمالهم وأحلامهم ولهذا عمدت اللجنة الأمنية العليا الى عقد اجتماع لمناقشة الأوضاع الأمنية وخرجوا بقرار مفاده منع الدراجات النارية من العمل ابتداءٍ من تاريخ 1 وحتى 15 ديسمبر 2013م وعللت اللجنة الأمنية هذا القرار بأنه يصب في الصالح العام كما سيعمل هذا القرار على الحد من الاختلالات الأمنية في أمانة العاصمة الأمر الذي سيفسح المجال أمام المتحاورين لإنجاز المهام الملقاة على عاتقهم.
تطبيق فعلي
وزارة الداخلية في بيان صادر عنها التزمت بتنفيذ قرار اللجنة الأمنية العليا لما يمثل القرار من أهمية بالغة للحد من الاختلالات الأمنية كما ناشدت الوزارة أصحاب الموتورات أن يلتزموا بالقرار كونه يصب في الصالح العام هذا وقد حذرت وزارة الداخلية من أي مخالفات للقرار الصادر عن اللجنة الأمنية العليا وأن أي مخالفة سيتعرض مرتكبوها للمساءلة القانونية وسيحالون إلى القضاء.
نتائج طيبة
مدير عام مرور أمانة العاصمة العقيد أحمد ناجي مهفل أوضح في تصريح خاص لنا أن نسبة التزام أصحاب الدراجات النارية بالقرار كانت 001% وأدى هذا الالتزام إلى نتائج طيبة حيث لم تسجل إدارة مرور أمانة العاصمة أي حادث سواء كان الحادث مرورياٍ أو حادثة اغتيال خلال الأسبوع الأول من مدة القرار مشيداٍ بالدور الذي يؤديه أفراد المرور في الشوارع لتنفيذ القرار مشيراٍ إلى أن القرار قابله ارتياح واسع من قبل المثقفين والمتعلمين وعامة المواطنين لما كانت تسببه الدراجات النارية من عامل إزعاج وأيضاٍ من زيادة الاختلالات الأمنية عن طريق الاغتيالات التي حصدت عشرات الأرواح من جهة أخرى وفيما يتعلق بالأضرار الاقتصادية التي ستلحق بأصحاب الدراجات النارية بسبب منع تشغيلها يقول: “لا أخفي على الكل أن هناك بعض الأسر ـ إن تكن كلها ستتضرر من القرار إلا أننا نأمل من قيادة السلطة المحلية في أمانة العاصمة معالجة الأضرار كون الأوضاع الاقتصادية للمواطن ازدادت سوءاٍ” واختتم العقيد حديثه برجاء وتحذير وجهه إلى لم أضحاب الدراجات النارية قائلا :” نرجوا من أصحاب الدراجات النارية الالتزام بالقرار لما فيه مصلحة الجميع ومصلحة مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعلق عليه اليمنيون آمالهم ونحذر من المخالفة التي سيتعرض مرتكبها للمساءلة”
ارتياح بغصة¿
كثير من المراقبين والمثقفين والمحللين السياسيين اتخذوا مواقف متباينة عبر مواقعهم الالكترونية حول القرار إلا أن أغلبهم اعتبر أن القرار كان ينبغي أن يصدر في وقت مبكر وذلك للحيلولة دون وقوع المزيد من الضحايا وقد لمس الكثير من المواطنين الهدوء التام خلال الفترة التي تم فيها منع الدراجات النارية من العمل في أمانة العاصمة ـ أيضاٍ ـ لمس هذا الهدوء الكثير من المسؤولين ورجال الأعمال ورموز الدولة الذين شكلت (الموتورات) مصدر رعب لهم بعد أن كثر ضحاياها.
عبدالعليم السعيدي علق على القرار بقوله:” بغض النظر عما سيخلف هذا القرار من زيادة معاناة الأسر التي تعتمد اعتماداٍ كلياٍ على ما تجلبه الدراجة النارية لهم إلا أن القرار يبقى نفعه أكثر من ضرورة حيث ستستقر الأوضاع الأمنية نسبياٍ مما يفسح المجال أكثر أمام المتحاورين لإنجاز عملهم دون تأخير مثله الأكاديمي علي ناصر عبدالولي الذي يرى أن نشاط عمليات القتل بالدراجات النارية في هذا التوقيت الذي ننتظر فيه أن يطوي مؤتمر الحوار الوطني آخر صفحاته بنجاح يدل على أن هناك أطرافا لا تريد الانتصار لهذا الشعب ومعاناته وتريده أن يبقى في صراعات مستمرة ولهذا جاء القرار لقطع الطريق أمام من يريد العبث بمكتسبات الحوار الوطني.
الجانب الآخر ممن سجلوا اعتراضهم على قرار اللجنة الأمنية العليا بمنع الدراجات النارية راعوا الحالة الاقتصادية التي سيمر فيها أسر المستهدفين بالقرار حيث يقول بعضهم من المعروف أن الأوضاع الاقتصادية في اليمن تدهورت كثيرا بعد أحداث 2011م وأصبح أغلب الناس يبحث إما عن تأمين قوت يومه وليلته وإما عن تأمين قوته لمدة شهر وهؤلاء هم الموظفون في القطاعين العام والخاص ولذلك فإن قرار منع الدراجات من العمل هو بالتالي حرمان هذه الطبقة من الأكل والشرب وربما السكن أيضا حيث إن أغلب أصحاب الدراجات في صنعاء يدفعون إيجار المنزل من خلال عملهم بهذه الدراجات.
غضب الجائعون
لم يخف أصحاب الدراجات النارية سخطهم عن هذا القرار خاصة وأنه جاء ليوقف عملهم لخمسة عشرة يوما هذا السخط استمر ليتحول إلى مظاهرات جابت العاصمة ووقفات احتجاجية أمام منزل رئيس الجمهورية احتجاجا منهم على ما أسموه قطع للأرزاق مطالبين تعويضات مالية لسد حاجات أسرهم خلال فترة الإيقاف وتنفيذ القرار.
ضغوط إضافية
محمد عبده قاسم أحد المستهدفين بالقرار بدأ هذا الرجل غضبه الشديد واعتبر القرار قطع لأرزاق الناس من أجل حماية المسؤولين ويضيف إذا كانت وزارة الداخلية تريد فرض الأمن.
فلماذا لا تتابع الجناة وتقدمهم إلى العدالة بدلاٍ من قطع أرزاق الناس محمد عبده أب لأربعة أطفال لا يعرفون معنى منع الدراجات النارية فكل ما يعرفونه هو أن يلبي والدهم احتياجتهم وكذلك صاحب البيت الذي يطالبه بسداد الإيجار وكلاهما ليس بإمكانهم أن يتحملوا تبعات هذا القرار وهنا يتوجب على المسكين الصبر على ضجيج اطفاله ونرفزة مالك البيت حتى يقضي الله أمراٍ كان مفعولا.
أكرم زخم جاء من الحديدة إلى صنعاء قبل القرار بيومين لم يأت للنزهة أو للتعرف على صنعاء فالشاب ترك أمه في الحديدة تعاني من مرض السكر والضغط ليجمع لها قيمة العلاج الذي تجاوز في أغلب الأحيان قدراته المالية ليتفاجأ بوجود قرار يمنعه من العمل لأسباب أمنية.
بين السلب والإيجاب
قرار منع عمل الدراجات النارية في أمانة العاصمة أثمر بالإيجاب حيث لم تسجل أي حالة اغتيال أو حادث مروري في أمانة العاصمة خلال المدة المنقضية ويبقى الشق السلي من القرار هو التسب بتدهور الحالة الاقتصادية للمستهدفين وهذا بحاجة إلى معالجة لذا يتوجب عل المسؤولين إعادة النظر في حيثيات القرا وإيجاد البدائل الممكنة.