د. حمود الأهنومي
-1 أسرة آل ياسر أول أسرة يمانية تُسْلِم ويستشهد بعض أفرادها ويعاني بعضهم (أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ )
-2زيد بن حارثة اليمني الصعدي، ابن رسول الله بالتبنّي، وأحد شهداء الإسلام وعبدالله بن رواحة وجعفر بن أبي طالب، من تبنّاه رسول الله وهو أحد اليمانيين الأوائل، وجاهد مع رسول الله، ورفض أن يعود مع والده وأسرته إلى صعدة، ثم استشهد في مؤتة، التي كان قادتها يمنيين وهاشميا، عبدالله بن رواحة، وزيد بن حارثة، وعبدالله بن جعفر.
وكأن هذه المعركة تقول لنا: إن قادة المسلمين في مواجهة أهل الكتاب يجب أن يكونوا من اليمن وأهل البيت سلام الله عليهم.
-3إسلام اليمنيين على يد الإمام علي عليه السلام، وتخصيص رسول الله لهذا الشعب أفضل سفير، هو علي بن أبي طالب عليه السلام، لأفضل سفارة، وهي الإسلام، إلى خير شعب، وهو اليمن.
-4نصروا رسول الله وآووه، والشرف الذي فات اليمنيين في اليمن، لم يفت إخوتهم في الحجاز، في المدينة المنورة.
-5خزيمة بن ثابت الأنصاري اليمني، كان أمين أسرار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذا الشهادتين.
-6تمسك أهل اليمن بأهل البيت عليهم السلام، منذ صدر الإسلام وإلى يومنا هذا، وهو تمسك بالإسلام النقي، (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ..إلخ)
7 -ويعجبني تلك المعادلة التي رسمها أمير شعراء اليمن التقي الزاهد الحسن بن علي الهبل، حين قال:
يا من يسائل عن قومي .. رويدك ما
جهلت إلا العلى والمجد والدينا
قومي الأُلى ما انتضوا أسيافهم لوغىً
إلا وعادوا لآي النصر تالينا
إن تلقهم تلق أحباراً جهابذة
أو طاعنين العدا شزرا ورامينا
سل الأئمة عنا أي ملحمة
لسنا بأرواحنا فيها مواسينا
مضت على حب أهل البيت (أسرتنا)
ونحن نمشي على آثار ماضينا
فمن يفاخرنا أم ما يساجلنا
أم من يطاولنا أم من يدانينا
يكفيك أن لنا الفخر الطويل على
كل الورى .. ما عدا الآل الميامينا
8 -إن كون اليمن إيمانية، مؤشِّر من مؤشّرات صحة موقفِنا اليوم، أما ارتباطُ هذا المؤشر بمؤشر أقوى وأهم، وهو كون الحق في جناب أهل البيت الذين استقروا تاريخيا في اليمن فإن هذا يشكّل ضمانة حقيقية وإضافية لكل ملتبِس في موقفه أنه في الموقف الحق، والمكان الصحيح.
9 -إسلام أهل اليمن إسلاما قويا وقويما، ودائما، وبشكل سريع، ومن دون معارك كبيرة، بل بالحوار والإقناع.
10 – وتفردهم بخصوصية أن يسجد رسول الله شكرا حينما جاءه خبر إسلامهم، وقوله: (السلام على همدان السلام على همدان السلام على همدان) ولم يرو أن فعل ذلك عند مجيئه خبر إسلام قبيلة أخرى..
11 -وقوله: (نعم الحي همدان، ما أصبرها على الجهد، وأصدقها عند اللقاء، فيهم الأوتاد، والأبدال(.
-12عمار بن ياسر العنسي المذحجي اليماني معلم من معالم الحق في الإسلام، قال عنه رسول الله: (تقتله الفئة الباغية(.
-13مالك الأشتر النخعي الهمداني المبشر بالجنة، هو معلم أيضا من معالم الحق، وهو يماني، من النخع من منطقة أعالي أبين، بالقرب من البيضاء، قال فيه الإمام علي بعد أن تم اغتياله: (رحم الله مالكا وما مالك، لو كان حديدا لكان فندا، ولو كان حجرا لكان صلدا).
14 – نصرتهم للإمام علي، ووثوقه فيهم، وكونُهم شكّلوا معظم جهازه الإداري، دليل على إيمانهم، وانتمائهم الحضاري العريق، (كيف تبعثني إلى قوم هم أعلم مني).
-15كون اليمنيين متعلّقين وجدانياً برموز الإسلام، وأعلامه، فمثلا يتعلقون بالحج، ويتعلقون بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبعلي عليه السلام، عينُ علي، وضربةُ علي، وحمام علي، ويكثر في أسمائهم اسم (محمد وعلي)، ويتعلقون بالحرمين الشريفين، والحج، وكانوا يجعلون للحج أهمية كبيرة، لا نجدها إلا عند المؤمنين، ولهذا يسمون من وفّقه الله للحج بـ(الحاج)، ولهذا تكثر أسماء بيت الحاج في اليمن.
16 – الإمام علي (لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق)، واليمنيون معروف عنهم تعلقهم به، وتشيعهم فيه، ومن العجيب أن يأتي الحديث عن فاتح خيبر، على أن باغضه منافق، أي أنه لا ينتمي إلى هوية المؤمنين؛ لأنه أصلا من تلك الفئة التي تمردت على هوية الإيمان اليماني، وما حملات المنافقين من أذيال الاستعمار على الإمام عليه وأهل البيت إلا مصداق من مصاديق الحديث الصحيح عند جميع المذاهب والتيارات. بينما نجد الأحرار المجاهدين يتولون الإمام علياً وأهل بيته عليهم السلام باعتبار ذلك من فرائض الإسلام.
17 – هذا التعلق وهذه العلاقة بين الإمام علي واليمنيين، والعكس، لم تكن على أساس عصبوي، ولا على أساس محاباة، بل نتيجة انطلاقتهم القوية في الإسلام، ونتيجة تمثيل الإمام علي للإسلام كأفضل نموذج؛ ولهذا جاء وصفهم في كلام الإمام علي عليه السلام كما ورد في ذلك الشعر:
لهم تعرف الرايات عند اختلافها
وهم بدأوا للناس كل لحام
رجال يحبون النبي ورهطه
لهم سالف في الدهر غير أيام
هم نصرونا والسيوف كأنها
حريق تلظى في هشيم ثمام
لهمدان أخلاق ودين يزينها
وبأس إذا لاقوا وحد خصام
وجد وصدق في الحديث ونجدة
وعلم إذا قالوا وطيب كلام
أي أنه عليه السلام وصفهم بهذه الأوصاف العملية، وحصلوا على تلك المكانة لديه؛ لأنهم كانوا على هذا النحو من المحبة للإسلام، ولنبيه، وأهل بيته، ولنصرتهم، وجهادهم، وأخلاقهم، ودينهم، وبأسهم، وجدهم، وصدقهم، ونجدتهم، وعلمهم، وطيبة كلامهم.
-18وبناء على ذلك فإن الحملات التي تستهدف الإمام علياً وأهل بيته اليوم هي لا علاقة بها بالهُوِيَّة الإيمانية؛ كون الإيمان يفرض على صاحبه أن يكون محبا لعلي، وأن من يبغضه هو منافق، والعجيب أن الإسلام عبر عنه بالنفاق، وليس بالكفر، أي أن له علاقة باليهود والنصارى، وبالهويات المناقضة لهُوِيَّة الإسلام.
19 -وكونهم حملوا راية الإسلام، والفتوحات، وقوّضوا الإمبراطوريات.
-20 ونشرهم للإسلام في الشرق والغرب وأفريقيا وجنوب شرق أندونيسيا.
21 -وكونهم وقفوا في صف الإسلام في مختلف المراحل، منذ الإمام الهادي وإلى يوم الناس هذا ، قال الإمام الهادي عليه السلام:
فما زالت الأخبار تخبر أنهم
سينصرنا منهم جيوشٌ كتائب
وناديْتُ همدانا وخولان كلهم
ومذحج والأحلاف والله غالب
تذكرني نياتهم خير عصبة
من الناس قد عفت عليها الجنائب
22 – وهذا شاهد على عصره، هو ابن فضل الله العمري (المتوفي في القرن التاسع الهجري) في موسوعته مسالك الأبصار في ممالك الأنصار، كان يتحدث عن الدولة اليمنية العادلة في عصره، والتي كان يقودها أئمة أهل البيت سلام الله عليهم، والتي كانت تمثل خلاصة الهُوِيَّة الإيمانية اليمانية، فقال:
“وهي إمارة عربية، لا كبر في صدورها، ولا شَمم في عرانينها، وهم على مِسكةٍ من التقوى، وتردٍّ بشعائر الزهد، يجلس في ندي قومه، كواحدٍ منهم، ويتحدث فيهم، ويحكم بينهم، سواء عنده المشروف والشريف، والقوي والضعيف، وربما اشترى سلعته بيده، ومشى في أسواق بلده، لا يُغْلِظُ الحجاب، ولا يكل الأمور إلى الوزراء والحجاب، يأخذ من بيت المال قدر بلغته من غير توسع، ولا تكثر غير مشبع، هكذا هو وكل من سلف قبله مع عدل شامل، وفضل كامل”.
-23واليمنيون اليوم يقدمون نموذجا رائدا للإيمان النقي والمواجه والمحمدي الأصيل على مستوى العالم الإسلامي ؛ ولهذا ليس بعيدا أن تكون اليمن هي رائدة العمل الإيماني والجهاد الإيماني في زمن الارتداد.
-24والمجاهدون والعلماء، والقادة، والأشراف، اليوم يُشَكِّلون الشكل والنموذج والهيئة التي كان وظل عليها اليمني، فليست أشكالهم مستوردة، ولا هوياتهم قادمة من خارج دائرة اليمن الإيمانية.
25 – ولدينا قيادة متميزة من أعلام الهدى، وقادة الإيمان، بشكل يتمنى المؤمنون في أنحاء الأرض أن تكون لهم قيادات على ذلك النحو وبتلك المنهجية الإيمانية.
26 -والرسول دعا بالبركة لنا وفينا أهل اليمن، وفي أهل الشام، واليوم نرى هذه البركة، وآثار هذه البركة في مدى الالتزام بالمواقف، بالأخلاق الكريمة، في الانتماء الصادق، في الحفاظ على الهُوِيَّة، كما يقول السيد القائد حفظه الله.
27 -وأظهرت الأحداث المعاصرة والمواقف اليوم في آخر الزمان، أن إيمان المؤمنين في اليمن من علماء ومجاهدين وقادة ومواطنين “على نحو راق، ومتميز، وهم في طليعة الأمة بكل ما يمثله إيمانها من مبادئ وقيم وأخلاق وروحية” على حد وصف السيد القائد سلام الله عليه.
* من ورقة عمل بعنوان “فضائل أهل اليمن الشواهد والأبعاد الإيمانية والتاريخية.”