هل يملك ترامب الجرأة لضرب ايران .. أم إنها مجرد استعراضات؟

 

زين العابدين عثمان

رغم حجم القوة والقدرات العسكرية الفتاكة للجيش الأمريكي التي تستعرضها إدارة ترامب في المنطقة من حاملات الطائرات والقاذفات الاستراتيجية وطائرات الشبح F35 وغيرها من المجموعات الهجومية الاستراتيجية، إلا أن إدارة ترامب رغم هذا الكم الهائل ما تزال تصدر قرارات إضافية من شأنها إرسال وتكديس مزيد من القوات والمعدات الأمريكية إلى المنطقة ونشرها وتوزيعها، وقد كان آخرها القرار الذي تضمن نشر قوات أمريكية برية وبحرية في ” السعودية والإمارات بكامل تجهيزاتها العسكرية والانتشار في أراضيها ومياهها الإقليمية كإجراء آخر جديد ضمن قائمة القرارات الخاصة بما يسمى رفع مستوى الحضور الأمريكي بالقيادة المركزية والاستعداد لمواجهة ايران وأي طارئ استراتيجي قد يشعل حرباً مفتوحة معها ، ..
“ترامب ونية توجيه ضربة ضد ايران”
يبدو أن ترامب وبعد فشله في الانتخابات الرئاسية وفوز منافسة جو بايدن يحاول ان يرتكب حماقة عسكرية ضد من يعتبرهم خصومه وفي المقدمة إيران ،،فقد اعلن إقالته لوزير دفاعه “مارك اسبر” الذي قد يكون على خلفية رفض الأخير أوامر حربية ضد ايران أو الخصوم وهذا احتمال كبير ، كذلك وجه بتزويد الإمارات بأنظمة دفاعية وأسراب من طائرات F35 مع مجموعة من الذخائر والصواريخ الذكية بقيمة 23 مليار دولار كأجراء وصف بالاحترازي في لمواجهة ضد ايران ، لذا قد يكون ترامب متوجهاً فعلا لتحضير عمل عدواني في المنطقة قبل مغادرته البيت الأبيض، لكن مثل هذه الحماقة لن تأتي بجديد وإنما ستلهب المنطقة بالكامل وستؤدي إلى كارثة فوق مستوى قدرة أمريكا ، فمثلا مهاجمة ايران لن تكون بالأمر السهل “ايران أصبحت قوة كبرى في المنطقة ولديها قدرات كبيرة في المواجهة والردع.
وإن كان ترامب انه ينوي فعلا تسديد ضربة عسكرية خاطفة ضد ايران وفق مخطط مشترك مع حلفاء أمريكا من دول الخليج ، فقد تؤدي ذلك إلى حرب إقليمية شاملة ، فهل تستطيع أمريكا تنفيذ الضربة وتقفل الحرب مع ايران بنجاح وتخرج منها بأقل التداعيات ؟ وما ردة الفعل الإيرانية ؟
أمريكا وبحجم ونوع القوات والمجموعات الضاربة التي حشدتها خلال الآونة الأخيرة للشرق الأوسط تعتبر قوات ذات طابع هجومي وذات قدرات فائقة وهي تلبي متطلبات سيناريوهات الحرب الخاطفة والشاملة ,
ايران بعد الثورة التي قادها الإمام الخميني استطاعت أن تطور قدراتها وإمكاناتها العسكرية بمختلف أشكالها وترفد مخزونها الاستراتيجي بقدرات دفاعية مذهلة جعلت منها الدولة الأقوى بالشرق الأوسط دون منافس فهي من معطيات القوة والإمكانات التي تمتلكها حاليا لن تكون باللقمة السائغة لأي هجوم أمريكي فهي تمتلك أنظمة دفاعية حديثة جدا منها “إس-200″، “إس-300″، “كوب”، “تور-إم1″، “بوك” روسية الإنتاج، بالإضافة إلى نظرائها المحلية نظام الدفاع الجوي خرداد التي أسقطت طائرة RQ4 الأمريكية ومنظومة BAWER باور 373 الذي تعتبر نسخة موازية حديثة لنظام إس 300 الروسي وقريبة جدا لنظام إس 400 .وأيضا أنظمة الحرب الإلكترونية التي تم بناءها بالتعاون مع دول صديقة روسيا الصين وكوريا الشمالية. ورادارات متطورة قادرة على تتبع ورصد جميع الأخطار الاستراتيجية على المجال الجوي سواء الصواريخ الباليستية وطائرات الشبح – والمجال الجو فضائي كالأقمار الصناعية المنخفضة المدار.
كل هذه القوة بطابعها التقني والتكنولوجي المتطورة فهي قادرة إلى حد كبير على إنزال وتدمير الطائرات الأمريكية والتصدي للصواريخ والأقمار الصناعية وتستطيع التقليل من فعاليتها في أسوا الظروف ..
يوجد لدى طهران أيضا قوة جوية من الطيران القتالي الذي يمتلك القدرة المثالية للاشتباك المباشر مع سلاح الجو الأمريكي، وضرب أهداف بحرية وقواعد ومنشئات أمريكية في مياه الخليج الفارسي وأراضي دول الخليج .
أما في مجال الردع الاستراتيجي ايران تمتلك برنامجا صاروخيا هو الأكثر تطورا في المنطقة والإقليم وهو محور قوتها الذي ستعتمد عليه بنسبة كبيرة لمواجهة أمريكا فلديها مخزون استراتيجي لصواريخ باليستية عالية الدقة وذات مدايات بعيدة جدا تتوزع ما بين 300 كم إلى 5500 كم وبكمية تقديرية تصل إلى اكثر من نصف مليون صاروخ من ضمنها صواريخ استراتيجية جوالة من طراز كروز تستطيع أن تغطي مساحة المنطقة وتنال من كل القواعد العسكرية الـ 36 الأمريكية المنتشرة في دول الخليج وغيرها وحتى من حاملات الطائرات الأمريكية نفسها وإغراقها بفترات قياسية.
في الأخير أن احتمالية إقدام أمريكا على تنفيذ ضربة عسكرية مفاجئة ضد ايران مع ما تمتلكه من تجهيزات ووسائل دفاعية مقتدرة على أمطار القواعد الأمريكية بالصواريخ الباليستية المتطورة فهذا احتمال هو لحد الآن مستبعد وقد لايمتلك ترامب الجرأة لذلك ، فمثل هكذا خيار سيكون مدمرا جدا سيضع أمريكا وحلفاءها في جوف حرب إقليمية شاملة لن تتقيد بالقيود الجغرافية أو الأمنية أو العسكرية فقد تتحول إلى حربا دولية مكتملة لأن النار ستخرج حدود المنطقة وستصاب حتما التجارة العالمية بعاصفة من الانهيار والفوضى الاقتصادية العارمة نتيجة إغلاق المضائق المائية هرمز وباب المندب واستهداف ناقلات النفط الخليجية والأمريكية .
حجم تداعيات الحرب الأمريكية الإيرانية إن حصلت فستكون ذات أرقام فلكية وستلتهب المنطقة بالكامل وتكون دول الخليج السعودية والإمارات وكل من يشارك أمريكا مناطق عسكرية مشروعة إضافة إلى أن إسرائيل دون شك ستكون الضحية الأولى التي سينال منها الغضب الإيراني الذي لن يرحم.
*كاتب في الشؤون العسكرية

قد يعجبك ايضا