المؤمل من أصدقاء اليمن!! 

أتي الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء اليمن الذي يلتئم اليوم في مدينة نيويورك بعد ثمانية أشهر من انعقاد مؤتمر شركاء اليمن في لندن¡ وهي فترة اتسعت فيها قنوات التواصل بين اليمن وشركائه في التنمية من الدول الشقيقة والصديقة¡ كما أنه وخلال هذه الفترة تعززت قناعة هؤلاء الشركاء بحقيقة أن ما يواجهه اليمن من تحديات هي في المقام الأول تحديات اقتصادية¡ وأن هذه المعضلة قد انعكست بتأثيراتها المباشرة في زيادة معدلات الفقر وارتفاع نسبة البطالة بين صفوف الشباب ليتفاقم الأمر أكثر بتراجع إنتاج اليمن من النفط وانحسار أسعاره في الأسواق الدولية وتوقف حركة السياحة وتدفق الاستثمارات إلى أراضيه نتيجة التهديدات الإرهابية لتنظيم القاعدة الذي نشطت عناصره الإجرامية في أكثر من بلد ومنها اليمن في محاولة من هذا التنظيم للرد على الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للحد من تنامي خطر الإرهاب وأعماله التدميرية التي تستهدف الأمن والاستقرار في مختلف المجتمعات الإنسانية. وبالتالي فإن ما يحتاجه اليمن من أشقائه وأصدقائه في اجتماع نيويورك ليس مجرد الوعود¡ وإنما إيجاد آلية جديدة من الدعم والمساندة تكون في مستوى تلك التحديات الاقتصادية التي يواجهها¡ وذلك بالإدراك العميق أنه وما لم يحصل اليمن على الدعم الكافي الذي يساعده على تحقيق النهوض الاقتصادي والتنموي والرقي بالأوضاع المعيشية لمواطنيه وإيجاد فرص عمل لشبابه وانتشالهم من مهاوي البطالة¡ فإن اليمن سيظل عرضة لعدم الاستقرار شأنه شأن أي بلد آخر محدود الموارد ويعاني من انفجار سكاني هائل. وبوضوح شديد فإن ما يمنح لليمن من المساعدات يعد ضئيلا◌ٍ ومحدودا◌ٍ مع ما يقدم لبلدان أخرى¡ مع أن اليمن بلد مهم وشريك أساسي مع دول العالم في مواجهة كافة الظواهر التي تتهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وشريك فاعل في مكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية¡ ويضطلع بدور إيجابي بحكم موقعه الاستراتيجي المطل من الغرب والجنوب على البحرين العربي والأحمر في الجهود المكرسة لتأمين الممرات البحرية وانسياب التجارة الدولية فيها¡ ويعمل جنبا◌ٍ إلى جنب مع أشقائه في دول الجزيرة والخليج على تعزيز عوامل الاستقرار في هذه المنطقة الحساسة من العالم. والحق أن ما يقدم لليمن من المنح والمساعدات لا يقارن بحجم ما يقدمه من تضحيات وما يجب أن يحصل عليه من عون سواء في معركته مع الإرهاب أو في إسهاماته الأخرى¡ خاصة وأن كل الوقائع تؤكد على أن ظاهرة الإرهاب ليست صناعة يمنية وإنما جاءت إليه من خارجه¡ كإفراز من إفرازات حقبة الحرب الباردة والصراع الدولي الذي كانت احدى ساحاته أرض أفغانستان¡ وبالتالي فإن اليمن يدفع الثمن باهظا◌ٍ نيابة عن الآخرين¡ ناهيك عن أن عناصر الإرهاب لا تستهدف فقط أمن واستقرار اليمن وحسب بل أمن واستقرار المنطقة والعالم¡ وهي مسألة تستدعي من كل الأشقاء والأصدقاء النظر إليها بعناية فائقة والإدراك أن تدفق استثماراتهم العاجلة والكبيرة إلى اليمن وإن كان سيشكل الرافعة لانتشال الاقتصاد اليمني¡ فإنه في ذات الوقت سيسهم في عدم اتساع رقعة خطر الإرهاب وتمدده إلى ساحات أخرى. وعليه فإن ما نتطلع إليه هو خروج اجتماع نيويورك بنتائج عملية وواقعية تفضي إلى إنشاء صندوق لدعم التنمية في اليمن وتلبية احتياجاته الاقتصادية والاجتماعية وإقرار السبل الكفيلة بتأهيل العمالة اليمنية وفتح أسواق العمل أمامها خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي انطلاقا◌ٍ من مبدأ الترابط وعلاقات الإخاء والجوار الجغرافي ووشائج القربى والمصير المشترك. وبالمثل فإن المطلوب من أصدقاء اليمن عموما◌ٍ هو دعم أكبر لكي يتمكن هذا البلد من بناء قدراته الذاتية والاقتصادية وكسر شوكة آفة الإرهاب الخبيثة¡ خاصة وهو من يخوض معركته ضد الإرهاب منطلقا◌ٍ من إرادة وطنية وبعد أخلاقي وقيمي باعتبار الإرهاب عدوا◌ٍ لليمن والإنسانية جمعاء.

قد يعجبك ايضا