القيادة فن 

معاذ الخميسي



معاذ الخميسي

معاذ الخميسي
كما هي (قيادة) السيارات فن وذوق وأخلاق.. هي أيضا (القيادة) إداريا.. وقد لا أجد فرقا بين كرسي القيادة على سيارة (دقة قديمة) أو سيارة جديدة.. أو القيادة على كرسي المسئولية القديم أو الجديد الذي تم تجهيزه على أحدث المواصفات وبأغلى الأثمان!
الفرق هو في الطريقة.. وفي الأسلوب.. وفي مدى الالتزام بالإرشادات والتعليمات.. وفي كيفية ترجمة الفهم والمعرفة والخبرات والمؤهلات بالشكل السليم للوصول إلى النجاح وتجاوز المخالفات والاصطدامات التي تخلف وراءها الكثير من المشاكل والعديد من الضحايا!!
ووجه المقارنة بين كرسي السيارة.. وكرسي المسئولية أن هناك من يجمع ما بين الكرسيين بالقيادة الماهرة وبالفنيات المتعددة وبأخلاق التعامل العالية.. وهناك من يجمع بين القيادة الطائشة والاستهتار والعيون (المبهررة)!
سألوا سائقا مميزا لم يرتكب أي مخالفة ولم يقع في أي حادث.. كيف تتجنب ذلك.. فأجاب بهدوء.. أعتبر أنني الوحيد العاقل والبقية (مجانين)!!
وقالوا لسائق آخر.. لماذا تحرص على ارتداء حزام الأمان فقال لأني تعودت على النظام!
ومع أن بعض الظن إثم.. إلا أني أظن بأن هناك فرقا بين وزير وغفير.. أو وكيل وموظف بسيط.. أو مدير عام ومراقب دوام.. إذا ما ارتبط الأمر بالفن والذوق والأخلاق في التعامل مع الذات.. ومع الآخرين.. لا بربطة العنق أو لون (البدلة) وماركتها.. والحجم.. وما إلى ذلك!!
وكما أننا نفتقد إلى وجود سائقين نظاميين في كثير من الأحوال.. نفتقد أيضا إلى وجود مسئولين نظاميين يعرفون ما هو فن الإدارة.. وماذا يعني الذوق والأخلاق ممارسة وتعاملا.
بعض.. أقول بعض ولا أتمنى أن أشعر بتحسس من أحد.. أو بنظرات حادة من بعض لا أقصدهم فيثبتوا لي بطريقتهم أني أقصدهم!
البعض من المسئولين يفهم أن الفن في القيادة والمسئولية سرعة معرفة (المداخل والمخارج) وإجادة التفاعل مع ما يقال عن ((داخل في المكسب وخارج من الخسارة)).. ويعتبر أن من أهم متطلبات فن الإدارة استمالة الأقوياء وقهر الضعفاء..
والبعض يرى أن من الذوق الذي يلازم (برستيجه) العالي وأن يصعد على (الأسانسير) دون أن يحتك بموظف.. وأن يتخلص من الابتسامة قبل أن يدلف مكتبه.. وأن يشخط.. وينخط.. ويحيط نفسه بالمرافقين.. وبالبوابات.. وأن يظل باستمرار في (اجتماعات) وإن كان منفردا.. وأن يغادر من الباب الخلفي.. ثم بالإمكان أن يتبعه ملف ما يسمى (بالبريد)!!
بعض آخر.. يكبر بكبر المسئولية.. لا يعتني بما سيقدمه غدا من جديد.. ويهتم بما سيلبسه من جديد.. ولا ينظر إلى ما سيحققه من نجاح.. ولكنه ينظر إلى ما سيحققه من ظهور.. ولا يحرص على أن يظل بشوشا ودودا يحتفظ بعلاقاته الاجتماعية وبالتواجد في الأفراح والأتراح.. بل يستمر في خسارة من حوله غير مدرك بأنه دوام الحال من المحال!!
ما دعاني لأن أخوض في سيرة القيادة وارتباطها بالفن والذوق والأخلاق.. أني أجد كغيري كثيرا من المسئولين إما مدراء عموم أو ما فوقهم يتعاملون وكأنهم قد ملكوا الكون وصارت (بصيرته) بأيديهم!
وفي الوقت نفسه وجدت رجلا يتولى قيادة حكومة وسيرته العطرة على كل لسان.. وما من كبير أو صغير إلا ويثني على تعامله ونبله وأخلاقه وتواضعه..
دولة الدكتور علي محمد مجور.. هو أحد الذين يمنحونا التفاؤل بأن الدنيا ما زالت بخير.. ومنذ أن كان وزيرا للثروة السمكية ومن ثم وزيرا للكهرباء وهو محل ثناء وإشادة.. ويكفي أن يفتح أبواب مكتبه ويتلمس هموم الآخرين ويتعامل مع أبسط موظف بتواضع جم ولا يحب أبدا أن يمارس أي تعالي.. أو أن يكبر على الآخرين بكبر مسئولياته وكثرة مشاغله.
كم أتمنى أن يتعظ بعض مسئولي (الريش المنفوش) وأن يقتدوا بمن هو أكبر منهم في المكان والمسئولية.. وأن يكونوا أكبر يقينا بأن ما يبقى هو الاحترام والتقدير.. وغير ذلك.. زائل كأصحابه.. وأن القيادة قبل وبعد كل شيء فن.. في التعامل.. وفي الإدارة.. وفي مخاطبة أحاسيس الآخرين دون استئذان!!
moath1000@yahoo.com

قد يعجبك ايضا