حسَن زيد.. شَهيدُ ذكرَى ميلادِ الرسُول الأكرَم
مطهر يحيى شرف الدين
ما أشبه اليوم بالبارحة وما أشبه المجرم القاتل بقتّالٍ لا يرعى في مؤمنٍ إلاً ولا ذمة ، ما أشبه الغدر بالأشد غدراً ومكراً وفجوراً وحقدا ما أشبه تلك اللحظات الغادرة بلحظاتٍ هي أكبر من أختها جريمةً ووحشية أرهقت السامع والمُشاهد في ساعةٍ يتمنى كلّ من لديه ذرةً من ضمير أن يكون ذلك الحدث الفضيع رؤيا عابرة أو أضغاث أحلام ، لكنه واقعٌ حصل وليته لم يكن ليحصل لولا أن شاء الله أن يصطفي من عباده شهداءَ صدّيقين كرماء أبو إلا أن يكونوا في موقفٍ يحسدون عليه عزةً وكرامةً ومجداً ورفعة وهم فرحين مستبشرين بذكرى مولد النبي الأكرم محمد صلوات الله عليه وآله وسلم.
وهنا تتجلى الحكمة من إطالة أمد العدوان على بلادنا وشعبنا وذلك لتتكشف أكثر وأكثر أحقاد وغايات ومطامع تحالف العدوان الأمريكي الإسرائيلي، فبعد كل هذه السنوات من الايغال في الفجور والعدوان والحصار لا تفسير لأهداف التحالف الرئيسة إلا أنها تكمن في النيل من الهوية الإيمانية العميقة في قلوب أبناء اليمن المتمثلة بعض صورها في إحياء ذكرى مولد نور الكون وضياءه على صاحبها وآله أفضل الصلاة والتسليم.
فمن نفّذ قتل المفكرين الأحرار الخيواني وشرف الدين وجدبان والمتوكل ربما لم يكن يُدرك بعد ولم تتكشف لديه بصورةٍ أدق حقيقة الأهداف الخبيثة لدول العدوان الطامعة مع اعتبار عدم التبرير لأفعال وجرائم الجُناة فلا فرق بينهم سواء كانوا مشرعنين أو آمرين أو ممولين أو منفذين ، فليس هنالك ما يبرر لأحد الإقدام على ازهاق روحٍ بريئة تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ففي أيام إحياء ذكرى ميلاد خير المرسلين وسيد البشرية جمعاء محمد صلوات الله عليه وآله صنعت آلة العدوان الدولية وأدوات الغدر والخيانة في الداخل حدثاً جسيماً تصدّعت من هوله الرؤوس وبكت من سماعه القلوب ، لكن تأبى الأقدار الإلهية إلا أن يعيش الأستاذ حسن زيد بقية احتفالات ذكرى المولد النبوي إلى جوار ربه والأنبياء والشهداء ليكون ذاكراً وشاهداً لنا عند مليكٍ مقتدر بما يعانيه أبناء شعبه من حصارٍ خانق مرير وتجويعٍ وتقتيل وعدوانٍ ظالم من قبل تحالفٍ غادر متجبر متسلط.
الأستاذ القدير حسن زيد يرتقي شهيداً بعد حياةٍ حافلة بالعطاء المثمر وجهاد الرأي الحر منذ سنواتٍ عديدة أمام طغاة العصر من كانوا أداة طيّعة لدول الاستكبار العالمي البغيض الذي شن علينا حرباً شعواءَ ظالمة وكان قبل سنوات العدوان قد استهدف مدينة صعدة الإباء والعزة والحرية وقتل خير عباد الله الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي سلام الله على روحه الطاهرة من وقف يكشف للعالم الإسلامي شعوباً وأنظمة مؤامرات ومخططات قوى الاستكبار الطامعة في البلاد العربية والساعية للنيل من وحدة المسلمين وهويتهم وعقيدتهم.
الأستاذ حسن زيد الإنسان الرؤوف والمحب لأبنائه أنقذ بجسده الطاهر ابنته الكريمة المحتسبة لله وكان قد جعل من نفسه حامياً وحصناً لها وحتى في آخر لحظة من حياته وقد أدرك منذ سماعِ أول طلقة رصاصةٍ عليه أنه قد حان الميعاد وجاءهُ من يكون سبباً للقاء ربهِ
الشهيد حسن زيد الصلب في مواقفه الواثق في شخصيته القوية صارع كثيراً سياسة القوى الظالمة المستبدة في وقتٍ استمر فيه رأس النظام السابق أكثر تجبراً وعتواً ونفورا وأكثر مواجهةً للعقول المستنيرة وقضاءً على الآراء الحرة والمواقف الصلبة في زمنٍ انصاع فيه الكثير من الساسة والعلماء الذين غرتهم الحياة الدنيا وانساقوا خلف أصنامٍ يقدسونها ويمجدونها ليكونوا قيد الارتهان للمال الذي اشترى ولاءاتهم الضيقة ونزعتهم الذاتية والشخصية وكل ذلك على حساب القيم والمُثل التي لم يعد لها اعتباراً في قاموس النظام السابق
رحمة الله تغشاك أستاذ حسن وأسأله تعالى أن يسكنك فسيح جناته وأن يجبُر مصابنا جميعاً و يعصم قلب أهلك ومحبيك بالصبر والثبات وإنا لله وإنا إليه راجعون والله حسبنا وهو نعم الوكيل.