عملية تبادل الأسرى حرَّكت المياه الراكدة لحرب اليمن المنسية
حسن عردوم
عملية تبادل الأسرى الأخيرة التي تمت بإشراف الأمم المتحدة والصليب الأحمر بعثت أكثر من علامة استفهام حول توقيت الموافقة عليها من طرف تحالف العدوان، بعد تجاهلهم لهذا الملف لأكثر من عامين منذ اتفاق ستوكهولم، وذلك لعدم وجود نية للدخول في مسارات إنهاء العدوان على الجمهورية اليمنية.
منذ تلك الفترة حرص أنصار الله على مساعدة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ليحقق ولو إنجازاً واحداً في ملفه الفارغ، دون جدوى، إلا من المبالغ الباهظة التي استلمها كأجور لمهمته في اليمن.
اتفاقٌ جاء متأخراً، في حين كان يجب أن يحصل قبل عامين، لكن الرياض حينها لم تكن جادة في تنفيذ بند تبادل الأسرى كنقطة أولية مؤيدة لبناء الثقة بين جميع الأطراف، ليكون ذلك منطلقاً للتقدم نحو بنود أخرى في اتفاقية ستوكهولم.
عرقلة التحالف لعميلة تبادل الأسرى كانت نابعة من منطلق أنه في موقع القوة، فحاول تضليل الرأي العام الداخلي وكذا الخارجي بأنه لا يمتلك أسيراً سعودياً واحداً لدى أنصار الله في اليمن، وما عدا ذلك ليسوا إلا مرتزقة يمنيين لا يحسب لهم وزناً ليفاوض الحوثيين عليهم ويقدم من شأنهم أي تنازلات.
المتغيرات التي فرضت نفسها في واقع سير المعارك لصالح الجيش اليمني والتي أفضت إلى سيطرته على مواقع سعودية وأسر جنود وصف وضباط سعوديين وسودانيين، شكّلت ضغطاً شعبياً على قيادة التحالف لتوافق على مضض على الإفراج عن الأسرى اليمنيين مقابل الإفراج عن 15 سعودياً و4 سودانيين.. بينما يصل إجمالي المحررين في هذه الصفقة من الجانبين إلى 1081 أسيراً، وهي أكبر عملية تبادل أسرى منذ بدء العدوان على اليمن.
لا نبالغ حين نقول إن حكومة صنعاء استطاعت أن تُفاوض من موقع القوة، بينما خصومها أُجبروا، لا سيما أن من بين الأسرى أمريكيين، وقد كانوا هم حجر الدومينو لبقية الأسرى لدى جميع الأطراف، حيث حظيت صنعاء بحصة الأسد، وأُفرج عن 681، كما أُفرج من الطرف المقابل عن 400 أسير بينهم الأسرى السعوديون والسودانيون.
يأتي هذا الحدث في لحظة فارقة تسبق نقطتين مهمتين، إحداهما الانتخابات الأمريكية التي لم يتبقَّ لها سوى أقل من ثلاثة أسابيع، والتي يريد ترامب من خلال صفقة الإفراج عن رهائن أمريكيين أن يحقق نوعاً من الدعاية أمام الشعب الأمريكي للفوز أمام خصمه بولاية ثانية.
والنقطة الثانية قرب انتهاء فترة المبعوث الأممي مارتن غريفيث في مهمته باليمن، والتي من المتوقع أن تنتهي في 6 فبراير القادم، إن لم يتم تمديدها لعام قادم.
الغريب أن مارتن غريفيث يرى أن عملية تبادل الأسرى بين حكومة صنعاء والحكومة الموالية للتحالف إنجاز كبير سيغطي فشله طيلة الأعوام السابقة، ولم يكتفِ بذلك، بل ظهر منتشياً في إحاطته الأخيرة، مثمناً دور الصليب الأحمر وطرفي الحرب في اليمن، في حين أن عدد الأسرى المفرج عنهم مقارنة بإجمالي ما تم الاتفاق عليه في اتفاق السويد لا يشكل أية نسبة نجاح لغريفيث، ناهيك عن المقارنة بالمهام التي كان يجب أن يقوم بها، من حيث فتح المطارات والموانئ وفك الحصار والدخول في مفاوضات سلام شامل ونهائي في اليمن.
يرى خبراء دوليون أن عملية تبادل الأسرى هذه لا يمكن أن تكون بريق أمل لبناء الثقة واستكمال المفاوضات، طالما ودول العدوان لا تريد ذلك، مؤكدين في الوقت نفسه أنها لو أرادت ذلك فإن الأمر مرهون بمجرد قرار من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد أخذ الإذن من البيت الأبيض، “لكن لا رغبة إقليمية أو دولية في إنهاء الحرب باليمن “.