الاحتفالات التي إقامها اليمنيون في ذكرى المولد النبوي الشريف تشكل لوحة الوفاء لرسول الله رسول الهدى والسلام في مشهد جمالي وروحاني مليء بالكثير من المظاهر الاحتفالية المعبرة عن حب الرسول الأعظم وخصوصية هذه المناسبة العظيمة ومكانتها الكبيرة في قلوب الشعب اليمني والمرأة اليمنية كانت في هذه المناسبة العظيمة كعادتها في مقدمة الصفوف مدركة لدورها المهم في تعزيز روح الولاء الوطني وترسيخ قيم التكافل الاجتماعي بالاحتفاء بمولد خير البشرية، لتثبت حبها لرسول الله، وارتباطها به.
الاسرة / زهور عبدالله
تقول الأستاذة نهى السدمي مدير عام المرأة والطفل في وزارة الخارجية: تتمثل أهمية الاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة في بالابتهاج ، والاعتراف بالنعمة الإلهية العظيمة، والفضل العظيم علينا بأن مَنّ الله علينا بإرسال رسوله بإرسال الرحمة المهداة، قال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين”
وهناك ابعاد ودلالات سياسية لهذا الاحتفال تتمثل في التعبير عن الولاء لله ورسوله في زمن يشهد مسارعة عدد من الأنظمة العربية إلى تولي اليهود والنصارى إلى تولي أمريكا وإسرائيل، إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وتضيف: كذلك للاحتفال دلالة سياسية هامة في الرد على الإساءات الأخيرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواء من خلال ما نشرته صحيفة فرنسية، أو ما نشره أحد الكتاب السعوديين في إحدى الصحف الإسرائيلية، حيث لم يصدر أي بيان أو موقف رسمي عن معظم الأنظمة العربية كرد فعل على هذه الإساءات، والتأكيد على أن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم -هو أفضل قائد عرفته البشرية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية.
وتابعت: أيضا عندما نحتفل بالمولد النبوي نتذكر جهاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومواجهته للطغاة والمستكبرين واليهود ونستلهم الدروس والعبر وخاصة في ظل ما نشهده من عدوان غاشم.
كما أن الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة لها دلالة هامة في أنها تمثل مناسبة جامعة، تمثل أساساً للوحدة الإسلامية، تمثل أساسا للوحدة في زمن يشهد العديد من التحالفات والتجمعات ضد الإسلام والمسلمين ، وفي زمن يحرم على المسلمين التوحد فيه لمواجهة أعدائهم.
لا تزال أنت فينا
وتقول الدكتورة أسماء عبدالوهاب الشهاري: لا تزال أنت فينا بكل حبك وتضحياتك و جهادك وبذلك وعطاءك، ولا نزال نحن أولئك كما عهدتنا سيدي بحبنا وصدقنا وجهادنا وإيماننا وبكل عهودنا.
حبيبي يا رسول الله: في كل عام لا نزال ننافس العالم في يوم مولدك احتفاءً ومكرمةً وعشقاً.. احتشاداً وتجمعاً وشوقاً.. ولم يغلبنا أحد.. فكما كان العهد منّا لم ولن يسبقنا إليك أحد..
في كل عام لا نزال نحن الرقم واحد ولم يضاهينا في ذلك أحد قطُ، فتكون اليمن هي الأولى والأرقى في حبك والتمسك بسبلك..
في كل مرة نجعل منها عروسا مشرقة نزينها بكل الحب وبكل الشوق.. ونطلق الأغاريد والزغاريد من أولى ساعات الصباح..
يتسابق إلى ساحة عشقك الصغار والكبار والنساء والرجال.. ونجدد لك الولاء.. أرواحنا لك الفداء..
لقد عاد الأعراب إلى جاهليتهم الأولى وكانت أشدّ وأخزى.. حاربونا كما حاربوك وحاصرونا كما حاصروك وتحزبوا علينا مع أئمة الكفر والنفاق كما تحزبوا عليك..
ولا نزال نحن كما عهدتنا، فمن لهذا الدين إن نحن نكثنا أو تخلفنا، دماؤنا وأشلاؤنا وجماجمنا وجوع بطون عيالنا وبقايا رفات منازلنا لك ولدين الله الفداء يا رسول الله.
احتفلنا بك هذا العام ونحن نعلم أنك تبكي علينا وجعاً. ونحن نقدم نزيف قلوبنا وأرواحنا بين يديك قرباناً وحباً، فاسأل الله لنا نصرا.. ولدينه تمكيناً وعزا.. وللمجرمين نكالاً وبُعداً.
سيظل حلفهم مع أعداء الله والشيطان، ويظل حلفنا واعتصامنا بك وبالواحد الديّان، حتى يزهق الله الباطل ويحق الحق بأهل الإيمان.
لك العهد منّا. أننا كما تحملنا نصرة هذا الدين في أوله فنحن من سيحفظه وينصره في آخره دون أن نبالي مهما قدمنا من تضحيات، ولو احتشد علينا الكون وتوّالت على صبرنا السنوات.. فنحن لها.. ولك منّا الصلاة في كل الميادين والجبهات.
لبيك يا رسول الله
تقول بلقيس علي السلطان: لم تكن حملات التشويه لرسول الله صلوات الله عليه وآله وليدة اللحظة، وإنما امتدت أهدافها عبر الأزمنة المتلاحقة منذ ولادة الرسول الأعظم مع اختلاف الوسائل والطرق والتي تصب جميعها في مصب التشويه للرسول الأعظم _صاحب الخلق العظيم والذين كان رحمة للعالمين.
ما إن بدأت بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجاء الأمر بالرسالة ،حتى تحرك أولياء الشيطان ليبعدوا الناس عن هذه الرسالة النورانية التي جاءت لتخرج الناس من الظلمات إلى النور، فكان منهم أن نعتوه بالساحر والمجنون ، بالرغم من أنهم كان يشهدون له بالصدق والأمانة ، واستمرت حملات التشويه لشخص الرسول الأعظم ولأهل بيته، حيث كان اليهود يهجون رسول الله وأهل بيته بأبيات شعرية تنتهك الحياء والشرف، بالإضافة إلى مضايقة الرسول والتشكيك بصدق رسالته بتحريض الأعراب عليه ، بأن يسألوه عن أخبار الأقوام السابقة وعن الروح ، ومطالب تعجيزية كأن ينزل ملائكة من السماء أو يكون الرسول ملكاً أو غير ذلك من المطالب والتساؤلات محاولة منهم لصرف الناس عن مكنون الرسالة وأهميتها.
وتضيف :لم تتوقف حملات التشويه لرسول الله حتى بعد وفاته ، فكان منهم أن حاربوا آل بيته وتجبروا على نسائهم بدعاوى أنهم يريدون السلطة والملك ، لتشويه ثورتهم ضد الطغاة المتجبرين الذين شوهوا الإسلام بأعمالهم الخارجة عن الإسلام وتعاليمه ، وبدأوا بتأليف وتحريف الأحاديث المنسوبة كذباً لرسول الله ونسبة روايتها إلى نسائه وهي تتعارض مع أخلاقه وقيمه ومبادئه الإسلامية السامية، ويستحيل لرسول الله أن يقوم بهكذا سلوكيات، لكنهم وضعوا منها ما يخدم أهدافهم الخبيثة، وقاموا بطباعتها ونشرها بشكل كبير بحيث تصل إلى أكبر قدر من الناس ، وقام بعض الشيوخ المحسوبين على الإسلام بتلميعها وتنميقها وحشوها بما يتلاءم مع كل زمان ومكان ، حتى وصلنا إلى عصرنا الحالي الذي أحل فيه الشيوخ التطبيع مع اليهود والصهاينة والحديث بأن رسول الله كان يجاور اليهود ويتعامل معهم وبأن رسول الله ستحل شفاعته على أهل الكبائر من أمته، فأي تشويه أكبر من تشويه من يسمون أنفسهم بالمسلمين لرسولهم الأعظم، وهم بذلك يسئون لأنفسهم ولدينهم الذي يدعون الانتساب إليه لخدمة أجندات وأهداف خارجية ورسول الله براء منهم ومن فتاواهم الكاذبة المضللة للامة.
أما على الصعيد الغربي، فلم تكن وسائل الإعلام الغربية بمنأى عن حملات التشويه المسيئة ، فقامت الصحف الغربية بنشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لشخص رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله وسلم على فترات متعاقبة من صحيفة لأخرى بجنسيات مختلفة ، حتى خرج الرئيس الفرنسي ماكرون مؤخراً ليبرر ذلك بحرية التعبير والتطاول على الدين الإسلامي متناسياً التاريخ الأسود لفرنسا والذي يزخر بالمجازر والإبادة والقضاء على حرية التعبير ، وقمع الأحرار من الشعوب التي كانت تحتلها وحتى من الشعب الفرنسي نفسه.
وتختم: وبهذا البند يتضح لنا من يقف وراء تشويه سيرة الرسول الأعظم وأخلاقه، كي لا يجد الناس الأسوة الحسنة التي ينتهجون سلوكها وأعمالها، ويظل الناس يغرقون في بحر الانحلال الأخلاقي والتفكك الديني والمجتمعي، ويظلون عرضة للدعاوى الكاذبة والفتاوى الخارجة عن الدين.
سيظل رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله من أعظم الشخصيات العالمية على الإطلاق، ومن أراد العزة والمنعة والكرامة والحرية، فليجعل منها منهاجاً يحتذى به، وهذا ما قام به اليمانيون عبر العصور ، فحب رسول الله قد طبع في قلوبهم وتوارثوه جيلاً بعد جيل ، وجعلوا من يوم مولده محطة لاستزادة من أخلاقه وسلوكه وجهاده، وعيداً يفرحون به لعظيم المنة التي منها الله على المسلمين بقدومه ملبين من أعماق قلوبهم.
لبيك يا رسول الله، لبيك يا رسول الله ، لبيك يا رسول الله، فصلوات الله على رسولنا الأعظم وعلى آله الأطهار ما تعاقب الليل والنهار وسلم تسليما كثيراً.