القوانين الدولية لحماية النساء والأطفال أثناء الحروب.. حبر على ورق
80 %من اليمنيين تأثروا من العدوان وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.. والمرأة في صدارة المتضررين
يوفر القانون الدولي الإنساني حصانة للنساء والأطفال بهدف حمايتهم وتجنيبهم ويلات الحرب وتوفير الرعاية لهم والإغاثة ومنحهم حماية عامة كونهم مدنيين وحماية خاصة بالنظر لطبيعتهم بموجب البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف الأربع لعام1977 وتضمنت اتفاقيات ومعاهدات حقوق الإنسان والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بأجهزتها المختلفة ضمان توفير الحماية والرعاية للأطفال والنساء أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
وأكدت الأمم المتحدة في الإعلان الصادر عن مجلس الأمن رقم 1325 في العام 2000 الخاص بحماية النساء والأطفال من السكان المدنيين الذين يقعون في ظروف خطرة في حالات الطوارئ والنزاعات المسلحة بالعمل على حماية النساء والأطفال .
ولكن كل هذه القوانين والمعاهدات والبروتوكولات لا تطبق على العدوان والحصار المفروضين عل أطفال ونساء اليمن، وتظل مجرد شعارات يتغنى بها ممثلو الأمم المتحدة.. وحقيقتها في واقع العدوان على اليمن حبر على ورق.الاسرة/ زهور عبدالله
النساء ابرز المتضررين
كانت النساء اليمنيات في مقدمة المتضررين من العدوان على اليمن سواء كضحية مباشرة للقصف الجوي أو البري أو البحري أو من التأثيرات التي طالتها بسبب العدوان والحصار على مدى 6 سنوات من العدوان تأثر نتيجتها ما يزيد عن 82 %من اليمنيين وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، تتصدرها المرأة.
حيث سقط الآلاف من النساء والأطفال ما بين قتيل وجريح، وحسب إحصائية منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل الصادرة بمناسبة 2000 يوم من العدوان فقد سقط 16978 مدنياً بينهم 2381 امرأة و3790 طفلاً، كما جرح 26203 بينهم 2780 امرأة و4089 طفلا كما أن هناك من تضرر بفقدان أبناء أو إخوة أو أقارب بشكل عام.
وألقت الحرب بآثارها المباشرة على المرأة والطفل منذ 2000 يوم وما تبعها من أزمة اقتصادية أوصلت بالملايين إلى حافة المجاعة فالمرأة والطفل من أكثر من يعاني نتيجة انقطاع بعض الخدمات كالكهرباء وتراجع أو انقطاع دخل الأسر والنزوح وتهدم المنازل وغيرها من الأضرار التي جعلت المرأة والطفل من أكثر من يتحمل آثار الحرب المباشرة.
وخلال فترة العدوان والمستمرة إلى يومنا هذا يغيب دور الأمم المتحدة ومنظماتها، بل تطور الأمر إلى أن تخلت عن مسؤولياتها وسحبت الدعم عن كافة القطاعات الحيوية بما فيها أهم قطاع وهو القطاع الصحي، كما أن الأمم المتحدة تقف موقفاً موالياً لدول تحالف العدوان التي لم تحرك ساكناً تجاه كل ما يرتكب بحق أطفال ونساء اليمن منذ 2000 يوم من العدوان.
قواعد الحماية الدولية
تتمثل قواعد الحماية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني في القيود التي يفرضها على الأطراف المتحاربة أثناء سير العمليات العسكرية وذلك لإجبارهم علي توجيه عملياتهم العسكرية ضد المقاتلين فقــط وتحريم توجيهها ضد المدنيين كما تهدف إلى التقليل من الخسائر والدمار الذي تسببه الحرب وأسلحتها.
وتتمثل إجراءات الحماية التي يفرضها القانون الدولي الإنساني لضمان حماية النساء والأطفال في :
•العمل على إنشاء مناطق محايدة في الأقاليم التي يجري على أراضيها القتال سواء أكان ذلك قبل أو بعد نشوب النزاع، وإنشاء مناطق استشفاء ومناطق لجوء آمنة خاصة لحماية ورعاية الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال دون الخامسة عشر من العمر وأمهات الأطفال دون السابعة غير المشاركين في أي عمل عسكري على أراضيها أو في الأراضي المحتلة والبحث عنهم وحمايتهم من السلب وسوء المعاملة وامتهان الكرامة.
•إلزام الأطراف المتنازعة بالعمل علي إقرار ترتيبات محلية خاصة لضمان نقل الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء خارج المناطق المحاصرة لضمان سلامتهم الشخصية أثناء مغادرتهم، والعمل على تسهيل مرور فرق الخدمات الطبية ورجال الدين إلى المناطق المحاصرة.
•حظر مهاجمة الأماكن أو المستشفيات القائمة على تقديم الخدمات الطبية الخاصة بالنساء والأطفال، كما يحظر تعريضهم داخل هذه المستشفيات لعمليات الاختطاف أو الاغتصاب وغيره من الانتهاكات الجنسية التي قد تتعرض لها النساء أثناء الحرب .
وإلزام الأطراف المتنازعة بالعمل على ضمان حماية النساء واحترامهن من أي اعتداء على شرفهن وخاصة الاغتصاب أو الأعمال المنافية للحياء وحظر ممارسة أعمال العنف من قبل الأطراف المتنازعة والموجهة ضد المدنيين ومن ضمنهم النساء والأطفال، أو الأفعال التي قد تضر بصحتهم وسالمتهم الجسدية والبدنية والعقلية سواء بالقتل أو التعذيب والتشويه والعقوبات البدنية وانتهاك الكرامة.
وإلزام الأطراف المتنازعة بالسماح بمرور شحنات الأدوية والأغذية والمهمات الطبية ومستلزمات العيادات المرسلة إلى المدنيين وخصوصاً الأطفال والنساء.
ويحظر على أطراف النزاع عرقلة تطبيق التدابير التفضيلية المتعلقة بالتغذية والرعاية الطبية والوقاية من آثار الحرب والتي تتخذ لضمان تمتع النساء الحوامل وأطفالهن الرضع بالرعاية الصحية.
وحماية الأسر التي شتتتها الحرب، وإلزام الأطراف المتحاربة علي جمع شمل تلك والعمل علي تسهيل الاتصال بين أفراد الأسرة الواحدة وتسهيل مرور الأخبار ذات الطابع الشخصي بين أفراد الأسرة والحفاظ على سريتها، وحظر استخدام المدنيين، خصوصاً الأطفال والنساء كدروع بشرية أو استخدامهم كغطاء عسكري لتغطية تحركات الأطراف المتحاربة في تنفيذ أهدافهم العسكرية ضد العدو.
وحظر الهجمات العشوائية الموجهة إلى هدف عسكري غير محدد، أو الهجمات التي تستخدم فيها وسائل قتال لا يمكن حصر آثارها والتي من شأنها أن تعرض العسكريين والمدنيين ومن ضمنهم النساء والأطفال إلى الضرر دون التمييز بينهم والحماية والرعاية للنساء والأطفال ضد الأخطار الناجمة عن النزاعات المسلحة.
واقع المرأة اليمنية
وقالت فاطمة محمد عضو مجلس الشورى بصنعاء في تصريح لها لمنظمة انتصاف :”كل الجرائم والانتهاكات التي تحدث للمرأة اليمنية هي بسبب العدوان على اليمن، سواء بالقتل العمد المباشر للمدنيين، أو بالحصار الشامل وسياسة التجويع والتهجير القسري والذي طال ما يقارب 3 ملايين يمني، وبكل أسف العالم لا يدرك حجم المأساة نتيجة التهجير من محافظة إلى أخرى وتابعت عضو الشورى قائلة: نسبة النساء في القطاع الحكومي كبيرة ولكننا لا رواتب في ظل تضخم متوحش نتيجة زيادة طباعة العملة وما ترتب على ذلك من آثار اجتماعية خطيرة، لكن الأمر كله مرتبط بوقف الحرب متى توقفت كل شيء قابل للحل.
وأضافت عضو الشورى: “نحن نعيش في صنعاء ولم نتعرض لأي مضايقات من الداخل في الوقت الذي تتعرض فيه النساء في المناطق الجنوبية التي يسيطر عليها التحالف ما يسمى الشرعية لأبشع الجرائم، ونقول مجدداً إن المرأة في الشمال في أفضل حالها أنها تدير الجبهة الداخلية بخبرة كبيرة، فلم يحدث في أي مكان أن تقوم المعلمات بتأدية واجبهن في المدارس دون رواتب لأكثر ثلاث سنوات، دون أن تمتلك حتى مصروفات التنقل”.
وتقول ذكرى معتوق رئيس دائرة حقوق الإنسان في ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي باليمن: إن المرأة في الجنوب حظيت بمكانة مرموقة في سنوات ما قبل الحرب الأخيرة وتقلدت أعلى المناصب وكان سلاحها التعليم، وانتزعت حقوقها، وتقلصت نسبة الأمية إلى أدنى مستوياتها، فكانت تعمل في المصانع وتشارك في القرار، وعملت طبيبة ومحامية وقاضية، بل وقادت الطائرة، قبل أن تسلبها الحرب مكتسباتها.
وأضافت رئيس دائرة حقوق الإنسان:” بدأ دور المرأة يتقلص ومنعت من مزاولة بعض السلطات والمهام، وبدأ يخفت صوتها في المطالبة بحقوقها، وتم إرهاقها بالسعي وراء النفقات في المحاكم بعد تخلي بعض الأزواج عن مهامهم الأسرية، فقد كان قانون الأسرة السابق يعطي حقوقاً كثيرة للمرأة، أما القانون الجديد فقد سلبها الكثير من تلك الحقوق التي تهم الأسرة وتخص المرأة بعد الطلاق ، و حرمت المرأة من الكثير من الوظائف رغم ادعاء البعض بالمساواة، لكن الواقع الفعلي يقول غير ذلك، حيث أن المرأة مغيبة نوعاً ما في بعض المراكز لصالح الجانب الذكوري، الذي قد يكون أقل كفاءة ومستوى علمي، وفي التمثيل الخارجي، الجانب الذكوري يسيطر عليه بشكل غير عادي”.
وأشارت رئيس دائرة حقوق الإنسان، إلى أنه في بعض القرى وبعد الحرب تم منع المرأة من التعليم وإجبارها على الزواج المبكر، لكننا حاربنا تلك العملية عن طريق الجهات والمنظمات المهتمة بهذا الأمر، ما ساهم في رفع الوعي لدى الأسرة فيما يتعلق بهذا الأمر.
وأوضحت أن أكثر الانتهاكات شيوعاً بحق المرأة هو تعرضها للضرب ومنعها من حقوقها الشرعية كزوجة، حيث أن بعض الذكور هجروا مساكنهم وأولادهم وتركوا المسؤولية على عاتق المرأة، وتظل معلقة بعصمة رجل لا تعرف عنه شيئا، وحصر بعض المناصب للذكور فقط، وكانت أكثر القضايا الاجتماعية في المحاكم خلال سنوات الحرب هي القضايا المتعلقة بفسخ العلاقات الزوجية لعدم الإنفاق بجانب قضايا النفقة على الأطفال، وبكل أسف تلك القضايا تأخذ وقتاً طويلا في المحاكم.
وذكرت رئيس دائرة حقوق الإنسان، أن “آثار الحروب دائماً ما تكون أكثر وضوحاً على النساء والأطفال، ومنها ما تعرضت له المرأة بعد الحرب من إفقار، ما اضطرها للخروج للعمل في وظائف هي غير مؤهلة لها، أو قلة الوظائف أثناء الحروب، وهنا لا يكون أمام المرأة سوى طريق التشرد، عن طريق التسول أو الانحراف.
ولفتت إلى أن جرائم الأعراض والاتجار بالمرأة والطفل من جرائم الحروب، حيث تكثر حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي بالأطفال، وتلك من أسوأ الجرائم التي ارتفعت نسبتها بصورة مرعبة بعد الحرب.
وقال تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش: إن الناشطات لعبن دوراً بارزاً خلال الصراع وطالبن بحماية أفضل للحقوق واحتججن على سوء المعاملة، وقد تعرض بعضهن للتهديد وحملات تشهير وضربن واحُتجزن انتقاماً.
كما تواجه النساء في اليمن تمييزاً شديداً في القانون وقد ازداد العنف ضد المرأة في اليمن حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 3 ملايين امرأة وفتاة تقريباً معرضات لخطر العنف.