يوم الغدير.. يوم المرسل والرسول والرسالة

 

لطف لطف قشاشه

من يعتقد أن الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله) شخص يدعو للعنصرية أو السلالية أو يجامل أو يداهن فقد كفر بالمرسل والرسول والرسالة فعندما جمع الرسول ذلك الجمع الغفير في الجحفة يوم الثامن عشر من ذي الحجة واستدعى السابق وانتظر اللاحق من المسلمين ليبلغهم بحديث الولاية بعد أمر الله له بتبليغ الرسالة وأنه إن لم يفعل فما بلغ رسالة الله مما أنزله عليه كان في ذلك المشهد علامات التمام والاكتمال للرسالة الخاتمة وإيذان من الله بدنو رحيل الرسول إلى جوار المرسل بعد أن أكمل الله دينه وأتم نعمته ورضي للبشرية الإسلام دينا ..فما دلالات حادثة وحديث الغدير ؟
أولاً من ثوابت الدين الخاتم أنه لا شريعة بعده، فما جاء به الرسول فهو شرعة وشريعة الله للناس كافة حتى يوم القيامة فلا تنتظر أو تدعي البشرية بعد محمد الرسول الخاتم رسولا ولا نبيا ومن هذا الثابت فيجب أن يكون ثابت متلازم وهو الحفظ والرعاية للرسالة من التحريف والتبديل فكان القرآن المحفوظ من التحريف والتبديل نصا معجزا ميسرا للذكر لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كونه تنزيلاً من حميد مجيد ..هنا يكون المدخل إلى فهم الولاية الشرعية التي جاءت من دلالات ومعاني حديث الغدير، فالله قد ختم التنزيل وحفظ المنزل على قلب الرسول الخاتم وانقطع وحي السماء عن الأرض برحيل الرسول ( أفإن مات أو قُتل انقلبتم …. الآية )، هذه الآية لها دلالات التحول والتبديل الذي لا محالة واقع بعد رحيل الرسول كطبيعة بشرية تنخرط في القداسة للحاضر والتعلق والتفاعل بتوجيهات إلى ابعد حد فإن غاب ظهرت التحولات والتأويلات حول الالتزام بتعاليم المقدس بعد غيابه فكان لا بد من حضور الشخصية البشرية التي لم تتلق الوحي من الأمين بل أخذته بحذافيره ممن تلقاه من جبريل آية آية، هذه الشخصية هي من لازمت الرسول منذ الوهلة الأولى تربية وتوجيها وتطبيقا لمعاني وتعاليم الرسالة في مختلف أبوابها ومجالاتها فكان القائم الصائم المزكي القاضي العادل الفارس المقدام الفاهم العارف بالعقيدة وتفريعاتها السابق إلى الاتباع قبل السابقين هارون الأمة بلا نبوة نفس الرسول في موضع المباهلة الذي يحبه المرسل والرسول ويحب المرسل والرسول حب أتباع وتطبيق ومنهج ..
معانٍ كبيره وكثيرة لن أزيد في السرد لاشتهارها، هذه المزايا والمؤهلات هي التي توجها الرسول يوم الغدير بأن توجه ولياً لكل مؤمن ومؤمنة في جميع تفاصيل الاقتداء والاتباع الممنوحة للرسول الخاتم إلا في موضع النبوة فقد ختمت ومواضيع ثوابت التشريع فقد بلغت وطبقت من الرسول قولاً وفعلاً وتقريراً أمراً ونهياً لهذه الأمة عليها الالتزام به ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ..إذاً فقد كان حديث الغدير انطلاقة للأمة إلى مرحلة حاكمية الرسالة الخاتمة للبشرية إلى يوم القيامة وإن رحل الرسول جسدا إلا أنه ترك منهجا محفوظا بل قابلا للتطبيق من البشر بأجمعهم فقد امتثل جميع تعاليمه وطبقها وليد الكعبة وشهيد المحراب مثال العدالة والإنسانية الإمام علي بن أبي طالب بلا عصمة ولا وحي وإنما جهد العارف والساعي إلى رضوان الله ..ومن هنا فمن جعل سيرة علي الكرار منهجه سواء كان حاكما أو رئيسا أو قاضيا أو قائدا عسكريا أو رجل اقتصاد أو عابدا في محرابه أو زوجا وأبا مربيا أو خطيبا أو أديبا أو شاعرا أو أياً من صفات الكمال البشري فقد امتثل أمر النبي حين قال ( فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ) وسيدخل في دعوة النبي له ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) وسيكون ممن نصر منهج الرسالة عندما ينصر علي في جميع مواقفه وحروبه التي لن تخرج عن الحق فـ ( علي مع الحق والحق مع علي ) فهل بعد الحق الا الضلال ..وفي ذات الوقت سيزداد ثقته بالقرآن المحفوظ الذي لن يخالفه علي لان ( علي مع القرآن والقرآن مع علي ) ..وهذه معاني الرسالة التي أرسلها المرسل عز وجل وبلغها الرسول الخاتم ..وقبل الختام وحتى لا نظل أسيري التاريخ الإسلامي منذ رحيل الرسول إلى يومنا هذا والتي أنتجت طائفية مغالية قاتله فرقت الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس كونها آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر فإن الواجب اليوم لعودة أمة الرحمة أن تلعن التعصب والطائفية المفرقة وتتمسك باليد التي رفعها الرسول يوم الغدير يد العدالة والخير والجهاد وتنهج منهجه الأصولي ولا تجعل للفرعيات العملية مكاناً في دائرة الرفض لأهل لا إله إلا الله محمد رسول الله ..حينها ستنتصر على أعداء الرسالة والرسول والمرسل..
والله الموفق

قد يعجبك ايضا