صنعاء تعلن نفسها عاصمة للمقاومين ورافعة لفلسطين
قيادة ثورة 21 سبتمبر رفضت عرضين مغريين للتخلي عن فلسطين.. فكان العدوان والحصار
مسؤول الملف الفلسطيني في أنصار الله : لنا الفخر أن نواجه عدواناً وحصاراً على أن نبدل مواقفنا من فلسطين
ممثلو الفصائل الفلسطينية في اليمن : انتقال راية فلسطين إلى صنعاء القوية الحرة مؤشر على الانتصار اليمني والفلسطيني
الثورة /إبراهيم الوادعي
بعد ست سنوات من العدوان والحرب احتضنت صنعاء للمرة الأولى لقاء جامعا ضم جميع الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية بما فيها الإصلاح والناصري والاشتراكي الذي تتواجد قيادات لها في عواصم العدوان وتشارك إلى جانب الغزاة في القتال كحزب الإصلاح .
قبل نحو ست سنوات من اليوم توجه وفد حكومي -بتوجيه الخائن الفار هادي- إلى صعدة وهناك قابل الوفد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ، وقدم عرضا مغريا هو حصة من النفط والمشاركة في السلطة ومزايا أخرى .
رفض السيد عبد الملك العرض وتلقى الوفد الذي كان يضم اكبر السياسيين اليمنيين آنذاك محاضرة لم يألفها حول الوطنية والمبادئ والثوابت الإسلامية ،وكيف أن هذه جميعها ليست للمبادلة أو للبيع .
في تلك الأيام كانت العاصمة صنعاء على بعد خطوات من التحرر ، محاطة بمخيمات الاعتصام والتي كانت تطالب بشراكة حقيقية وإخراج اليمن من الحاضنة الأمريكية والسعودية .
عقب فشل مهمة وفد هادي والذي ذهب بإيعاز أمريكي ونجاح ثورة الـ 21 من سبتمبر توجه موفد سعودي إلى صعدة وقدم عرضا أكثر إغراء مما قدم وفد هادي وهو أن يكون انصار الله وكلاء جدد للنفوذ السعودي ولهم أن يتحكموا بثروات اليمن كيف شاءوا وستغدق عليهم المساعدات من كل حدب وصوب ، ومرة جديدة جرى رفض العرض ، ولربما تلقى الموفد السعودي كسابقه ذات النصيحة عن المبادئ والثوابت القومية العربية والإسلامية وأنها ليست خاضعة للعرض والطلب .
العرضان السعودي واليمني عبر العملاء كان بهدف واحد هو منع القوة الناشئة “أنصار الله” من أن تكون رافعة جديدة لفلسطين والقدس والقضية المركزية للأمة ، في تلك الفترة كان يجري التحضير في أروقة الإدارة الأمريكية لما سمي لاحقا صفقة القرن.
المعطيات من داخل الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال تصريحات الرؤساء الأمريكيين السابقين تؤكد بأن أمريكا كانت تعمل منذ سنوات لإنهاء صداع القضية الفلسطينية، الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تحدث عن الصفقة ، لكن الوقت لم يسعفه لتقديمها عربونا لبقاء الحزب الديمقراطي في السلطة .
الديمقراطيون في الإدارة الأمريكية كانوا يدركون بأن الأوضاع في المنطقة العربية رغم الربيع العربي وانهاك الأطراف المقاومة فيه لم تنضج لدى الشعوب لتمرير الصفقة ، بعكس ترامب الذي تتسم سياساته بالتهور وقلة الذوق السياسي والدبلوماسي .
وبحسب جون بولتون في مقابلة من راديو فرانس برس فإن ” صفقة القرن مرهونة باستمرار ترامب في السلطة ، وهذا الموقف يكشف تأثير الصهيونية العالمية واللوبي اليهودي المتغلغل في الولايات المتحدة ، فبولتون هنا يتعالى على الإهانة التي وجهها له ترامب بطرده من البيت الأبيض ليروج له انتخابيا كي تعيش الصفقة .
بالعودة إلى صنعاء كان من نتاج عدم قبول القيادة الثورية الجديدة في اليمن ، استعادة اليمن لموقعه الكامل إلى جانب فلسطين حكومة وشعبا، بعد أن كان النظام السابق يداهن الشعب حول فلسطين ويبيعها باتفاقات مع الإدارة الأمريكية والحركة الصهيونية .
وفي هذا السياق يقول حسن الحمران مسؤول الملف الفلسطيني في انصار الله في كلمة أمام اجتماع صنعاء وأمام ممثلي الفصائل الفلسطينية ” لنا الفخر أن نواجه عدوانا وحصار على مدى ست سنين على أن نبدل مواقفنا وعقيدتنا تجاه فلسطين، ونقول للإخوة في فلسطين نحن معكم حتى تتحرر فلسطين كل فلسطين”.
أحد أهم أسباب العدوان على اليمن منذ مارس 2015م هو الموقع الجديدة الذي تحول إليه، وهدد لاحقا ولا يزال بإفشال صفقة القرن وجعلها هشة معرضة للانهيار .
توجيه التهم لليمن وأنصار الله بالعمالة والتبعية لإيران هو نوع من المغالطة للرأي العام تشنه الماكينة الإعلامية السعودية ، فالأخيرة لا تجرؤ على قول الحقيقة صراحة رغم مضيها في قطار التطبيع رويدا رويدا عبر دفع ناشطين إلى التواصل مع الأقنية الصهيونية أو إنتاج مسلسلات تروج لادعاء الحق اليهودي في فلسطين ومفهوم التعايش مع اليهود في الجزيرة العربية.
الشرعية التي تقاتل السعودية لأجل إعادتها لليمن وفق زعمها أجبرت على الجلوس مع الإسرائيليين، وقدمت كبش فداء للسخط الشعبي العربي والإسلامي في مؤتمر وارسو المؤتمر التطبيعي بامتياز ، وزير خارجية هادي الذي جلس إلى جوار نتياهو انتهى مشاره السياسي عقب ذلك المؤتمر.
بالأمس ثمة رسالة كبيرة أبرقت بها صنعاء إلى العالم وخصوصا العالم الإسلامي، فالاجتماع الذي ضم مختلف الفصائل الفلسطينية على طاولة واحدة مع الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية للوقف أمام ما يتهدد فلسطين من مؤامرات والتصدي لصفقة القرن وهرولة المطبعين في دول الخليج .
على طاولة واحدة بالعاصمة صنعاء جلست الأحزاب المناهضة للعدوان مع أحزاب الإصلاح والناصري والاشتراكي التي تتواجد قياداتها في عواصم العدوان ويقاتل أتباع لها إلى جانب الغزاة ، الجميع جلس للمرة الأولى على طاولة واحدة منذ بدء العدوان في مارس 2015م قبل 6 سنوات ، تجاوز الجميع كل الخلافات البينية العميقة لأجل فلسطين.
هذا المشهد الجامع هو بمثابة إعلان عن ولادة صنعاء محطة عربية وإقليمية للقضية الفلسطينية وحاضنة للمقاومين على اختلاف رؤاهم ، وليس هناك أدل من اجتماع مكونات سياسية يمنية تتقاتل في الميدان لكنها أمام فلسطين جلست على طاولة واحدة وخرجت بكلمة سواء تعكس الإجماع الشعبي في اليمن .
بالأمس القريب نجحت الولايات المتحدة وبتمويل المال العربي في إخراج دمشق من المعادلة كحاضن عربي للمقاومة ولفلسطين، وأضعفتها بالحروب والاقتتال.
وبحسب ممثلي الفصائل الفلسطينية في اجتماع صنعاء فإن انتقال الراية إلى صنعاء القوية الحرة في خياراتها والثابتة في مبادئها رغم سني العدوان والحصار يعد مؤشراً على الانتصار الذي بات واضحا للعالم وتقامر السعودية في تجاهله واستمرارها بالحرب والحصار، وهو انتصار لفلسطين وكل مقاوم شريف في العالم.
قد تكون دمشق الأقرب جغرافيا للقدس، لكن القدس الأقرب بصنعاء إلى الحرية والانتصار.