هل تنجح اللجنة الحكومية للحوار مع النقابات التربوية في كسر الإضراب¿


وزارتا التربية والخدمة: الاستجابة لكل ما يطرحه المعلمون مستحيلة
وزير التربية والتعليم:
المطالب الحقوقية في رأس قائمة أولوياتنا.. لكن الأمر محكوم بالسيولة المالية
رفع المعلمون الشارات الحمراء منذ الأحد الماضي مطالبين بحقوقهم التي تصل إلى عشرين مطلبا وكلفتها 66 ملياراٍ ليدخلوا المرحلة الثانية من المطالبات وهي الإضراب الجزئي الذي سيستمر حتى نهاية الأسبوع الجاري وفي حال عدم الاستجابة لمطالبهم سيصعدون الإجراءات التي على رأسها الإضراب الشامل وبهذا يكون المعلمون قد استكملوا قواعد لعبة “الشد والجذب “بينهم وبين الحكومة …ففي الوقت الذي يرى فيه المعلمون ـ أن مطالبهم هي حقوقية بامتياز تتباين المواقف في الحكومة حيث أبدى البعض تعاطفهم المشروط مع هذه المطالب ويأتي على رأس هؤلاء رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة ووزير التربية والتعليم الأشول ووزير المالية الوجيه أما الجانب الآخر من الحكومة فيرى أن توقيت المطالب يدخل في المناكفات السياسية لأنه يستحيل الاستجابة لها في ظل الأوضاع التي تمر بها البلد اقتصادياٍ …تفاصيل أكثر في سياق التحقيق التالي:
في اليابان يمنح المعلم راتب الوزير وصلاحيات وكيل النيابة حتى تأتي العملية التعليمية أكلها على أكمل وجه أما في اليمن فمنذ أن عرفنا أنفسنا ونحن نسمع بمسلسل الإضرابات شبه المستمرة والتي ينفذها المعلمون بموجب دعوات من نقاباتهم المهنية والتعليمية فمنذ العام 2005م وهم يطالبون بالعلاوات السنوية
لم تقف مآسي المعلمين عند هذا الحد فطبيعة العمل للكثير من الإداريين والموجهين هي الأخرى توقفت ومثلها بدل للعاملين في المناطق الريفية المتقاعدين ـ أيضا ـ كان لهم نصيبهم من المعاناة حيث تم اقتطاع مبالغ من رواتبهم إضافة إلى حوالي 30 ألف معلم تم إسقاط طبيعة عملهم منذ العام 2008م لذا لم يكن أمام المعلمين ممثلين بنقاباتهم إلا أن يضعوا هذه المطالب في قائمة وأضافوا إليها مطالب أخرى كالتأمين الصحي وعلاوات 2013م يذكر أن مصفوفة المطالب التي أعلن لأجلها الإضراب تصل إلى عشرين مطلبا .
هرمنا
المتابع للمعلمين وهمومهم في عموم المحافظات سيجد أنهم في قضية هي أشبه بالحلقة المفرغة التي لا يعلمون أين طرفها فإذا ما شاركتهم في حديثهم ستجد أن مناقشتهم باستمرار محورها العلاوات والمستحقات المالية وما ترافقها من مماطلات حكومية سنة تلو الأخرى لذا فقد اتخذوا الإضراب كوسيلة مناسبة لرد الفعل ولانتزاع حقوقهم لا سيما وهم يقولون ” الحقوق تنتزع ولا توهب فتكررت الإضرابات حتى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من العادات والتقاليد .
حي على العلاوات
رغم اختلاف الانتماءات السياسية لنقابات المعلمين إلا أنها اتفقت على ألا تختلف هذه المرة ما دام أن الداعي يقول” حي على العلاوات ” لذا إرتأت نقابات المعلمين الأربع أنه لا بد من الاستجابة لهم وإن طال التعب حيث بدأت الرحلة برفع الشارات الحمراء في الاسبوع الماضي ليبدأ التصعيد من يوم الأحد الماضي بالإضراب الجزئي حتى يوم الخميس وفي حال عدم الاستجابة لمطالبهم سوف يكون الإضراب الشامل ـ حسب قول أحد مسؤولي النقابات.
حسن المعمري رئيس دائرة قضايا العمل في النقابة الوطنية للتعليم العام أوضح أن مطالب المعلمين حقوقية بامتياز وأن المطالبة بهذه الحقوق لا تتعلق بالتوقيت كما يعتقد البعض لذا ينبغي على الوزارات المعنية أن تسمع لهذه المطالب ما لم فإنه سيتم اتخاذ قرار التصعيد من قبل النقابات وقد أبدى المعمري استغرابه من موقف بعض المسؤولين الذين وصفوا مطالب المعلمين بالأوراق السياسية وعن المطلب الأبرز الذي يؤرق المسؤولين وهو العلاوات التراكمية منذ العام 2005 حيث ستكلف الميزانية عشرات المليارات يقول المعمري: ” العلاوات المتراكمة هي بالأساس أخطاء للحكومات السابقة وتحملتها حكومة الوفاق إلا أننا ـ في الأول والأخير ـ نتعامل مع شخص دولة بغض النظر من الذي أخطأ أو أصاب
أماعبد الله القاضي رئيس دائرة قضايا العمل في نقابة المهن التعليمية فيؤكد ما قاله المعمري منوها في الوقت ذاته بضرورة الاستجابة لمطالبهم كونها حقوقاٍ ثابتة لشريحة كبيرة من العاملين في الدولة من معلمين وإداريين وموجهين وعن التكلفة المالية الكبيرة لهذه المطالب يقول” لا علاقة لنا بموضوع الموارد المالية وعلى الحكومة أن تعترف بهذه الحقوق وتنفذها ما لم فالإضراب الشامل سيبدأ عما قريب”
الحكومة تتفهم
رئيس الوزارء الأستاذ محمد سالم باسندوة وفي اجتماع مع نقابات المعلمين ووزراء المالية والتربية والتعليم والخدمة المدنية تفهم مطالب المعلمين واعترف بأنها حق لازم من حقوقهم المشروعة وكلف لجنة مكونة من الثلاثة الوزراء السابق ذكرهم للنظر في الموضوع وبناء على هذه القرار سيجتمع الوزراء مع النقابات لمناقشة المطالب
وزير التربية والتعليم الدكتور عبد الرزاق الأشول الذي التقاه كاتب التحقيق أبدى تجاوبا مع المطالب المشروعة للمعلمين وصنف مطالبهم بأنها في رأس قائمة اهتمامات الوزارة فهو يرى أن الوزارة قطعت شوطا كبيراٍ في سبيل تنفيذ الكثير من حقوق المعلم الأمر الذي لم تنجزه الكثير من الحكومات السابقة ـ حد وصفه ـ وعن قائمة المطالب العشرين التي طرحتها نقابات المعلمين يقول ” بالنسبة للعلاوات فقد تم صرفها ولم يتبق سوى مستحقات سنة واحدة وبهذا الخصوص التقيت بوزير الخدمة المدنية وتم إصدار الفتاوى لها ثم التقيت بوزير المالية مرتين ولم يمانع من صرفها إلا أن المشكلة هي أن السيولة المالية غير كافية لصرفها في الوقت الراهن وذلك لتعرض أنابيب النفط للتفجير أكثر من مرة لذا أدعو المعلمين أن يتحلوا بالصبر حتى تتوفر سيولة مالية والمسألة مسألة وقت لا أقل ولا أكثر” وعن العلاوات المتراكمة منذ العام 2005م يقول: ” هذا الموضوع هو خطأ حكومات سابقة وتحملته حكومة الوفاق ولن نستطيع دفعها نظرا لحجمها الكبير “هذا وقد خاطب الأشول الروح الوطنية للمعلمين بأن يقفوا عن الإضراب لتتمكن الوزارة من تلبية مطالبهم .
أما نائب وزير التربية والتعليم الدكتور/ عبدالله الحامدي اعتبر مطالب المعلمين في هذا التوقيت مجرد أوراق سياسية لا أقل ولا أكثر واستبعد النائب أن تكون هناك أي استجابة لمطالبهم ووصف الاستجابة لهم بالمستحيل في الوقت الراهن معللا ذلك بالحجم الهائل للمبالغ التي يطلبونها.
من وزارة الخدمة المدنية حافظ إبراهيم صديق وهو مسؤول في مكتب وزير الخدمة المدنية ورئيس كتلة الموظفين الجدد تقول بأن إثارة هذه المطالب في هذا التوقيت توجه سياسي أكثر من كونه حقوقياٍ ويستدل حافظ على حديثه بالقول ” لقد صدرت الميزانية العامة ولم تدرج مطالبهم وهم يعون هذا الكلام فإثارة هذه الإشكالية الآن دليل على البعد السياسي للقضية ” وعن انضمام الموظفين الجدد للإضراب يقول ” :حددنا موقفنا حول الموضوع وهو عدم المشاركة في هذا الإضراب والسبب ـ كما أوضحنا ـ أن بعده سياسي “
مراقبون وسياسيون استبعدوا أن يكون موقف الإضراب ذا بعد سياسي وقالوا بأن اتفاق النقابات الثلاث التابعة للأحزاب السياسية المؤتمر والإصلاح والاشتراكي إضافة إلى النقابة الرابعة ” المستقلة ” دليل واضح على عدم وجود أي دوافع سياسية وراء الإضراب حيث لا يوجد طرف سياسي آخر يقف كضد في القضية من جهة أخرى اعتبر هؤلاء المراقبون مسألة الاستجابة لكل مطالب نقابات المعلمين غير منطقية لأنها جاءت في وقت واحد وفي ظل أزمة مالية وسياسية لن تستطيع الحكومة الوفاء بها .
ختاماٍ
يبدو الأمر صعباٍ على المدارس.. وسط أجواء مشحونة بين الحكومة والمعلمين.. خاصة وأن مطالب المعلمين تبدو كبيرة لأنها تصل إلى عشرين مطلبا لا تعترف الحكومة إلا بالقليل منها في ظل إصرار من النقابات على استيفائها ويبقى الاجتماع المرتقب بين اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء للحوار مع النقابات المعنية هو الأمر الذي سيحدد مصير العملية التعليمية التي دخلت أجواء الإضراب الجزئي.

قد يعجبك ايضا