عواصم/ وكالات
تماشياً مع المحاولات الإسرائيليّة لتقليص صلاحيات المملكة الأردنيّة على الأوقاف الإسلاميّة في القدس وعلى المسجد الأقصى الذي يتعرّض منذ مدّة طويلة لهجمة شرسة من الاستهداف الصهيونيّ، يمارس الاحتلال الغاشم ضغوطاً شديدة على وزارة الأوقاف والأردن من أجل إحداث تغييرات جذريّة في مجلس الأوقاف الإسلاميّة، لتحقيق مبتغى العدو في أن تنوب السعوديّة عن الأردن في تلك المسألة، بالتزامن مع كثافة اقتحام حرمة المسجد من قبل الجماعات المتطرفة اليهوديّة، التي تسعى لأن يكون لها موطئ قدم داخل المسجد المبارك، بغطاء سياسيّ وقانونيّ من قوات الاحتلال الغاصب.
لماذا السعودية؟
بحسب مواقع إخبارية، أكدت دائرة الأوقاف الإسلاميّة الفلسطينيّة، أنّ “الاحتلال الصهيونيّ يسعى لأن تنوب السعودية عن الأردن فيما يتعلّق بالأوقاف الإسلاميّة، في محاولة لفرض وقائع جديدة في المسجد الأقصى تلتقي مع مصالح الطرفين”، ما يطرح علامات استفهام معروفة الإجابة حول الهدف الصهيونيّ في زج الذراع السعوديّة في مسألة الأوقاف الإسلاميّة، بعد فضائح التطبيع مع الكيان التي هزت الشارع العربيّ ولم تحرّك ذرة كرامة في ضمائر المُطبعين الذين ضحوا بقضيّة العرب والمسلمين.
وفي هذا الصدد، لا غرابة في أن يستميت العدو في وضع السعوديّة على خطّ المقدسات، لأنّه يعلم أنّ من ضحى بكامل القضيّة لن يأبه بما سيحِل بمقدسات فلسطين ورجال دينها، وما حدث مع خطيب المسجد الأقصى، رئيس الهيئة الإسلاميّة العليا في مدينة القدس، الشيخ “عكرمة صبري”، وما يحدث يومياً مع الحراس وموظفي الأوقاف والمرابطين من إقصاء وإزعاجات بالجملة، ما هو إلا “مزاح” إن صح التعبير، مقارنة بما سيحصل في حال زج الكيان بأيدي الاستسلام السعوديّة في هذا الشأن.
نفوذ صهيونيّ على الأقصى
شملت المحاولات الصهيونيّة الحثيثة تقليص دور دائرة الأوقاف الإسلاميّة وسحب صلاحيتها المتعلقة ببرامج السياحة الأجنبية للمسجد الأقصى، إذ باتت بيد سلطة الاحتلال الذي أصبح وحده من يحدد مواعيد السياحة وأعداد المشاركين الأجانب دون أيّ تنسيق مع الأوقاف، كما جرّدها من كامل الصلاحيات المتعلقة بأعمال الترميم داخل المسجد وفي منشآته المختلفة، مع فرض رقابة مشددة عليها، وتجاوزت وقاحة المحتل إلى اعتقال مسؤولي لجان الإعمار والفنيين، بالإضافة إلى جعل مرافقة كبار الضيوف العرب والأجانب وإعداد برامج زياراتهم من مهام شرطة الكيان الغاصب.
وفي سياق الإجراءات الصهيونيّة المتطاولة على حقوق الشعب الفلسطينيّ داخل أرضه، حدّد كيان الاحتلال أعمار المسموح لهم بالصلاة داخل المسجد ومواقيت دخولهم للصلاة، كما انتزع برنامج الحماية والحراسة من وحدات الحراسة التابعة لدائرة الأوقاف الإسلاميّة ووضعها بمتناول قيادة شرطته التي أنشأت مقرات لها في منشآت داخل ساحات الأقصى بكل وقاحة واستبداد، وأُنشأت لهذا الغرض شبكة مراقبة متطورة على كل أسطح البنايات المطلة على المسجد.
ومن الجدير بالذكر أنّ البُعد الآخر لمحاولات استهداف النفوذ الأردنيّ على المسجد الأقصى يتمثل في الضغط الاقتصاديّ الممنهج على الأردن التي تعاني من أوضاع اقتصاديّة مترديّة، بالتزامن مع عروض السعوديّة بمساعدة المملكة الأردنيّة اقتصاديّاً، من بوابة فرض الحضور السعوديّ على إدارة الأقصى وذلك بتعيين أذيال السعودية في مجلس الأوقاف.
رفضٌ أردنيّ
وتشير المعطيات إلى أن الأردن يرفض كافة المحاولات والضغوط الممارسة عليه، بعد رفض المملكة الأردنيّة لتدخلات سعوديّة سابقة في شؤون المسجد الأقصى من بوابة المساهمة المالية في ترميم مسجد الصخرة المشرفة وقبته.
وبالمقابل، استبعد عضو مجلس الأوقاف، “حاتم عبدالقادر”، رضوخ المملكة الأردنيّة لأيّ محاولات تنتقص من وصايتها على المسجد الأقصى وكافة المقدسات في القدس، باعتبارها وصاية تحظى بشرعية من قبل الفلسطينيين ممثلة بقياداتهم السياسية، مبيناً أنّ محاولات جرت في السابق للانتقاص من هذه السيادة الحصرية للأردن من خلال محاولات أفراد تشكيل وفد مقدسيّ إسلاميّ مسيحيّ للتوجه إلى السعوديّة قبل عامين ومبايعة الأمير “محمد بن سلمان”، في سياق السعيّ السعوديّ للإشراف ولو جزئياً على شؤون الأقصى، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل وتم إحباطها في ذلك الوقت.
من جهته، حذر الشيخ “عكرمة صبري”، من تلك المحاولات، معتبراً أنّ الاستهداف الممنهج للمصلين والمرابطين في محيط المصلى المرواني، ومسلسل الاعتداءات والاعتقالات التي شهدناها أخيراً ضد المرابطات، يؤشر إلى ما تضمره سلطات الاحتلال من نوايا وما تخطط له من مؤامرات للسيطرة على كامل المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى حيث يقع مصلى باب الرحمة، وهي ممارسات باتت تُفقد الأوقاف عملياً سيطرتها على تلك المنطقة.