مبيدات الجراف«القاتلة» في طريقها إلى بريطانيا



> وزارة الزراعة: جمعنا المبيدات المتسربة والكراتين المشبعة بالسموم ونقلناها إلى مكان آمن

> قسم شرطة المنطقة: وجدنا المبيدات في حوش أحد التجار المعروفين والقضية أمام النيابة

> مواطنو الحي: روائح المبيدات انبعثت منذ شهرين وصاحبها ربو وإسهالات وغثيان عند بعض السكان

> خبراء يحذرون: تداول المبيدات دونما موانع سيرفع معدلات الإصابة بالسرطانات

مصيبة أن يفقد الإنسان صحته وعافيته نتيجة نشاط غير مشروع يقوم به الغير من أجل تحقيق مصالحه الشخصية هذا ما شعر به سكان حارة بير عرهب وما جاورها من الحارات الأخرى نتيجة لانبعات رائحة تفرزها المواد الكيمائية المستخدمة بطريقة غير مشروعة في مبيدات الآفات الزراعية والتي كانت مدفونة في تراب أحد الأحواش والمملوكة أصلاٍ لأحد أكبر تجار المبيدات في الجمهورية اليمنية.
هذا الموضوع لا يهم عدداٍ من حارات أمانة العاصمة إنما يلقي بظلاله على بيئة محيطة بـ 25 مليون مواطن يمني.
ولأهمية الموضوع واكبنا لحظة الحدث وخرجنا بالسطور التالية:

تفاصيل ما عاناه أهالي هذه الحارات والأيام التي عاشوها وهم يستنشقون هذه الغازات السامة يرويها لنا حزام علي من سكان المنطقة والذي قال من اكتشف هذه الكارثة هم سكان الحارة والمجاورون لهذا الحوش حيث لاحظنا وجود رائحة نتنة منذ حوالي شهرين لكننا لم نعرها أي اهتمام ولكن بعد أن تأكدنا من أن المستأجرين لهذا الحوش يقومون بالحفر خاصة وأنه خلال الأيام الأخيرة ازداد انبعاث الرائحة وبالتعاون مع قسم الشرطة تأكدنا من الواقعة ووجدنا هذه المبيدات مدفونة في التراب وما تضررنا به نحن سكان المنطقة ليس بالهين خاصة وأن البعض قد أصيب بالاسهال والغثيان والبعض الآخر يعاني من الربو لذا نطالب الجهات المختصة بأن تضبط من يقوم بتهريب هذه المبيدات وبيعها للناس.
إلى ذلك تحدث المواطن علي الحميدي من سكان ذات الحارة عن هذه الكارثة قائلاٍ : نحن المواطنين كنا نتجاهل هذه الرائحة حتى أخذت القضية مجراها في الاتساع وقام عدد من المختصين بزيارة الموقع وحذرونا من الغازات المنبعثة كونها تتفاعل مع الرطوبة وهناك من يشعر بآلام في صدره وهناك من حصل له إسهال حاد وأغلب من أصيبوا بهذه الأعراض هم الأطفال والنساء.
وتابع: خلال ثلاثة أيام من ابلاغ النيابة العامة لم تحرك تلك الجهات ساكناٍ إلا في اليوم الرابع وذلك بسبب إجازة يوم الجمعة والسبت لكننا وجدنا التعاون الكبير من قسم شرطة 26 سبتمبر ومن بعض الإعلاميين والذين قاموا بإيصال اصواتنا إلى المسؤولين ليتم التجاوب وإزالة هذا الخطر من المنطقة.
سموم خطيرة
بدورنا اتجهنا إلى موقع الكارثة البيئية وقمنا بالتصوير وطرحنا أسئلتنا على مدير قسم 26 سبتمبر رائد غانم العصري والذي أجاب قائلاٍ : بعد أن قمنا بالتحري حول الرائحة النتنة والتي تأكدنا من مصدرها وهي في أحد الأحواش التي يملكها تاجر المبيدات (ب س) حيث وجدنا العديد من المواد الكيميائية المستخدمة في المبيدات الزراعية وكانت مدفونة في التراب وكان اثنين من الحراس الذين يسكنون مع عائلاتهم في هذا الحوش يحاولون الحفر وإخراج هذه المبيدات ولكن تم اكتشافهم وضبطهم واعترفوا بأنهم يريدون إخراجها من الأرض وقمنا بالتحفظ على الكميات الموجودة والمدفونة على عمق متر واحد كما قمنا بإبلاغ مدير أمن المنطقة وتم التواصل مع وزارة الزراعة وتم إرسال خبراء من الوزارة وانتقلنا معهم إلى الموقع وتم تحريز السموم ووضع حماية لها كما أفاد حراس الموقع بأنها كميات من السموم منتهية الصلاحية والمهربة والممنوع تداولها في الجمهورية اليمنية وذلك لسميتها الشديدة وخطرها الكبير على الإنسان والبيئة.
وقال العصري: نحن نقف مع العدالة ونطالب الجهات المسؤولة بضبط هؤلاء التجار سواءٍ كانوا أصحاب نفوذ أو تجاراٍ صغاراٍ أما ما حدث من قبل السكان بقطعهم لخط المطار فذلك عائد إلى استنفارههم الشديد لعدم تحرك الجهات المختصة ولمدة ثلاثة أيام لأنها صادفت أيام الخميس والجمعة والسبت ولقد تم ايقافي أنا ومدير المنطقة بهذا الشأن ومهما كان فالمواطنون يحق لهم أن يوصلوا صوتهم إلى الجهات العليا فهذه الكارثة ليست وليدة اللحظة إنما تتم عمليات كثيرة تهدد بيئتنا وكأن وزارة الزراعة لا يعنيها شيء وحماية البيئة لا تحرك ساكناٍ لذا نطالب بالضرب بيد من حديد لمن يقومون بعمليات التهريب هذه كونهم لا يقلون ضرراٍ عن مهربي السلاح.
وأكد أنه تم إزالة الضرر عن المنطقة لكن يبقى الدور على تحقيقات النيابة العامة في ما يخص مصدر هذه المبيدات.
ضبط 84 طناٍ
ولتوضيح الصورة أكثر ألتقينا المهندس عبدالله الحاج رئيس الرقابة والتفتيش ومأمور الضبط القضائي في وزارة الزراعة الذي قال: احتوينا هذه الكارثة البيئية يوم الأحد الفائت وذلك عبر اللجنة الفنية التي شكلتها وزارة الزراعة وقمنا بجمع المبيدات المتسربة والكراتين المْشبعة بهذه المواد السامة وجمعنا التربة الملوثة وتعبئتها في براميل خاصة وقمنا بإضافة مواد كيميائية ماصة للتلوث كما قمنا بحفظها حتى تستكمل النيابة إجراءاتها ونقلناها إلى مكان آمن وسليم وسوف تقوم النيابة بالتحقيق ومعاقبة المتسبب في هذه الواقعة أما نحن في وزارة الزراعة فقد قمنا بضبط الواقعة الجنائية وأحلنا محضر الضبط إلى النيابة والتي سوف تستكمل إجراءاتها وفقاٍ للقانون وعلى العموم هذه المبيدات تدخل ضمن المبيدات الممنوعة في الجمهورية اليمنية ولها منذ أن دفنت في هذا الحوش سنتان وعلى العموم ما تم ضبطه من المبيدات المهربة منذ منتصف 2012م حتى شهر سبتمبر 2013م وصل إلى 84 طناٍ وعلينا أن نتخيل لو دخلت هذه المبيدات إلى الأسواق ووصلت إلى المزارعين كيف كان سيكون تأثيرها على صحة وسلامة الناس أما ما يقال بشأن سحب التصريح من التاجر الذي قام بدفن هذه المبيدات فهذا يعود للإجراءات القضائية التي تحدد من المتهم من البريء.
سيتم حرقها في بريطانيا
وكيل وزارة الزراعة د. محمد الغشم أوضح بأن هذه المبيدات مهربة ولم تدخل بطريقة قانونية وقال : لا يعني أن أي تاجر يملك تصريحاٍ من قبل وزارة الزراعة يحق له التهريب فهذا يعود للجهات المختصة ونحن شكلنا لجنة فنية إلى جانب ثلاثة قضاة كلفهم النائب العام وتعاملنا مع هذه المبيدات وفقاٍ لما هو سائد وأزلنا الخطر عن الحي غير أن هذه المبيدات لا نستطيع التخلص منها إلا بحرقها في بريطانيا لعدم وجود محرقة خاصة بهذا النوع من المبيدات في اليمن وقد استدعينا أحد الخبراء تمهيداٍ لإتلافها. في الخارج وللأسف نحن كدولة نمتلك القانون لكننا لم نحاكم أي واحد من هؤلاء المهربين الكبار رغم ما اقترفوه من جرم في حق البيئة والإنسان اليمني وحقيقة هناك من التجار من يمتلكون النفوذ ولا يستطيع أحد أن يكلمهم أو يطالهم القضاء.
تحذيرات خبراء
بدورنا بحثنا عن أخطار هذه المبيدات من بعض المهندسين الزراعيين والذين اثبتوا بأن هذه المبيدات لها القدرة الكبيرة في حال تم تسريبها في التربة أن تصل إلى المياه الجوفية وأثبتوا أن لها تأثيراٍ مباشراٍ على أجهزة الجسم في الإنسان فهي وبحسب رأيهم تسبب سرطان الكبد والغدة الدرقية والمعدة كما أنها عند تشبعها مع الرطوبة يصبح تأثيرها فتاكاٍ خاصة أن العديد من المركبات المستخدمة في صناعة هذه المبيدات لها القدرة الكاملة على التأكسد مع الهواء وأن تخترق خلايا الجسم بسهولة ويسر وتهاجم الأجهزة التنفسية للإنسان بما فيها الرئتين محذرين من استمرار وضع تداول المبيدات في اليمن بهذا الشكل.

قد يعجبك ايضا