ا تدفنوا رؤوسكم في الرمال.!! 

في الوقت الذي نعتز فيه بالدور البطولي الذي يسطره أبطال القوات المسلحة والأمن والتضحيات التي يقدمها هؤلاء الأفذاذ وهم يؤدون واجبهم الوطني في التصدي لعناصر الإرهاب الإجرامية¡ التي تستهدف زعزعة أمن واستقرار الوطن¡ وإلحاق الضرر باقتصاده الوطني ومسيرته التنموية¡ والعبث بحاضر ومستقبل أبنائه¡ فإننا وفي الوقت نفسه نسأل أين دور الآخرين في هذه المواجهة التي يخوضها الوطن مع فكر التطرف والإرهاب¡ ولماذا عمد البعض إلى دفن رؤوسهم في الرمال وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد مع أن الواجب يفرض عليهم الاضطلاع بمسؤولياتهم¡ كل من موقعه¡ لدرء ذلك الخطر وحماية الوطن من شروره¡ باعتبار أن المعركة مع الإرهاب لا تتوقف حدودها عند الإجراءات الأمنية بل أن العلماء والوعاظ والمرشدين معنيون بتوعية الناس بالعواقب المدمرة لذلك الفكر المنحرف والضال¡ الذي ما تغلغل في بلد إلاøø وحوøل◌ِه◌ْ إلى ساحة تسكنها الشياطين. وهل من المنطقي أن يلوذ علماؤنا والوعاظ والمرشدون بالصمت إزاء ذلك المنكر الذي يمثله فكر الإرهاب المتطرف المبني على الجهالة والضلالة والانغلاق والغلو والانحراف والمفاهيم الضيقة¡ التي يستبيح بها هذا الفكر دماء المسلمين وأرواحهم وأمنهم وسلامة حياتهم وسكينتهم العامة¿ وكيف يمكن تفسير هذا الصمت تجاه فكر يرفضه الدين والفقه وقيم العقيدة والتوحيد¡ فيما نجد أن الكثير من منابر مساجدنا صارت مكرسة لإثارة بعض القضايا الثانوية والجانبية التي لا تخدم إثارتها الدين ولا المجتمع¿. ولماذا يحتدم الجدل في هذه المنابر على مثل تلك القضايا الهامشية إلى درجة أن هناك من الوعاظ والمرشدين من لا يتردد في حشر نفسه حشرا لتحويل توحيد الأذان في المساجد إلى قضية خلافية تلوكها الألسن بالتداول¡ فيما تخرس ألسنتهم عن نشر القيم التنويرية للإسلام وتحصين أبناء المجتمع من آفة الفكر المتطرف التي تسىء كليا لجوهر الدين ورسالته ومضامينه النقية¿ وهل من مصلحة الدين أن تخبو أصوات دعاة الوسطية والعقول النيرة أمام فكر التطرف وممارسات عناصره الذين يلحقون الأذى البالغ بهذا الدين وأتباعه¿ وهل يعلم علماؤنا الأجلاء والوعاظ والمرشدون أن الخطر الداهم هو في أن يتسلل مثل ذلك الفكر المنحرف والضال إلى مجتمعنا بثقافته المدمرة في ظل القصور القائم والذي يتوزع بين الأسرة في البيت والمدرسة والمساجد والجامعات ووسائل التوعية والتثقيف المجتمعي ليمتد فيصل إلى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي لم تقم حتى الآن هي الأخرى بأي دور في هذا الجانب¡ فيما هي تدعي حرصها على سلامة وأمن هذا الوطن¿ إن المؤسف حقا أنه وعلى الرغم من بشاعة ظاهرة الإرهاب وما تشكله من خطر حقيقي فإن أيا من هذه الأحزاب لم يتبن برنامجا توعويا أو فكريا أو ثقافيا يساهم في توحيد الجبهة الداخلية في مواجهة ذلك السلوك العنيف والإجرامي¡ بل أن هذه الأحزاب تتردد أكثر من مرة إذا ما تعلق الأمر بإصدار بيان يندد بأية جريمة إرهابية استهدفت مواطنين أبرياء أو جنودا◌ٍ يؤدون واجبهم في حراسة أمن واستقرار الوطن أو مرفقا اقتصاديا أو أيا من المصالح الأجنبية¡ وكأن هذه الأحزاب تعيش في جزيرة منقطعة عن هذا الوطن أو أن لا رابطة تجمعها بهذا المجتمع. وأمام هذه الحقيقة المرة لا بد من الإقرار بأن المواطنة ليست شعارا يرفع وإنما هي مجموعة من الاستحقاقات والمسؤوليات والواجبات¡ وإذا ما سلمنا بهذا فإن الأمانة تقتضي أن يحاسب كل منا نفسه ويعلم أن أمن واستقرار هذا الوطن هو مسؤوليتنا جميعا دون استثناء¡ وأن علينا أن نميز تماما بين خلافنا السياسي والحزبي وبين واجباتنا تجاه وطننا¡ وأنه لولا هذا الوطن الذي وفر لنا مناخات الحرية والعيش الكريم لكان وجودنا مثل عدمه. والمفارقة العجيبة أن نجد البعض يناوئون فكر الإرهاب ويعتبرونه من المنكرات التي لا تغتفر عندما يتصل الأمر بحادثة إرهابية في أي بقعة من العالم فيما يصمتون صمت النيام إزاء خطر الإرهاب على وطنهم. ولا ندري كيف يتحول المرء من النقيض إلى النقيض¡ مع أن المبادئ لا تتجزأ. وفي كل حال لا خيار لنا في هذا الوطن سوى أن نقف صفا واحدا في مواجهة آفة الإرهاب والقضاء عليها وتخليص الوطن من شرورها¡ وذلك ما يقوم به أبطال القوات المسلحة والأمن اليوم¡ الذين عقدوا العزم على اجتثاث هذه الآفة من جذورها وقطع دابر عناصرها ليؤكدوا بشجاعة واستبسال أنهم أشرف الرجال وأوفى الأوفياء لوطنهم وشعبهم .. ويكفي أنهم وهبوا أرواحهم الغالية ودماءهم الطاهرة من أجل الحفاظ على أمن واستقرار هذا الوطن وصون مقدراته وإنجازات أبنائه¡ ليستحقوا بذلك تقدير الشعب والقائد. أما الذين يدفنون رؤوسهم في الرمال فسيظلون موضع ألف سؤال وسؤال!!

قد يعجبك ايضا