فيما خطة الضم تنتظر الضوء الأخضر من ترامب

الهدم والتهجير سياسة ممنهجة للكيان الصهيوني ..ولا حل إلا المقاومة

 

 

الثورة /قاسم الشاوش
لا يزال الكيان الصهيوني منذ احتلاله للأراضي الفلسطينية ينتهج سياسة قذرة وأعمالاً وحشية وقمعية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق وهي سياسة الهدم والتهجير، مستهدفا بذلك الوجود الفلسطيني بشكل عام وخاصة في القدس الشرقية والضفة الغربية بهدف افراغ مساحات كبيرة من الضفة الغربية من سكانها الأصليين وضمها للكيان الصهيوني المحتل تحت صمت عربي ودولي فاضح، فمأساة الهدم والضم لم تبدأ بوعود دونالد ترامب بل هي عقيدة راسخة في مذاهب يتبناها الكيان الصهيوني والتي بدأت منذ خطة “الون” عام 1967م بمقترح ان تتخلى إسرائيل عن المراكز السكانية الفلسطينية الرئيسية في الضفة للأردن مع الاحتفاظ بالأراضي على طول وادي الأردن تحت السيطرة العسكرية للكيان الإسرائيلي وتتلخص سياسة الاحتلال على الحصول على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية المحتلة مع اقل عدد ممكن من الفلسطينيين في حين لا تزال المقاومة هي الخيار الوحيد لتحرير الأراضي الفلسطينية من الكيان الصهيوني.
تهجير مُمنهج
فعمليات الهدم المُستمرة أدّت إلى تهجير 90 شخصاً وإلحاق الأضرار بأكثر من 280 آخرين، وهذا العدد يُمثّل ارتفاعاً نسبته 250 في المئة بالمقارنة مع المعدل الأسبوعي للمباني التي استُهدفت منذ مطلع هذا العام، ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، إنّ “سلطات الكيان الإسرائيلي هدمت أو صادرت 70 مبنى فلسطينيًا في الضفة الغربية المحتلة خلال الأسبوعين الماضيين، بحجة الافتقار إلى رخص البناء!”.
وبالإضافة لما سبق، ففي الفترة من يناير 2006م حتى 31 مايو 2020م، هدم الكيان الإسرائيلي ما لا يقل عن 1،554 وحدة سكنية فلسطينية في الضفة الغربية وحدها (لا تشمل القدس الشرقية)، ما تسبّب في فقدان 6780 شخصاً منازلهم، والأرقام التي أبلغت عنها لجنة الاستيطان والمقاومة الفلسطينية أعلى بكثير.
وما يزيد الطين بِلّة هو رفض سلطات الكيان الإسرائيلي إعطاء الفلسطينيين تصاريح وعلى هذا النحو، يجد الفلسطينيون أنفسهم مجبرين على انتهاك أوامر سلطات الكيان الإسرائيلي، خصوصاً أنهم يؤكدون أنّهم يبنون على أراضيهم، ولم يتعدّوا على أملاك الغير، وفي حال البناء، يقوم جيش الكيان الإسرائيلي بتجريف تلك الممتلكات، كما تقوم سلطات الكيان الإسرائيلي بتجريف حتى المدارس والمساجد، محاولةً إيجاد حالة من الضغط على الفلسطينيين بهدف مغادرة مجتمعاتهم.
سلطة عباس.. عميل مُزدوج
بينما تقوم سلطات الكيان الإسرائيلي بهدم وتجريف مناول وأراضي الفلسطينيين، أخذت سلطة عباس على عاتقها البقاء صامتة في جانبها الرسمي، وكأنّ الأمر لا يعنيها، أو كأنّ الفلسطينيين هناك لا يتبعون لسلطتها، وفي أحسن الأحوال تخرج ببيان تنديد أو إدانة لا يُسمن ولا يُغني من جوع.
الطامة الكبرى
لكن الطّامة الكبرى أتت من ابن السلطة الفلسطينية محمد دحلان ومن خلفه دولة الإمارات، حيث اتهم نائب رئيس الحركة الإسلامية الشيخ كمال الخطيب عملاء من الإمارات بمحاولة شراء منزل بالقرب من المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة، واتهم الخطيب طحنون بن زايد آل نهيان بالوقوف وراء هذا المسعى.
أكثر من ذلك، وعلى الرغم من فشل محاولة الطحنون بالسيطرة على منازل بمحيط المسجد الأقصى، رغم عرضه مبلغ 20 مليون دولار!، فقد أكّدت مصادر أنّ محمد دحلان يقوم بتمويل شراء المنازل من الفلسطينيين بهدف توسيع دائرة سيطرة الكيان الإسرائيلي على المناطق العربية والإسلامية في القدس الشريف.
دولياً، ، تكتفي الدول والمنظمات الدولية بالتنديد والإدانة، فها هي منظمة العفو الدولية تعلن وبوضوح أن عمليات الهدم هذه تعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وجزءاً من نمط منهجي من قبل سلطات الكيان الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين بالقوة في الأراضي المحتلة، وأنّ هذه الأعمال ترقى إلى جرائم حرب، وبهذا البيان انتهت مهمة تلك المنظمة، أما الاتحاد الأوروبي، فقد أكد مراراً وتكراراً أنّ سياسة الهدم الإسرائيلية في الأراضي المحتلة غير قانونية بموجب القانون الدولي، ليتابع الكيان الإسرائيلي أعماله وكأنّ شيئاً لم يكن.
الصمود والمقاومة
سكوت المجتمع الدولي أو حتى تنديداته الجوفاء، مُترافقة بخيانة علنيّة من سلطة عباس، ومن خلفها الدول العربية، جميعها تؤكد أنّ لا حلّ لمأساة الفلسطينيين سوى الصمود والمقاومة، فالهدف النهائي لنظام الفصل العنصري الذي ينتهجه الكيان الإسرائيلي بات واضحاً وهو إبقاء المجتمعات الفلسطينية في القدس محاصرة ومهمشة على أمل أن يخرجوا طواعية، وسيتمّ تصنيف تلك المناطق التي تم تفريغها من سكانها لاحقاً على أنها “محميات طبيعية” أو “مناطق عسكرية” يُحظر على الفلسطينيين العيش فيها، ورويداً رويداً ستطلُّ المستوطنات برأسها مُعلنةً انتهاء الوجود الفلسطيني إلى الأبد، وهنا يبدو واضحاً أكثر من أيِّ وقتٍ مضى الحاجة للعودة للمقاومة التي تُعتبر الضامن الوحيد للحقوق الفلسطينية، والطريق الوحيد أيضاً لاستعادة تلك الحقوق، أما انتظار الاتفاقيات مع الكيان الإسرائيلي علّها تجلب شيئاً للفلسطينيين، فلنا باتفاقيات أوسلو خيرُ مثالٍ على ذلك.
في حين، أن عدم وجود التماسك الداخلي، والمعارضة الدولية واسعة النطاق، والمخاوف من العواقب المجهولة لتنفيذ خطة ضم الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة، دفعت القادة الصهاينة وخاصةً نتنياهو إلى التراجع عن تفعيل الخطة سريعاً وتأجيلها، يبدو أن الصهاينة ينتظرون الضوء الأخضر والدعم القوي من واشنطن للإقدام على هذه المخاطرة الكبيرة.
في غضون ذلك، أفادت وسائل الإعلام عن إمكانية عقد اجتماع خاص لكبار مسؤولي إدارة ترامب لاتخاذ قرار بشأن هذه الخطة في الأيام القادمة. کما نقلت القناة الـ 13 الإسرائيلية نقلاً عن مصادر إسرائيلية وأمريكية قولها، إنه من المتوقع أن يجري البيت الأبيض تحقيقاً جاداً هذا الأسبوع، حول ما إذا كان سيعطي “إسرائيل” الضوء الأخضر لضم الضفة الغربية أم لا.
من ناحية أخرى، قال “نبيل أبو ردينة” المتحدث باسم السلطة الفلسطينية ، إن الأيام العشرة المقبلة ستحدد المصير النهائي لعملية السلام بين فلسطين والکيان الصهيوني.
وبناءً على ذلك، فإن اعتماد تنفيذ هذه الخطة على قرار البيت الأبيض، يثير تساؤلاً حول قرار ترامب المصيري في الأيام القادمة. للإجابة على هذا السؤال، يمكننا النظر في مجموعة من المكونات، على أساسها يجب توقع قرارات شخصية ترامب المضطربة.
العوامل التي تدفع ترامب نحو المخاطرة
منذ توليه منصبه في البيت الأبيض، دعم ترامب الکيان الصهيوني وفي مقدمته رئيس وزراء الکيان “بنيامين نتنياهو” بطرق مختلفة، وأطلق عددًا من المشاريع المعادية للفلسطينيين، بما في ذلك ما سمي بخطة “صفقة القرن”.
وعلى الرغم من أن ضم الضفة الغربية لم يتم ذكره صراحةً في صفقة القرن، إلا أن تأکيد الخطة على عدم عودة اللاجئين، وهي أحد المطالب الرئيسة لما يسمى بمحادثات السلام بين الدول العربية والصهاينة في اتفاقيات أوسلو، أو تأكيد صفقة القرن على منع تشكيل دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، يعني عملياً تمهيد الطريق للضم التدريجي للأراضي الفلسطينية المتبقية في الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة.
يعتقد الكثيرون أن عدم قدرة البيت الأبيض على إضفاء الشرعية على صفقة القرن وتنفيذها بشكل مرن، لا يعني إزالة الخطة من جدول أعمال البيت الأبيض، وأن ترامب والصهاينة المقربين منه، مثل كوشنر، يسعون قدر الإمكان لتنفيذ الصفقة أثناء رئاسة ترامب.

قد يعجبك ايضا