بحثاً عن قوة اليمن وسيادته المهدورة!

 

عبدالعزيز البغدادي

إلى روح الشهيد / إبراهيم محمد الحمدي وكل شهداء التحرر ومقاومة العدوان في الذكرى (46) لحركة 13 يونيو التصحيحية

من غرائب هذا الزمان وأهله : أن عدداً ممن استفزتهم اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة رقم (2) لسنة 1999م التي أصدرها المجلس السياسي في 20/ابريل/2020م حسبما نشر؛
هؤلاء الأخوة وبعض القوى السياسية المستفَزَّةْ والمستفزِّةْ ذهبوا إلى الرياض في مؤتمر رسمي هو أشبه بسوق للنخاسة لا ليبيعوا كامل اليمن بل ليهدوها بالكامل إلى طويل العمر ( ولي أمرهم ) !، لاحظوا كامل اليمن وليس خمس الركاز هدية لنظام لا أعتقد أن أجهل المؤتمِرين أو حاضري سوق النخاسة هذا يجهلون تاريخ علاقة السعودية باليمن تآمراً وغزواً ونهباً للأرض واستخفافاً بكل أهله وتكبراً عليهم، وهو نظام أصغر من كل الصغائر، ولعل أبرز مظاهر هذا الاستخفاف تلك الطريقة الوقحة التي أشرف فيها أقذر ملحق عسكري لأقذر نظام على اغتيال أنبل وأشرف حاكم لليمن في تاريخه القديم والحديث هو الشهيد إبراهيم محمد الحمدي بما شهده الناس في فترة حكمه القصيرة من منجزات ، وهذا لا يتناقض مع ضرورة التعامل مع الحكام كبشر يجب أن يخضع عملهم وتاريخهم للنقد إذا أردنا بناء دولة حقيقية تأخذ بأسباب القوة وتحترم مبادئ العدالة والمساواة باعتبارهما أساس كل شرعية ، ومرتكز كل نظام يستحق الاحترام بل ومنطلق كل الأديان ولعل الآية القرآنية (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) توضح إنسانية الرسول الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي تَنقُلُ إلينا السيرة كثيرا من وقائع تأكيده على وجوب إخضاع شؤون الحياة الدنيا للنقاش والحوار الجاد بحثاً عن الحكمة وأن الوحي يتعلق بمجمل الرؤية الإسلامية الواعية وليس بكل تفاصيلها وهو ما جعل الرسول عليه وآله الصلاة والسلام يؤكد في كثير من المواقف والقضايا الحساسة على وجوب استطلاع آراء الحكماء وهذا ما أخذت به المذاهب التي أنزَلَتْ العقل منزلته التي حث عليها الخطاب القرآني في كثيرٍ من آياته ، فأي تقديس للأشخاص أو للآراء الدنيوية مضيعة للدين والدنيا !؛
هؤلاء الإخوة الذين استفزّتهم اللائحة يعيشون سكرة الشرعية المزعومة (التي فُبركت ) لتكون المنطلق للعدوان على اليمن وتمزيقه أرضاً وبشراً وروحاً وشعوراً واحساساً ؛
هذه المقارنة بين المُستفِزِّين بهذه اللائحة وبين نخبة أكثر بؤساً وشقاءً يشكل اجتماعهم في الرياض دعوة مفتوحة لاحتلال بلدهم وإعادة الثورة والجمهورية والوحدة إليه بدعم المملكة ، إنها (فانتازيا وسريالية ) لا أعتقد أن لها مثيلا ؟!!؛
طبعاً هذا لا يعني ولا ينبغي لأحد أن يتخيل بأنني أتفق مع صدور هذه اللائحة من قريب أو بعيد وهناك الكثير ممن وقف ضد العدوان والارتزاق وناهضهما ممن يعاني ما يعانيه أبناء اليمن من آثار هذا العدوان ومقيمين في وطنهم حقيقة أو حكماً قد عبَّروا عن رفضهم لصدور اللائحة وهذا حقهم ويستحقون الاحترام والتقدير ولا ينبغي أن يمسهم احدٌ ما داموا قد سلكوا طرق النقد البناء الخالي من التجريح والإساءة غير المشروعة في أي وقت وفي مواجهة أي قضية ، طالما كانت محل خلاف ، فالقوانين واللوائح ملك المجتمع وينبغي أن تلتزم السلطات التي هي ملك الشعب باتباع الطرق والوسائل والآليات التي تحقق المصلحة الوطنية العليا ، ووفق المبادئ الدينية والدستورية التي تضع العدالة والمواطنة المتساوية موضعهما المحترم فلا يمكن لأي مجتمع أن يحقق الأمن والاستقرار والوحدة بدون هذا ، وستبقى دوامة العنف تعصف باليمن بدعم وتوجيه أمريكي بريطاني صهيوني وأدواتهم السعوديين والإماراتيين وغيرهم اعتماداً على تغذية أسباب الفرقة والشقاق والتعصب المذهبي الذي لم تعرفه اليمن قبل الغزو الوهابي السعودي متعدد الأوجه والذي بدأ منذ زمن وتفاقمت آثاره مع العدوان حيث وجد البيئة المناسبة لنشره ودعمه وتسليح أدواته من أمراء الحرب وتجار العصبية والتمذهب والأحقاد !!؛
تُرى كم من الوقت يحتاج اليمنيون كي يُدركوا أهمية سلاح الحُب في حماية وطنهم وبحثهم الجاد عن سُبل الوحدة الإنسانية ونبذ أسباب الفرقة والشقاق؟!.
ومعرفة الفرق بين الاختلاف المشروع (اختلاف أمتي رحمة) ، والنزاع غير المشروع ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)؟!.
اليمن الطبيعية الموحدة المحروسة بتظافر أبنائها الشرفاء أقوى دولة في الجزيرة العربية وفيها من الخيرات ما يغنيها عن أي تفكير ضيق ، وسيكون لهذا اليمن الحُلم دوره في توحيد الأمة فهل يمكن إدراك أن مكامن هذه القوة وامتلاك أسبابها إنما تنبع من داخل اليمن وحكمة شعبه الأصيل التي أضعناها وسنجدها بإذن الله والبداية ستكون مع انتزاع النصر على أنفسنا كمدخل للنصر على هذا العدوان القذر متعدد الأوجه ؟!!

نعيبُ زماننا والعيبُ فينا * ومــا لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ * ولو نطق الزمان لنا هجانا
(الإمام الشافعي).

قد يعجبك ايضا