سكوت ريتر ضابط الاستخبارات السابق بالبحرية الأمريكية والمفتش الدولي السابق لنزع الأسلحة بين عامي 1991 و1998م، كتب في مقال لروسيا اليوم، “لا فرق سواء إذا كان في أفغانستان أو في شوارع المدن الأمريكية، لم يحقق الجيش والشرطة أي نتيجة سوى الظلم والعنف في مواجهة الذين كانوا من المفترض أن يتم حمايتهم”.
وأشار ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق إلى أن القوات الأمريكية في أفغانستان التي تدخلت في البداية بذريعة حماية أرواح الأبرياء، قتلت العديد من الأبرياء في أفغانستان بحجج أمنية وإرهابية واهية، وقال: إن قوات الشرطة الأمريكية تتعامل بنفس العقيدة مع المواطنين الأمريكيين في الأراضي الأمريكية، ان ملف قتل جورج فلويد هو واحد من ابرز الأمثلة على هذا النهج العسكري. وأضاف: ومع ذلك إن أي تحقيق في مقتل جورج فلويد لا يمكن أن يكون علاجاً لمرض العسكرة الذي تحول اليوم الى جزء من ثقافة الشرطة الأمريكية.
ويعتبر ضباط الشرطة غالبية مناطق دورياتهم “منطقة حرب” ويعتبرون سكان تلك المناطق “عدواً لهم”. حيث يرتدي ضباط الشرطة الأمريكية زياً كما لو كانوا ذاهبين إلى حرب ، وغالباً ما يستخدمون الزي العسكري، ويحملون الكثير من الأسلحة العسكرية ، ويستخدمون المركبات العسكرية. إن عقلية “نحن ضدهم” تخلق شرخا يشبه الشرخ الذي ظهر خلال احتلال أفغانستان ، وسيؤدي بالمثل إلى تفاقم مواجهة الشرطة العسكرية مع الذين تعرضوا إلى الإهانة إلى حد كبير.
إن نموذج تأدية الشرطة الأمريكية مهامها هو وباء يشبه فيروس كورونا إلى حد ما، ويلوث كل ركن من أركان المجتمع الأمريكي، ان مؤيدوي الشرطة الأمريكية عادةً ما يشجبون “قليل من الفاكهة المتعفنة” لكنهم يتجاهلون حقيقة ان كل النظام من حيث تقديم الخدمات الى المجتمع المدني والمحافظة عليه لا يؤدي عمله جيداً، وعلى الرغم من وجود عدد كبير من ضباط الشرطة “الجيدين”، لكنهم يخدمون في نظام يعزز قضايا مثل حماية نفسه ، وتجاهل مخالفات الزملاء ، وقبول المعتقدات العنصرية والمعادية للنساء التي تتعارض مع معتقدات المواطنين.
وفي جزء آخر من مقاله ، أشار سكوت ريتر إلى حقيقة أن جورج فلويد قتل على يد ضابط شرطة مينيسوتا بينما شاهد ثلاثة ضباط شرطة آخرين عملية القتل ولم يتدخلوا. ولو لم يقم أحد المواطنين الموجودين في مكان الحادث بتصوير الجريمة ، لكانت شرطة مينيسوتا قد قامت بالتغطية على هذا الحادث ، وألقت باللوم على السيد فلويد و برأت الضباط.
شرطة مينيابوليس هي حالة واحدة فقط من هكذا حالات. في الواقع ، إنها مثال حقيقي لكيفية تصرف قوات الشرطة كل يوم في إرجاء الولايات المتحدة الأمريكية. حتى يتم تشخيص هذا المرض في أقسام الشرطة في جميع أنحاء الولايات المتحدة ، قد يكون فات الأوان ولن يكون هناك أي علاج. والحقيقة المرة هي أنه مثلما لا تسمح الإدارة الأمريكية للمحكمة الجنائية الدولية أبداً بالبت في الانتهاكات التي يرتكبها الجيش الأمريكي في أفغانستان ، فإن الشرطة الأمريكية لن تسمح أبداً بإجراء تحقيق شامل في المعتقدات والممارسات الأساسية التي تنتهجها الشرطة الأمريكية في المجتمع اليوم.
وكتب الكاتب في نهاية مقاله: “يعيش الأمريكيون، عملياً، في ظل دولة بوليسية تعرضهم للعنف وتنتهك كل يوم الحريات المدنية- إذا كان شخص أسود أو عضو في أقلية أخرى غير بيضاء سيجرب هذه الحقيقة بشكل اكثر حدة”.
يمكن للولايات المتحدة الانسحاب من أفغانستان ، ولكن ليس من أراضيها، ومع ذلك فإن ما يمكن أن يحدث هو أن المواطنين الأمريكيين يمكنهم ، مثل الأشخاص الآخرين الذين تم احتلال أراضيهم ، السعي إلى تحرير أنفسهم من استبداد هذه الدولة البوليسية في أمريكا، و انهاء القمع من خلال إعادة تعريف العلاقة بين الشرطة والشعب وهذا الأمر قد يتطلب ثورة من خلال صندوق الاقتراع الذي يؤدي إلى انتخاب حكام قادرين على السيطرة على الدولة البوليسية ورغم ذلك، هذه حرب تستحق القتال من أجلها.