الدكتور هزاع: أطلقوا عليø الرصاص وأقصوني من العمل

لم يسعفه الوقت في تقديم إمكانيته العلمية والعملية خدمة لأبنائه الطلاب والوطن.. والنهوض بالعملية التعليمية لكلية المجتمع.. عدم خضوعه لتمرير حالات وأوامر الفساد واللوبي المتسلطº كانت هي النتيجة الحتمية والأمر الحاسم في عزله وإبعاده من منصبه الذي حصل عليه ليس بالوساطة أو المحسوبية وإنما بالمفاضلة والتنافس الشريف بينه و66 أكاديمياٍ لمنصب العميد لكليات المجتمع.. إذاٍ هذه هي قصة الأكاديمي الدكتور عادل عبدالجليل هزاع _ أستاذ التعليم الآلي _ المشارك بكلية الهندسة بجامعة صنعاء والذي أكد لنا بأن الارتجال والعشوائية والفساد الإداري والمالي ولوبي المصالح السبب الرئيسي لتأخر البلاد والتنمية وعدم استقرار الوضع التعليمي وتطورهº وتقدم مؤسسات الدولة في ظل بقاء هذه العوامل جاثمة على الوطن وسياسة الحكومة بشكل عام… قضية الدكتور عادل هزاع التي نعرضها اليوم من باب تصادم سياسات التوجه العام الساعي للتطويرº والفساد الذي له السطوة في تحديد السياسات وتحديد بقاء الأشخاص في سلم العمل الوظيفي ومن يغادر حتى وإن كانوا على الصواب….
ولأن قصة وقضية الدكتورعادل عبدالجليل هزاع تتكرر في كثير من قطاعات الدولة وله نظراء كثر لهم قصص ربما أقصى وأمر… لنتابع هذه المعاناة كما رواها لنا.. في السطور التالية:
يقول الدكتور عادل عبدالجليل: أنا لا أريد أن أعود إلى المكان الذي كنت فيهº ولكن أود أن يعرف قصتي كل مواطن يمني بما فيهم قيادة الدولة والحكومة لأن المنصب الذي عينت فيه لم يكن بالوساطة وإنما عبر إعلان ومفاضلة واختبار للجنة كبيرة من المتخصصين وهذا يدل على الرغبة الجامحة لقوى الفساد عدم تمكين الكفاءات والقدرات حتى يبقى الوضع تحت سيطرة هذه القوى..
ويضيف: بالمفاضلة تنافست أنا ومعي ستة وستون أكاديميا من مختلف الجامعات اليمنية الحكومية والخاصةº والجميع من المتقدمين لعمادة خمس كليات مجتمع حصلت على أعلى درجة في المفاضلة وبموجب هذه النتيجة كلفت عميدا لكلية مجتمع صنعاء بتاريخ 23-4-2012. أعتقدت خاطئاٍ بأنني حصلت على الفرصة أن أبني وأخدم وأقدم لبلدي كل قدراتي المهنية والعلميةº ملتزما بيميني بعدم التضحية بحقوق الطلاب والمجتمع عموماٍ.. بدأت عملي في الكلية في ظروف صعبة جداٍ.
رغم ضآلة الميزانية وإمكانية الكليةº وتسلط مندوبي وزارة المالية الذين يرون أنفسهم الكل في الكل في الكلية ولا يمكن أن تصرف أي مبلغ إلا فضلاٍ منهم ويجب أن يكون لهم قسط من أي مبلغ لأن العادة جرت هكذا .
ويجيب أستاذ التعليم الآلي بكلية الهندسة جامعة صنعاء عن سؤالنا له حول غياب المساندة له من الوزارة والعاملين حيث قال: الفساد والخوف النفسي والتواكل من أبرز ما واجهته خلال عملي الذي لم يتجاوز تسعة أشهر تقريباٍ وغالبية العاملين لا يعرفون معنى وقيمة ومهنة عملهمº فلا يحترمون أنفسهم ولايقومون بواجباتهم كما يجب مما سبب عدم احترام الموظفين لهم .. بالإضافة إلى استعانة مدرسي الكلية لعملهم التعليمي بخريجي الدبلوم من الكلية للقيام بواجباتهم حتى يتفرغوا للعمل خارج الكلية..
وكانت هذه التعاقدات مع أصحاب هذه الدبلومات تتم بدون أي معايير وإنما معيار واحد وهو معيار الصداقة فقط .. وغالبية الموظفين غير مؤهلين ولا يجيدون إلا الاستهتار بوقت العمل والغياب بالإضافة إلى الابتزاز فالمعاش الذي يحصلون عليه هو ضمان إجتماعي وأي عمل يطلب منهم أن يعملوه يجب أن يحصلوا على حق عملهم والأدهى من ذلك هو عمل التخريب في الأماكن ذات الأثر بغياب مراقبة أمن الكلية حتى يتسنى لهم الحصول على مكاسب إضافية.. لم يقتصر هذا الحال على العاملين بل حتى الطلابº فمعظم الذين حصلوا على كراسُ أو مقاعد دراسية في الكلية بدون أي مفاضلةº بالوساطة والمحسوبية حتى نجاحهم بالمحسوبية والتقدير الذي يريدونه بالمحسوبية أيضاٍ.
ويعتقد الدكتور عادل هزاع أن الحالة التي عمل فيها تعتبر هي الحالة العامة في كثير من الدوائر الحكومية وربما هي السائدة .. ويؤكد قائلاٍ: في ظل تلك الظروف الصعبة والمعوقات خضت التحدي وما كان علي إلا أن أصلح بقدر ما أستطيع إيمانا مني بتقديم أفضل ما لدي من جهودº فكان أول ما بدأت به هو إعطاء كل ذي حق حقهº واتخذت إجراءات بعدم حصول أي طالب على كرسي في الكلية إلا بالمفاضلة والأفضلية ولا مكان للمحسوبية وبكل شفافية وعملنا دورات تدريبية للموظفين وأعضاء هيئة التدريسº وحث ومطالبة أعضاء هيئة التدريس بالقيام بواجباتهم وتوفير الأساسيات للتطبيق العملي بالإضافة إلى المستلزمات الأساسية من تحديث لبعض المعامل وشراء معامل جديدة لقسم الحاسوب والإلكترونيات وتوفير الطاولات الكافية واللازمة للرسم الهندسي والبروجكترات والكتب اللازمة لمعظم المقررات بالإضافة إلى توفير الإنترنت للطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين في الكلية وعمل شبكة حاسوب في الكلية بالإضافة إلى توفير المياه وإصلاح مولدات الكهرباء الذي تعطل بأعمال تخريبية من بعض الساكنين في حرم الكلية من موظفين وأعضاء هيئة تدريس.
* لم يدب اليأس إليه رغم الصعوبات التي تواجهه من أجل إصلاح كلية مجتمع صنعاء وتهيئة مجتمع إداري وأكاديمي خالُ من تلك العقد ومتطلع إلى الأفضل.. إلا أنه يؤكد انهزامه في هذا الجانب فيقول: الشيء الذي لم أستطع تغييره هي تلك النفوس السيئة التي لا تحترم واجباتها ولا تمتلك رؤيا أو هدف تتجه إليه وإنما كل همهم هو الحصول على حقوق لا يستحقونها بأي طريقة كانت.. ويعترف الدكتور عادل هزاع من خلال إجابته على تساؤلاتنا عن أسباب إضافية إلى جانب التي ذكرها وكانت سببا في إبعاده عن منصبه حيث قال: مدرسة روسية ترأس قسم تصميم الأزياء منذ أكثر من سبع سنوات كانت ترفض رفضاٍ شديداٍ تأهيل أي كادر يمني في قسم تصميم الأزياء ليعمل معها بالقسم ونظرتها لليمنيين بعدم القدرة والكفاءة وذلك بسبب قربها من قيادة وزارة التعليم الفني والتدريب المهني وسهولة وصولها إليهم في تقديم الشكاوى ورفضها التدخل في إصلاح هذا القسم.. بالإضافة إلى مشكلة أخرى وأظن أنها كانت مشكلة أكبر عندما رفضت طلب مدير مكتب الوزيرº الذي طلب مني شقة من شقق الكلية ورفضت أن أعطيها له لأنها من حق الكلية وليس لي الحق بالسكن بها أو التصرف بهاº كذلك رفضي طلبه بقبول أحد الطلاب بدون أي مفاضلة.
* ويؤكد الدكتور عادل عبدالجليل أن التدخل في كل صغيرة وكبيرة من قيادة الوزارة والبحث عن علل واهية في جوانب هامشية يفقد العمل المهني المبني على الكفاءة والإنجاز أهميته والتسريع في وتيرة تطورهº وإظهاره بالشكل الذي يفترض أن يكون عليهº والمصيبة الكبرى عندما تكتشف أن من تعتقد أنه يشرف عليك ويراقبك لا هم له سوى اللهث وراء الفائدة والعائد من وراء ذلك كله..
والشيء الأمر من كل ما سبق ذكره هو تعمد قيادة الوزارة والمسئولين فيها معرفة اتجاهك السياسي لا عملك الإداري وقدرتك على النجاحº لأن ما يوصل إليه أنك من اتجاه سياسي غير اتجاهه مثلاٍº أي أن آلة العمل الحزبي تعمل في مؤسسات الدولة .. ومع ذلك والذي لا يعلمه هؤلاء أنني كنت أعمل بإخلاص وبضمير وطني وبرأي مستقل وبتبني أفكاري وأن هدفي هو العمل لهذا البلد بدون أي تحيز لأي حزب كانº هذا الهدف هو الذي جعلني أتحمل كل المشاكل التي اعترضتني من النفوس السيئة والفاسدة ومن أصحاب المنطقة الذين حاولوا اغتيالي وضربوا الرصاص في اتجاه سيارتي وتحملي التهديد والوعيد من بعض الطلاب الذين يستقوون بعشيرتهم وانتماء أقاربهم للمؤسسة العسكرية.
كل هذه الأسباب كان السبب في عزلي تعسفاٍ وغبناٍ من منصبي وأصبحت بلا عمل..
وأخيراٍ يقول: هذا الفساد ما هو إلا جزء يسير من غول كبير يتربع على مؤسسات الدولة والمؤسسة التعليمية على رأس هذه المؤسسات وكأن مهمة هؤلاء تدمير المستقبل ومستقبل أبنائنا وكل شيء نافع يمكن أن ينهض بالبلاد.

قد يعجبك ايضا