قاتل بعد‮ ‬غربة خمسين عاما◌ٍ‮..!!‬

عاد بعد خمسين عاماٍ‮ ‬من الغربة خارج الوطن إلى مسقط رأسه بمحافظة تعز‮ ‬ليقتفي‮ ‬أثرها بعد أن قرر الانتقام منها‮.. ‬ظل‮ ‬يبحث عنها ويترصد لها حتى وجدها في‮ ‬منتصف صباح ذلك اليوم ولمحها وهي‮ ‬واقفة على سلم الدرج في‮ ‬مبنى المحكمة تتكلم مع أحد الأشخاص كان له قضية منظورة بالمحكمة‮ ‬فسارع إليها بخطواته‮ ‬وباشرها طعناٍ‮ ‬بسكين كانت بحوزته وقد استعد بها من قبل لهذا الغرض‮ ‬والطعنة كانت في‮ ‬بطنها‮ ‬بحيث هوت على أثرها مرتمية على سلم الدرج نازفة الدماء‮ ‬وتصرخ متوجعة وقائلة بصوت خافت متقطع‮: ‬قتلني‮ ‬الــ‮… ‬قتلني‮ ‬غدر بــ‮… ‬وأراد هو حينها أن‮ ‬يستأنف هجومه عليها ويكرر طعنها‮ ‬ولكنه رآها صمتت عن الصراخ والكلام‮ ‬وبدأت حركتها تتلاشى وتتوقف كأنها أوشكت على الدخول في‮ ‬غيبوبة كبداية لمنازعة سكرات الموت‮ ‬فمكث واقفاٍ‮ ‬والسكين بيده‮ ‬يحدق بنظراته إليها أو‮ ‬ينفرج عليها‮ ‬بينما ذلك الشخص الذي‮ ‬كانت هي‮ ‬واقفة تتكلم معه أبتعد مصعوقاٍ‮ ‬وهارباٍ‮ ‬مرتعباٍ‮ ‬نحو داخل مبنى المحكمة وهو‮ ‬يصيح‮ : ‬أنقذوها‮ .. ‬امسكوا الجاني‮.. ‬الرجل طعنها‮.. ‬فتقافز في‮ ‬هذه الأثناء ضابط وأفراد شرطة المحكمة عند سماعهم صوته والتفوا حول الرجل الجاني‮ ‬وهو لم‮ ‬يزل في‮ ‬مكانه‮ ‬ووضعوا قبضتهم عليه‮ ‬وليجد نفسه بعد ذلك محتجزاٍ‮ ‬خلف القضبان وبين جدران أربعة‮.. ‬وها هي‮ ‬التفاصيل من بدايتها‮..‬
وفي‮ ‬ذلك اليوم الاثنين والساعة تشير إلى العاشرة صباحاٍ‮ ‬وصل البلاغ‮ ‬هاتفياٍ‮ ‬إلى الضابط المناوب بمركز شرطة عصيفرة بتعز‮ ‬والبلاغ‮ ‬من ضابط أمن محكمة الشرق في‮ ‬تعز‮ ‬عن تعرض إحدى الأخوات‮ ‬وهي‮ ‬امرأة محامية‮ ‬أثناء تواجدها في‮ ‬مبنى المحكمة لطعنة قاتلة من قبل رجل بشكل مباغت‮ ‬وهذا الشخص‮ »‬الجاني‮« ‬تم ضبطه والتحفظ عليه بمكتب أمن المحكمة‮ ‬بينما المرأة المجني‮ ‬عليها تم نقلها وإسعافها إلى مستشفى الثورة بالمدينة‮ ‬وعليهم الحضور سريعاٍ‮ ‬لعمل إجراءاتهم واستلام الجاني‮ ‬كون المكان من إختصاص المركز‮..‬
فانتقلوا من المركز عقب هذا البلاغ‮ ‬إلى مبنى المحكمة‮ ‬واستلموا من هناك المتهم‮ »‬الجاني‮« ‬مع السكين‮ » ‬أداة الجريمة‮« ‬وأوصلوا المتهم للمركز ووضعوه رهن الحجز في‮ ‬ذمة الواقعة‮ ‬ثم اتجهوا متحركين إلى المستشفى حيث وجود المجني‮ ‬عليها لمعاينة حالتها ومحاولة أخذ إفادتها إن سمحت الحالة لها بذلك‮..‬
وقد حالفهم الحظ ووجدوا حالة المجني‮ ‬عليها تسمح بالكلام معها عند وصولهم للمستشفى‮ ‬وكانت لم تزل على قيد الحياة‮ ‬ولم تسئ بعد وتصل للغيبوبة التامة وخطورة الوفاة‮.. ‬حيث تمكنوا من سؤالها‮ ‬وأجابت هي‮ ‬بما‮ ‬يفيد‮: ‬إن الجاني‮ ‬عليها والذي‮ ‬قام بطعنها هو شخص‮ ‬يدعى‮/ ‬هشام‮ ‬‮ ‬وهو الرجل نفسه الذي‮ ‬سبق ضبطه وإيصاله للمركز والتحفظ عليه‮.. ‬وأن الشخص المذكور هاجمها وطعنها فجأة بسكين كانت بحوزته ومستعداٍ‮ ‬بها سلفاٍ‮ ‬وذلك أثناء تواجدها على سلم الدرج في‮ ‬مبنى محكمة شرق تعز‮ ‬وأنه فعل ذلك بشكل مفاجئ وبطريقة مباغتة لم تكن تتوقعها‮ ‬ولم‮ ‬يخطر على بالها أنه سيفعلها لأنها كان تعرفة من قبل‮ ‬وهو رجل كبير السن‮ ‬ويناهز في‮ ‬عمره ما‮ ‬يتعدى العقد السادس‮ ‬وبدأ إكتمال الشيب فيه‮ ‬ومن الصعب تصور إقدامه على ارتكاب ما فعله وهو في‮ ‬ذلك العمر‮..‬
وأضافت المرأة رداٍ‮ ‬على سؤالها عن سبب إقدام الرجل على الإعتداء عليها وطعنها بأن معرفتها بالمتهم كانت منذ فترة‮ ‬‮ ‬وذلك أنه وكلها كمحامية له في‮ ‬قضية بينه وشخص أو أشخاص آخرين لتترافع عنه بالمحكمة ثم اختلفت وإياه‮ ‬وألغت هذه الوكالة قبل عدة أيام على إثر اختلافها معه‮ ‬وامتنعت أن تستمر في‮ ‬الترافع عنه كمحامية له بالقضية التي‮ ‬بينه والطرف الخصم‮ ‬ويبدو أن هذا ما أغاظه ودفعه لطعنها بنية قتلها وبغرض الانتقام منها‮.. ‬أو هذه كانت إفادة المجني‮ ‬عليها التي‮ ‬حصل عليها رجال شرطة المركز منها‮..‬
وكانت المرأة‮ »‬المغدورة‮« ‬كما تبينت لهم خلال ذلك‮ ‬يافعة‮ ‬وناضجة ومتطلعة للحياة‮ ‬وامتهنت سلك المحاماة بعد تخرجها من كلية الشريعة والقانون بالجامعة لتشق طريقها وتقطع شوطاٍ‮ ‬في‮ ‬هذا المجال كمحامية جديرة بالكفاءة والقدرة على المنافسة وتحقيق استباق النجاح بين نظرائها في‮ ‬عديد من القضايا التي‮ ‬تولتها وترافعت عنها بالمحاكم‮..‬
وإصابتها أو الطعنة التي‮ ‬بها كانت وسط البطن‮ ‬وغائرة وعميقة بل وخطيرة جداٍ‮ ‬وبحسب إفادة الأطباء في‮ ‬المستشفى لقد اخترقت وقطعت أكثر الأحشاء من الداخل‮ ‬والنجاة‮ ‬منها‮- ‬إذا حدثت‮- ‬تكون بمعجزة الله وقدرته إذا أراد هو ذلك جلت عظمته ومشيئته سبحانه‮.. ‬ولكن كما جاءت به الأيام الثلاثة التالية وظهر ما سبق أن كتب في‮ ‬علم الله وقدره‮ ‬فإن حالة المرأة المجني‮ ‬عليها قد ساءت خلال هذه الأيام ودخلت في‮ ‬غيبوبة تامة ونهائية‮ ‬ثم لفظت أنفاسها وفارقتها الروح في‮ ‬مساء اليوم الثالث متأثرة بإصابة الطعنة لتصير جثة هامدة‮ ‬وتتحول القضية وقتها إلى جريمة قتل‮ ‬‮ ‬لها إجراءات متغيرة ونوعية تختلف عن تلك المتبعة في‮ ‬القضايا أو الجرائم التي‮ ‬هي‮ ‬أهون وأقل جسامة منها‮..‬
إذ اتجه فريق شرطة المركز إلى سرعة طلب مختصي‮ ‬الأدلة الجنائية وإجراء المعاينة الفنية والتصوير للجثة والمكان‮ ‬‮ ‬والتشديد في‮ ‬التحفظ على المتهم‮ (‬الجاني‮) ‬بنقلة إلى حجز إنفرادي‮ ‬بعيداٍ‮ ‬عن الأعين حفاظاٍ‮ ‬على حياته ومنعاٍ‮ ‬لتسرب أبة معلومة منه وإليه حتى‮ ‬يتم استنطاقه وفتح محاضر جمع الأستدلالات معه‮ ‬واستيفاء محاضر الأفادات والقرائن المتعلقة بإرتكاب الواقعة وملابساتها‮ ‬ثم حصر شهود الواقعة وهم‮ ‬الأشخاص الذين كانوا متواجدين في‮ ‬المكان وبالقرب من ساحة وسلم الدرج بالمحكمة أثناء وقوع الجريمة‮ ‬ومتابعتهم وأخذ شهاداتهم كإثباتات اساسية من ضمن أدلة وشواهد الواقعة إضافة إلى جمع ما أمكن من المعلومات الاستدلالات التي‮ ‬لها صلة بالجريمة من قريب أومن بعيد وحتى النهاية‮.‬
وكانت خلاصة ما توصلوا إليه من خلال كل ذلك‮ ‬ومما لاحظوه وتكشف لديهم‮ ‬وبالأخص عند فتح المحضر مع المتهم‮ (‬الجاني‮) ‬ومباشرته بطرح الأسئلة عليه‮ ‬أن هذا تغشته عليه الإبتسامة وإشراقة الوجه والفرحة الغامرة وحينما أخبروه أن المحامية‮ (‬المجني‮ ‬عليها‮) ‬توفت ولقت حتفها قتيلة نتيجة الطعنة التي‮ ‬أصابها بها‮ ‬وأنه صارمتهما‮ »‬قاتلاٍ‮« ‬عمداٍ‮ ‬مع سبق الإصرار والترصد‮ .. ‬فلم‮ ‬يظهر عليه ما‮ ‬يشير إلى أنه تأثر وأبتأس أو شعر بشيء من المبالاة والخوف والندم أثناء ذلك على عكس جيع المتهمين بجرائم القتل أو معظمهم الذين‮ ‬يقفون نفس الموقف وتبرز على سماتهم علامات الانهيار والارتباك والخوف والإدراك لبشاعة المصير المنتظر والقريب لكل منهم‮ ‬وبالذات أولئك مرتكب القتل عمداٍ‮ ‬مع سبق الإصرار والترصد والذين‮ ‬يعرفون إثبات إدانتهم ويستشعرون النهاية الفظيعة لأي‮ ‬منهم كجزاء محتوم في‮ ‬آخر المطاف‮ ‬وهي‮ ‬الإعدام‮ ‬وبعده الاستقرار في‮ ‬جهنم بالآخرة‮ ‬بل أنه‮ – ‬أي‮ ‬الرجل المتهم‮ – ‬أبدى جرأة وصراحة‮ ‬غير معهودتين ولامألوفتين عندما أجاب على سؤالهم له حول رتكاب لجريمة القتل العمد‮…‬¿ فقد رد بنبرة مباشرة قائلاٍ‮: ‬كنت حزيناٍ‮ ‬في‮ ‬البداية حينما علمت أن المرأة لم تمت وأنها أسعفت للمستشفى وهي‮ ‬ومازالت على قيد الحياة‮ ‬ولكن بعد أن عرفت وأبلغوني‮ ‬بموتها شعرت بالراحة وبذهاب الغيظ والقهر عني‮ .. ‬وفي‮ ‬الحقيقة وبكل صراحة أنها تستاهل القتل‮ .. ‬وكنت أتمنى لوأ نني‮ ‬أستطيع قتلها أكثر من مرة‮ ‬‮ ‬بل ومئة مرة‮ ‬وليس مرة واحدة فقط‮ ‬كما أنني‮ ‬لست نادماٍ‮ ‬على ما فعلت‮ ‬ولن أكون نادماٍ‮ ‬حتى وأنا أعرف المصير الذي‮ ‬ينتظرني‮ ‬على ارتكبت‮ ‬وسأكون مرتاحاٍ‮ ‬ومستعداٍ‮ ‬لاستقبال ذلك بكل رضى‮ ‬ويكفيني‮ ‬أنني‮ ‬سوف أواجه الموت‮ »‬الإعدام‮« ‬والذي‮ ‬هو نهاية كل كائن حي‮ ‬طال العمر أم قصر‮ ‬وأنا في‮ ‬داخلي‮ ‬وكياني‮ ‬ووجداني‮ ‬أشعر بكامل الفرح والسعادة والسرور لنجاحي‮ ‬في‮ ‬القيام بقتل المرأة‮ ( ‬المجني‮ ‬عليها‮) ‬والتخلص منها‮ ‬ولأني‮ ‬حققت بقتلها ما أريد وأزلت ما كان‮ ‬يحز في‮ ‬نفسي‮ ‬وظل‮ ‬يؤرقني‮ ‬ويعذبني‮ ‬لأيام وليالي‮ ‬طويلة‮…‬و‮…. ‬بقي‮ ‬الأحداث في‮ ‬الحلقة الثانية والأخيرة الأحد القادم إن شاء الله تعالى وإلى اللقاء‮.‬

قد يعجبك ايضا