احمد ماجد الجمال
الزكاة ماهي إلا خير للمجتمع وتقدمه وتأمينه ضد العوارض والأزمات التي تعصف به من وقت إلى آخر وتحصينه ضد ما يعيق رقيه وازدهاره ورفده بكل أسباب تحقيق التكافل ومحاربة البطالة وتشجيع الإنتاج لأنها تأمين اجتماعي لجميع الأفراد وهي ضمان اجتماعي للعاجزين ووقاية للمجتمع كله من التفكك.
التفاوت بين الناس في مستويات المعيشة والدخل أمر واقعي لأنه يعود إلى التفاوت الفطري في المواهب والقدرات وظروف البيئة والفرص والمستوى الاقتصادي للدولة وغيرها وليس معنى هذا أن الغني يزداد غنى والفقير يزداد فقرا فتتسع الفجوة بينهما بل من المفترض أن تكون أدوات الزكاة وسيله للتقريب بين الأغنياء والفقراء في الأرزاق ومن هذا المنطلق تقوم الزكاة بعدة أدوار لأن لها وظائف اجتماعية واقتصادية أخرى كتأمين الإنتاج وزيادته ومساعدة المتعثرين في سداد ديونهم الناتجة عن فقدان مصادر دخلهم.
ومن جملة تحقيق هدف ودعم التكافل الاجتماعي يأتي الدور عن طريق التوازن الاجتماعي الذي تقوم به الزكاة ليس القصد فقط هو سد حاجات الفقراء وإشباعها لبعض الوقت وليست إشباع حاجات الفقير الضرورية والأساسية فقط بل هو إخراجهم من الفقر على الدوام وذلك بتمليكهم الوسائل التي تحميهم من التردي في الفقر مرة أخرى ونقلهم من الكفاف إلى الكفاية الدائمة لان معنى التكافل لايقف عند هذا الحد بل يسعى على تجاوز ذلك وتوفير الكماليات.
ويعني التكافل أيضا أن يكون الأفراد في كفالة مجتمعية يقف بعضهم بعضا لان هدف الزكاة هو إغناء الفقراء تماما وذلك بتمليك صاحب مواهب التجارة متجرا وما يلزمه ويتبعه وتمليك المزارع ارضاً وما يلزمها وما يتبعها وكذا الصياد والراعي …..الخ وهي بهذا تعمل على تقليل عدد الذين يعملون بالأجر وزيادة عدد الملاك ولا يخفى على احد من أن الزكاة تنجح في محاربة الفقر وتقلل كثيرا من الجرائم المختلفة وذلك بإزالة أسبابها من الفقر والحاجة وتساهم في جعل المجتمع يعتاد على البذل والعطاء والسخاء وعلى سد مشاكل من جوانب عديدة في المجتمع مثل اليتيم الذي لا أهل له ولا مال له والفقير الذي لا يجد له ولأسرته ما يسد حاجتهم والمدين الذي أثقلت كاهله الديون كل هؤلاء يجدون الحل من خلال الزكاة .وبهذا يحدث التوازن المعتدل ويشترك جميع أفراد المجتمع في الخيرات والمنافع .
ولأن الزكاة تمثل تنظيماً مالياً فريداً من نوعه وبطاقة ائتمان ضد البطالة والرعاية الصحية والتعليمية وضعف النشاط الاقتصادي ,لهذا الزكاة تحتاج لإدارتها هيكل تنظيمي مصمم ليصبح اكثر قدرة على مسايرة المتغيرات الداخلية والخارجية ومواجهة مشكلاتها والتعلم من الخبرات لتتحرك في اتجاه تنظيمي اكثر نضجاً حول الأهداف لا الأفراد ليعكس بوضوح الأعمال والأنشطة الضرورية والمفيدة لتحقيق الأهداف من خلال تنشيط آلية الزكاة بكفاءة اعلى عبر التطوير الإداري والمالي والمحاسبي والاهتمام بالجوانب السلوكية للعاملين عليها وتحسين أساليب وإجراءات تنفيذ تحصيلها وصرفها وتوفير التدريب باستخدام الأدوات الحديثة التي تمكن الإدارة من زيادة إنتاجيتها بحيث تصبح هذه الإنتاجية قابلة للقياس وفقا للمعايير العلمية بما يكفل التنسيق الفاعل بين أوجه النشاط المختلفة لإدارة الزكاة فالتنظيم الجيد هو الذي يعمل بدون فاقد أو إهمال ويحدد خطوط واضحة المعالم لصناعة القرار وأبعاد واضحة للمسؤولية ويسمح بقدر كبير من المشاركة في اتخاذ القرار.
وأهمية توفير نظام مالي متخصص ويمتاز بالدقة التامة والنزاهة حتى يواكب تطور عجلة الحياة ويقابل تنوع الأنشطة الاقتصادية والثروات يراعي المهارة في التخصصات المعنية لتدقيق الحسابات ومراقبة العمليات المالية ومراجعتها في اطار نظام رقابي سهل الاستخدام ووفق أساليب علمية وتقنيات تساير التطور العصري بوسائل مالية ومحاسبية شفافه.
والنظم المحاسبية ممثلة في النظام المحاسبي والمالي ونظامي التكاليف والإدارة وهما المصدر الرئيسي للمعلومات اللازمة لإعداد التقارير المالية والمحاسبية بنوعيها الداخلي والخارجي وبالتالي هي الركيزة الأساسية لعملية المحاسبة أو اتخاذ القرارات كونه يتبنى المسؤولية الاجتماعية بطبعيته فهو يرتب مسؤوليات اجتماعية تجاه فئات المجتمع المستهدف من الزكاة سواء كانت كمصادر أو مصارف فالنظم المحاسبية من المهم أن تكون على قدر عال من الفعالية والكفاءة ومرتبطة بمجموعة من المعايير المحاسبية والتدقيقة سواء في أعداد القوائم والتقارير المالية الخارجية والداخلية التي توفرها تلك النظم أو في فحص وتدقيق تلك القوائم من اجل توفر عنصر المصداقية في المعلومات الواردة فيها من جهة وتوفير عنصر الشفافية والإفصاح من جهة أخرى ولعل هذا ما يعزز أهمية استخدام معايير دولية للمحاسبة الزكوية والإبلاغ المالي ومعايير دولية للتدقيق لتكون أساسا للمعايير المطبقة للنظم المحاسبية للزكاة مثل مراجعة الحسابات بالتدقيق والتوثيق والتدابير الوقائية التصحيحية وتقديم الحوافز المادية والأدبية للمجتهدين.
باحث في وزارة المالية