رمضان زمان

 

الثورة / نجلاء الشيباني

‬ أمة الرزاق جحاف – ‬‬الخبيرة في ‬مجال العادات والتقاليد الصنعانية – تقول: إن صنعاء القديمة كانت تملك الكثير من العادات الرمضانية الجميلة جداً ولكن معظمها انقرض منها عادات خاصة بالأطفال، فقد كان الأطفال بصنعاء القديمة وبمساعدة من الكبار ‬يعملون على بناء «‬ديم» ‬من الطين في ‬نهاية شهر شعبان وهذه البيوت تستخدم في ‬رمضان للأطفال ‬يفطرون فيها بدلا من المساجد التي ‬أصبح الأطفال هذه الأيام ‬يفطرون فيها، وهذا ‬يجعل المساجد في ‬مواجهة مع بقايا الأطعمة التي ‬يخلفها الأطفال وراءهم أثناء الإفطار كذلك كانت تستخدم هذه ‬«الديم» ‬للعب أيضا وممارسة الألعاب الشعبية التي ‬انقرض الكثير منها كذلك كان الأطفال بعد كل عشاء على موعد مع حكايات وقصص الجد أو الجدة أيضا كان الناس قبيل العصر ‬يخرجون إلى التنزه في ‬بساتين ومقاشم صنعاء القديمة وكانت النساء في ‬أغلب الأحيان تشارك في ‬هذه العادة وقبيل المغرب بوقت كاف ‬يِعُدْنَ إلى المنازل لتحضير العشاء الذي ‬كان بسيطاً ‬يحوي ‬أصنافاً قليلة وليس كما هو اليوم المائدة الرمضانية وغير الصنعانية تحوي ‬الكثير والكثير من أصناف المأكولات.‬
‬وأضافت جحاف أيضاً: إن من ضمن العادات تبادل الأطعمة والمشروبات بين الجيران وهذه لا تزال موجودة ولكن على نطاق ضيق، أيضا كانت النساء يتعاونّ فيما بينهن لا سيما في ‬اعداد ما ‬يسمى «اللحوم»‬ ‬وهي ‬من الأشياء الهامة في ‬شهر رمضان ربما في ‬الكثير من المدن اليمنية ونظرا لما تتطلبه عملية الإعداد من وقت وجهد كبيرين فقد كانت نساء صنعاء في ‬الحارات أو مجموعات كل ‬يوم تكلف واحدة بإعداد اللحوم وتوزيعها على النساء الأخريات وهكذا حتى نهاية الشهر، ‬أيضا هناك أكلات خاصة في ‬رمضان لا تظهر إلا خلال هذا الشهر ومنها الحلبة الحامضة والفتوت والذرة، ‬والأخيرتان ‬يفضل تناولهما في ‬وقت السحور، أيضا الحليب لقدرة تلك الأصناف على مقاومة الجوع، أيضا فتة الحلبة البيضاء وجبة هامة في ‬رمضان وهي ‬مقاومة للعطش، كذلك معظم أهالي ‬صنعاء القديمة ‬يستخدمون شراب ‬«القديد» ‬وهو عبارة عن نقيع المشمش المجفف وذلك أثناء الإفطار، كذلك صنف آخر لا ‬يوجد إلا في ‬رمضان وهو الخل البلدي ‬الذي ‬كان ‬يصنع على نطاق واسع عند الكثير من الأسر في ‬صنعاء القديمة ويباع في ‬الأسواق ولا ‬يزال ‬يصنع عند بعض الأسر ولكن على نطاق محدود.‬
‬ومن العادات التي ‬كانت تقام في ‬رمضان ولكنها لم تعد تقام ما ‬يسمى “‬التمسية” ‬حيث ‬يتجمع الكثير من الأطفال في ‬الحي ‬والحارة وتحديداً في العشر الأواخر من الشهر الكريم ويغنون جميعاً وبصوت عال أغاني معينة خاصة باستقبال رمضان .
والأهالي ‬يعطونهم إما حلويات أو نقوداً ومن ‬يرفض إعطاءهم ‬يعرض نفسه للانتقاد بالأغاني.‬
وأشارت إلى أنه في ‬شهر رمضان تقوى الصلات الأسرية في ‬صنعاء القديمة حيث لا بد للأسر التي ‬تفرقت وسكنت في ‬منازل منفصلة أن تجتمع مرتين أو ثلاث مرات على الأقل في ‬المنزل الكبير أو منزل العائلة للعشاء وأحياناً السمرة ‬والسمرة كانت في ‬صنعاء القديمة أوقات خاصة للنقاش والأدب وقراءة الكتب وتلاوة القرآن مع التفسير، ولكن هذه العادة خفت كثيرا وكذلك كانت هناك عادة اختفت تماما، حيث ‬أنه قبيل الذهاب إلى السمرة تجتمع كل أسرة لقراءة سورة ‬ياسين إما على شكل أدوار واحداً تلو الآخر حتى تكتمل أو قراءتها بصوت واحد وهذا كل ‬يوم، وبعدها ‬يذهب الجميع إلى السمرة.‬
وأكدت أن الفضائيات قضت على الكثير من العادات والتقاليد الجميلة منها الاستماع إلى الأناشيد والموالد النبوية وهذه العادة كانت موجودة في ‬صنعاء القديمة في ‬مجالس الرجال وكذا مجالس النساء.‬
وتوضح أمة الرزاق جحاف أن الحلويات الصنعانية معظمها ذات أصول تركية ولكن وحسب قانون الأيبو حول الملكية الفكرية والذي ‬تنص إحدى مواده على أنه إذا استُخدم زي ‬شعبي ‬أو موروث سواء ملبوس أو مأكول في ‬شعب لمدة خمسين عاما، فيعتبر ذلك الموروث جزءاً ‬من تراثه الفلكلوري، ‬وبالتالي ‬فالرواني ‬والقطايف والشعوبية والبقلاوة التي ‬دخلت مع الأتراك إلى اليمن أصبحت جزءاً لا ‬يتجزأ من موروث اليمن، وهذه الحلويات الصنعانية لا زالت موجودة في ‬تركيا وتحمل نفس المسميات ولعل إقبال الناس عليها خلال شهر رمضان عادة متوارثة وذلك لأنها تعوض الجسم عما ‬يفقده من سكريات خلال ساعات الصوم الطويلة.

قد يعجبك ايضا