مراقبون: يخطئ من يعتقد أن دعوات اليمن للسلام جاءت نتيجة ضعف أو عجز عن المواجهة
حقيقة تجسَّدها المبادرات المتواصلة وأحداث التاريخ:السلام خيار وثقافة الشعب اليمني على مر العصور
الثورة / إبراهيم الأشموري
السلام بالنسبة لليمن شعبا وقيادة عبر التاريخ سلوك وثقافة وموقف، ويخطئ من يظن غير ذلك، فبلاد
الإيمان والحكمة – كما وصفها الرسول الكريم عليه وآله افضل الصلاة والسلام -ما كانت يوما بإجماع كل
المصادر التاريخية دولة معتدية أو باغية على احد، هذه الحقيقة تتجسد اليوم مجددا مع العدوان الغاشم
الذي دخل منذ أيام عامه السادس ومع ان اليمن هو البلد المُعتدى عليه إلا انه ظل طوال هذه السنوات
صاحب المبادرات والمساعي الواضحة لإنهاء الحرب وإحلال السلام.
ولم تكن الرؤية الوطنية التي قدمتها الجمهورية اليمنية مؤخرا إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت حلولا
شاملة وموضوعية لإنهاء الحرب وإحلال السلام الأولى من نوعها، ولكنها تعد استكمالا لسلسلة من
المبادرات والخطوات الجادة التي اتخذتها القيادة السياسية بصنعاء على مدى سنوات العدوان والتي تعامل
معها تحالف العدوان بسلبية وعدم مسؤولية وربما ظن – كما يقول محللون سياسيون -أن هذه المبادرات
السلمية انما جاءت عن ضعف وعجز عن المواجهة وكانت تلك النظرة الخاطئة من قبل دول تحالف
العدوان ولاتزال السبب الذي يجعلها تتمادى في الخطأ وتزداد غرقا في المستنقع الذي وضعت نفسها فيه
لتصبح خيارات الخروج أمامها اقل كلما تقادم عمر عدوانها الهمجي.
نستعرض هنا اهم مبادرات السلام اليمنية التي تم تقديمها خلال الفترات الماضية ولم تلق التعاطي الإيجابي
من قبل النظام السعودي وتحالفه العدواني الذي أساء التقدير كعادته دائما :
اطلق رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط في خطابه بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 21
سبتمبر، مبادرة سلام دعا فيها جميع الفرقاء من مختلف أطراف الحرب إلى الانخراط الجاد في مفاوضات
جادة وحقيقية تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف حقناً للدم اليمني وحرصاً على ما تبقى
من أواصر الإخاء وتغليباً للمصالح الوطنية العليا.
وأعلن عن وقف استهداف أراضي السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة
أشكال الاستهداف.
وقال المشاط في خطابه: “ننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها في إعلان مماثل بوقف كل أشكال
الاستهداف والقصف الجوي لأراضينا اليمنية ونحتفظ لأنفسنا بحق الرد في حال عدم الاستجابة لهذه
المبادرة”.
وأضاف “ونؤكد أن استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد بل قد يفضي إلى تطورات خطيرة لا نريدها
أن تحدث مع كوننا على يقين من أن ضررها الأكبر لن يكون علينا وإنما على دول العدوان بالدرجة
الأولى وبشكل أساسي ومباشر”.
كما دعا الرئيس المشاط دول العدوان وعلى نحو فوري إلى رفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي ووقف
اعتراض السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة واحترام معاناة الشعب اليمني.
وجدد الرئيس المشاط العفو العام.. داعياً كل المخدوعين من أفراد وقيادات إلى استغلال هذه الفرصة
والعودة إلى حضن الوطن وجادة الصواب.
ونصت هذه المبادرة على ست نقاط كالآتي:-
1- دعوة جميع الفرقاء من مختلف أطراف الحرب إلى الانخراط الجاد في مفاوضات جادة وحقيقية تفضي
إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف من الأطراف، ونذكّر أننا قد أطلقنا فكرة تشكيل فريق وطني
مفتوح العضوية للراغبين من المكونات المخدوعة بالعدوان الأجنبي حقناً للدم اليمني وحرصاً على ما تبقى
من أواصر الإخاء وتغليباً للمصالح الوطنية العليا وأشد على يد الفريق في مواصلة ومضاعفة جهود
التواصل مع مختلف الأطراف اليمنية.
2- تجديد العفو العام ودعوة كل المخدوعين من أفراد وقيادات إلى استغلال هذه الفرصة والعودة إلى
حضن الوطن وجادة الصواب.
3- إعلان وقف استهداف أراضي المملكة العربية السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية
والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف.. وننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها في إعلان مماثل بوقف كل
أشكال الاستهداف والقصف الجوي لأراضينا اليمنية ونحتفظ لأنفسنا بحق الرد في حال عدم الاستجابة لهذه
المبادرة، ونؤكد أن استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد بل قد يفضي إلى تطورات خطيرة لا نريدها
أن تحدث مع كوننا على يقين من أن ضررها الأكبر لن يكون علينا وإنما على دول العدوان بالدرجة
الأولى وبشكل أساسي ومباشر.
4- دعوة دول العدوان وعلى نحو فوري إلى رفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي ووقف اعتراض
السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة واحترام معاناة الشعب اليمني، وقطعاً للذريعة المثارة حول إيرادات
ميناء الحديدة وحول ما يتوهمه تحالف العدوان من تهريب السلاح عبر الميناء نؤكد استعدادنا توريد
الإيرادات إلى فرع البنك المركزي، وندعو لقاء ذلك إلى القيام بتغطية العجز وبما يحقق الوفاء بتسليم
مرتبات الموظفين في عموم محافظات الجمهورية اليمنية، كما ندعو آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم
المتحدة إلى الالتحاق بعملها في الميناء، ونذكّر بأننا سبق وأن أصدرنا قرارات ومطالبات متكررة بذلك
حرصاً منا على السلام والتخفيف من معاناة الشعب اليمني.
5- نؤكد أننا بتنفيذ هذه الإجراءات المتقدم ذكرها وضماً إلى ما سبق من التنفيذ الأحادي لإعادة الانتشار
من الموانئ الثلاثة تحت إشراف الأمم المتحدة نكون قد نفذنا ما يقارب 90% من التزاماتنا في اتفاق
ستوكهولم مع أن الطرف الآخر لم ينفذ إلى حد الآن سنتيمتر واحد من التزاماته فإننا مع ذلك نرحب
بالانتقال مباشرة إلى مفاوضات جادة في ظل وقف تام لإطلاق النار تفضي إلى الحل السياسي الشامل.
6- نوجه الجهات المعنية بفحص قضايا وملفات نزلاء سجون الجمهورية اليمنية الواقعة في إطار سلطة
المجلس الأعلى واطلاق سجناء الرأي وكل سجين لم تثبت بحقه تهمة ما لم يكونوا أسرى أو مسجونين
على ذمة التورط في جرائم تمس حقوق المواطنين أو متورطين في خيانة البلد، وندعو دول العدوان إلى
الكف عن عرقلة اطلاق الأسرى والانخراط بإيجابية في عملية تبادل شامل وكامل لجميع الأسرى من
الجانبين سواء دفعة واحدة أو على مراحل.
بعد اطلاق هذه المبادرة بساعات جاء القول السديد من قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
ليضع العدو السعودي الإماراتي الأمريكي أمام حقيقة الوضع وخطورته، حيث دعا دول التحالف إلى
الاستفادة من المبادرة التي قدَّمها رئيس المجلس السياسي الأعلى؛ لوقف عدوانهم وقصفهم وحصارهم
مقابل إيقاف الجيشُ واللجانُ الشعبية الضرباتِ التي يوجهها إلى العمق السعودي بالطائرات المسيَّرة
والصواريخ الباليستية، مؤكداً في البيان الذي أصدره بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة الـ 21 من سبتمبر
على أن الضربات الأكثرَ إيلامًا والأشدَّ فتكًا والأكبر تأثيرًا ستصلُ إلى عمق مناطقهم وإلى أهم منشآتهم
الاقتصادية والنفطية والحيوية في حالة رفضهم للمبادرة.
واكد السيد القائد حينها للعالم أن المبادرة فرصة حقيقية أمام دول التحالف لكن هذه الأخيرة واجهت تلك
المبادرة بمزيد من التصعيد والجرائم.
مبادرات متواصلة
ظلت اليمن تقدم المبادرة تلو الأخرى من اجل أنهاء الحرب وإحلال السلام، لكن كالعادة ظلت دول العدوان
تعتقد انها تنطلق من ضعف، وهنا نذكر المبادرة التي اطلقها عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي
الحوثي في العام 2018م والذي كان حينها رئيسا للجنة الثورية العليا، حيث دعا في مبادرته إلى إيقاف
الحرب والعودة إلى طاولة الحوار من خلال دعوة الجهات الرسمية اليمنية إلى التوجيه بإيقاف العمليات
العسكرية البحرية لمدة محددة قابلة للتمديد، ولتشمل جميع الجبهات إن قوبلت هذه الخطوة بالاستجابة،
والقيام بخطوة مماثلة من قبل قيادة هذا التحالف، آملًا أن يبادروا إلى ذلك إن كانوا فعلا يريدون السلام
للشعب اليمني الذي عانى ومازال من الحصار والعدوان، والذي صُنّفت أزمته بأكبر أزمة إنسانية خصوصا
مع ما وصلت إليه هذه الأزمة من مستوى في المجاعة وانتشار الأوبئة.
ونصت تلك المبادرة على دعوة جميع الأطراف لطاولة الحوار وتشكيل لجنة مصالحة وطنية والاحتكام
لصندوق الانتخابات لانتخاب رئيس وبرلمان يمثل كل القوى باليمن، ووضع ضمانات دولية ببدء إعادة
الاعمار ومنع أي اعتداء من دول أجنبية على اليمن وجبر الضرر وإعلان عفو عام وإطلاق المعتقلين لكل
طرف ووضع أي ملف مختلف عليه للاستفتاء”.
وكالعادة قوبلت بالرفض والتعنت من قبل تحالف العدوان.
مبادرة البرلمان
مجلس النواب اليمني وهو المؤسسة الدستورية الكبرى في البلاد قدم من جانبه مبادرة سلام في العام
2017م، جاءت بنودها على النحو التالي:
1- دعوة جميع الأطراف لوقف الحرب وكافة الأعمال العسكرية، ورفع الحصار البري والبحري والجوي
المفروض على اليمن.
2- دعوة الأمم المتحدة إلى وضع آلية مناسبة لمراقبة سير العمل في كافة المنافذ البرية والموانئ البحرية
والمطارات الجوية في أنحاء الجمهورية اليمنية دون استثناء.. لضمان تحصيل إيراداتها إلى البنك
المركزي اليمني وبما يكفل مواجهة كافة الالتزامات الحكومية من صرف مرتبات موظفي الدولة وتوفير
المواد الغذائية والدوائية ومواجهة شبح الأوبئة القاتلة التي تفتك بأبناء الشعب اليمني في مختلف محافظات
الجمهورية اليمنية.
3- دعوة مجلس الأمن إلى أن يضطلع بدوره الإنساني والقانوني بشأن إلغاء كافة القرارات والإجراءات
التي اتخذت خلال الفترة الماضية وأدت وتؤدي إلى تمزيق وتشتيت اللحمة الوطنية وعدم الاستقرار
الغذائي والصحي وتمزيق وحدة الوطن وتشتيت الإيرادات العامة للدولة.
4- دعوة الأطراف المعنية إلى حوار بناء وشامل بدون شروط مسبقة وبإشراف دولي وصولاً إلى حل
سياسي عادل يضمن تحقيق السلام والاستقرار لليمن والمنطقة والوصول إلى شراكة وطنية وسياسية
حقيقية.
ودعا مجلس النواب آنذاك جميع الأطراف للتعامل بإيجابية مع المبادرة وتغليب مصلحة اليمن.
هذه المبادرات والمساعي اليمنية للسلام كانت ولا تزال من منطلق انحياز اليمن الدائم للسلام العادل
والشامل والمشرف وليس كما يفهمها الأعداء المتغطرسون.