الحجر المنزلي ضرورة تستحق المحاكاة

كورونا.. حرب العدوان البيولوجية لتحقيق ما لم تحققه الأسلحة المحرمة

 

 

“الثورة” تلتقي بمواطنين التزموا بالحجر الصحي في منازلهم عملا بتوجيهات الجهات المعنية في الدولة
مواطنون جعلوا من الحجر الصحي في المنازل ورشة عمل لترتيب الأثاث والرياضة والتوعية الصحية

لعل شعبًا يحيا في ظل عدوان وحصار مستمرين منذ خمس سنوات ربما لن يخسر اقتصاديًا ومعرفيًا وصحيًا كغيره إن التزم البقاء في البيت ” الحجر الصحي” لكن بشيء من الواقعية.. العدالة.. والخوف من الله.. ليس بالإمكان إجبار عامل كادح مُعدم يمثل الأغلبية أن يلزم بيته.. ولا يعد تناقضًا إن نحن ألزمنا أنفسنا أخلاقيًا وإنسانيًا ومنطقيًا ودينيًا ووطنيًا بالحرص على البقاء وقاية لأنفسنا، وحماية لغيرنا، وللحد من المعاناة والموت المتربص بسكان الأرض خاصة بعد أن عجزت دول متقدمة معرفيًا وتقنيًا في الخلاص منه حاله كحال أوبئة تفشت وفتكت بالشعوب عبر التاريخ قبل أن يكتشف لها العالم دواء؛ ما يفرض الصبر والتقيد باشتراطات الصحة والسلامة أخذاً بالأسباب.. فكيف لنا أن نخوض تحديًا مع فيروس معدٍ قاتل لم يكتشف بعد ( كورونا / كوفيد19) وبإمكانيات بلد مثخن بتداعيات العدوان والحصار؟ في وقت أيضا يسعى العدو بشتى الوسائل لنقل الفيروس إليك لتحقيق ما عجزت عنه الطائرات والصواريخ والأسلحة المحرمة.
في السطور القادمة هامش من أيام مواطنين التزموا بالحجر المنزلي ليكتشفوا جزءاً من الحياة كان مفقودًا.
استطلاع/ سارة الصعفاني

“سكوت كيلي” رائد فضاء أمريكي متقاعد ” قضى عامًا كاملاً بشكل متواصل في الفضاء الخارجي، استضافته شبكة CNN الأمريكية ليتحدث عن الإجراءات التي مكنته من البقاء معزولاً حيث قال: يجب أن تحتفظ بجدول زمني محدد لتمر الأيام بسرعة ولا تنسوا التمارين الرياضية واعتبر من معك في الحجر عالمك .. حاول أن يكون الأداء متكاملاً ومتناسقًا.
يقول سكوت أيضًا: إن تطوير هواية أمر جيد فعندما كان في الفضاء التقط صورًا مذهلة للأرض من فتحة أرضية المختبر في المركبة الفضائية ، واستمع وزملاؤه إلى الموسيقى كثيرًا للحفاظ على الاسترخاء بغض النظر عن الحالة المزاجية مع تذكير نفسه بأن بإمكانه العودة لعالمه (الأمل).
مضيفًا: ركز على ما يمكنك التحكم فيه واعتنِ بنفسك.. عائلتك.. جدولك الزمني.. بيئتك.. ولا تنسى غيرك.. لست وحيدًا.. فعندما كنت أنظر إلى الأرض من الفضاء، الحدود السياسية لا وجود لها.. البشر جميعًا في مركب واحد بشكل ما أصبحت اليوم معزولاً بفعل كورونا كغيري من سكان العالم.
وعن تجربة البقاء في البيت في بلادنا قالت فاتن مرزوق أم لخمسة أطفال: الحجر الصحي لم يمثل لي مشكلة فقد اعتبرتها إجازة صيفية ونحن لا نخرج كثيرًا للظروف المادية المعتادة منذ سنوات ، فالقاعدة الذهبية أن تشغل نفسك وعائلتك بأولويات كثيرة وتتشاركون معًا كل اللحظات حتى لا يكون هناك وقت إلا للنوم واقتناص بعض الوقت للانفراد بنفسك.
ياسر الوجيه طالب جامعي في السنة الثانية تجارة يرى أن الحجر المنزلي ليس سيئًا إذا ما قارنه بالخيارات المطروحة.. وهنا تبدأ الحالة النفسية بالاستقرار والتفكير جديًا بكيفية جعل يومك ممتلئاً بشيء من التوضيح يقول ياسر: كنا نؤجل كل شيء يعنينا حتى مذاكرة دروسنا بحجة أنه ليس لدينا وقت، اليوم أراها فرصة لترتيب حياتنا والتزود روحيًا وصحيًا ومعرفيًا واعتزال ضجيج الحياة.
متابعًا: هناك نشاطات مختلفة لا تتطلب مغادرة البيت كتعلم لغة عبر مشاهدة الأفلام والالتحاق بدورات تعليمية مجانية عبر الإنترنت وقراءة الكتب الإلكترونية والتجول في مدونات ومواقع مفيدة وحتى متاحف فكثير من المتاحف والحدائق العالمية سمحت بالجولات الافتراضية كمتحف اللوفر.. تقيدت حريتنا ونواجه إنترنت كالسلحفاة لكن للضرورة أحكام.
أمين عبدالإله – موظف متقاعد – جد لتسعة أحفاد متحدثًا عن فكرة البقاء في البيت حيث قال: ” وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم ” .. لم أر أحفادي وأبنائي إلا هذه الأيام منذ رمضان الفائت وإن كان ليس كما يجب فما يزال الجميع يغادر لسبب أو لآخر لم يعتادوا بعد وهربًا من ضيق البيت .
ناصحًا الشباب باستغلال هكذا ظرف في التقرب إلى الله : نشاهد جميعًا ونعايش واقع الموت فيه عن قرب، وها هو فيروس يقتل مئات الآلاف فجأة لذلك اقتنص الفرصة عبر صحيفة “الثورة” الموقرة للتذكير بضرورة استشعار قرب الموت وتعدد أسبابه ، والاستعداد للحياة الأبدية بالتزود بالطاعات؛ فالحياة الدنيا طالت أم قصرت أعمارنا فيها يجب أن لا تسرقنا من الهدف الأساس لوجودنا.. فالموت والبعث وجنات الله مصيرنا وغايتنا.
مرام جابر –خريجة بلا عمل- تقول: أحببت فكرة بقاء الجميع في البيت ، يؤنسني وجودهم معي طوال اليوم ويخفف عني الحزن.. لا يعنيني كيف يقضي الكبار الأيام كل وشأنه لكن الصغار تحت عمر العاشرة من تركوا المدرسة الابتدائية وشعروا بفراغ كبير هؤلاء أمانة لدينا يستحقون دعمنا وتوجيهنا وبعض المال لشراء الألوان والصلصال ومشاركتهم لبعض الأفلام الممتعة عن الطبيعة وبعض الألعاب من الذاكرة وتنزيل أفلام الأطفال من الإنترنت ومساعدتهم في تحضير وجبات وحلويات من خيالهم.
علي مفرّح – مواطن- أيّد فكرة التزام الناس في البيوت حماية من كورونا والمخاطر وحتى يكون للأيام كما يقول أهميةمضيفاً انشغال الجميع بتضييع وقته يجعل البيت أكثر مكاناً يفترض أن يكون مرتبًا ومريحًا فوضويًا .. هذه فرصة للاعتناء بمقتنيات البيت وتنظيفه وإعادة ترتيب حياتنا بل إنها فرصة للاقتراب من أنفسنا وأهلنا والشعور بالأمان والتخلص من السلوكيات الخاطئة وإعادة تربية الأبناء وأخذ مساحة من الراحة للأم .. أرجو أن تطول.
وفي رده على سؤال ما الذي تقوم به عائلته لاستغلال الوقت قال مفرح: الوقت يمر سريعًا في كل حالاته لكنه يصبح أسرع إن تنوعت فيه النشاطات ما بين صلاة وتلاوة القرآن وكتب التفسير ومشاهدة التلفزيون مع العائلة وقراءة الكتب بشغف والمشاركة في جعل البيت متنزهًا والطعام لذيذًا واستكشاف المواهب المدفونة.. وسيتكفل الإنترنت والنوم بما فاض من الوقت حتى تعود الحياة.. يصعب السيطرة.
أما هاجر الخولاني – فتستبعد أن يحدث حجر في اليمن وإن انتشر كورونا حيث قالت: شعب يواجه العزلة والموت والرعب والفقر والصواريخ والألغام والأوبئة منذ سنوات لن يبقى خائفًا في بيته لكن لنحرص على الالتزام أكثر من باب ” ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة “.
لنحمي أنفسنا وعائلاتنا ولنفسح المجال لمن ضاق عليه المنزل والهموم أو من ليس بإمكانه البقاء في البيت لتوفير لقمة العيش لأفراد أسرته.
وختمت حديثها بالقول: لنخض التجربة لأيام وأسابيع طلبًا للاستقرار النفسي الذي سرقته منا الحروب والمآسي والخلافات وتوقف المرتبات والحياة الناقصة.

قد يعجبك ايضا