الجميع على المحك! 

حتى يصبح الحوار منهاجا◌ٍ تنتظم في إطاره قواعد الممارسة الديمقراطية والسياسية والحزبية¡ فلا بد أن يتحول هذا المنهاج والمبدأ الحضاري إلى ثقافة وسلوك وأن يجد ترجمته في الأقوال والأفعال وخاصة من قبل القوى السياسية والحزبية التي يتعين عليها أن تجعل من نفسها القدوة في تعاطيها مع الرأي والرأي الآخر سواء على المستوى الحزبي الداخلي أو مع شركائها في العمل السياسي¡ حيث أنه ومتى تمثلت هذه الأحزاب قيم الحوار وعملت على تجسيدها على أرض الواقع من خلال مواقفها وتعاملاتها وأدائها وتوجهاتها الحزبية والسياسية بعيدا◌ٍ عن الشطط والرؤى الجاهزة والأحكام المسبقة وإدعاء احتكار الحقيقة¡ لن تجد أية صعوبة في التغلب على أية اختلافات أو تباينات في وجهات النظر¡ ما دامت تؤمن بأنه ومهما تباعدت المواقف وتباينت الاجتهادات فإنها ومن خلال الحوار قادرة على تجاوز هذه الحالة عبر مقارعة الحجة بالحجة واتباع أسلوب الإقناع وتغليب الرأي الصائب الذي يتوخى بالدرجة الأولى مصلحة الوطن العليا وجعلها فوق كل المصالح الذاتية والحزبية الضيقة والأنانية.
لقد وضع فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح مبدأ الحوار في صدارة مشروعه الوطني لتطوير التجربة الديمقراطية ومعالجة مختلف المشكلات والأزمات¡ وكان سباقا◌ٍ في تكريس هذا النهج الحضاري في الواقع السياسي الديمقراطي لقناعته بأن بناء مجتمع ديمقراطي حديث ومتطور ي◌ْعد من المهام الكبيرة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال بلوغ مقاصدها بمعزل عن الارتقاء بثقافة الحوار وتعزيز ثقافة الديمقراطية وإفساح المجال أمام كافة شرائح المجتمع لتحمل مسؤولياتها على صعيد المشاركة في صنع القرار وانتخاب سلطات الدولة وفق ارادتها الحرة¡ وترسيخ مسارات التداول السلمي للسلطة عبر التنافس في البرامج والاحتكام لصناديق الاقتراع.
وما من شك أن هذه التوجهات الجريئة والشجاعة كانت نابعة من قناعة وطنية وإرادة بحتة ولم تفرض علينا من قبل أحد أو تملى من أي طرف¡ ولأننا قد اخترنا الديمقراطية بمحض إرادتنا¡ فإن من الأهمية أن نسعى جميعا◌ٍ إلى تطوير آلياتها وفي المقدمة منها نهج الحوار الذي يشكل أهم مرتكزات الديمقراطية.. ومن موجبات أن يكون الحوار هو الوسيلة المثلى لتقريب وجهات النظر وحلحلة التباينات والاختلافات التي من الطبيعي أن تحدث في أي نظام سياسي تعددي¡ أن يتحلى الجميع بروح الحوار وآدابه وأخلاقياته والابتعاد عن التمترس في المواقف أو وضع الشروط التعجيزية المعيقة للحوار وبما يمكنهم من استلهام الدلالات السليمة للوصول به إلى تحقيق الغايات المرجوة والمنشودة.
ونعتقد أنه قد آن الأوان لكي تسارع المنظومة السياسية والحزبية اليمنية إلى مراجعة مواقفها واستشعار مسؤولياتها حيال ما يتعلق بالاستحقاق الانتخابي القادم 2011م الذي لابد أن يتم إجراؤه في موعده المحدد الذي تم التوافق عليه من قبل الكتل البرلمانية للأحزاب الممثلة في مجلس النواب¡ وأن تدرك هذه المنظومة أن مثل هذا الاستحقاق الديمقراطي هو استحقاق للشعب وليس للأحزاب¡ وأنه لا مجال مطلقا◌ٍ لتأجيل هذا الاستحقاق مرة أخرى سواء◌ٍ توافقت أو لم تتوافق¡ فالانتخابات البرلمانية لابد أن تتم في 27 ابريل القادم¡ ومنذ هذه اللحظة فإن الشعب سيكون هو الرقيب على مواقف الأحزاب السياسية وسيفرز من هو مع الديمقراطية وتطورها وانسياب مساراتها¡ ومن يتخذ منحى التعطيل بهدف التهرب من مسؤولياته وإعاقة مسار التطور والنهوض الديمقراطي.
ولأن الوقت لا يحتمل المزيد من التسويف والمماطلة والمراوغة والمناكفة والمكايدة¡ فإن من المصلحة أن يظهر الجميع جدية أكبر في تهيئة المناخات أمام الاستحقاق الديمقراطي القادم وأن يكونوا في مستوى ما هو معول عليهم من قبل أبناء الشعب¡ وستثبت الأيام م◌ِنú هو صادق مع قيم الحوار وم◌ِنú هو المراوغ وليس لديه الاستعداد للتأقلم مع نهج الديمقراطية وقيم الحوار.

قد يعجبك ايضا