البروفيسور مصطفى وأنا 

عبدالله الصعفاني

مقالة



عبدالله الصعفاني

عبدالله الصعفاني
كان البروفيسور مصطفى العبسي يذاكر المواد العلمية للصف الثالث الثانوي في أروقة وممرات مدرسة الثورة بالحديدة فيما أذاكر أنا مواد الثالث الإعدادي بارتباك القادم من الريف.
* ودارت الأيام لألتقي به في صنعاء بعد أن كان سبقني للكتابة للصحافة الرياضية ثم تميز بعموده “على دروب الحياة” في صحيفة الثورة.. صحيح.. الديك النبيه ينبه للفجر وما زال في البيضة.
* على طريقتنا اليمنية في اقتناص فرص السفر وفوائده السبع أو لعلها الرغبة في التجربة جمعتني بمصطفى دورة تدريبية في التعليق الرياضي على مباريات كرة القدم في الرياض.. مع أن مصطفى وأنا لا نجيد أكثر من تعليق ملابسنا الخفيفة على حبل الغسيل.
* وهناك أقمت مع مصطفى في غرفة واحدة.. وأتذكر كيف أن كلا منا كان ينتظر الانفراد بالغرفة حتى يختبر نفسه في التعليق على مباراة افتراضية استعدادا للامتحان العملي الذي يشرف عليه نخبة من أقطاب التعليق الرياضي العرب المصري محمد لطيف والسعودي زاهد قدسي يرحمهما الله وعلي داوود والأردني محمد جميل عبدالقادر وآخرون .. وكان مشاهير في التعليق أمثال الإماراتي عدنان حمدú مازالوا مجرد واقفين عند ألف باء التعليق.
* حينها كان مصطفى العبسي وأنا نسرد جملا تعليقية لا تخلو من الأخطاء التي تثير الضحك.. ومع أنني في الامتحان العملي أجدت التفاعل مع اغلاقة المباراة بالعودة بجمهور المشاهدين إلى استديوهاتنا في الإذاعة والتلفزيون كما هي عادة المعلقين المحترفين.. إلا أنه لا أنا ولا مصطفى “اخترجنا” في التعليق.. وفيما واصلت المشوار مع الحرف الرياضي المكتوب انطلق مصطفى العبسي في دنيا السيكوسوماتي ليصبح اليوم أمينا عاما للمنظمة بالإضافة إلى كونه يرأس الآن معهد دولوث للبحوث الطبية..
* وبطبيعة الحال لم يصل البروفيسور مصطفى العبسي إلى هذا المستوى العلمي العالمي إلا بعد أن أجاد وتألق في أبحاثه العلمية في مجال الطب السلوكي والعلوم الحيوية والنفسية.
* البروفيسور مصطفى العبسي صار مفخرة لليمن وللعرب بإنجازاته العلمية التي لا تتوقف عند حد فضلا عما أحرزه من جوائز علمية تكشف عن عبقرية وعن طموح لا يتوقفان عند حد.
* وبعد الذي كان من أمر إضاعتنا “للحكمة اليمانية” تدور في رأسي فكرتان الأولى تتعلق بحاجتنا فعلا إلى تحقيق العلاقة المطلوبة بين أدمغتنا والوظائف الحيوية في أجسامنا وكذا التعرف على العوامل النفسية والاجتماعية التي تتسبب في العديد من أمراضنا وأوجاعنا وهو ما يبدع فيه بروفيسور مثل مصطفى العبسي.
* أما الفكرة التساؤلية الثانية فهي.. هل كان بمقدور مصطفى العبسي أن يصير شيئا استثنائيا لو أنه بقي عندنا حيث البحث العملي مجرد مجموعة حروف إضافية في يافطة وزارة التعليم العالي.
* وليس عيبا أو ارتداء للنظارة السوداء لو اعترفنا بأن المبدع عندنا يختفي في المهد بسبب البيروقراطية ومحاباة البهلوانين وأرباع الموهوبين ومدمني ألعاب القفز فوق الحبال على حساب المبدع.
* ورصيدنا في هذا الأمر بائس بدليل أن قمم تجليات الفكر اليمني في جوانب إبداعية ورياضية وفنية إنما ظهروا وتميزوا خارج الحدود وتسميتهم من قبيل تعريف المعروف.
* أما عندما يتعلق بقضايا البحث العلمي فيكفي الإشارة إلى عدد الجهات الحكومية والأهلية التي ترصد جوائز للبحوث العلمية ثم تحجبها إما لعدم وجود بحوث علمية أو لأنها لا ترقى إلى المستوى الذي تستحق عليه الجائزة .. حدث هذا مع جوائز رئيس الجمهورية وجوائز العفيف وجوائز السعيد.
* وأختم بقوة العادة مع الاستفهاميات كم في اليمن ريفا وحضرا من العقول القادرة على أن تكون مثل مصطفى العبسي وعلي محسن المريسي وأبو بكر سالم وأحمد فتحي وآخرين.. ثم ما هي دلالة أن البحث العلمي هو الجانب المهمل في طبيعة مهام العمل الأكاديمي¿.
* اليمن حبلى وولادة بالمبدعين لكننا على ما يبدو مشدودو الوثاق إلى ما هو عبثي وفوضوي ومتخلف.
* ولكل هذا لابد من الاهتمام بحاضنات الولادة الطبيعية لتجليات الإبداع الشاب.. قولوا.. إن شاء الله.
SMS
إذا رأيت غثاء الحبر يتفوق على تجليات الإبداع في أي صحيفة فاعلم أن وراء ذلك احتساب بدل الإنتاج الفكري إما بالمتر أو بالمحسوبية إرضاء للحبايب وحسبة العوائد.
* * *
أسوأ الكتاب هو الذي ينشر شيئا في الصباح ولا يسمح بفوات أذان الظهر قبل أن يستلم المعلوم..
نحن في زمن شعار البعض فيه “المعلوم” أولا و”المعلومة” عاشرا..
* * *
يوم أمس استمعت وزميلي أحمد الجبر إلى شكاوى من الابتزاز الصحفي للمؤسسات بصورة يشيب لها رأس الغراب.. المدهش أننا في النقابة ما نزال نرى أنفسنا مجرد جبهة تحرير ولسنا ضابطين لإيقاع المهنة..!!

قد يعجبك ايضا