عضو المجلس السياسي الأعلى أحمدغالب الرهوي لـ”الثورة” :لا مخرج لتحالف العدوان وأدواته إلا باحترام إرادة الشعب اليمني في حريته واستقلاله
وعي المواطنين ويقظة الأمن عززت الجبهة الداخلية
بعد خمسة اعوام من العدوان أصبحت يد الجيش اليمني ولجانه هي الطولى في ضرب الأهداف الحساسة لدول العدوان السعودي والإماراتي
على امتداد تراب اليمن الطاهر لقي عشرات الآلاف من الجنود والقادة الغزاة مصرعهم وهُزمت جيوش بأكملها وانكسرت إمبراطوريات كانت في أوج مجدها ، وتحفظ الذاكرة الشعبية اليمنية قصصاً وأساطير أغلبها تتحدث عن بطولات الأجداد في مقاومة الغزاة وتحضر هذه البطولات بأحداثها المختلفة في كل زمان ومكان تتعرض فيها البلاد لأي خطر خارج،ي إذ سرعان ما يتجه الجميع إلى مواجهة ذلك الخطر بما توارثوه من شجاعة وقيم ومبادئ وقد قاتل اليمنيون الغزاة الطامعين في ظروف مختلفة وفي مساحات جغرافية واسعة وبأدوات متنوعة وكانت الهزيمة النكراء هي نهاية الغزاة المزرية.
هكذا استهل حديثه لـ”الثورة” عضو المجلس السياسي الأعلى الاستاذ / احمد غالب الرهوي، مؤكدا ان اليمنيين جيلاً بعد جيل يؤكدون مدى ارتباطهم بإرثهم الحضاري وبأرضهم المعطادة وتقاليدهم الأصيلة، فيما توثق شهادات مختلفة صوراً متنوعة لشدة بأس اليمنيين في القتال واستماتتهم في الدفاع عن أرضهم وشهد الغزاة أنفسهم بشجاعة وشراسة اليمنيين في القتال .. إلى التفاصيل:
الثورة / مصطفى مستور
صمود أسطوري جسده اليمنيون على مدى خمس سنوات ما الذي يسعكم قوله بهذه المناسبة؟
– نسمي الصمود ( الصمود الوطني الأسطوري ) .. أولا نرحب بصحيفة “الثورة” صحيفة الوطن والمواطن ونحيي بإجلال وإكبار الشعب اليمني العظيم وقيادته السياسية وأحزابه الوطنية وفعالياته الوطنية المختلفة شباب ومرأة ومجتمع مدني وصحافة وإعلام …إلخ جميعهم شكلوا لوحة متناغمة أذهلت العالم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى في الصمود والثبات الوطني الأسطوري على مدى خمسة أعوام والولوج في العام السادس تحت عنوان أطلقه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ( معركة الصبر الاستراتيجي والنفس الطويل) ، وهذا يدل على استشراف ونظرة ثاقبة في مواجهة ما أعدت وجهزت له دول العدوان ، والتحية موصولة لوزارة الدفاع وهيئة الأركان والجيش واللجان الشعبية ورجال القبائل ووزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية والسلطة التنفيذية ممثلة بحكومة الإنقاذ ومحافظي المحافظات والمديريات وكل مواطن شريف ، وقبل كل ذلك الإيمان بالله سبحانه وتعالى والتوكل عليه قال تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) البقرة .
وقد كان لهذا العدوان إرهاصات بدأت عندما أصبح (عبد ربه منصور هادي) رئيساً لليمن لمدة عامين وقال (هادي ) في نفس القاعة عندما تسلم العلم اليمني بأنه سيقف بعد عامين في 21 فبراير 2014م في نفس القاعة ويسلم السلطة للرئيس الذي سينتخب بعده ، وبعد مرور العامين ظل يبحث عن التشبث بالسلطة عبر الحوار اليمني ورغم ذلك وبعد مرور العامين بقي في السلطة تحت مبرر الحوار وفجأة قرر أن ينهي الحوار قبل أن يتم الاتفاق على الأمور الجوهرية أهمها موضوع الأقاليم الذي كان يصر ( هادي ) على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم في ظل رفض من قبل مكونات عديدة لهذه الأقلمة ومحاولته تمرير مشروع دستور جديد خارج السياق القانوني وخارج الجلسة العامة الختامية التي كان من المفترض أن تعلن كما تم الاتفاق عليه في الحوار وتعالج ما لم يتم التوافق عليه ‘ وفي شهادة المبعوث الأممي جمال بنعمر قال:إن اليمنيين باتو قريبين للحل لولا السعودية والحلفاء الذين أفشلوا اتفاق اليمنيين.. هذا ما خلص إلى قوله المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، جمال بنعمر، من دون أن يغفل أحد أهم تداعيات «عاصفة الحزم»، باستفادة «القاعدة» من هذه الحرب الظالمة والعبثية، في ظلّ مواصلة «التحالف» قصفه العشوائي على المحافظات اليمنية .
ولابد من التعريج على إرهاصات العدوان , إذ تفاقمت الأمور الاقتصادية في عهد هادي ورغم ذلك قرر أن يرفع أسعار المشتقات النفطية ورفع الدعم عنها الأمر الذي حرك ثورة شعبية عارمة ضغطت على الرئيس (هادي) ليخفض الأسعار وهو ما تم بالفعل وانتهت وقتها المشكلة ، ولكن (هادي ) عاد إلى موضوع تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم والاعتداء على الدستور في التمديد خارج قبة البرلمان المؤسسة الدستورية التي أعطته شرعية الرئاسة بأدائه اليمين الدستورية تحت قبة البرلمان بينما مدد خارج قبة البرلمان بدعوى ومبرر الحوار الأمر الذي أعاد المشكلة من جديد وتحرك الشارع مرة أخرى لرفض موضوع تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم والمساس بالدستور وبعد تفاقم المشاكل والأوضاع وصلت المكونات إلى توقيع اتفاقية مشهورة سميت باتفاقية السلم والشراكة المزمنة والتي وقعت بدار الرئاسة ولكن سرعان ما تم نقضها من خلال التسويف في تنفيذ بنودها المزمنة ، ومحاولته فرض دستور تمت صياغته بالخارج مفصلا عليه ولما لم يتحقق له ما يريد أوعز (لرئيس الوزراء في حكومته خالد محفوظ بحاح) بتقديم استقالته المكتوبة رغم أنه في العرف القانوني والدستوري كان ينبغي عليه قبول أو رفض الاستقالة فإن قبلها كان وجوبا عليه دستوريا أن يكلفه بتسيير الأعمال إلى حين تكليف رئيس وزراء جديد إلا أنه لم يفعل وهذا اعتداء صريح على الدستور وكانت غايته من ذلك إدخال البلاد في فراغ دستوري يترتب عليه سقوط مؤسسات الدولة ودخول البلد في فوضى عارمة’ وبخبث متعمد قدم استقالته إلى مجلس النواب ليزيد من تعقيد الوضع وهذا اعتداء آخر على الدستور , كل ذلك لا يمكن فصله عن الدور الخبيث لدول الإقليم وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي كانت تضمر الشر لليمن ولا تزال منذ تأسيسها تنفيذا لأجندات الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية وتأكد ذلك في المؤتمر الصحفي في واشنطن لجون كيري وزير الخارجية الأمريكي الأسبق وعادل الجبير الذي أعلنوا فيه بدء العدوان على بلادنا وتحدثوا عن أشهر من التحضير للحصول على موافقة معظم دول العالم لشن العدوان والمشاركة فيه وكان ذلك في ليلة الـ 26 من مارس 2015م دون أي مسوغ قانوني أو ديني أو أخلاقي وبدأت في تلك الليلة غارات لمئات الطائرات لسبع عشرة دولة تقذف بأحدث ما ابتكروه من الصواريخ والقنابل المحرمة دوليا بمختلف أصنافها وأنواعها دمرت مقدرات الشعب اليمني وبنيته التحتية وقتلت النساء والأطفال وهدمت المنازل على ساكنيها وبلغ صلفهم حد الاعتداء على صالات الأعراس والعزاء والأسواق العامة والمستشفيات بما فيها مستشفيات المنظمات الدولية والمدارس والجامعات والمزارع ومزارع الدواجن وآبار وخزانات المياه وشبكات الكهرباء وأبراج الاتصالات والموانئ والمطارات والجسور والجامعات والمعاهد ولم يتركوا شيئا لم يقصفوه كما قال الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل رحمة الله عليه (لم يبقوا شيئا في اليمن إلا وسووه مع الأرض ) وقال هيكل : السعودية ستغرق في اليمن وسينتصر اليمنيون وإن لم يحصل هذا اخرجوا جثتي من القبر واحرقوها واحرقوا مؤلفاتي ,إن ما قاله هيكل تحقق بالفعل، فقد حاربت السعودية اليمن ضمن سياق أجندة صهيوأمريكية لإرجاع ما أسمتها “الشرعية” والتي تعني بحقيقتها نهب ثروات ونفط اليمن إلى الجيب الأمريكي والقبضة الأمريكية، ولضعفها لجأت الى تشغيل مرتزقة من دول شتى واشركت بلدانا عديدة في تحالف العدوان طيلة خمس سنوات ولازال دون تحقيق اي تقدم يذكر في أرض اليمن السعيد بل العكس باتت السعودية تغرق يوما بعد آخر في اليمن بهلاك جنودها ومرتزقتها بالضبط مثلما قال هيكل رغم أنهم أغاروا على اليمن بأكثر من ربع مليون غارة إلى مارس الحالي غير الغارات التي لم يتم رصدها خصوصا في بداية العدوان .. إلا أن ذلك العدوان الوحشي البربري الذي لا مثيل له في حروب العالم عبر التاريخ ومع ذلك لم يفت في عضد الشعب اليمني ولم يكسر إرادته بل زاده إيمانا بالله مستمدين منه الثبات والصمود والصبر الاستراتيجي فأدخل على قلوبهم السكينة والاطمئنان ومدهم بقوته قال تعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) الحج .
فاستطاع الشعب اليمني بقيادته ونخبه وقبائله ونسائه ورجاله وأطفاله وشيوخه وكل فعالياته الوطنية أن يحافظوا على مؤسسات دولتهم ويمتصوا خلال 40 يوماً من داية العدوان كل تلك الحمم التي قذفها العدوان ليشهد العالم بأنه لم يكن في مقام المعتدي ولم يرد على العدوان إلا بعد أربعين يوما وأشهد العالم على عدوانهم فأصبح من الواجب الشرعي والقانوني والأخلاقي الدفاع عن الأرض والعرض قال تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) البقرة .
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) محمد.
هل هناك اسباب وعوامل اخرى دفعت العدو الى مستنقع اليمن؟
– اليمن لديه موقع جغرافي هام واستراتيجي وغني بالثروات ومطل على البحر العربي والأحمر وباب المندب وخليج عدن .. فهو جزء لا يتجزأ من المنطقة فأي تغيير في الخارطة سيكون حاضراً فيها وهذا ما جعل الأمريكان تزداد أطماعهم باليمن ويعملون ليلاً ونهاراً لفرض هيمنتهم وبسط سيطرتهم عليه وعلى مقدراته والذي بالفعل لازال بلدا بكراً لم تستخرج ثرواته بعد .. ودور أمريكا في اليمن يتدحرج تدريجياً ومر بمراحل عدة ابتداءً من تفجير المدمرة كول في العام 2000م وبعد ذلك اختلقوا ذريعة القرصنة .. ومن خلالها بسطوا نفوذهم على الملاحة الدولية وملأوا البحار والجزر والشواطئ اليمنية بالفرقاطات والحاملات الطائرات والسفن الحربية الآلاف من الجنود الأمريكيين المدججين بالسلاح .. ومن ثم أعلنوا في 2009م عن طرود مفخخة ومن خلالها سيطروا على المطارات والقواعد الجوية والأجواء اليمنية ،فالطائرات الأمريكية كانت تنتهك السيادة اليمنية بشكل يومي ومستمر على مدار الساعة .. وبعد أن سيطروا على الجو والبحر تحركوا صوب الأرض لتكون الذريعة المسماة القاعدة والتي قال الرئيس ترامب بأنها صناعتهم ، تلك اللعبة الاستخباراتية التي لطالما دق الأمريكان على وترها واحتلوا بلداناً واستعمروها تحت هذا المبرر.
هناك تورط أمريكي وأيضاً إسرائيلي في الحرب على اليمن وهناك شواهد عديدة وتصريحات منهم عن الدعم العسكري والاستخباراتي والسفن وقوات العمليات الخاصة والمستشارين وليس خافياً على أحد وكان أشهرها قولهم بأن الدعم الأمريكي للسعودية في حربها على اليمن ليس شيكاً على بياض وتم سحب الخبراء الأمريكيين والإسرائيليين بعد مجزرة قصف صالة العزاء في الصالة الكبرى تلك المجزرة التي شاهدها العالم بالصوت والصورة وأنكرتها السعودية ثم اعترفت بها ، إلا أن الأضواء الإعلامية لم تُسلط على ما يجري في اليمن كما حصل من تجهيز امبراطورية في حربهم الكونية على سوريا .
اليمن بلد غني ، يقع في أهم موقع استراتيجي مليء بالموارد الطبيعية والبشرية ، ولديه أطول ساحل بالوطن العربي ولديه الجبال والسهول والقيعان والأودية الخصبة والهضاب والصحاري والجزر في لوحة ربّانية أبدعها الخالق، ولو تناولنا جانب الثروة السمكية سنجد هناك مفارقة غريبة جدا فاليمن التي تعتبر الأغنى في الثروة السمكية يُعتبر أبناؤها الأفقر غذائيا من منتجات الأسماك البحرية التي تتعدد في اليمن إلى أكثر من 400 نوع من أجود أنواع الأسماك والأكثر طلباً على استهلاكها عالمياً وإقليمياً.
وتفيد التقديرات بأن المخزون السمكي على طول السواحل اليمنية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن يصل إلى نحو 850ألف طن ويمكن إنتاج ما بين 350ـ400 ألف طن سنوياً مقارنة بما يتم استغلاله فعلياً والذي لم يتجاوز 290 ألف طن وحالياً هناك موارد أخرى لليمن مستغلة ولكن ليس بشكل جيد وفي نفس الوقت فإننا لا نعلم عن أرقامها الحقيقية مثل الثروات المعدنية كالبترول والغاز والذهب والمعادن ، وبإذن الله نستغلها بشكل متكامل لإحداث نقلة نوعية ونهضة لنبني ما دمره العدوان ونعيد اليمن أجمل مما كانت وستكون بإذن الله دولة قادرة عادلة ، ولديها موارد سياحية هائلة لا تضاهيها أي دولة بالإضافة إلى الإرث التاريخي العريق الذي يعرفه القاصي والداني .
كيف تنظرون إلى واقع ومستقبل العدوان على اليمن في ظل ما تشهده الأحداث من تغيرات سياسية وعسكرية ؟
– اليمن لم يكن مستعمرة حقيقة على الإطلاق، وفي الحقيقة لم يتمكن البرتغاليون والرومان والأحباش والأتراك العثمانيون ولا البريطانيون من السيطرة على اليمن أبداً ، وأقتبس هنا ما ذكره كتاب (تاريخ اليمن مقبرة الغزاة ) تتوسط اليمن قارات العالم القديم وتشرف على أهم طرق التجارة البحرية كهمزة وصل طبيعية بين المشرق والمغرب ويتربع جزء كبير من سكانها على عروش الجبال الشاهقة من المرتفعات الغربية والجنوبية لشبه الجزيرة العربية فيما يتوزع البقية على خارطة متنوعة من التضاريس ما بين سهل وساحل وهضبة وصحراء ويقول روبرت كابلان في كتابه انتقام الجغرافيا .. يقع القلب الديموغرافي البالغ الأهمية لشبه الجزيرة العربية في الركن الجنوبي الغربي الجبلي منها حيث الهضاب البازلتية الشاسعة التي تنتصب مشكلة تكوينات تشبه القلاع الرملية والفوهات البركانية في حين تؤوي شبكة من الواحات الكثيفة سكانها منذ العصور القديمة .
تكتسب اليمن أهميتها مما حققه أبناؤها من إنجازات حضارية ستظل بلا شك علامات مميزة في مسيرة التاريخ الإنساني فيما الأهمية الكبرى لليمن تكمن في موقعه الجيوستراتيجي المطل على بحرين ومحيط وخليج ومضيق ويعد من أهم المواقع على مستوى العالم بالنسبة لخطوط الملاحة البحرية وكذلك بالنسبة للمنطقة العربية وشرق إفريقيا وأغلب الحملات العسكرية الخارجية كان على رأس أهدافها السيطرة على اليمن بسبب موقعه وما يمكن أن تجنيه أي قوة تسيطر على اليمن من الناحية الاقتصادية وكذلك في تعزيز موقفها العسكري وإلى جوار الموقع تمتلك اليمن ثروات عدة فمن اللبان والبخور ومختلف أنواع التوابل والطيوب في الألف الأولى قبل الميلاد إلى الثروة الزراعية الكبيرة التي ظلت حتى قرون متأخرة مصدراً من مصادر الاقتصاد اليمني إضافة إلى الثروة البحرية الهائلة وكذلك ما تكتنزه الأرض اليمنية من ثروات نفطية وغازية ولم تكتشف حتى اللحظة.
وفي التاريخ اليمني ما يؤكد أن حجم مكانة هذه الأرض بفعل ما أنتجه الجهد البشري الكبير ،الأمر الذي لفت أنظار كبار فلاسفة اليونان والرومان وكذلك كانت هذه الثروات والتطور الحضاري من أبرز دوافع الأحباش في غزواتهم المتكررة ،أما الأيوبيون فقد دفعهم إلى اليمن العائد الاقتصادي الكبير للموانئ بل قد تكون العلوم في مرحلة من المراحل هدفاً للعصابات الأوروبية التي كانت تأتي لنهب الكتب والخرائط من المدن الساحلية اليمنية وحتى لا نطيل فأن اليمن لا يزال حتى اللحظة بموقعه الحيوي محل أطماع الغزاة وما تسابُق القوى الإقليمية والدولية على الجزر اليمنية وكذلك السواحل إلا دليل على ذلك إضافة إلى الحديث المتداول عن الثروة النفطية والغازية التي لا تزال في باطن الأرض وعن التاريخ القديم الذي كان لليمن فيه دور متميز ضاعفت من أطماع الإمبراطوريات العالمية والتآمر عليه وإخضاعه واحتلاله إلى التاريخ الحديث الذي تسابقت فيه القوى الإقليمية للسيطرة على اليمن وحتى التاريخ المعاصر الذي تغيرت فيه أشكال الاستعمار من احتلال وتواجد عسكري على الأرض إلى نفوذ وهيمنة ووصاية وتبعية وغير ذلك.
كل ذلك جعل اليمنيين في مواجهة دائمة مع قوى الغزو وتحكي مقابر جنود وقادة الحملات العسكرية الخارجية المتوزعة في الكثير من المناطق اليمنية تاريخاً طويلاً من الأحداث شهدتها العربية السعيدة خلال قرون من الزمن ،ففي اليمن قضى عشرات الآلاف من الجنود والقادة وهُزمت جيوش بأكملها وانكسرت إمبراطوريات كانت في أوج مجدها وتحفظ الذاكرة الشعبية اليمنية قصصاً وأساطير أغلبها تتحدث عن بطولات الأجداد في مقاومة الغزاة وتحضر هذه البطولات بأحداثها المختلفة في كل وقت تتعرض فيها البلاد لأي خطر خارجي إذ سرعان ما يتجه الجميع إلى مواجهة ذلك الخطر بما توارثوه من مبادئ وقيم وقد قاتل اليمنيون الغزاة في ظروف مختلفة وفي مساحات جغرافية واسعة وبأدوات متنوعة.
يثبت اليمنيون جيلاً بعد آخر مدى ارتباطهم بموروثهم الحضاري وبأرضهم المعطاءة وتقاليدهم الأصيلة فيما توثق شهادات مختلفة صوراً متنوعة لشدة بأس اليمنيين في القتال واستماتتهم في الدفاع عن أرضهم وشهد الغزاة أنفسهم بشجاعة وشراسة اليمنيين في القتال ويعتقد أغلب المؤرخين عرباً كانوا أو أجانب أن اليمن ظلت عصية على القوى الخارجية فلم تخضع أو تستكين حتى عرفت بمقبرة الغزاة.
قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) سبأ .
كل ما ذكرته لك ومع الإرادة الصلبة تحولنا من الدفاع إلى الهجوم فقد طبق اليمنيون مقولة “الحاجة أم الاختراع” فتفتقت عقول اليمنيين حيث أبدعت وحدة الصناعات العسكرية الصاروخية والطائرات المسيرة وكذا قناصات بعيدة المدى فأصبحت يد الجيش اليمني ولجانه هي الطولى في ضرب الأهداف الحساسة لدول العدوان السعودي والإماراتي ابتداءً من استهداف مطار أبو ظبي ومروراً باستهداف حقل الشيبة ومطارات جيزان ونجران وشركة أرامكو في خريص وبقيق وعلى المستوى العسكري في الجبهات الانتصارات التي حققها الجيش واللجان بتوفيق من الله وبهمة رجال الرجال التي تجلت فيها حرفية التخطيط ومهارة المقاتل منطلقاً من الإيمان بالله وعدالة القضية ، وبرز فيها التناغم بين مختلف صنوف الأسلحة بحنكة واتقان تكلَّلت بانتصارات أذهلت العالم ومثلت مدرسة عسكرية يمنية لم تحتويها كتب الأكاديميات العسكرية تمثلت في (نصر من الله) مروراً بعملية (البنيان المرصوص) وعملية (فأمكن منهم ) فكرت سبحة العدوان وأدواته ولازمهم الانهيار والفشل المتسارع كلعبة الدمينو يتساقطون ويتهاوون ويهربون من ضربات الجيش واللجان المتقنة فضلاً عن نبل وأخلاق الجيش واللجان في التسامح واحترام الأسير وتطبيبه وتغذيته وحمايته من طيران العدوان مجسدين أوامر الله سبحانه وتعالى وهدى سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكان جزاءهم النصر تلو الآخر .
ولا ننسى ما تقوم به وزارة الداخلية وأجهزتها بيقظة وحس أمني عالٍ من الحفاظ على الأمن وضبط ما زرعه العدوان من خلايا لزعزعة الوضع الداخلي وتفتيت وحدة الصف ومنها على سبيل المثال ( فأحبط أعمالهم) ، ولهذا كله لا مستقبل للعدوان وأدواته ولا مخرج لهم إلا باحترام إرادة الشعب اليمني في حريته واستقلاله واختيار طريقه بنفسه وبقراره، فالسلام العادل والشامل هو الممر الاجباري لدول العدوان ، فإذا استمر في غطرسته وتكبره وغروره فلن يجني إلا الخزي والعار والشعب اليمني كفيل بالدفاع عن أرضه وتحريرها .
قال تعالى (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) آل عمران .
* ونحن على أعتاب عام سادس من الصمود ما هو توجه الدولة في سبيل تحقيق الاستقرار وبناء الدولة ؟
وهل هناك تحسن لمستوى الدخل للمواطن ولموظفي الدولة ؟ وكيف تقرأون واقع الرؤية السياسية التي أطلقها الرئيس المشاط ومدى تجاوب مؤسسات الدولة إزاءها ؟ وماذا حققت من أهداف ؟
– لدينا توجه لبناء الدولة اليمنية الحديثة ترجمناه بإطلاق الرؤية الوطنية لبناء الدولة المدنية الحديثة التي ستساهم في التعافي بشكل تدريجي باعتبارها خارطة النهوض اليمني وقد صدر بها قرار من رئيس المجلس السياسي الأعلى، ووضعت فيها 12 محوراً للتعاطي مع 39 تحدياً تواجهه بلادنا بهدف تحقيق 175 هدفاً استراتيجياً على مدى ثلاث مراحل زمنية حتى 2030م ، حيث شملت محاور الرؤية الوطنية، المصالحة الوطنية الشاملة والحل السياسي ومنظومة إدارة الحكم والبناء الاجتماعي ومحور الاقتصاد والتنمية الإدارية والعدالة وسيادة القانون والابتكار والإبداع والمعرفة والبحث العلمي والتعليم والصحة والبيئة والدفاع والأمن والسياسة الخارجية والأمن القومي وفي كل محور وردت مؤشرات تنفيذ لكل هدف بلغت 408 مؤشرات مع أهم المبادرات المترجمة لكل هدف والتي بلغ عددها 498 مبادرة.. وهي رؤية طموحة مزمنة وأهدافها قابلة للتحقيق والقياس ، وأصدرنا آليتها التنفيذية وستعالج الكثير مما خلفه العدوان من دمار والنهوض بالبلد بشكل تدريجي وسنعمل ما بوسعنا وفق الامكانات المتاحة لتحقيق أهدافنا قدر المستطاع وتخفيف معاناة الناس في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها جراء العدوان والحصار .
ومن أهم المحاور في هذه الرؤية محور التعليم فبالتعليم الحقيقي تنهض الأمم وينهض المجتمع على أمل تعاون كل المؤسسات والفعاليات الوطنية لأن اليد الواحدة لا تصفق، فبالعمل الجماعي والمنسجم سننجح في تحقيق الأهداف التي وضعت وبقدر نسبة التعاون تكون نسبة النجاح لأن الرؤية لم تأت من فراغ بل ولدت من رحم المعاناة لشعب كامل هو أصل الشعوب طيلة فترة العدوان الغاشم وبالتالي فهي مشروع يمني وطني خالص وهذا يبعث على الفخر، وعلى الجميع أن يحكموا ضمائرهم ويتحملوا مسؤولياتهم في عملية تنفيذها .
واجهت السلطة في صنعاء العديد من المؤامرات الداخلية لتفكيك الجبهة الداخلية .. ما الدور الذي ساهم في تعزيز تماسك هذه الجبهة والقضاء على بؤرها ؟
– مستوى الوعى لدى المواطنين وولاؤهم الوطني ويقظة الأجهزة الأمنية وانسجام مؤسسات الدولة وأجهزتها وتماسك الوحدة الوطنية والفعاليات الوطنية المختلفة والاعلام الوطني، كلها عوامل ساهمت في تعزيز الجبهة الداخلية سيما والمؤامرة الكونية على بلدنا جلية وواضحة من خلال الجرائم الوحشية التي ارتكبت طيلة خمس سنوات من العدوان الغاشم .
* ماهي النجاحات التي حققها المجلس السياسي الأعلى من خلال إدارته للبلد في ظل العدوان وماهي توقعاتكم لمستقبل الأحداث ؟
– المجلس السياسي حقق الكثير من النجاحات بشكل مزدوج فمن جانب أدار المعركة باقتدار في 56 جبهة وأدار المعركة الاعلامية باقتدار وأدار مؤسسات الدولة باقتدار وحققنا الأمن والأمان بعكس ما يحصل في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة وحمينا المجتمع من الداخل ، وحاولنا قدر الامكان تثبيت الأسعار ، وحمينا عملتنا من التدهور في ظل هجمة شرسة من العدوان وأذياله لتدمير اقتصادنا ، ورغم الوضع الذي نعيشه والظروف الصعبة والحرب والحصار المطبق براً وبحراً وجواً استطعنا توفير واستمرارية صرف نصف راتب بين فترة وأخرى بالرغم من أن 80% من الوعاء الإيرادي تحت سلطة الاحتلال وأدواته من مطارات وموانئ ومنافذ وغاز ونفط فضلاً عن نقل البنك المركزي إلى عدن وطباعة تريليونات من العملة دون غطاء، وعززنا الثقة بين المواطن والدولة بالعمل الصادق والجاد ، وتحولنا من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم وطورنا الصناعات العسكرية بعقول وأيادٍ يمنية ،وأنجزنا الانتخابات التكميلية كممارسة ديمقراطية، ولدينا وفد وطني فاوض بجدارة بعدالة قضيتنا ومظلومية شعبنا في الكويت وجنيف وغيرها بحكمة وشجاعة وثقة ، وحافظنا على وحدتنا باعتبارها أمراً ربانياً قال تعالى ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) آل عمران ، ووصلنا الى تفاهمات حول الحديدة وتعز والأسرى واتفاق السويد والمسار السياسي رغم تلكؤ العدوان وعرقلته للاتفاق رغم صدور قرارين من مجلس الأمن بضرورة تنفيذ الاتفاق، والمبادرات التي نفذناها من طرف واحد كإطلاق الأسرى وفتح الطرقات ولعبت الوساطات المحلية في انجاز بعض الاتفاقات في تبادل الأسرى بينما عجزت المنظمات الدولية والأممية عن تحقيق ذلك بالرغم من توقع اتفاقية الاطلاق ، وتنفيذا لشعار “يد تبني ويد تحمي” أعددنا رؤية وطنية لبناء الدولة المدنية الحديثة على أسس علمية ووطنية وبما يتفق مع واقع مجتمعنا اليمني لأن علينا مسؤولية دينية ووطنية وأخلاقية تجاه شعبنا مهما طالت الحرب ، وعززنا وحدة الصف الوطني وأطلقنا عدة مبادرات واقعية للسلام الحقيقي ، وأعدنا نشاط السلطات الدستورية النيابية والشوروية وأعدنا الحياة إلى طبيعتها رغم استمرار العدوان والحصار وتوقف الرواتب ، وأعدنا مصنع الغزل والنسيج في صنعاء للعمل الذي كان متوقفاً منذ عقود لتلبية حاجتنا المحلية خصوصا في مجال الصحة والتعليم والنظافة وعمال الخدمات والشركات ، وشجعنا الزراعة وخصوصاً المحاصيل النقدية كالبن والقطن واللوز وغيرها وأعدنا تشغيل محالج القطن في تهامة المتوقفة منذ عشرين عاماً ، ودعمنا هيئة البحوث الزراعية وهيئة تطوير تهامة، ونسجل شكرنا وتقديرنا لمعالي وزير الزراعة والري المهندس عبدالملك الثور ومعالي وزير الصناعة والتجارة اللواء عبدالوهاب الدرة اللذين بذلا جهوداً في هذا المجال ، واستطعنا بكل جدارة وبتعاون الجميع استمرارية العملية التعليمية والصحية رغم العدوان والحصار وتوقف الرواتب وحققنا معجزة أذهلت العالم ، وأنجزنا مكافحة الإرهاب باعتباره آفة عالمية تهدد الانسانية بشكل عام لأن الإرهاب لا دين له ولا حدود .
وفي السياسة الخارجية بذل المجلس السياسي جهوداً جبارة لكسر العزلة التي فرضت علينا وأوصل صوت الشعب اليمني وعدالة قضيته , فتغيرت تدريجياً مواقف كثير من الدول بعد أن صمتت طويلاً وغطت العدوان في تضليله وأكاذيبه التي سخر لها امبراطورية إعلامية ضخمة وأنفق عليها أموالاً طائلة لم يجن من ورائها إلا الخسران ، وكان لدبلوماسيتنا دور فاعل عبر وزارة الخارجية ممثلة بمعالي وزير الخارجية المهندس/ هشام شرف ونائبه/ حسين العزي وطاقم الوزارة وفريقها المهني الذين تناغموا بجهد تكاملي مكنهم من إيصال الصورة الحقيقية للعالم ودحض أكاذيب العدوان وأدواته ، كما كان لشبابنا وكوادرنا وطلابنا المخلصين في دول العالم نضال متميز أثمر في تغيير الرأي العالمي تجاه مظلومية اليمن وعدالة قضيته ووضعهم في الصورة الحقيقية المعاشة على أرض الواقع ، فضلاً عن سقوط العناوين الفاضحة والكاذبة التي رفعها العدوان وأدواته في السادس والعشرين من مارس 2015م.
ونسجل بأن الإخوة أنصار الله كانوا في صدارة الدفاع عن الأرض والعرض إلى جانب كل القوى الوطنية والشعب اليمني بمختلف شرائحه وقبائله ، الذين تعاضدوا مع القيادة السياسية والشعب اليمني جنباً إلى جنب في الدفاع عن الأرض والعرض والسيادة الوطنية وإنهاء الوصاية والتبعية وسيسجل التاريخ تلك الملحة والصمود الأسطوري .
استطاع الجيش واللجان الشعبية تحقيق انتصارات عظيمة في مختلف الجبهات ترتقي إلى الإعجاز .. هل لمستم دوراً حقيقياً فيما يخص المصالحة الوطنية وما مدى تجاوب الأطراف الأخرى ؟
– المصالحة الوطنية ركيزة من ركائز نهضة الوطن وتكاتف أبنائه وما إصدار القرار بإنشاء اللجنة الوطنية للمصالحة إلا دليل قاطع على أن اليمن للجميع وأن الشراكة عمود الخيمة ولدينا مثال حول تجربتي روندا وجنوب أفريقيا اللتين نهضتا نهضة غير عادية لأن هناك مصداقية وجدية سبقتهما نوايا صادقة ، ونحن في اليمن لسنا بمعزل عن العالم نأخذ من تجارب الآخرين بخصوصيتنا اليمنية نؤثر ونتأثر ، وهذه المصالحة سيشرع لها قانون العدالة الانتقالية الذي يضمن رد الاعتبار ويجرم تكرار الممارسات الخاطئة ، الأخوة في إطار الأسرة والوطن والأخوة في إطار الاسلام والأخوة في إطار الانسانية وهذه أوامر ربانية عبر عنها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خطبة الوداع وأيضا ما جسده الاعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وهذه دعوة للجميع للدخول في مصالحة وطنية حقيقية شاملة .
* بخصوص ما تشهده المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة من واقع سيئ ومشين .. ما موقف القيادة السياسية والعسكرية بصنعاء إزاء كل ما يجري في الجنوب؟
– موقف القيادة السياسية والعسكرية من كل ما يجري في الجنوب هو انها تحمِّل دول العدوان المسؤولية الدينية والأخلاقية والسياسية لأن كل ما يمارس في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة مخطط بشكل منهجي من قبل دول العدوان على قاعدة فرِّق تسد ، وإذكاء وتغذية الفتن والعنصرية والفئوية والجهوية والمناطقية واستجرار آثار الماضي وإذكاء ثقافة الحقد والكراهية ليستمر الوضع المأساوي والكارثي في المحافظات الجنوبية الذي يسمح باستمرار احتلالهم وسيطرتهم على القرار ونهب ثروات اليمن والسيطرة على ممراته وجزره وبحاره ، ونحن في القيادة السياسية والعسكرية ووفقاً لدستور الجمهورية اليمنية النافذ الاجراء والذي صوَّت عليه الشعب اليمني بالأغلبية فهو العقد الاجتماعي بين السلطة والشعب وبالتالي مسؤوليتنا أمام الله سبحانه وتعالى وأمام شعبنا من المهرة إلى صعدة تفرض علينا التمسك بوحدة ترابنا على مساحة الـ 555000 كم2 غير منقوصة ، ونمد أيدينا إلى إخوتنا وأبناء جلدتنا في المحافظات المحتلة لأننا نؤمن بالشراكة الوطنية، فاليمن يتسع للجميع ولن يحل قضيتنا إلا نحن اليمنيون “ما حك جلدك غير ظفرك فتدبر أنت جميع أمرك وإذا قصدت لمقصد فاقصد لمعترف بقدرك” .. وعليه فلنحكم العقل والمصلحة العليا لوطننا وشعبنا والرجوع لجادة الصواب وتعزيز قنوات التواصل لتقارب الآراء ولتعزيز القواسم المشتركة بيننا فمعظم النخب والقيادات والمكونات نلتقي معها وهو أن الإمارات والسعودية تمارسان احتلالاً سيما بعد مرور الخمس سنوات وانقشاع الغمة التي كان البعض مخدوعاً بها ، فلنطور هذا المشترك فيما بيننا لنحافظ على ما تبقى وننقذ سفينتنا نحو بر الأمان ولا ضير بعد خروج المحتل أن نطرح على الطاولة مشاكلنا التي نختلف فيها تحت سقف الوطن، فالشعب اليمني قد شب عن الطوق ولم يعد قاصراً ، لأن الشعب مالك السلطة ومصدرها ، ولنحقن دماء شعبنا ونوحد بندقيتنا ونصوبها باتجاه المحتل والمعتدي على بلدنا وشعبنا ، لأنه لا سبيل ولا عزة لنا ولا كرامة ولا استقلال ولا حرية ولا قرار حر ومستقل إلا بتفاهمنا كيمنيين ، والسبيل الوحيد لذلك هو الحوار الجاد والصادق الذي يعلي مصلحة الوطن العليا فوق أي مصالح أخرى ، ولنأخذ من التاريخ عبرة ونستخلص من مآسينا وصراعاتنا ما يعيننا على خدمة وطننا وشعبنا ، وأن لا نكون بيادق ومعاول هدم تنفذ أجندات المحتل بقصد أو بدون قصد ، ولا نجعل المثل الشعبي ينطبق علينا (بتولك قتل بتولي فلابد أن أقتل بتولك) وفي الأخير الدماء يمنية ، إننا نطلق هذا النداء الصادق والجاد ونحن نعتصر ألماً وقلوبنا تدمى لما أصبحنا عليه .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت ) متفق عليه ، ونسأل الله الهداية والعودة إلى الحق بدلاً من الاستمرار في المكابرة والاستقواء بالأجنبي .
هل هناك تواصل مع قيادات جنوبية من خارج نطاق صنعاء لاسيما في ظل ما يتعرضون له من انتهاكات صارخة من قبل الاحتلال ؟
– نعم .. هناك تواصل مع كل الشرفاء والقيادات المجربة والواعية والأكاديمية من مختلف الفعاليات الوطنية والنخب السياسية، ولم تنقطع بل تتوسع لتنضج الظروف الموضوعية والذاتية التي توصلنا إلى الحفاظ على وطننا وما تبقى من مقدراتنا ، ولا نريد أن نحرق المراحل التي جربناها فكانت نتائجها كارثية ، فنحن نسير بخطى متدرجة ،نعمل على انضاج الظروف الموضوعية والذاتية لكي لا نقطف الثمرة قبل أن تنضج فلكل عمل مداه وعليك أن لا تتخطاه لكي لا تقع في المحذور .
ماهي رسالتكم للشباب اليمني ؟
– رسالتي للشباب رسالة مزدوجة ألا وهي الولاء لله والوطن والاهتمام بهم وابداعاتهم ، وقوامها إعداد البرامج والخطط لبناء المجتمعات وإشراك الشباب والمرأة في صناعة القرار فدينامية المجتمعات تُقاس بشبابها من الجنسين باعتبارهم قطبا للرحى ورقماً صعباً في صلب عمليات التنمية الشاملة ولا مجال لغض الطرف عنهم فهم الوقود البشرية الفاعلة والمتفاعلة والمؤثرة والمتأثرة في مختلف السياقات الإنسانية ، وهنا كلمة حق مقرونة بالشكر والتحية مكررة للواء عبدالوهاب الدرة الذي أولى اهتماماً بالشباب وإبداعاتهم وابتكاراتهم لتتحول إلى مشاريع حقيقية على أرض الواقع من خلال اهتمامه بالمخترعين الشباب والمبتكرين ( الرواد ) وبدعم وتشجيع رئيس وأعضاء المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ الوطني .
الجميع يعرف أننا وكل بلداننا تعيش اليوم تحديات جساماً، خصوصاً في قضية الشباب والتنمية ، ولهذا يجب علينا إبعاد الشباب عن الغلو والتطرف ومنحهم الحياة التي تليق بالإنسانية، وفسح المجال لهم لإبداء الرأي وتحمل المسؤولية حتى لا تجترهم الخيبات والإرهاب ، وحتى لا يحملوا جينات اليأس والتذمر وإلا ستفقد الأمة طاقتها المتجددة المصححة للمسار وسيرورة التنمية والإنجاز.
يجب التقليص من حجم البطالة، وحماية الشباب من مظاهر الخطر بتجلياتها السلبية المتعددة والتخفيف من حدة صعوبات المعيقات الاجتماعية التي تواجه الشباب، ولعل المشاركة السياسية هي الأرضية المهمة لجعل الشباب فاعلاً، بإمكاناته المتعددة الايجابية في تقوية حضوره في التنمية والتغيير .
ورسالتي للدول الكبرى والاتحاد الأوروبي والدول المشاركة في العدوان على اليمن بأنه يجب عليها تطبيق الاتفاقيات التي وقعت عليها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولو بالحد الأدنى والجميع يعرف أن فلسطين البلد المحتل الوحيد المتبقي في العالم منذ أكثر من 70 عاماً والشعب الفلسطيني يقتّل ويهجر يومياً وتستوطن أرضه وتُغيَّر معالم فلسطين وكل ذلك أمام العالم وفي ظل صمت عجيب وكل ما نتمناه أن يتحقق السلام ليعيش الجميع بسلام ، فهناك 84 قراراً من مجلس الأمن بشأن القضية الفلسطينية لم ينفذ قرار واحد منها .
كيف تنظرون إلى الدور العربي والإقليمي إزاء القضية اليمنية والقضايا العربية ؟
– إن لم تدرك الشعوب العربية وقادتها خطر التقسيم والمخططات التي تحاك ضدها فإنها ستدخل في نفق مظلم والجميع تابع وشاهد ما حلَّ باليمن وسوريا والعراق وليبيا وغيرها ، وإذا استمرت في سياسة الخنوع والهوان والتبعية والاستزلام ستطبق عليها مؤامرة “سايكس بيكو” بنسختها الثانية، زد على ذلك تمييع القضية الفلسطينية بمبادرات كاذبة حتى تصفية القضية الفلسطينية برمَّتها وآخرها صفقة القرن التي سبقها تطبيع تحت الطاولة واليوم أصبح تطبيعاً فوق الطاولة بهدف تصفية القضية الفلسطينية العادلة ، وما مشروع الشرق الأوسط الجديد التي أطلقته كوندليزا رايس من مطار رفيق الحريري في بيروت إبان العدوان الأمريكي الصهيوني على لبنان ومقاومته في 2006م وأقتبس ما قالته ( ما يحدث اليوم في لبنان هو مخاض عسير لولادة شرق أوسط جديد ) إلا أنه فشل وهزم وكسر بصمود المقاومة اللبنانية وجيشه البطل وقواه الأمنية المختلفة ووحدة شعبه ، وتكرر كسر وهزيمة مشروعهم في سوريا ودفن في اليمن .
زد على ذلك صرف المليارات لشراء الولاءات والسلاح المحرم والمتنوع لمحاربة الجيران بدون أي مبرر ، إن لم يتداركوا الأخطاء المتراكمة ويهتم الحكام بشعوبهم ستغرق بلدانهم لا قدر الله ونحن ندعو الله أن يمن على كل بلداننا بالخير والأمن والسلام لتعيش أجيالنا وتستمر الحياة نحو الأفضل .
* كلمة أخيرة تودون قولها ؟
– نقول لشعبنا وجيشنا ولجاننا وقبائلنا وللعالم أجمع بأن الانتصارات التي اجترحها اليمنيون هي آية من آيات الله .. قال تعالى ( كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) صدق الله العظيم البقرة .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” إني أرى نفس الرحمن من هنا وأشار إلى اليمن “.. صدق رسول الله .. ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) صدق الله العظيم .
التحية والمجد والرحمة والخلود لشهدائنا الذين سطروا أروع الملاحم البطولية التي شهد لها العالم واسترخصوا أرواحهم ودماءهم للذود عن وطنهم وشعبهم وكرامتهم .. الشفاء للجرحى .. الحرية للأسرى .. ولن ترى الدنيا على أرضي وصيا .. يحيا الشعب اليمني العظيم .. تحيا الجمهورية اليمنية.