بعد سيطرة الجيش واللجان الشعبية على محافظة الجوف وإعادتها إلى حضن الوطن ضمن المحافظات الحرة تحت سيطرة القيادة الحرة والمتحررة من الهيمنة الأمريكية والسعودية والغربية المثمثلة بالمجلس السياسي الأعلى والقيادة الثورية جن جنون الغزاة والمحتلين ، وذلك لما تمثله محافظة الجوف من أهمية ومساحة استراتيجية تكتنز في باطنها ثروات هائلة من النفط والغاز والمعادن الأخرى ، ناهيك عن الأراضي الواسعة والشاسعة التي يمكن استغلالها كأراض زراعية تصلح لإنتاج الحبوب والقمح والفواكه والخضروات وغيرها من المحاصيل التي يمكن أن تكفي اليمن ذاتياً من المواد الغذائية الأساسية والقومية ، إذا تم توجيه الاهتمام والاستثمار في الجانب الزراعي بالمنطقة من قبل الجهات المعنية في الدولة ، حيث عملت السعودية ومرتزقتها من الأنظمة السابقة العميلة على وأد ومنع الاستثمار والتنقيب في هذه المحافظة الغنية بالنفط والغاز وأغلقت أبواب التنمية فيها وحوَّلتها إلى محافظة للصراعات القبلية ومعقل للإرهاب والإرهابيين ، وهنا تكمن أهمية النصر الكبير للشعب اليمني ولأبناء الجوف بعد تحرير المحافظة من معاقل الإرهاب ومرجعية الارتزاق والتبعية للسعودية وأسيادها الأمريكان ..فما هي الأهمية الاقتصادية التي تكتنزها محافظة الجوف؟!.. إلى التفاصيل:-
الثورة /أحمد المالكي
لم يعد خافياً على أحد أن العدوان على اليمن والصراع الدائر لاحتلال بلد الحكمة والإيمان هو من أجل مطامع المستعمرين القدامى والجدد الذين يسعون للسيطرة على ثروات البلاد وسواحلها وموانئها وجزرها وبحارها وكل شيء ثمين فيها..
ومما لا شك فيه أن مطامع المستعمرين الجدد وعلى رأسهم الخليجي والأمريكي كبيرة لا سيما ما يتعلق بالثروات النفطية التي تحتويها أرض حمير , حيث يعلم القاصي والداني أن اليمن تمتلك احتياطيات هائلة من النفط والغاز والمعادن الثمينة كالذهب وغيرها من المعادن التي تختزنها جبال ووديان وسواحل وجزر وبحار هذا البلد المسمى تاريخيا بـ”البلد السعيد” وهذه الثروات بلا شك هي التي جعلت الغزاة يقبرون في اليمن عبر القرون الماضية.
اتفاق
تمتلك محافظات: مارب والجوف وشبوة وحضرموت الثروة النفطية والغازية، حيث قدَّرت أبحاث علمية وشركات عالمية للتنقيب أن المخزون النفطي والغازي في تلك المحافظات يفوق مخزون النفط الخليجي، وفي الثلاثة العقود الأخيرة كان هناك اتفاق سعودي أمريكي غربي لعرقلة أي استفادة لليمن من مخزونها النفطي لأجل تطوير الاقتصاد والمجتمع..
كما كشفت الوثائق المسربة عبر موقع “ويكيليكس” عن الخارجية السعودية أن لجنة عليا شكلت برئاسة الأمير سلطان بن عبد العزيز، الذي كان يشغل وزارة الدفاع والمكلف بالإشراف على اليمن، وعضوية وزير الخارجية السابق سعود الفيصل ورئيس المخابرات وآخرين، كلفت تلك اللجنة بالعمل على مشروع هدفه شقّ قناة من السعودية إلى بحر العرب من خلال محافظة حضرموت بغية الاستغناء عن كلّ من مضيق هرمز وباب المندب، ولم توضح الوثائق الأسباب التي حالت دون تنفيذ المشروع.
وكشفت تقارير ودراسات جيولوجية حديثة عن اكتشافات نفطية كبيرة في محافظة الجوف شمال البلاد، موضحة أنه ومن خلال تلك الاكتشافات قد تصبح اليمن أحد أكبر مصدِّر للنفط في المنطقة والعالم..
إذاً محافظة الجوف تمتلك أكبر احتياطي من النفط والغاز على مستوى اليمن والمنطقة إلى جانب امتلاكها ثروة زراعية بفعل تربتها الخصبة ومميزات مياهها الجوفية ما سيجعل المحافظة تتربع على عرش المحافظات اليمنية المنتجة اقتصاديا، ويجعل منها المحافظة الأولى في رفد البلاد باحتياجاتها من السلع الغذائية، وركيزة أساسية من مرتكزات الاقتصاد الوطني.
تعثّر
وفيما سعت عدد من الشركات النفطية إلى التنقيب في محافظة الجوف مطلع الثمانينيات وفق اتفاق بين الحكومة اليمنية وشركة هنت الأمريكية للتنقيب في قطاع مارب- الجوف تعثر وصول تلك الشركات للتنقيب في الجوف اليمنية على الرغم من وجود عشرات الآبار النفطية في الحدود الموازية لها في المناطق السعودية ، وتقول بعض المصادر “زعامات قبلية يحملون الجنسية السعودية وقفوا خلف منع الشركات النفطية من التنقيب عن النفط في عدد كبير من مناطق الجوف”..
ووفقا لخبراء نفطيين فإن محافظة الجوف تنتطر أن يزاح التعتيم عن حقيقة ثرواتها النفطية فكل ما يعرفه الناس في الجوف أن شركات أجنبية مرت وتركت أثرها، حيث يجد المواطنون بين الأشجار أنابيب استكشافية للنفط كما تنتشر تلك الأنابيب في الصحراء، إضافة إلى آبار مردومة على هيئة رمال جبلية تثير التساؤل.
محافظة الجوف تجاور منطقتين نفطيتين كبيرتين هما المملكة العربية السعودية ومحافظة مارب النفطية، وإهمال محافظة الجوف -حسب الخبراء- يرجع لأسباب سياسية، وأن المبررات الأمنية غير صحيحة..
أكبر منتج
بحسب التقارير الاقتصادية، فإن اليمن يمتلك مخزوناً نفطياً كبيراً يؤهله إلى أن يستحوذ على 34% من مخزون النفط العالمي، وأكبر منبع نفطي في العالم يوجد على الحدود السعودية اليمنية حيث يمتد قسم منه إلى السعودية بجزء بسيط على عمق 1800 متر، إلا أنها أوضحت أن المخزون الكبير هو تحت أرض اليمن، ويُعتبر الأول في العالم من حيث المخزون، وإذا كانت السعودية تمتلك 34% من مخزون النفط العالمي، فإن اكتشاف هذه الآبار من النفط في اليمن يجعل اليمن تمتلك 34% من المخزون العالمي الإضافي.
كما تكشف التقارير أن الصراع الدولي بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا حول اليمن خلال السنوات الماضية كان من أجل آبار النفط اليمنية الغنية لا غير..
وعلى مدى عقود ظلت السعودية تعرقل التنقيب عن النفط في محافظة الجوف اليمنية ، والذي قد يحوِّل اليمن في حال تم استخراجه إلى أكبر منتج للنفط في المنطقة..
فقد كشفت دراسة جيولوجية حديثة بعنوان ” الكنز المخفي في اليمن ” أعدتها شركات مسح عالمية متخصصة في الاستكشافات النفطية 1992م عن أن أكبر منبع نفط في العالم يوجد على الحدود السعودية اليمنية ، وتحديداً في محافظة الجوف اليمنية..
هذه الثروات النفطية الهائلة دفعت السعودية إلى محاولة الاستيلاء على الثروة الهائلة ومنع اليمن من استغلالها ، فعقب الاتفاق بين الجمهورية اليمنية وشركة هنت للتنقيب عن حقول النفط في محافظة الجوف عام 1984م سارعت السعودية للضغط على النظام السابق لإيقاف التنقيب ، وهو ما تم بالفعل حيث تم تجميد التنقيب عن النفط في المحافظة لأسباب غير معروفة، وتفيد المعلومات بأن هذا الإيقاف تم بقرار سياسي وراءه السعودية .
وفي العام 2000م وقعت السعودية واليمن في مدينة جدة اتفاقية تقضي بأن لا يتم التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما في منطقة تبعد 100 كيلومتر عن الحدود، إلا بموافقة الجانبين معا اليمني والسعودي لتضمن بذلك سيطرتها على المنطقة النفطية في محافظة الجوف..
خبراء في مجال النفط قالوا “السعودية استغلت الاتفاقية الموقعة لسرقة النفط من محافظة الجوف حيث يتم إنتاج خمسة ملايين برميل يومياً من حقل الجوف ، ويتم سحبه بطريقة أفقية إلى الأراضي السعودية واستخراجه عبر الحقول النفطية الممتدة على الجهة الأخرى في الحدود السعودية”.
طي الكتمان
نجحت السعودية في إبقاء نفط الجوف طي الكتمان مستغلة تبعية النظام السابق لها ، لكن وصول أنصار الله إلى السلطة في العام 2014م غيِّر المشهد تماماً، فالسعوديون يعلمون أن الحاكم الجديد لصنعاء لن يقبل بسرقة النفط اليمني من قبل السعودية نهائياً ، وسيحرِّك ملف التنقيب عن النفط في الجوف ، لهذا سارعت إلى إعلان الحرب على اليمن في محاولة لإعادة الأمور إلى يديها، ومنذ بداية حربها على اليمن جعلت محافظة الجوف من أهم المناطق لديها، ودفعت بالقوى التابعة لها للسيطرة على المحافظة لضمان بقاء سيطرتها على نفط الجوف .
لكن سيطرة القوى التابعة للسعودية على محافظة الجوف لم تدم طويلاً فصنعاء تمكنت من تحرير محافظة الجوف مجدداً خلال الأيام الماضية لتخسر السعودية المحافظة من جديد وبذلك تكون صنعاء قد قضت على الآمال السعودية في الاستحواذ على نفط المحافظة نهائياً، بعد أن عملت -فيما سبق- جاهدة على منع إجراء أي أعمال استكشافية وتنقيب في الجوف، بخلاف بقية محافظات اليمن الشرقية، ضمن نطاق القطاع 18 النفطي التابع لشركة صافر الحكومية.
لغز كبير
ويؤكد خبراء النفط أن الثروة النفطية والغازية في اليمن تتركز في المناطق الشرقية من البلاد في محافظات: مارب والجوف وشبوة وحضرموت، لكن الجوف تبقى لغزا كبيرا، حيث ظلت في معزل عن توجهات وخطط اليمن في الاستكشافات النفطية، رغم أن شركة صافر دشنت أعمال حفر قبل العدوان، وكانت هناك نتائج للتوصل إلى كمية مناسبة من النفط تقدّر بحوالي 20 ألف برميل يومياً، لكن العدوان أوقف أعمال الحفر والتنقيب، وانهار إنتاج اليمن من النفط منذ عام 2015م، وأدى العدوان إلى كبح إنتاج الطاقة وإغلاق مرافئ التصدير، وكان اليمن ينتج حوالي 127 ألف برميل يوميا في المتوسط في 2014م..
وحسب تقارير رسمية، يعتبر النفط المحرِّك الرئيسي لاقتصاد اليمن، ويمثل 70% من موارد الموازنة، و63% من الصادرات، و30% من الناتج المحلي، وتمثل عائداته نسبة كبيرة من موارد النقد الأجنبي..
في هذا السياق، قالت مصادر مطلعة” إن السعودية عرقلت أي خطط يمنية للقيام باستكشافات نفطية في المحافظة المحاذية للمملكة، خوفاً من التأثير على مخزونها النفطي في الربع الخالي”.
وأضافت المصادر “كان هناك اتفاق على فترات متعددة منذ الثمانينيات إلى مطلع الألفية بين الحكومة اليمنية وشركة هنت الأميركية للتنقيب عن النفط في محافظة الجوف ضمن قطاع “مارب الجوف” النفطي، لكن العملية توقفت أكثر من مرة بسبب تعثّر وصول شركات للتنقيب إلى المواقع المحددة في مناطق الجوف اليمنية، على الرغم من وجود عشرات الآبار النفطية في الحدود الموازية لها في المناطق السعودية”.