الثورة / قاسم الشاوش ــ محمد دماج
ما حدث في اليمن من استهداف لتدمير قدرات دفاعاته الجوية ليس جديداً على دول الاحتلال، بل يأتي في اطار مسلسل أمريكي طويل يهدف إلى تجريد الدول العربية من امتلاك دفاعات جوية وأسلحة حديثة تعتبرها أمريكا خطرا على غزوها واحتلالها دول المنطقة وأيضا لحماية إسرائيل، فعملت على تذمير القدرات الدفاعية في اكثر من بلد منها اليمن والعراق وليبيا وغيرها.. كانت البداية بتدمير صواريخ (الصمود2)العراقية بل تجاوزت ذلك إلى احتلال بلاد الرافدين بدريعة امتلاكه أسلحة ذمار شامل اتضح فيما بعد عدم امتلاك العراق هذه الأسلحة بل كان الهدف الرئيسي هو السيطرة على النفط وتدمير الصواريخ العراقية المضادة للطيران وصورايخ أرض – أرض وصواريخ ارض – جو وجو – جو التي استخدمت أمريكا كل إمكانيتها ومكرها لتدميرها..
لم تكتف بذلك المسلسل بل واصلت ومعها حلف الناتو استخدام نفس الخطة في ليبيا، حيث قام الناتو تحت أشراف البنتاجون الأمريكي باستهداف وتدمير شبكة الدفاع الجوي وهي صواريخ أرض – أرض وأرض – جو ، وجو- جو بهدف القضاء على قدرات وإمكانيات ليبيا وحقها في الدفاع عن نفسها..
كانت قضية ” مؤامرة ” نزع سلاح العراق إحدى القضايا الرئيسية التي أدت إلى الغزو المتعدد الجنسيات للعراق في 20 مارس 2003م، ظلت قضية نزع السلاح متوترة طوال التسعينات مع الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، مطالبة العراق مرارا بالسماح لفرق التفتيش بتفتيش مرافقها، وأخيرا وصلت أزمة نزع السلاح هذه إلى ذروتها في الفترة 2002-2003م، عندما طالب الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بإنهاء كامل لما زعم أنه إنتاج عراقي لأسلحة الدمار الشامل، وتساءل مع الرئيس العراقي صدام حسين عن الامتثال لقرارات الأمم المتحدة ما يتطلب من مفتشي الأسلحة الدوليين الوصول دون قيود إلى المناطق التي يعتقد المفتشون أن فيها مرافق لإنتاج الأسلحة.
قيود أممية على العراق
منذ حرب الخليج عام 1991م، فرضت الأمم المتحدة قيودا على العراق حول تطوير أو حيازة مثل تلك الأسلحة، كما كان مطلوبا منه السماح بعمليات التفتيش للتأكد من امتثاله، وقد دعم بوش مرارا وتكرارا المطالب بتفتيش ونزع سلاح غير مقيدين مع تهديدات بالغزو، وفي 20 مارس 2003م، بدأ تحالف متعدد الجنسيات يضم القوات المسلحة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بغزو العراق، وبعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011م، كشف عن عدد من مبادرات السلام العراقية الفاشلة.
في العقد الذي أعقب حرب الخليج عام 1991م، أصدرت الأمم المتحدة قرارا لمجلس الأمن يدعو إلى الإزالة الكاملة لأسلحة الدمار الشامل العراقية، وأبلغت الدول الأعضاء بخيبة أملها على مر السنين في أن العراق يعيق عمل اللجنة الخاصة ولا يتعاون بجدية في الوفاء بالتزامات العراق المتعلقة بنزع السلاح. وقد قامت قوات الأمن العراقية في مناسبات عديدة بمنع مفتشي الأسلحة من القيام بعملهم، وفي حالة واحدة على الأقل أخذت وثائق عنهم، وفي 29 سبتمبر 1998م، أقر كونغرس الولايات المتحدة قانون تحرير العراق الذي يدعم جهود جماعات المعارضة العراقية لإزالة صدام حسين من منصبه، وقد وقع الرئيس كلينتون على هذا القانون في 31 أكتوبر 1998م، وفي اليوم نفسه أعلن العراق أنه لن يتعاون بعد الآن مع مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة، وتوسطت الامم المتحدة- في إطار كوفي عنان- في صفقة يسمح فيها العراق لمفتشى الأسلحة بالعودة إلى البلاد، توقف العراق عن التعاون مع المفتشين بعد أيام فقط، وقد غادر المفتشون العراق وعادوا السنة التالية كجزء من لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش.
سياسة خارجية جديدة
كان بول وولفويتز المحلل العسكري لوزارة الدفاع في الولايات المتحدة تحت رونالد ريغان قد وضع سياسة خارجية جديدة فيما يتعلق بالعراق و”الدول المعتدية المحتملة” الأخرى، ورفض “الاحتواء” لصالح “الاستباق”، وذلك بهدف الضرب أولا للقضاء على التهديدات.
غير أن هذه السياسة لم تدم طويلا، لكن كلينتون- جنبا إلى جنب مع جورج بوش الأب، وكولن باول، وغيره من المسؤولين السابقين في إدارة بوش- رفضوا الدعوات إلى الاستباق لصالح استمرار الاحتواء. هذه هي سياسة جورج دبليو بوش، في أول عدة أشهر له في منصبه. اعتداءات 11 سبتمبر 2001م أدت إلى إحياء دعوة وولفويتز وغيره من “الصقور” إلى العمل الوقائي. واتفق العراق على نطاق واسع على أن يكون موضوعا محتملا لهذه السياسة الجديدة. وواصل باول دعم الفلسفة الكامنة وراء الاحتواء.
تخفيض الجيش
بعد حرب الخليج تم تخفيض الجيش العراقي إلى 23 فرقة مع ما مجموعه حوالي 375،000 جندي. وانخفضت القوات الجوية العراقية إلى أقل من 300 طائرة، ودمرت البحرية العراقية بالكامل تقريبا، وكانت سفنها التشغيلية القليلة المتبقية في حالة سيئة من الإصلاح، ويقدر أن الطواقم في حالة سيئة من الاستعداد، وقد تم تخفيض قدراتها إلى عدد محدود من عمليات التلغيم والاقتحام. أي إعادة بناء تم القيام به في الحرس الجمهوري، وتشكيل الحرس الجمهوري الخاص.
استخدام القوة
وما بين عامي 2002م وعام 2003م، واصلت حكومة الولايات المتحدة الدعوة إلى “تغيير النظام” في العراق وهددت باستخدام القوة العسكرية للإطاحة بالحكومة العراقية ما لم يتخلص العراق من جميع أسلحة الدمار الشامل التي كان يفترض أن يمتلكها، واقتنعت الأمم المتحدة بأنه فعل ذلك.
ضغوط دبلوماسية أمريكية مورست لحمل العراق على الامتثال بسرعة لخلق أزمة دبلوماسية في الأمم المتحدة، حيث كان بعض الأعضاء يتفقون مع الموقف الأمريكي، في حين انشق آخرون، ولا سيما أعضاء مجلس الأمن الدائمين فرنسا وروسيا وجمهورية الصين الشعبية، وزملائه أعضاء الناتو ألمانيا وبلجيكا.
بدأت إدارة بوش حشدها العسكري في المنطقة وبعد ان دفعت بشدة قرار مجلس الأمن الدولى رقم 1441، برئاسة هانز بليكس رئيس لجنة الامم المتحدة للمراقبة والتحقق والتفتيش (أنموفيك) ومحمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أعاد القرار عودة مفتشي الأسلحة إلى العراق في نوفمبر 2002م.
وبدأ المفتشون زيارة المواقع التي يشتبه في أن إنتاج أسلحة الدمار الشامل فيها، لكنهم لم يجدوا أي دليل على مثل هذه الأنشطة، باستثناء 18 صاروخا كيميائيا خاليا من الرصاص 122 ملم غير معلن تم تدميرها تحت إشراف اللجنة، ووجد المفتشون أيضا أن صواريخ الصمود -2 والفتح قد انتهكا القيود المفروضة على نطاق الأمم المتحدة، كما أن الأخير قد دمر جزئيا تحت إشراف لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش.
وفي 7 مارس 2003م، أعلن هانز بليكس عن تسارع التعاون خلال شهر فبراير، لكنه لم يكن “فورياً” و”غير مشروط” على النحو الذي دعا إليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1441، وأبلغ مجلس الأمن الدولي بأنه “لن يستغرق سنوات، ولا أسابيع، بل أشهراً” للتحقق مما إذا كان العراق قد امتثل لالتزاماته بنزع السلاح.
وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير التقيا في جزر الآزور من أجل عقد “قمة طارئة” خلال عطلة نهاية الاسبوع بين 15 و16 مارس 2003، “وبعد ذلك أعلن بوش أنه على الرغم من تقرير بليكس، فإن “الدبلوماسية فشلت” في إجبار العراق على الامتثال لمتطلبات التفتيش الصادرة عن الأمم المتحدة، وأعلن عزمه استخدام القوة العسكرية لمهاجمة العراق، في ما كان، وفقا لإدارة بوش، الامتثال لخطر “عواقب وخيمة” في قرار الأمم المتحدة 1441.
وقد ألقى جورج بوش كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 سبتمبر 2002م لتوضيح شكاوى حكومة الولايات المتحدة ضد الحكومة العراقية.
وعارض العديد من حلفاء الولايات المتحدة (مثل ألمانيا وبلجيكا وفرنسا) التدخل العسكري لأنهم أكدوا أنه سيزيد من خطر وقوع هجمات إرهابية بدلا من تقليلها، وبالرغم من ان الحكومة البريطانية وبعض حكومات الدول الاعضاء الاخرى في الاتحاد الأوروبي والناتو تؤيد الموقف الأمريكي، فإن استطلاعات الرأي أظهرت أن سكانها عموما كانوا ضد هجوم، وخاصة الهجوم بدون دعم واضح من مجلس الأمن الدولى. وشارك ملايين الأشخاص في المدن الرئيسية في أوروبا، ومئات الآلاف في المدن الرئيسية في أمريكا الشمالية، في مسيرات السلام في 15 فبراير 2003م.
وقف تطوير الأسلحة
وقبل 11 عاما، كشرط لإنهاء حرب الخليج الفارسي، كان مطلوبا من النظام العراقي تدمير أسلحة الدمار الشامل، ووقف كل تطوير هذه الأسلحة، ووقف كل دعم للجماعات الإرهابية.
وفي 17 مارس 2003م ذكر بوش في خطاب وجهه إلى الأمة: إن الاستخبارات التي جمعتها هذه الحكومات وغيرها لا تترك أي شك في أن النظام العراقي ما زال يمتلك ويخفي بعض أكثر الأسلحة فتكا من أي وقت مضى. وقد استخدم هذا النظام بالفعل أسلحة دمار شامل ضد جيران العراق وضد شعب العراق.
و في 11 أكتوبر من عام 2002م التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير. وقال في مؤتمر صحفي:
لا وجود لأسلحة نووية
لم يكن لدى روسيا أية بيانات جديرة بالثقة تدعم وجود أسلحة نووية أو أي أسلحة دمار شامل في العراق، ولم نتلق أي معلومات من هذا القبيل.
وفي فبراير 2003م قال جاك شيراك في بيان مشترك صدر بين روسيا وألمانيا وفرنسا: وفيما يتعلق بفرنسا، فإننا مستعدون للتفكير في كل ما يمكن عمله بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1441، لكني أكرر أن كل إمكانية عرضت على هذا القرار يجب أن تستكشف، وأن هناك الكثير منها وما زالوا يتركون لدينا الكثير من الفرص عندما يتعلق الأمر بطرق تحقيق هدف إزالة أي أسلحة دمار شامل قد تكون موجودة في العراق، ومع ذلك أود أن أشير إلى أنه، كما هو الحال في الوقت الراهن، ليس لدي- على حد علمي- أي دليل لا جدال فيه في هذا المجال.
موقف ما إذا كان الغزو قانونيا بموجب القانون الدولي غير واضح، فالمادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة تحظر على أعضاء الأمم المتحدة استخدام “التهديد باستعمال القوة أو استعمالها” ضد دول أخرى بطريقة تتعارض مع مقاصد الأمم المتحدة. وهناك استثناءان للقاعدة: الدفاع عن النفس (المادة 51) أو إذن من مجلس الأمن لحماية السلم والأمن الدوليين (الفصل السابع).
وقالت حكومة الولايات المتحدة علنا، وتعهد البريطانيون سرا بأنهم كانوا على استعداد لغزو العراق بإذن من مجلس الأمن أو بدونه.
وقد نفذت عمليتان عسكريتان بموافقة مجلس الأمن. وكانت هاتان الحالتان الحرب الكورية وحرب الخليج عام 1991.