نجاح مخرجات الحوار الوطني مرهون بتقديم التنازلات لصالح الوطن
في حوار صحفي واكب المحطات الأخيرة التي تجري على قاعة موفمبيك استعداداٍ لاختتام وإعلان النتائج النهائية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل.. قدم عضو مؤتمر الحوار الوطني – مقرر المؤتمر والتحالف- بفريق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية محمد عبده يحيى مراد رؤىٍ أكثر عمقاٍ من تطلعات المجتمع اليمني لرسو سفينة الحوار على عتبات محمودة من النتائج واجتياز كافة التحديات التي تفرضها طبيعة الظرف السياسي والتنموي الذي جاء فيه هذا المؤتمر..
مراد أكد في حديثه لصحيفة “الثورة” أن المؤتمر الشعبي العام سيظل على عهده في الحفاظ على النسيج اليمني السياسي والاجتماعي والجماهيري الموحد تحت مظلة التعددية السياسية والديمقراطية التي تجعل من الشعب مصدر السلطة وصاحبها.. مفنداٍ ما احتدم مؤخراٍ من قضايا خلافية جدلية لا تتصل بأطر التسوية السياسية ومطامح المجتمع اليمني في الخروج إلى بر الأمان وتتطرق لمجمل القضايا والتطلعات الملقية على عاتق الحوار الوطني… إلى نص الحوار
*على مشارف نهاية الجلسة العامة الثالثة والختامية أين وصل فريق العدالة الانتقالية من توصيات هي محل إجماع .. ¿
– هناك قرارات وتوصيات توافق عليها ممثلو المكونات في المجموعات الست في فريق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية المشكلة من كافة المكونات وتم رفعها إلى رئاسة الفريق بعد أن تم تشكيل لجنة مصغرة من كافة المكونات للإطلاع على هذه التقارير ومناقشتها والتوافق عليها وإعداد مسودة مشروع التقرير النهائي للفريق لعرضه للتصويت عليه كما حصل في التقرير النصفي للفريق إلا أنه للأسف قامت بعض المكونات بإدخال بعض القرارات والتوصيات على تقارير المجموعات الست بطريقة مخالفة للائحة النظام الداخلي لمجريات الحوار وأهمها تقديم العدالة الانتقالية قبل المصالحة الوطنية وكذلك موضوع العزل السياسي و إسقاط الحصانة القضائية وكل هذه المواد تعد مخالفة لمرجعية الحوار الوطني المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية و قراري مجلس الأمن الدولي ودليل مؤتمر الحوار الوطني.
*وهل كان المؤتمر وحلفاؤه هما المعترضان فقط..¿ وما نسبة التوصيات التي تم التوافق عليها¿
– المعترضون على هذه التجاوزات المخالفة ليس المؤتمر وأحزاب التحالف وحدهما فقد اعترض على هذه المواد ستة مكونات سياسية في مؤتمر الحوار الوطني وهناك توافق على ما نسبته 80% من قرارات وتوصيات الفريق.
القضايا الخلافيـة
* هل هذا سبب اعتراض المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه في بداية فعاليات الجلسة العامة الثالثة ¿ وما هي نقاط الخلاف عليها¿
– بالتأكيد.. ونقاط الخلاف تمحورت حول تجاوز رئاسة الفريق وبعض أعضاء اللقاء المشترك في الفريق لمحددات تم التوافق عليها إلى الخوض في مواضيع مخالفة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقراري مجلس الأمن ودليل مؤتمر الحوار الوطني حيث قاموا بتعديل اسم الفريق من المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية إلى فريق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية وفرض تلك المخالفة في تسمية مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية ومحدداته وإبراز نصوص مكررة تم نقاشها في تقارير مجموعات العمل الفرعية الست وإسقاط بعضها وعدم التوافق على البعض الآخر وإعادة إيرادها بصياغات أخرى.. وباختصار كانت المكونات المنسحبة متمسكة بكافة المرجعيات الحاكمة للحوار الوطني وترفض رفضاٍ قاطعاٍ الخروج عنها…
*- مقاطعاٍ – أين وصلتم في ما يتعلق بالقضايا الخلافية.. ¿ وما هي قراءتكم لخلاصة ما سيخرج به الفريق في تقريره النهائي..¿
– مازال الفريق المصغر يناقش مشروع مواد التقريري النهائي للفريق وهناك مؤشرات إيجابية على التوافق على كثير من القرارات وإسقاط المواد المختلفين عليها أو إنزالها للفريق للتصويت عليها.
أما قراءتنا أن خلاصة ما سيخرج به الفريق من قرارات وتوصيات هي قرارات بلا شك ستلبي طموحات أبناء الوطن في شتى المجالات وستساهم إلى حد كبير في و ضع حد للصراعات السياسية وانتهاكات حقوق الإنسان وطي صفحة الماضي.
العدالة الانتقالية
*هلا لخصتم لنا رؤية المؤتمر الشعبي العام تجاه ما يتصل بالعدالة الانتقالية.. ¿ وماذا عن بعض المسميات التي لم تنص عليها المبادرة الخليجية كالعزل السياسي.. ¿
– رؤية المؤتمر الشعبي العام وحلفائه للعدالة الانتقالية تتمحور حول ضرورات تطبيق الإجراءات التي تقتضيها محددات مفهوم العدالة الانتقالية في أي نظام عالمي لإحلال السلام وتجنب الثأر السياسي والصراعات السلطوية بعد الانتقال من نظام إلى آخر مع تتويج هذا الانتقال بحزمة من الإجراءات التي يتم اتخاذها بشأن الانتهاكات التي تعرضت لها حالة حقوق الإنسان وذلك بهدف جبر الضرر ورد الاعتبار وحفظ الذاكرة الوطنية مع عملية الإصلاحات المؤسسية لمنع تكرار حدوثها في المستقبل.. أما مسألة ما يسمى بالعزل السياسي فهي من القضايا الخلافية التي تم حسمها قبل البدء بتنفيذ التسوية السياسية كون المبادرة الخليجية لم تنص عليها فالكل يدرك أنها مجرد احتدامات جدلية لن تفضي إلى نتيجة سوى تأخير مسار الحوار الوطني خصوصاٍ والكل يعلم أن المبادرة قامت على أساس تسوية سياسية احتضنت الجِمúعِ السياسي اليمني وحتى لو افترضنا وجود هذا المسمى كبند فسيشمل كل من شارك المؤتمر الشعبي العام في الحكم خلال 33 سنة فهي من القضايا التي حسمت والتي لم يرفضها المؤتمر الشعبي العام وحده بل رفضتها الكثير من المكونات ورفضتها المبادرة ورفضها قرار مجلس الأمن.. وفي رأيي الشخصي إن من ينادون بما يسمى بالعزل السياسي هدفهم في المقام الأول عرقلة عملية الحوار الوطني ومحاولة فاشلة لنسف التسوية السياسية لإعادة اليمن إلى المربع الأول كون هذا العمل يعد خروجا عن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ودليل مؤتمر الحوار الوطني واضح جداٍ ومثل هذه المادة غير مقبولة ولا تخدم وحدة وأمن واستقرار اليمن.
قرار مجلس الأمن
*تنص المبادرة وقرار مجلس الأمن 2051م على يمن مستقر وموحد وآمن.. لكن ما سمعناه مؤخراٍ هو نقاش قضايا جانبية تمس بهذه المبادئ الثلاثة .. ما هي رؤية المؤتمر تجاه ما يجري .. ¿
– بالنسبة للمؤتمر الشعبي العام كان وسيبقى على عهده بالحفاظ على النسيج اليمني السياسي والاجتماعي والجماهيري الموحد تحت مظلة التعددية السياسية والديمقراطية التي تجعل من الشعب مصدر السلطة وصاحبها وموقفه واضح تجاه الوحدة اليمنية فهي المكسب التاريخي العظيم الذي حققه الشعب اليمني بعد سنوات من العذاب والشتات والتشطير وهي بهذا التعبير ركيزة الثوابت الوطنية التي تعتبر خطاٍ أحمر مهما كانت الصراعات فإذا كانت المسألة مسألة سلطة فالمؤتمر الشعبي العام تنازل عن السلطة طواعية ووفق وفاق وطني ومبادرة خليجية وقرار مجلس أمن دولي لم يخرج أي من هذه المحددات عن هدف صون اليمن موحداٍ مستقراٍ آمناٍ ولا مناص للكل من التعددية السياسية والنهج الديمقراطي ولا يوجد لدى المؤتمر الشعبي العام بقواعده وجماهيره مشكلة في من سيحكم اليمن ما دام والصندوق هو الطريق والرئيس سيكون من أبناء اليمن شماله أو جنوبه شرقه أو غربه.. فكل هدف المؤتمر الشعبي العام ينصب في صون الوحدة كمكسب تاريخي عظيم تحقق لليمن ولا يمكن المساس به مهما كان الثمن ومهما كبرت التنازلات.
تنازلات مطلوبة
*ما هي التنازلات المطلوبة من الأطراف السياسية لضمان نجاح مخرجات الحوار الوطني..¿
– لابد أن يدرك الجميع أنه لا مخرج من الأزمة سوى الحوار ولا بد أن تتوفر في هذا الحوار الجدية والمصداقية بين كافة الفرقاء لحل كافة المشاكل.. كما إن لدى الجميع الإدراك التام أن لا نجاح لهذا المؤتمر التاريخي سوى تقديم التنازلات لمصلحة الوطن لا القبيلة أو الحزب أو الفئة أو غيرها.. والحمد لله أن اليمن أصبح قدوة ونموذجاٍ يحتذي به في المنطقة ويكفينا عبرة وعضة مما يحصل في بعض الأقطار العربية من حروب و صراعات مسلحة قضت على كل شيء ونحن كأعضاء في مؤتمر الحوار الوطني تقع على عاتقنا مسؤولية وطنية وتاريخية أمام الله والوطن والتاريخ في صياغة مستقبل اليمن الواحد والتوافق على مخرجات تخدم أبناء الوطـن بدون استثناء وتلبي طموحاتهم وتطلعاتهم في مختلف المجالات وهذا لن يتحقق إلا إذا قدمنا تنازلات لبعضنا البعض في ما يخدم مصلحة اليمن ووحدته وأمنه واستقراره كون أبناء شعبنا اليمني يعلق آماله على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني..
النظام الاتحادي
* ما هو تصور المؤتمر للنظام الاتحادي على أقاليم¿ وهل صارت اليمن مؤهلة فكرياٍ وثقافياٍ وسياسياٍ لمثل هذا النظام¿
– المؤتمر والتحالف قدم رؤيته في ما يتعلق بهذا الجانب دولة اتحادية من خمسة أقاليم كرؤية شاملة لا يتسع المقام لشرح أبعادها لكنها في مجملها تصب في تلبية معطيات الواقع السياسي الذي تعيشه البلد كما أن الهدف الأول والأخير من هذا النظام الاتحادي هو إضفاء روح التنافسية في البناء والتنمية واتكاء على موارد كل إقليم واستغلالها في قيم التنمية وبشكل تنافسي كما هو قائم في الإمارات العربية المتحدة وفي الدول العالمية ذات النظم الاتحادية التي عكست نجاحاٍ كبيراٍ في مضمار السباق التنموي التنافسي..
وبالنسبة لواقع اليمن الفكري والثقافي والسياسي فالحديث عنه استباق لأوانه خصوصاٍ ومطلب التغيير السياسي في شكل الدولة ونظام الحكم هو الركيزة الأهم في حل معضلات اليمن كما أن ثمة إجماعاٍ على فترة تأسيسية لخمس سنوات لتأهيل اليمن لاستيعاب مقتضيات هذا النظام.. فالتجربة – حسب الخبراء السياسيين والإداريين- ستثبت أو تنفي مستوى اليمن ومدى قابليته لتطبيق هذا النوع من نظم الحاكميات لكني- وهذا رأيي الشخصي وليس الحزبي-أرى أن اليمن- حتى اللحظة – لم تكن مؤهلة لا فكرياٍ ولا سياسياٍ ولا ثقافياٍ ولا اجتماعياٍ لمثل هذا النظام..
*بوصولكم كمتحاورين إلى مشارف نهاية الحوار الوطني .. كيف تنظرون لما حققته اليمن¿ وما هي قراءتكم لمستقبلها على ضوء معطيات الحوار الوطني¿
– من الواضح أن اليمن قد قطع شوطاٍ كبيراٍ في عملية المصالحة الوطنية ابتداءٍ بتوقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وانتخاب الرئيس التوافقي الأخ المشير/ عبدربه منصور هادي وتشكيل اللجنة الفنية للإعداد لمؤتمر الحوار الوطني وتشكيل مؤتمر الحوار الوطني وجلوس كافة فرقاء العمل السياسي للحوار على طاولة واحدة وهذا أمر يبعث على الاعتزاز والثقة لاستمرار عملية المصالحة الوطنية وبوصول هذا الحوار التاريخي إلى مشارف النهاية الختامية وما بعدها النجاح على أرض الواقع- إن شاء الله – تكون اليمن قد سجلت بادرة سياسية لن يغفلها التاريخ..
وقراءتي لمستقبل اليمن انطلاقاٍ من معطيات الحوار الوطني لا تختلف عن قراءة أبناء الشعب اليمني الذين يتطلعون إلى يمن موحد آمن ومستقر تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة والمشاركة الحقيقية والفاعلة لكل أبناء الوطن على حد سواء في السلطة والثروة وتطبيق سيادة النظام والقانون على الجميع دون استثناء وطي صفحة الماضي والتعايش والقبول بالآخر وبناء اليمن الجديد الذي ننشده جميعاٍ.
* أخيراٍ ما هي دعوتكم للمتحاوريـن بخصوص ما يتعلق بالوحدة الوطنية.. ومبدأ التسامح والتعايش.. ¿
– أدعو كافة الزملاء في مؤتمر الحوار الوطني أن يكونوا عند مستوى المسؤولية الوطنية والتاريخية وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية والشخصية وأن يعملوا جاهدين على صياغة قرارات وتوصيات تلبي كافة تطلعات وطموحات أبناء الشعب اليمني ونحن على ثقة أنهم على قدر كبير من المسؤولية سائلين الله العلي القدير أن يجنب اليمن المحن والفتن…