خاض اليمن خلال السنوات الماضية العديد من المعارك والمواجهات¡ كما اعترضت طريقه الكثير من التحديات والصعاب والعقبات¡ ابتداء◌ٍ من معركة الدفاع عن الثورة وتثبيت النظام الجمهوري والتصدي لقوى الارتداد والفلول الظلامية التي حاصرت صنعاء لمدة سبعين يوما◌ٍ دون أن تنال من صمود إرادة الشعب في الانتصار لأهداف الثورة والتحرر والاستقلال والانعتاق من ربقة التخلف والجهل والاستبداد والاستعباد وجور سياسة “فرق تسد” التي فرضها النظام الإمامي الكهنوتي وجلاوزة الاستعمار بهدف الإبقاء على هذا الشعب سخرة تتنازعه آلام التشظي والتجزئة والعزلة.
ورغم تلك الحملة الشرسة فقد انتصر هذا الشعب وسقطت مراهنات أعدائه¡ ولم يدم الأمر طويلا◌ٍ¡ حتى وجد الشعب نفسه يخوض معركتين في آن واحد: معركة البناء والتخلص من تركة التخلف الثقيلة على مختلف الصعد ونواحي الحياة¡ والثانية مواجهة إفرازات عوامل التجزئة وانعكاسات الصراع الدولي بين المعسكرين الشرقي “الاشتراكي” والغربي “الليبرالي” التي تسببت في إعاقة التئام شطري الوطن وإعادة وحدته الوطنية عقب رسوخ مداميك الثورة اليمنية “26سبتمبر و14 اكتوبر” وتحقيق الاستقلال المجيد.
ويتذكر الجميع ضراوة الأحداث التي شهدتها اليمن خلال حقبة التشطير سواء كان على مستوى الشطر الواحد أو على نطاق المواجهات بين الشطرين¡ فقد طغى على هذه الحقبة طابع الصراعات واحتدام التوترات¡ التي كان أشدها دموية دورات العنف والتصفيات السياسية التي كانت ساحتها المحافظات الجنوبية والشرقية حيث تسببت في الكثير من الويلات والمآسي قياسا◌ٍ بما خلفته من الضحايا وما حصدته من الأرواح البشرية من خيرة أبناء اليمن والتي بلغت ذروتها في أحداث 13 يناير 86م المأساوية.
وقد ظل اليمن على كف عفريت حتى جاءت الوحدة المباركة التي ارتفع علمها يوم الثاني والعشرين من مايو عام 1990م لتضع حدا◌ٍ فاصلا◌ٍ لذلك النزيف الدامي وتنقل اليمن إلى واقع جديد وفضاء أرحب من الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية التي تستند في منهجيتها على حق الشعب في حكم نفسه بنفسه والتداول السلمي للسلطة عبر البرامج الانتخابية وصناديق الاقتراع¡ لتنتهي في ظل هذا المسار الانقلابات وحمى الصراع على الحكم وينصب الاهتمام في الجانب التنموي والاقتصادي وفق خطط استراتيجية خصصت 70% من مشاريعها للمحافظات الجنوبية والشرقية لما من شأنه تعويض هذه المحافظات عن سنوات الحرمان التي عانت منها أثناء حقبة التشطير.
ومع ذلك¡ فإن هذا التوجه لم يسلم من دسائس ومكائد الكائدين وحقد الحاقدين ومكر الماكرين وتآمر المتآمرين¡ حيث ظل أعداء الخير والنجاح يتربصون بالنهج الوحدوي والديمقراطي¡ وهو ما تجلى في محاولاتهم البائسة واليائسة التي أرادوا من خلالها صيف العام 1994م الانقلاب على هذا المنجز وإعادة تجزئة اليمن وتشطيره¡ إلøا أن الشعب اليمني كان لهم بالمرصاد فرد كيدهم في نحورهم ولقنهم درسا◌ٍ مؤلما◌ٍ حينما وقف هذا الشعب وقفة رجل واحد في مواجهة أولئك الخونة والمتآمرين¡ لتفشل تلك المؤامرة فشلا◌ٍ ذريعا◌ٍ وي◌ْحöقø الله◌ْ الحق الذي جاءت به الوحدة ويزهق الباطل وأصحابه.
نقول هذا ليس للتباهي وإنما فقط لنعيد التذكير بوقائع ربما نسيها البعض تحت تأثير الأوهام التي عشعشت في عقولهم والأمراض التي استفحلت في نفوسهم ليندفعوا من جديد إلى معاودة التآمر على هذا الوطن وتكرار أخطاء الماضي دون اتعاظ من دروس ذلك الماضي أو استفادة من عبره.
ولأن مثل هؤلاء قد لوثت حياتهم بالخطايا والآثام والأفعال المنكرة بعد أن تجردوا من كل القيم الأخلاقية والوطنية¡ فقد صار من الصعب عليهم العيش بقية حياتهم خارج مستنقعات الخيانة والتآمر والعمالة والارتزاق “فمن شب على شيء شاب عليه” و”الطبع غلب التطبع”!.
وبقدر إشفاقنا على ما وصل إليه هؤلاء من انحطاط وخسة¡ فإن ذلك لا يمنع من مخاطبتهم والقول أن ما تراهنون عليه اليوم سواء كان عبر تمويل أعمال التخريب والشغب والممارسات الإجرامية التي يقترفها بعض الغوغائيين المأجورين الذين يتم إغواؤهم بالأموال الحرام¡ أو عبر التحالفات المشبوهة مع العناصر الإرهابية¡ أو غيرهم هي رهانات خاسرة¡ فالوطن الذي انتصر في كل المحطات وافشل كل المؤامرات وتغلب على كل التحديات¡ هو اليوم أكثر اقتدارا◌ٍ وأصلب عودا◌ٍ وأقوى شكيمة ولديه من الإمكانيات أضعاف ما كان في الماضي¡ وأصبح على درجة أكبر من الوعي..
كل ذلك يؤهله للتصدي بحزم لكل من يحاول المساس بثوابته ومنجزاته أو العبث بأمنه واستقراره وإسقاط كل الرهانات الخائنة وبتر أي يد◌ٍ تحاول التطاول عليه¡ “و◌ِس◌ِي◌ِعúل◌ِم◌ْ الø◌ِذöين◌ِ ظ◌ِل◌ِم◌ْوا أ◌ِيø◌ِ م◌ْنق◌ِل◌ِب◌ُ ي◌ِنق◌ِلöب◌ْون◌ِ” صدق الله العظيم.
Prev Post