تلعب وسائل الإعلام في الوقت الحاضر دورا محوريا وهاما في توجيه وتوعية الرأي العام المحلي والخارجي وربطه بمختلف القضايا والأحداث بمهنية وحيادية .. غير أن بعض تلك الوسائل غير المهنية تجاوزت ذلك إلى الإثارة وصناعة وتأجيج الأحداث بقصد ايصال الرسائل التي تخدم مصالحها ومصالح مموليها .. رغم اننا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن نحتاج إلى إعلام مسؤول بعيدا عن الشطحات المقيتة التي لا تخدم الوحدة الوطنية ولا مصالح الوطن العليا خلال هذه المرحلة الدقيقة من حياة الشعب اليمني الذي يستعد للانتقال إلى مستقبل تسوده المحبة والعيش الكريم .. ترى ما هي أهمية وقف تلك الشطحات الإعلامية التي لا تخدم وحدة اليمن وأمنه واستقراره ¿ هذا السؤال طرحناه على عدد من الأكاديميين والمتخصصين والمهتمين وخرجنا بالآتي:
٭ يمثل الإعلام بأنواعه المختلفة السلطة الرابعة التي تسهم بشكل فاعل في توجيه السلطات الثلاث القضائية والتنفيذية والتشريعية بل يمتد أثره إلى تكوين الوعي الجمعي للشعوب والإعلام الهادف والملتزم بالمهنية كما يقول الدكتور عبدالملك الضرعي – استاذ جامعي دوره يقتصر على نقل الحدث بحيادية وصدق بينما الإعلام غير المهني يصنع الخبر والإثارة البعيدة عن الحقيقة والتي تهدف إلى توجيه الرأي العام بقصد توصيل رسالة إعلامية غير صحيحة من أجل تحقيق مكاسب سياسية أو مادية أو فئوية .
مشيراٍ إلى أن الرسالة الإعلامية بشكل عام تسير في اتجاهين الأول إيجابي يعزز من السلام الاجتماعي والتماسك الوطني وهو دور تنموي أما الاتجاه الثاني فهو دور سلبي تدميري يركز على المتناقضات الاجتماعية ويصنع الحدث من خلال مجموعة من الأخبار المفبركة والدعاية السوداء التي تؤدي إلى تنامي حالة الكراهية والحقد والتمييز بين أفراد المجتمع وذلك الوضع المشوه لبنية المجتمع ينتقل إلى بنية النظام السياسي فيتحول من صراع اجتماعي إلى صراع سياسي قد يحشد فيه السياسيون ما يملكون من قوة مسلحة ومليشيات لمواجهات قد يتسع مجالها الجغرافي ليشمل الدولة.
متطفلون
٭ ويوضح الدكتور الضرعي: الدعاية الإعلامية السوداء خطيرة على وحدة الأوطان وسيادة الدول لذا من الضروري أن يكون هناك ميثاق شرف إعلامي يرتكز على الثوابت الوطنية ويجرم كل عمل إعلامي يمس السلام الاجتماعي والسيادة الوطنية وبدون ذلك سيبقى المتطفلون على مهنة الإعلام يقودون المجتمع والدولة إلى حالة من الصراع والتفكك لا يعلم إلاِ الله نهايتها وبالتالي نحن في الجمهورية اليمنية بحاجة ماسة إلى رسالة إعلامية هادفة تحافظ على الوحدة الوطنية وكيان الدولة السياسي وتساعد المكونات السياسية والمدنية المنضوية في قائمة الحوار الوطني على الخروج برؤية واقعية تمكن اليمن من الخروج من دائرة المخاطر الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تحيط بنا من كل اتجاه بل وتتيح لليمن الانتقال إلى مرحلة جديدة من تأريخه السياسي وبصورة آمنة بينما المهاترات الإعلامية وصناعة الأخبار المجهولة (أي التي تسمى من مصدر مجهول أو عن مصدر رفض ذكر اسمه…إلخ) ستؤدي إلى زرع الشقاق والخلاف بين أبناء المجتمع الواحد.
مصالح ضيقة
٭ ويضيف الدكتور محمد القعاري كلية الإعلام جامعة صنعا: إن جميع وسائل الإعلام وبمختلف اتجاهاتها ومسمياتها مع الأسف قدمت مصلحتها الضيقة على مصالح الوطن العليا مشيرا إلى انه تم عمل دراسة لتناولات الصحافة المحلية اتضح أن أكثر من ٪85 من تلك الوسائل الإعلامية تحث على الكراهية بين أبناء الشعب كما بينت الدراسة التي تمت على مجموعة من الصحف الحزبية أن تناولها للقضايا الوطنية يتم إبرازها من طرف واحد أي يتم إبراز وجهة نظر الحزب وما يتطابق مع أفكاره ومصالحه والحلول التي تتناسب مع أفكاره ومعتقداته حيث أشارت نتائج الدراسة إلى أن ٪90 من تلك الوسائل تعمل على فرض رؤاها على المتلقي في اتجاه واحد .. وبالتالي فإن وسائل الإعلام لم تجتمع على رؤية محددة لمعالجة قضايا الوطن . مشيرا إلى أن الدراسة بينت ايضا أن الكثير منها تعمل على تفتيت وتمزيق المجتمع إلى طوائف ومناطق بدلا من أن تعمل على لم الشمل وترميم ما تهدم خلال الفترة الماضية .
ميثاق شرف
٭ وطالب الدكتور القعاري الصحفيين ونقابتهم وكل الجهات ذات العلاقة بعمل ميثاق شرف إعلامي خاصة وان المهنة اخلاقية بالدرجة الأولى مهمتها نقل الحقيقة ولا غير الحقيقة وان تكون حرة ونزيهة لا تتبع أي فصيل سياسي إلى جانب أن عملها إنساني يرتكز على الدعوة إلى التضامن والوحدة وعدم بث النعرات الطائفية والمنطقية والمذهبية وغيرها وان لا تضر بالأخر مهما كان حجم الاختلاف بين الفرقاء السياسيين مثلا بل يجب عليها تقريب وجهات النظر ووضع الحلول والمعالجات المناسبة التي تخدم السواد الاعظم من الشعب ووقف التحريض على الكراهية وتخوين الآخر والعمل على كلمة سواء تلم الشمل وتخدم المصالح العليا للوطن بدلا من خدمة المماحكات الحزبية الضيقة .
إدارة رشيدة
٭ وللدكتورة سامية الأغبري كلية الإعلام بجامعة صنعاء رأي في هذا الجانب حيث تشير إلى أن الإعلام يلعب دورا خطيرا خلال هذه المرحلة التي تمر بها بلادنا وخاصة الإعلام الحزبي والذي يفترض على جميع الأحزاب السياسية أن ترتقي بخطابها الإعلامي إلى المستوى الذي يحافظ على الوحدة الوطنية والمصلحة العليا لليمن .. بمعنى انه ينبغي على هذه الأحزاب أن لا تفكر في مصالحها الضيقة ولكن عليها التفكير بما هو اوسع بهموم الوطن ككل وان تهتم أكثر بما يحدث على الساحة من خلال إدارة رشيدة للازمة والذي كان يفترض عليها إشراك الخبراء والأكاديميين من الإعلاميين المتخصصين لطرح خبراتهم في الجانب الإعلامي حتى لا تنزلق إلى مستوى المهاترات الإعلامية التي لا تخدم وحدة الوطن ولا سير الحوار الوطني.
وقالت : انما مع الأسف تم تهميش الدور الأكاديمي والذي كان بالإمكان تقديم مادة إعلامية وخلاصة رؤى علمية تسهم في إدارة الجانب الإعلامي بصورة أكثر إيجابية . منوهة بأنه قد تم عقد ندوات خلصت إلى توصيات تؤكد على أهمية تلك الشراكة .. غير انه مع الأسف تم تجاهل ذلك . موضحة انه من حق الأحزاب تقديم رؤاها ولكن ليس من حقها فرض رؤاها على الآخر ولا تجرم وتكفر الرأي الآخر.
بناء الثقة
٭ ويرى الدكتور محمد مناع مستشار القناة التعليمية أن وقف الحملات الإعلامية المقيتة في هذه المرحلة سيساعد على إجراء الحوار في جو ودي واخوي ويسهم في بناء الثقة وطرح جميع القضايا على طاولة الحوار ومناقشتها والتحاور فيها بكل صراحة وشفافية بعيدا عن التوترات وإساءة الظن بالآخر وبعيدا عن تبادل الاتهامات أو التعصب الضيق للرأي حتى يصل المتحاورون إلى أفضل النتائج التي من شأنها المحافظة على الوحدة الوطنية ومعالجة القضايا التي يعاني منها المواطنون . متمنيا من أولائك الذين يتناسون حق المواطن عليهم أن يضعوا نصب أعينهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت “
لم الشمل
٭ الأخ علي الهيثمي – عضو مؤتمر الحوار الوطني يؤكد أن وسائل الإعلام المحلية تلعب دورا كبيرا في بلورة الكثير من القضايا وكذلك الإعلام الخارجي حيث اصبح الإعلام هو المحرك الأساسي لمجمل القضايا التي نعيشها في بلادنا أن اليمن يعيش مرحلة الحوار الوطني يفترض من الإعلام المحلي في بلادنا أن يكون إعلاما مسؤولا يخدم القضايا الوطنية حريص على لم الشمل وعدم التفريط في الثوابت الوطنية . إلا أن الملاحظ أن الإعلام المحلي إعلام لا يخدم سوى اشخاص أو فئات أو أحزاب . وعليه فإن الجميع مطالبون بالكف عن التناول للقضايا التي تزيد الفتن وتزيد الطين بلة فاليمن لا يستحق في هذه المرحلة سوى تضميد الجروح والعمل على بناء يمن جديد تسود فيه العدالة والطموح نحو التنمية ويكفي ما عانيناه من ويلات التمزق والتشرذم والحروب خلال الفترة الماضية . ورغم هذا كله فإننا نعتبر انفسنا في اليمن أفضل من الغير لو نظرنا إلى دول الربيع العربي وبالذات مصر وسوريا وتونس وليبيا وما يحدث فيها والتي تعيش حالات من الصراعات السياسية المدمرة .
توحيد الصف
٭ الأخ صالح العماد – إعلامي يرى من جانبه أن الإعلام سلاح ذو حدين فإما أن يكون معولا للهدم أو أداة للبناء والخير .. فخلال هذه المرحلة ينبغي على جميع وسائل الإعلام بمختلف توجهاتها الرسمية أو الخاصة أن تكون رسالتها تصب في لم الشمل وتوحيد الصف لبناء اليمن الجديد ونسيان الماضي ونبذ الأحقاد . كما يجب أن يكون الإعلام محايدا غير منحاز إلى أي طرف فنحن جميعا أبناء وطن واحد وان تترك وسائل الإعلام المهاترات السياسية التي لا تخدم الوطن وإنما تزيد من الضغائن والأحقاد خاصة وان بلادنا والحمد لله قد خرجت من الأزمة الخانقة التي كادت أن تعصف بالجميع لولا عناية الله وحكمة أبناء الوطن الواحد الخيرين. لذا فمن الواجب علينا جميعا الالتزام بما جاء في المبادرة الخليجية والتي وقعت جميع الأطراف عليها كمخرج وحل ارتضت بها القوى السياسية والتي كان من اهمها انعقاد مؤتمر الحوار الوطني والذي اجتمعت فيه كافة الأطراف المتباينة على طاولة واحدة لذا فمن واجب الإعلام أن يكون داعما للحوار ومساندا لمخرجاته التي ستصب جميعها في التوصل إلى دولة مدنية حديثة ويمن جديد ينعم بخيراته جميع ابنائه تسود في العدالة وسيادة القانون.
الوطن فوق الجميع
٭ أما الأخ عبدالملك الدرة – شخصية اجتماعية يشير إلى أن بعض وسائل الإعلام مهمتها الإثارة وتوسيع هوة الخلافات في البلاد الواسعة اصلا تنفيذا لأجندات ومصالح فئات أو جماعات بعينها بقصد خدمتهم كما تعتقد لكنها في الاساس تضرهم أكثر من أن تنفعهم فالبلد واحد والمصير واحد ايضا والمصالح مشتركة بين الجميع وكلنا على ظهر سفينة واحدة .. لذا فإن اليمن خلال هذه المرحلة بحاجة إلى إعلام هادئ ومسؤول يلم الشمل ولا يشتت يجمع ولا يفرق فقد انتهت فترت الصراعات واحتكم الجميع إلى المبادرة الخليجية والتي بفضلها وبحكمة أبناء اليمن خرجنا من اتون ازمة خانقة كادت أن تعصف بالبلاد فمن الواجب الوطني الذي يقع على عاتق وسائل الإعلام المحلية بأنواعها أن تكون أكثر عقلانية وخدمة لمصالح البلاد وحتى تحظى باحترام جمهورها ومتابعيها وان يكون شعارها الوطن فوق الجميع .
مرحلة دقيقة
٭ من جهته يضيف الأخ حمود النقيب – شخصية اجتماعية: إنه يقع على عاتق وسائل الإعلام المحلية اليوم واجب وطني كبير من خلال المشاركة بفعالية وبصورة تخدم القضايا العليا للوطن وذلك بتبني سياسة التهدئة والتوافق بين الأحزاب والتنظيمات السياسية على الساحة اليمنية والتوجه نحو لم الشمل والتصالح والتسامح والابتعاد عن اجترار الماضي بكل مساوئه والتحدث عن الحاضر والمستقبل بكل تفاؤل وطموح في سبيل بناء يمن أكثر أمانا واستقرارا ينعم جميع أبنائه بالعيش الرغيد خصوصا ونحن في المراحل الأخيرة للحوار الوطني الشامل الذي بفضله اجتمع كل الفرقاء على طاولته وفي مكان واحد لمناقشة مستقبل اليمن الجديد لذا فمن المفترض على وسائل الإعلام أن تكون داعمة لهذا التوجه والابتعاد عن صغائر الأمور التي لا تخدم الوحدة الوطنية بل تعمل على تشويه سمعة اليمن محليا وخارجيا كما نتمنى من كل وسائل الإعلام والقائمين عليها ومموليها وتحديدا الحزبية منها تجنب الأنانية المفرطة التي تخدم فقط مصالحها الضيقة ولو على حساب السيادة الوطنية والتاريخ لن يرحم المتخاذلين والمؤججين للأحداث والداعمين للتشرذم خاصة ونحن في مرحلة دقيقة وحساسة يترتب عليها مستقبل أبناء الشعب اليمني كافة.