عن 2019..وآخر الحماقات الأمريكية

سقوط الوصفات الجاهزة في لبنان وإيران والعراق

 

 

أمريكا تندب حظها العاثر بعد عدوانها على العراق
المستور في العلاقات الصهيونية الخليجية الخيانية ظهر في 2019

طوى عام 2019م بتواصل التدخل الأمريكي الصهيوني بشؤون المنطقة العربية متوجا ذلك بضربة عسكرية في العراق وإرسال مزيد من القوات إلى الخليج وبالتحديد إلى السعودية التي اثبتت الاحداث ضعف منظومتها الأمنية في التصدي لهجوم أرامكو محاولة إلصاق التهمة بإيران آملة بتدخل عسكري أمريكي في المنطقة وهو الأمر الذي لم يتحقق ما جعل الرياض وأبو ظبي تصابا بخيبة أمل كبيرة.
وحمل العام 2019م معه خروج عدد من الحكام العرب ورموز الأنظمة الحاكمة بينهم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة والرئيس السوداني عمر البشير والرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الذي غيبه الموت بالإضافة إلى استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ورئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي إلى جانب مقتل زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي.
وشهد عام 2019م عدداً من الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات التي اندلعت في الجزائر والعراق ومرورا بالسودان ولبنان للمطالبة بالتغيير وخروج الطبقة الحاكمة من السلطة.
ويزخر الحصاد الخليجي لعام 2019م بالعديد من المشاهد المهمّة؛ حيث كان حافلاً بالتطورات السياسية والميدانية الهامة.
حيث تم رصد عدد من أبرز ما شهدته دول الخليج العربي من أحداث على مدار العام؛ جاء في مقدمتها عودة القوات الأمريكية إلى السعودية؛ وسلسلة من الهجمات التي استهدفت الناقلات في مياه الخليج، إلى جانب ارتفاع وتيرة التطبيع والتقارب مع “إسرائيل”.
عودة أمريكا لبلاد الحرمين
شهد سبتمبر 2019م عودة القوات الأمريكية إلى السعودية للمرة الأولى منذ مغادرتها عام 2003م، وذلك عقب أيام من هجمات مدمرة على شركة “أرامكو” النفطية، حيث أعلنت الولايات المتحدة أنها ستتدخل لحماية السعودية، وإرسال قوة دفاعية للمملكة.
هذا ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية بالسعودية (واس)، موضحة أن ولي العهد محمد بن سلمان بحث في اتصال هاتفي مع وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر (25 سبتمبر)، ترتيبات إرسال قوات أمريكية دفاعية إلى المملكة.
وقال وزير الدفاع الأمريكي إن بلاده ستعمل كل ما هو ضروري لمساعدة المملكة في الدفاع عن نفسها، مؤكداً أن “سياسة إيران العدائية التي تزعزع الاستقرار في المنطقة لا بد من كبحها”.
السعودية
الاتفاق الذي جرى بين بن سلمان وإسبر جاء بعد ثمانية أيام من تصريح واضح للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يلوح فيه للسعودية بأن تدفع المال في مقابل مساعدتها عسكرياً للدفاع عن نفسها.
ففي 17 سبتمبر، أي بعد ثلاثة أيام من استهداف “أرامكو”، ألمح ترامب، خلال حديثه للصحفيين بالبيت الأبيض، إلى احتمال تورط إيران في هجوم أرامكو، مستبعداً خوض حرب معها رغم امتلاك بلاده أقوى الجيوش.
وأضاف ترامب: “أعتقد أن جزءاً كبيراً من المسؤولية يقع على السعودية في الدفاع عن نفسها، وإذا كانت هناك حماية منا فإنه يقع على عاتقها أيضاً أن تدفع قدراً كبيراً من المال، وأعتقد أيضاً أن السعوديين يجب أن تكون لهم مساهمة كبيرة إذا ما قررنا اتخاذ أي إجراء، عليهم أن يدفعوا، هم يفهمون ذلك جيداً”.
تصريحات ترامب حول دفع السعودية المال لبلاده أصبح كالشعار يردده في مناسبات عديدة، حيث يخرج بين الحين والآخر بتصريحات مثيرة حول الحماية التي توفرها بلاده لدول الخليج مقابل المال.
وقبل وصول قوات للسعودية، وتحديداً في شهر أبريل الماضي، تحدث عن حماية بلاده للسعودية، قائلاً في خطاب أمام تجمع لأنصاره في ولاية فلوريدا: “إن دولاً مثل السعودية غنية جداً، وليس لديها شيء سوى المال، فأعتقد أن بإمكانهم دفع المال مقابل الدفاع عنهم”.
وتابع: “هناك الكثير من الدول التي ندافع عنها، وليس من العدل أن يدفعوا ثمناً قليلاً، ولكنهم سيدفعون، فهم يشترون كمية كبيرة من المعدات مقابل 450 مليار دولار، من بلادنا”.
وأضاف: “نحن ندافع عن الكثير من الدول الغنية، وهم لا يحترموننا حتى، بصراحة حينما أطلب منهم يدهشون ويقولون إنه لم يسبق أن طلب منهم ذلك لا يقولون ذلك بالمعنى الحرفي، فهم أذكياء، ولكنك يمكنك أن تشعر بذلك من نظرتهم”.
بوادر حل الأزمة الخليجية
وشهد العام 2019م انكساراً في جليد العلاقات بين الدول الخليجية المحاصرة لقطر (السعودية والإمارات والبحرين)، حيث شاركت منتخباتها في بطولة كأس الخليج (خليجي 24) الذي أقيم في الدوحة، بعد أن أصدرت قراراً بمقاطعتها، وتصريحات رسمية أكّدت وجود مفاوضات بين الجانبين القطري والسعودي.
وكان الاستقبال الدافئ الذي أبداه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لرئيس الوزراء القطري الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني والوفد المرافق له، أثناء وصولهم للمشاركة في قمة مجلس التعاون الخليجي بدورتها الـ 40، يوم الثلاثاء (10 ديسمبر 2019م)، خطوة متقدمة في العلاقات التي شهدت تراجعاً كبيراً في العامين الأخيرين.
وأظهر مقطع مصور بثه التلفزيون السعودي الرسمي استقبال الملك سلمان وعدد من وزرائه ومسؤوليه للوفد القطري، وتبادلهما الحديث والسلام والابتسامات، بينما كان المعلق على الخبر يقول: “أهلاً وسهلاً بأهل قطر في بلدكم الثاني”، ووصفه بـ “الاستقبال الكبير” للمسؤول القطري البارز.
ويعد ذلك اختلافاً واضحاً في لهجة الإعلام السعودي، الذي عمل خلال حصار قطر على استهداف الشقيقة الخليجية والتحريض المباشر ضدها دون أي سبب مقنع.
ولأول مرة منذ بدء الحصار أكدت السعودية وجود مفاوضات لحل الأزمة الخليجية المفتعلة مع قطر من قبل الدول الثلاث بالإضافة لمصر، وهو ما سبق أن أعلنه وزير الخارجية القطري قبله بساعات.
وحول ذلك؛ قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في مؤتمر صحفي عقب انعقاد قمة المجلس يوم الثلاثاء (10 ديسمبر 2019م): إن “المفاوضات مستمرة، والدول الأربعة تستمر في دعم هذه الجهود، وحريصون إن شاء الله على نجاحها، والأفضل أن يبقى الموضوع هذا بعيداً عن الإعلام”.
وذكرت وكالة “رويترز”، يوم الثلاثاء أيضاً، نقلاً عن مصادر لم تسمها قولهم: إن “السعودية خففت موقفها من المطالب الـ13 لإنهاء الأزمة مع قطر، بما في ذلك قطع الدوحة صلاتها بجماعة الإخوان المسلمين (التي نفت وجودها)، وإغلاق قناة الجزيرة، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية، وتقليص العلاقات مع إيران”، وهو ما أكده أيضاً وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
استهداف أرامكو
تعرضت منشآت نفطية سعودية (بقيق وهجرة خريص) لاستهداف بالطائرات المسيرة، في 14 سبتمبر 2019م، في أعنف هجوم من نوعه على المملكة.
هذا الهجوم ألقى بظلاله بقوة على الأسواق العالمية؛ إذ انخفض إنتاج المملكة النفطي إلى النصف، بسبب الهجوم الذي تبنته مليشيا “الحوثي” اليمنية، في حين اتهمت الرياض وواشنطن إيران بالوقوف خلفه.
وفي 20 ديسمبر كشف تقرير أمريكي بأدلة جديدة وتحليل للأسلحة المستخدمة في الهجمات، أن الهجوم جاء من الشمال على الأرجح؛ ما يعزز ضلوع إيران بتنفيذه.
ونقلت وكالة “رويترز” عن تقرير مبدئي عن التحقيق قبل عرضه على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن “إحدى الطائرات المسيرة عبرت موقعاً على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الشمال الغربي من موقع الهجوم قبل أن تصيب أهدافها.
وأوضح التقرير: “عند إضافة هذا لأقصى نطاق ممكن، وقدره 900 كيلومتر، للطائرة المسيرة، فإنه يرجح بقوة أن يكون مصدر الهجوم إلى الشمال من بقيق” (إحدى المحطات التي استهدفت بالقصف شرقي المملكة).
ارامكو
وأضاف إن “الولايات المتحدة حددت بعض أوجه الشبه بين الطائرات المسيرة المستخدمة في الهجوم وطائرة مسيرة تصممها وتنتجها إيران تُعرف باسم (آي آر إن 05)”.
ولفت التقرير إلى أن ذلك التحليل الذي أجري على حطام الأسلحة لم يكشف بشكل قاطع عن موقع انطلاق الهجوم، مبيناً أنه “حتى هذه اللحظة لم تحدد أجهزة المخابرات الأمريكية أي معلومات من أنظمة الأسلحة التي انتشلت بعد استخدامها في هجمات 14 سبتمبر على السعودية تكشف بشكل قاطع عن مصدر الهجوم”.
استهداف الناقلات وبوادر الحرب
منتصف العام 2019م ضربت سلسلة هجمات السفن النفطية في مياه الخليج العربي، الذي يبدو أنه لم يعد آمناً؛ في ظل التصعيد الأمريكي المدعوم من السعودية والإمارات ضد إيران.
فقد استهدف هجوم ناقلتي نفط قادمتين من السعودية والإمارات في مياه بحر عُمان، في 13 يونيو 2019م، بواسطة طوربيد.
وفي 12 مايو 2019م، استهدفت ناقلتا نفط سعوديتان وسفينة إماراتية وناقلة نرويجية في ميناء الفجيرة الإماراتي، دون سقوط ضحايا، لكنه أثار قلقاً في المنطقة والعالم؛ لكونه من أهم المعابر والممرات المائية الدولية.
وفي 29 مايو الماضي، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، إن من “شبه المؤكد” أن تكون إيران هي من تقف وراء الهجوم الذي استهدف السفن الأربع، في حين رفضت إيران هذه الاتهامات بشدة.
وخليج عُمان هو واحد من أهم الممرات المائية في العالم؛ فهو يربط بحر العرب بمضيق هرمز والخليج العربي، كما يحاذي خليج عُمان باكستان وإيران من الشمال، والإمارات من الغرب، وسلطنة عمان من الجنوب، ويبدأ من “رأس الحد” في عُمان إلى مضيق هرمز.
ويمر من هذا المعبر المائي الهام 40% من عمليات النفط العالمية، وفي حادثة 13 يونيو ارتفع النفط على الفور بنسبة وصلت إلى 3%، أي بنحو 1.80 سنت، وهو ما شكل قلقاً عالمياً.
بالمقابل، تسعى واشنطن لتشكيل تحالف دولي لتأمين الملاحة في مياه الخليج، انضمت له عدة دول بينها السعودية والإمارات والبحرين، بالإضافة لـ”إسرائيل”، فيما تعمل دول أوروبية على تشكيل تحالف آخر لتنسيق الملاحة من أبوظبي.
وخلال العام نفسه، تصاعدت التوترات في مياه الخليج نتيجة إعادة الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، مع إعادة إلغاء الاتفاق النووي الإيراني.
الخليج
واجتهدت الدبلوماسية الإيرانية خلال الفترة الماضية لتقديم تدابير لواشنطن وحلفائها العرب يمكن أن تساعد في تخفيف التوترات، لكن تصريحات الجنرالات الإيرانيين كانت صاحبة الصدى الأعلى.
ففي أبريل 2019م، حذّر رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، محمد باقري، من أن بلاده يمكن أن تغلق مضيق هرمز الاستراتيجي إذا واجهت مزيداً من “ممارسات الأعداء”، وسط تشديد الولايات المتحدة العقوبات على طهران.
كما هدّد قائد القوات الجوية في الحرس الثوري، أمير علي حاجي زاده، الولايات المتحدة الأمريكية، في مايو 2019م، باستهداف حاملة طائراتها في منطقة الخليج، التي تضم نحو 40 – 50 طائرة حربية، و6 آلاف عسكري، كانت تشكل تهديداً في السابق بالنسبة لإيران، أمّا اليوم فهي مستهدفة.
ووسط التصعيد الأمريكي المستمر حذر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في 11 يونيو 2019م، من أن “الحرب الاقتصادية” التي تشنها الولايات المتحدة على بلاده قد تنعكس سلباً على “أمن” واشنطن وحلفائها في المنطقة.
اشتداد وتيرة التطبيع
تسارعت الخطوات الخليجية الرسمية للتطبيع مع “إسرائيل” خلال 2019م، واقتربت دولة الاحتلال من الحصول على ضمانة منهم بتخليهم عن منطق المواجهة العسكرية واستعداد جلّهم للتعايش معها.
وتعكس اللقاءات بين مسؤولين إسرائيليين وآخرين عرب رغبة من الطرفين برؤية علاقات تُنهي حالة “العداء” بينهما، دون أن يكون الفلسطينيون جزءاً منها، بعد ترسيخ واقع عزل المسار الفلسطيني عن المسار العربي، والقبول بدمج “إسرائيل” في منطقة الشرق الأوسط كقوة فاعلة.
ويتخذ العرب، وزعماء خليجيون بشكل خاص، العداوة مع إيران ذريعة لتلك العلاقات والتعاون مع “إسرائيل” في مجالات التقنيات والمسائل الأمنية وغيرها، وهو ما يطرح السؤال الآتي: إلى أين ستصل هذه العلاقات التي تتزايد أمام فرضية السلام مع دولة الاحتلال والقبول التام بها كدولة في الشرق الأوسط؟
ورحب رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، السبت (21 ديسمبر)، بـ”التقارب الحاصل بين إسرائيل وكثير من الدول العربية”، في إقرار من رأس الدولة العبرية بتصاعد مظاهر التطبيع بين الجانبين.
وأوضح نتنياهو، في تغريدة كُتبت باللغة العربية على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أنه “آن الأوان لتحقيق التطبيع والسلام”، أرحب بالتقارب الذي يحدث بين إسرائيل والكثير من الدول العربية، لقد آن الأوان لتحقيق التطبيع والسلام.
وعقب سلسلة لقاءات سرية وأخرى علنية دون تطبيع كامل، تحاول “إسرائيل”، بدعم أمريكي، الحصول على ضمانة بعدم تعرض دول الخليج لها، رغم غياب احتمالية ذلك بالأساس.
حيث تحاول دولة الاحتلال، بدعم من الرئيس الأمريكي، توقيع مبادرة مع دول خليجية تقضي بـ”عدم اعتداء” بينهما، وقد بات الحديث عنها يأخذ منحى جدياً دون نفي من الخليج أو أمريكا.
يوم الاثنين (2 ديسمبر 2019م)، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن وفداً من بلاده وصل إلى واشنطن لبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق عدم اعتداء مع دول الخليج.
وأضاف كاتس، في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي: إن “واشنطن تعمل مع دول الخليج لتحقيق ذلك”، مشيراً إلى أنّ الوفد يضم ممثلين عن وزارتي الخارجية والعدل ومجلس الأمن القومي والجيش.
ولم تعد تل أبيب تتحدث عن علاقاتها بدول الخليج بنوع من السرية، بل باتت تستغل أي خطوة معها لإعلانها عبر وسائل الإعلام، وسط غياب النفي العربي لذلك.
وكان آخر تلك الخطوات ما أعلنته وزارة الخارجية الإسرائيلية، الأحد (1 ديسمبر 2019م)، أن وفداً رسمياً إسرائيلياً يزور دبي لحضور اجتماع تحضيري للمشاركين الدوليين في معرض “إكسبو 2020″، المقررة إقامته بين 20 أكتوبر 2020م و10 أبريل 2021م.
وجديد تطور العلاقات الإسرائيلية الإماراتية ما قاله نتنياهو، الأحد (10 نوفمبر 2019م)، حول إقامة بلاده علاقات مع ست دول عربية على الأقل، مؤكداً أن وتيرة التطبيع مع الدولة العبرية تتقدم وتأخذ منحى تصاعدياً، وذلك على هامش تأكيد مشاركة بلاده في معرض “إكسبو دبي”.
كما صرح وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، في 6 أغسطس 2019م، بأن زيارة علنية أجراها إلى الإمارات، مطلع يوليو الماضي، كانت بهدف التطبيع علناً مع دول خليجية والمشاركة في حماية الملاحة بالخليج، وذلك بدعم كامل من نتنياهو.
وبات أمن الخليج وحمايته من المخاطر الإيرانية نقطة جديدة في التطبيع، وتتصدر المنامة هذه المحاولات، فيما تبدو محاولة من الإمارات والسعودية في جعلها الواجهة لتخفيف حدة الغضب العربي.
حيث استضافت البحرين، خلال يومي 21- 22 أكتوبر 2019م، “مؤتمراً بشأن الدفاع عن حرية الملاحة في الخليج”، واستضافت قبله مؤتمر المنامة المعني بالشق الاقتصادي من “صفقة القرن” المعنية بتصفية القضية الفلسطينية بشكل مجحف وداعم للاحتلال.
هذا المؤتمر يأتي متابعة لمؤتمر وارسو الذي بادرت إليه الإدارة الأمريكية قبل أشهر (مارس الماضي)، وتشارك فيه -بالإضافة إلى الولايات المتحدة والبحرين- 60 دولة، أبرزها السعودية والإمارات وأستراليا وبريطانيا.
وفي أغسطس الماضي، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، أن بلاده ستشارك في المهمة الأمنية والاستخبارية البحرية في الخليج العربي.
كما هنأت السعودية، في أكتوبر الماضي، من خلال سفارتها في واشنطن، “يهود أمريكا” بمناسبة رأس السنة العبرية، في خطوة تُعد الأولى من نوعها بتاريخ المملكة، وهو ما يعطي مؤشراً على تقدُّم العلاقات الإسرائيلية-السعودية منذ صعود محمد بن سلمان إلى ولاية العهد.
القضية الفلسطينية
لم يكن عام 2019م عادياً بالنسبة للفلسطينيين، فشهد تحولات تاريخية، ومساساً خطيراً بقضيتهم، كان آخرها شرعنة الولايات المتحدة للمستوطنات في الضفة الغربية باعتبارها غير مخالفة للقانون الدولي، ثم توسيع الاستيطان، وهدم مئات من المنازل، خاصة في القدس المحتلة.
ويعد هذا العام مختلفاً عن الأعوام السابقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، خاصة مع استمرار دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لـ”إسرائيل”، وإصراره على تحقيق أكبر قدر من القرارات المؤثرة لمصلحتها خلال فترته الرئاسية.
وكان الحدث السياسي الأبرز والأخطر على القضية الفلسطينية، هو عقد الشق الاقتصادي لـ”صفقة القرن” في البحرين على مدار يومين (25-26 يونيو)، وسط مقاطعة عربية ودولية؛ نظراً إلى ما جاء فيها من قرارات وخطوات تمس القضية الفلسطينية بشكل مباشر، وتقدِّم الحل الاقتصادي على الحل السياسي، وتقرِّب “إسرائيل” من المنطقة العربية، وتفتح باب التطبيع معها من خلال المشاريع الاقتصادية.
وهدفت الورشة إلى ضخ استثمارات على شكل منح وقروض في فلسطين والأردن ومصر ولبنان، بقيمة 50 مليار دولار.
وتقوم “الصفقة” على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لـ”إسرائيل”، في ملفات القدس واللاجئين وحدود عام 1967م، مقابل تعويضات واستثمارات.
كذلك، شهد العام انتهاكات إسرائيلية كبيرة ضد الفلسطينيين، بدءاً من الأسرى داخل السجون، وارتفاع عدد الشهداء والجرحى، وحدوث جولات تصعيد قاسية تسببت في سقوط عدد من الشهداء والجرحى.
وعلى الصعيد الميداني كان الحدث الأبرز اغتيال جيش الاحتلال الإسرائيلي، القائدَ بـ”سرايا القدس”، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، في الأول من نوفمبر الماضي، وهو ما تبعته جولات تصعيد عنيفة، تسببت في استشهاد 35 فلسطينياً، وفق وزارة الصحة.
وارتكبت دولة الاحتلال الإسرائيلي، خلال العدوان، مجزرة بحق عائلة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، أدت إلى استشهاد ثمانية فلسطينيين، بينهم خمسة أطفال وسيدتان.
وأقر جيش الاحتلال بمسؤوليته عن الهجوم على منزل عائلة “السواركة” المكون من ألواح “الصفيح”، وأغلفة النايلون، بدعوى استهداف قائد في حركة الجهاد الإسلامي.
كما تسبب التصعيد الإسرائيلي في خسائر اقتصادية مباشرة بقيمة 3.1 مليون دولار، تمثلت في تضرر 500 وحدة سكنية جزئياً، و30 وحدة ما بين هدم كلي وجزئي وبالغ وغير صالح للسكن، وفق وزارة الأشغال الفلسطينية.
وتضررت خلال التصعيد 12 منشأة تجارية، وبلغت قيمة الخسائر المباشرة في المنشآت الاقتصادية قرابة 100 ألف دولار.
هدم المنازل
وإلى جانب ما تعرَّض له قطاع غزة، توسعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في هدم منازل الفلسطينيين بالقدس المحتلة والضفة الغربية، إذ شهدت زيادة بنسبة 40% في عملية الهدم، وفق تقرير للأمم المتحدة، منذ بداية العام الجاري.
ووثق تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا”، نُشر في أكتوبر الماضي، هدم الاحتلال الإسرائيلي 253 منزلاً بالضفة الغربية منذ بداية العام الجاري، مقارنة بـ270 منزلاً طوال عام 2018م، و270 منزلاً طوال عام 2017م.
وهدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي 151 منزلاً في القدس منذ مطلع العام الجاري، مقارنة مع 177 منزلاً طوال عام 2018م، و142 منزلاً في 2017.
ونالت المنطقة (ج) في القدس المحتلة نصيب الأسد من عمليات الهدم الإسرائيلية، بواقع 13 منزلاً، وإجبار أصحابها على هدم منازلهم بأنفسهم بدعوى افتقارها إلى رخص البناء؛ وهو ما أدى إلى تهجير 52 شخصاً وإلحاق الضرر بـ98 آخرين، حسب تقرير الأمم المتحدة.
معاناة الأسرى
وخلال 2019م تضاعفت معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، إلى جانب الهجمات الشرسة عليهم داخل السجون، وفق تقرير للجنة القدس للشهداء والأسرى والجرحى.
ووصفت المؤسسة الفلسطينية عام 2019م بأنه الأصعب على الحركة الأسيرة داخل السجون، خاصةً مع وجود أكثر من خمسة آلاف أسير موزَّعين بين السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف، يعيشون في ظروف اعتقالية ومعيشية وحياتية صعبة وسيئة للغاية.
وشهد عام 2019م تشكيل وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، لجنة توصي بالتضييق على الأسرى في السجون “لجنة أردان”، حيث ركبت مصلحة السجون أجهزة تشويش مسرطنة في سجنَي “النقب” و”رامون”، وضيّقت على الأسرى في السجون كافة..
وعمل الاحتلال خلال عام 2019م، على شرعنة وسنِّ بعض القوانين في الكنيست، مثل قطع أموال الشهداء والأسرى من الضرائب الواردة للسلطة الفلسطينية، واقتراح وزير الحرب السابق، أفيغدور ليبرمان، سنَّ قانون الإعدام للأسرى الفلسطينيين.
إنجازات أمنية
وخلال عام 2019م، سجلت المقاومة الفلسطينية، خاصةً في قطاع غزة، مجموعة من الإنجازات الأمنية أحرجت الاحتلال الإسرائيلي، كان من أبرزها التفاصيل الجديدة التي كشفتها كتائب القسام عن عملية “حد السيف”، التي تم خلالها كشف قوة خاصة إسرائيلية جنوبي قطاع غزة وقتل قائدها.
وبثت “القسام” خلال برنامج “ما خفي أعظم” الاستقصائي، على قناة الجزيرة، في (1 ديسمبر)، تسجيلات صوتية سرية لأفراد الوحدة الخاصة الإسرائيلية التي تسللت إلى غزة في نوفمبر 2018م، وظهرت أصواتهم بحالة رعب شديد.
وعرض التحقيق صوراً ومعلومات حصرية عن مهمة سرية لوحدة إسرائيلية تسللت إلى غزة وأفشلتها المقاومة الفلسطينية.
كما وجهت “القسام” خلال العام ضربة أمنية قوية، تمثلت في اختراق أمني “محكم” لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي عن طريق “مصدر مزدوج” (عميل مزدوج).
وكشفت الكتائب خلال برنامج “سراب”، الذي بثته قناة “الميادين” اللبنانية في (18 ديسمبر)، مشاهد لإدارة عناصر من كتائب القسام “عملية أمنية” ضد الاحتلال، دارت أحداثها بين عامي 2016 و2018م.
وفي تفاصيل العملية، قال شخص يدعى “أبو موسى”، تم تعريفه في الفيلم على أنه قائد بجهاز استخبارات “القسام”، إن المخابرات الإسرائيلية حاولت تجنيد أحد الفلسطينيين من قطاع غزة، مستغلةً وضعه الاجتماعي وظروفه الاقتصادية الصعبة.
وأضاف إن كتائب القسام بعد تواصلها مع الفلسطيني الذي حاولت “إسرائيل” تجنيده، شكلت طاقماً أمنياً على وجه السرعة، للتعامل مع الحدث، وجهزت كل الوسائل لمتابعة ورصد إجراءات المخابرات الإسرائيلية وأهدافها.
انتصار قانوني وسياسي
وقانونياً، حقق الفلسطينيون إنجازاً تاريخياً ودولياً يقرّب من محاسبة “إسرائيل”، وهو قرار المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي بهولندا، فتح تحقيق في ارتكاب “جرائم حرب” محتملة بالأراضي الفلسطينية.
ووفقاً لـ”ميثاق روما”، فإن انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية يمنح الأخيرة الصلاحية القانونية كاملةً لملاحقة جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي فوق الأرض الفلسطينية.
وعلى صعيد الفصائل الفلسطينية، ألغت المحكمة الابتدائية الأوروبية في لوكسمبورغ إدراج حركة “حماس”، وجناحها العسكري “كتائب القسام”، ضمن “قوائم الإرهاب”.
ويعد قرار المحكمة الأوروبية، الذي صدر في 4 سبتمبر الجاري، انتصاراً قانونياً لحركة “حماس”، التي تمارس حقها في الدفاع عن الأراضي المحتلة داخل فلسطين، والمكفول في القوانين الأوروبية والدولية.
ويعطي القرار شرعية أوروبية لحركة “حماس”، التي تحصر مقاومتها ضد الاحتلال الإسرائيلي فقط، وليست لها أي معركة مع أي طرف بالعالم، وفق ما تؤكده الحركة في رؤيتها.
الانتخابات والمرسوم
كذلك شهد عام 2019م حراكاً متواصلاً حول إجراء الفلسطينيين انتخابات تشريعية ورئاسية بعد غيابهم عن التصويت منذ 2006م، حين فازت حركة “حماس” بانتخابات المجلس التشريعي، بحصولها على 76 مقعداً من أصل 132 من مقاعد المجلس التشريعي.
وقدَّمت حركة “حماس” رداً مكتوباً وإيجابياً يشير إلى موافقتها على المشاركة في الانتخابات العامة المقبلة بالأراضي الفلسطينية؛ في حين يواصل الرئيس عباس تعمُّد تأخير إصدار المرسوم الذي يحدد موعد الاستحقاق الديمقراطي.
الجزائر
في الثاني والعشرين من فبراير اندلعت الاحتجاجات الشعبية في الجزائر، ضد العهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي حكم البلاد من أبريل1999م لغاية استقالته، تحت ضغط الشارع والجيش في أبريل ، وفي 12 ديسمبر أنتخب عبد المجيد تبون رئيسا، ثم رحل قائد أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح والذي قاد المرحلة الانتقالية في البلاد في الثالث والعشرين من ديسمبر.
السودان
في الحادي عشر من إبريل 2019م، عزل الرئيس السوداني عمر البشير بعد أشهر من احتجاجات الشارع السوداني ضد حكمه، وكانت الاحتجاجات في السودان قد اندلعت في ديسمبر من العام 2018م لتعم كل المدن السودانية وتتواصل حتى إجبار القوات المسلحة على عزل الرئيس السوداني، والبدء في مسار تغيير باتجاه حكم مدني، ماتزال فصولة متواصلة حتى الآن.
العراق
وفي العراق اندلعت شرارة الاحتجاجات الشعبية، مع مطلع شهر أكتوبر، مطالبة بتغيير الطبقة الحاكمة في العراق، والنظام السياسي الذي يستند إلى الطائفية، وهي الاحتجاجات التي أدت إلى استقالة رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، في 30 نوفمبر ، وماتزال متواصلة حتى الآن، بانتظار تسمية رئيس وزراء جديد للبلاد، في وقت يطالب لبنان فيه المحتجون بتغيير شامل في منظومة الحكم.
لبنان
وفي لبنان فجّر قرار وزير الاتصالات السابق محمد شقير فرض ضريبة على اتصالات “واتساب” احتجاجات واسعة، إذ نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع في العاصمة بيروت ومدن رئيسية في البلاد.
وكان القرار نقطة تحول أدت إلى انتفاضة شعبية ضد النخبة السياسية الحاكمة مع المطالبة بمحاسبة الفاسدين واستعادة ما سمته “الأموال المنهوبة”.
وبعد فشل الورقة الإصلاحية التي قدمها الحريري في تهدئة الاحتجاجات، استقال رئيس الوزراء من منصبه يوم 29 أكتوبر.
عيد الميلاد في لبنان: الأزمة الاقتصادية تحبط الكثير من سكان بيروت ليلة الكريسماس
وعجزت القوى السياسية عن التوافق على تسمية رئيس جديد للحكومة لأكثر من شهرين، قبل أن تستقر على حسان دياب الذي كلف بتأليف مجلس للوزراء يوم 20 ديسمبر.
وترافقت الاحتجاجات مع تدهور غير مسبوق في سعر صرف العملة، وتزايد التوقعات بانهيار اقتصادي وشيك.
وفي 15 أكتوبر استيقظ اللبنانيون على وقع حرائق واسعة اجتاحت الغابات في مناطق متعددة أبرزها بلدتا المشرف والدامور في جبل لبنان، بالتوازي مع ارتفاع في درجات الحرارة والرياح الشديدة.
وفوجئ مراقبون بانتشار الحرائق، في حين نزح سكان من بيوتهم التي حاصرتها النيران. وقدّر عدد الحرائق بأكثر من مائة، وأودت بحياة أحد المواطنين خلال مشاركته في إخمادها.
ليبيا
وفي ليبيا فشل خليفة حفتر وحلفاؤه من دخول العاصمة الليبية طرابلس والسيطرة عليها رغم الدعم المالي والعسكري واللوجستي من حلفائه.
وفي 27 ديسمبر طلبت حكومة الوفاق رسميا من تركيا التدخل العسكري البري والبحري والجوي وأكدت تركيا استعدادها التدخل تلبية للدعوة المقدمة من الحكومة.
سوريا
أما سوريا فقد شهدت تطورات عديدة أبرزها عملية نبع السلام العسكرية التركية بمنطقة شرق الفرات ومقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي في 27 أكتوبر في عملية نفذتها القوات الأمريكية في إدلب.
ومن الأحداث البارزة أيضا توقيع الرئيس الأمريكي رونالد ترمب قراراً اعتبر فيه مرتفعات الجولان السورية المحتلة أرضا إسرائيلية.
تونس
وفي تونس توفي الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي عن عمر ناهز الـ 92 عاما، ثم فاز رجل القانون الدستوري المستقل قيس سعيد، برئاسة تونس بنسبة 76% من الأصوات، أمام منافسه نبيل القروي في 13 أكتوبر.
مصر
أما مصر فقد شهدت استفتاء على تعديلات دستورية مثيرة للجدل، في العشرين من أبريل، تتيح للرئيس عبدالفتاح السيسي البقاء في الحكم، حتى العام 2030، وفي السابع عشر من يونيو، توفي الرئيس المصري السابق محمد مرسي، أثناء محاكمته بعد ست سنوات قضاها في السجن.

قد يعجبك ايضا