عزل ترامب بين الشيوخ والنواب
عبدالفتاح علي البنوس
يبدو أن السنة الأخيرة في ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن تمر مرور الكرام ، وستكون سنة سوداء ، سيواجه فيها الكثير من المشاكل والأزمات والتي ستؤثر سلبا على شعبيته في حال ترشحه في الإنتخابات الرئاسية لولاية ثانية ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي البالغة 53عضوا مقابل 47للديمقراطيين ، وهي أغلبية من شأنها إفشال القرار الصادر عن مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديمقراطيون حيث صوت 230 مع قرار عزل ترامب مقابل معارضة 197عضوا، القرار الذي أحال ترامب للمحاكمة أمام مجلس الشيوخ ، حيث يعتبر الرئيس الأمريكي الثالث في تاريخ أمريكا الذي تتم مساءلته بتهمة إساءة استخدامه لمنصبه وتدخله في عمل مجلس النواب.
تصويت مجلس النواب الأمريكي أثار حالة من الإستياء لدى ترامب وفريقه الحكومي وإدارته الجمهورية ، حيث سارع للتنديد بهذه الخطوة ، متهما خصومه الديموقراطيين بالحقد والحسد من أجل التأثير على قاعدته الجماهيرية مع قرب انتهاء فترته الانتخابية ، واشتداد الصراع السياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين للتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة ، والتي يبدي ترامب رغبته في خوضها طمعا في الحصول على ولاية ثانية ، معتمدا على ما أسماه بالانتعاش الاقتصادي الذي يشهده الاقتصاد الأمريكي تحت إدارته ، والتي يرى ترامب بأنها كفيلة بمنحه ثقة الناخب الأمريكي للظفر بولاية ثانية ، الانتعاش الذي أرجعه خصومه الديمقراطيون إلى ما يقوم به ترامب من ابتزاز للدول الخليجية وما يحصده من أموال بطرق غير مشروعة والتي سرعان ما ستنتهي وتتلاشى فور انتهاء المؤثرات التي تجبر هذه الأنظمة على الدفع مقابل الحماية الأمريكية.
وعلى الرغم من أغلبية الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ الكفيلة بمنع عزل ترامب إلا أن الأخير لوح بصورة غير مباشرة إلى مخاطر ما أسماه بالتعدي على النهج الديمقراطي الأمريكي وسياسة خلط الأوراق والتي رأى ومعه العديد من أنصاره بأنها قد تقود إلى اشتعال حرب أهلية ، وهي تلميحات تلقفها الديمقراطيون بنوع من الحنق مؤكدين على أن التهم الموجهة لترامب خالية من أي شكل من أشكال الكيد السياسي والحزبي ، وأنها موثقة بالحجج والبراهين والأدلة القاطعة ، معولين على مجلس الشيوخ الانتصار لأمريكا لا للحزب للجمهوري وتأييد حكم النواب بعزل ترامب لمصلحة أمريكا والشعب الأمريكي وحفاظا على سمعة البيت الأبيض والتي يرون بأن الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب أساء إليها.
بالمختصر المفيد، لقد أمعن ترامب في غيه وغطرسته وعنجهيته ووصل به الحال إلى مرحلة التفرعن ، مستخدما نفوذه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية في انتهاك سيادة دول ، والعبث بأمنها واستقرارها ، ونهب ثرواتها ، وإشعال الفتن والأزمات فيها بالتنسيق مع اللوبي اليهودي المساند له ، ولعل ما تعرض له من مجلس النواب الأمريكي ، وما تنتظره من محاكمة أمام مجلس الشيوخ تأتي في سياق العدالة الإلهية ، وحتى وإن أفلت من العزل فإن شعبيته ستكون على المحك وستكون فرص فوزه بولاية جديدة ضئيلة جدا ، وخصوصا في ذلك ما أكدته نتائج استطلاعات الرأي الأمريكية والتي كشفت تراجع قاعدته الانتخابية بشكل لافت ، نتيجة سياسته الاستفزازية غير المأمونة والمضمونة النتائج. هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.