الفضول الصوت الوحدوي والصدى المتجدد

 

محمد ناجي أحمد
الجوهر المتجدد بفضاءات شعره هو عبد الله عبد الوهاب نعمان .
كان الفضول خلاصة اليمن الوحدوي …
صنعاء القديمة نشأته وتكوينه، في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين منذ الإقامة الجبرية لأبيه الشيخ ،وقائم مقام الحجرية (عبد الوهاب نعمان)والذي اشترك بحركة عام 1922م في تعز ،وقد كان رموز الحركة تواصلوا مع الاستعمار البريطاني في عدن ،من أجل أن يستقل لواء تعز عن المملكة المتوكلية ،وقد اشترك مشايخ الحجرية وحُبيش والعدين والسيد أحمد الباشا في مدينة تعز ،في هذه الحركة التي استخدمتها بريطانيا كوسيلة ضغط وتلويح في وجه المملكة المتوكلية ،ثم جاء الرد من بريطانيا بعدم دعم الحركة ،فبريطانيا لن تهدر أموالها وجهودها ووقتها في دعم حركة انفصال جغرافية ليس فيها ربحا للاستعمار!
وحين سقطت الحركة تم وضع عبد الوهاب نعمان في الإقامة الجبرية بصنعاء ،بل وعمل في الثلاثينيات حاكما على بعض نواحيها.
وفي صنعاء القديمة كانت إقامة عبد الوهاب نعمان ونشأة وتكوين الشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان (الفضول) وهناك كانت مزاملته في الطفولة للعلامة محمد بن إسماعيل العمراني، في الكُتَّاب(المعلامة)…وبعد أن فشلت حركة1948م،التي اشتهرت باسم ثورة الدستور أعدم الشيخ عبد الوهاب نعمان من ضمن من تم إعدامهم ،وفي خمسينيات القرن العشرين كانت صحيفة (الفضول) الساخرة التي صدرت في عدن ،ومنها كان اسم الشهرة للشاعر (الفضول)…
وفي ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن العشرين وإلى وفاته كانت حياة الفضول في تعز المدينة وتربة ذبحان …
لهذا كان الفضول بسعة جغرافيته اليمنية الوحدوية ،وامتصاصه لثقافة المكان-ذلك الأصيل بأصدائه المتعددة ،وتجسيده لليمن بأفقه العروبي وإنسانيته الأممية ذلك الأفق الذي عبَّرَ عنه في كلمات النشيد الوطني :
عشت إيماني وحبي أمميا
ومسيري فوق دربي عربيا
وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيّا
في منتصف سبيعينيات القرن العشرين كان القدر جامعا بين آمال وأحلام اليمنيين من أجل النهوض بوطنهم تنمويا ووحدويا، فكان الرئيس إبراهيم الحمدي والرئيس سالمين ،وتوجههم التنموي والوحدوي …في هذا الأفق الوحدوي كان حضور الفنان أيوب طارش العبسي، الذي غنى العديد من أغاني وأناشيد (الفضول)لكنه أيضا غنى لنجوم يمنية مضيئة بالأرض والإنسان، غنى للشاعر علي عبد الرحمن جحاف، وازخم “زارع الحب” وهي أغنية تعود إلى عام 1975م،في عيد الشجرة، والتشجير كان يراد منه أن تلبس اليمن خلال ثلاث سنوات تسعة ملايين شجرة ،لكن أيدي الشر اغتالت خضرة اليمن قبل أن يكتمل العدد…
تقول قصيدة «زارع الحب» في مفتتحها:
وا صاحب امكف امسمر حان غرس امشجر
مد اميدين واجهد ادعيك ما احد امر
غرس وانا بمعرق شسقي عروق امشجر
كفي بكفك وذي امشجار وطاب امسمر
وغنى لعباس الديلمي شعرا غنائيا عن الوحدة اليمنية: «موكب التحرير» بدلالة المؤمن بأن الوحدة مصير نسير نحوها ،و”أنها آتية لا ريب فيها” فموكب التحرير تحفه القلوب المتآلفة ودروب العلم :
«موكب التحرير ألفت القلوبا
وتوحدنا شمالا وجنوبا
وفتحنا لسنا العلم الدروبا «
بتوحد الصوفي وإرادة الوطني يقرر عباس الديلمي أن بلدنا «لم يعد للظلم في أرضي مقام» و «نفوس الشر تقهر ،فافخري يا أرض حمير « مواصلا طريقه الذي شقه ببصيرة البناء ،متحدثا :عن طريق شقه ذو يزن
واهم من ظن أنّا ننثني
قدري دوما يد تبني غدا
ويد تحرس مجد الوطن
معولي قاسم سيفي عشقه
نصرة الحق وخير اليمن”
وغنى أيوب لعباس الديلمي :
“وهبناك الدم الغالي
وهل يغلى عليك دم ”

هو يمن العزة والعدل والمصنع والحقل والبذل والعطاء، ذلك الأمل والمارد الذي عبرت مرحلة الشهيد إبراهيم الحمدي عنه فنا وطربا وتنمية وتشجيرا وسيرا نحو الوحدة اليمنية والسيادة الكاملة ،وغير المنقوصة…

قد يعجبك ايضا